تطور الصراع في سوريا يهدد التوازنات الهشة في لبنان

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
في أحد مطاعم وسط بيروت التجاري يجلس رجل بدا عليه الانشغال بأمر ما، وسرعان ما ظهر انه عنصر في احد اجهزة الأمن اللبنانية.
يتحدث الرجل عبر جهاز اللاسلكي مبلّغا محدّثه عن تعليمات تقضي بمراقبة احد خطباء الجمعة في المسجد العمري القريب الذي تشرف عليه عادة دار الافتاء السنيّة.​
ويثير عمل الاجهزة الأمنية الرسمية في لبنان خلافات بين القوى السياسية المتصارعة.​
فسمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية المسيحي واحد أقطاب قوى الرابع عشر من آذار قال إن هذه الأجهزة باستثناء فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي فشلت منذ العام 2005 في كشف اي مخطط يتعلق خصوصا بالاغتيالات التي طالت عددا من السياسيين البارزين.​
لكن مراقبة رجال الدين وكلامهم قد تكون مهمة من المهام الكثيرة للاجهزة الأمنية ما دام الأمن بات هاجسا رئيسا في البلاد.​
وانعكس الانقسام السياسي بشكل واضح على عمل هذه الاجهزة.​
فقوى الرابع عشر من آذار تتهم اجهزة بعينها مسمية مديرية الأمن العام التي يديرها ضابط شيعي هو اللواء عباس ابراهيم بتنفيذ مهام لصالح النظام السوري.​
اما قوى الثامن من آذار فترد متهمة فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الذي يرأسه الضابط السني العميد وسام الحسن بانها منحازة لتيار المستقبل الذي يتزعمه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.​
وتوجد ايضا مديرية المخابرات في الجيش اللبناني التي أقحمها بعض نواب الشمال خصوصا في الجدال السياسي، ولم يتردد النائب في كتلة المستقبل النيابية معين المرعبي من اتهام قائد الجيش العماد جان قهوجي بالتقصير في مهامه وبالانحياز الى قوى الثامن من آذار بشكل أو بآخر.​
ودفعت هذه التصريحات بقيادة الجيش الى رفع دعوى قضائية على المرعبي متهمة اياه بالمساس بالمؤسسة العسكرية وإثارة النعرات الطائفية.تعليمات سوريا وإيران وحزب الله
وقال المرعبي لبي بي سي إن مشكلته ليست مع الجيش اللبناني كمؤسسة عسكرية وإنما مع قيادة الجيش التي اتهمها بالتقصير وبأنها لا تقوم بواجبها، ويتهم أجهزة امنية لبنانية رسمية بتنفيذ تعليمات النظام السوري وايران وحزب الله.​
يقول مروان فارس النائب في كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي المنضوية في إطار قوى الثامن من آذار لبي بي سي إن مسؤولية الوضع الأمني غير المستتب تقع على عاتق الحكومة اللبنانية والدولة.​
أمّا عن عمل الاجهزة الأمنية فقال فارس إنه "من المعروف أن المدير العام للامن الداخلي اللواء أشرف ريفي وقائد فرع المعلومات في الأمن الداخلي العميد وسام الحسن "منحازان تاريخيا" لتيار المستقبل.انفلات امني
ويأتي الانقسام في المواقف تجاه الأجهزة الأمنية الرسمية في ذروة انفلات أمني أظهر الدولة بصورة العاجز عن فرض هيبتها.​
فأعمال خطف الرعايا السوريين في لبنان التي افتتحتها عائلة آل مقداد ردّا على قيام معارضين سوريين في دمشق بخطف احد أبنائها (حسان المقداد)، ترافقت مع ظهور مسلح كثيف لمسلحين في ضاحية بيروت الجنوبية على مسافة عشرات الأمتار مما يعرف بالمربّع الأمني لحزب الله الشيعي.​
ويقول امين عام حزب الله حسن نصرالله - الذي اطلق تحذيرات عنيفة لإسرائيل في يوم القدس العالمي من عواقب أي هجوم على لبنان- إن ما حصل من أعمال خطف لم يستطع الحزب ولا حركة أمل الشيعية ضبطها.​
لكن الشيخ أحمد الأسير إمام مسجد بلال بن رباح في صيدا يشكك في موقف نصر الله، ويقول إنه يحمّل نصرالله ورئيس مجلس النواب نبيه بري مسؤولية ما جرى محذّرا من الانزلاق الى الحرب الأهلية.الجيش الحر في لبنان؟
وتحذر كل القوى السياسية في لبنان تقريبا من مخاطر الانزلاق الى الحرب الأهلية.​
واخبرتني شخصية وثيقة الصلة بقوى الثامن من آذار إن لبنان بات قاعدة لنحو عشرة آلاف عنصر في "الجيش السوري الحرّ".​
ودأب رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على نفي هذا الكلام مرارا، كان آخرها تصريح قال فيه إن معلوماته المستقاة من قائد الجيش اللبناني تشير إلى وجود عناصر ينتمون "للجيش الحر" وللمعارضة السورية وإلى آخرين مؤيدين للنظام في سوريا وداعمين له، الا انه لا توجد قاعدة "للجيش السوري الحر" في البلاد.​
يتناقض كلام الرئيس سليمان مع ما تشير اليه الشخصية المذكورة آنفا، فعشية أعمال الخطف التي اعلن آل مقداد المسؤولية عنها توقعت هذه الشخصية انفجارا قريبا.​
وقالت إن حزب الله يتعرض الى هجمة شرسة وإن لا مفر أمامه من الدفاع عن نفسه.​
وشبّهت ما جرى في الآونة الأخيرة بالخامس من أيار مايو 2008 حينما اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بشأن شبكة اتصالات حزب الله ما دفع الأخير إلى تنفيذ عملية عسكرية في السابع من أيار تحت شعار حماية سلاح المقاومة.​
قد لا يكون "الخامس من أيار الجديد" سوى كشف قضية الوزير السابق ميشال سماحة الذي يتم التحقيق معه بتهمة نقل متفجرات من سوريا الى لبنان، تلك المتفجرات قال الرئيس سليمان إنه اطّلع عليها وإنها مرعبة.​
ولكن تلك الشخصية في قوى الثامن من آذار، أن موقف رئيس الجمهورية عزّز الانفجار، فالرئيس انحاز الى قوى الرابع عشر من آذار على حد تعبيره.انهيار الوضع القائم
ويهدد التشنج في الصراع السياسي على ما يبدو بإسقاط التوازنات القائمة وإن كان أمر إسقاط الحكومة لا يزال غير محسوم، رغم أن الحكومة التي تمثل ائتلافا بين قوى الثامن من آذار ورئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط تشهد خلافات كبيرة بين أقطابها.​
ويقول وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور وهو عضو في الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه وليد جنبلاط لبي بي سي إن تغيير الحكومة غير ممكن لأن بديلها غير متوفر رغم فقدانها السيطرة على الأوضاع في البلاد.
 
أعلى