عمر رزوق
بيلساني مجند
- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45
تكميم الأفواه ومنع الأمواه
أكتب معبّرا عمّا يثور ويُبَرْكِنُ في داخلي ويطحن مشاعري , أكتب عندما تنزلق دمعة من عيني لرؤية طفل يُقتل أو شيخ يُقهر أو رجل يُذَلّ أو حبيب يبتعد عن عيني , أكتب ناقدا عندما أقرأ كفرا بواح , وجيفة كلمات نتنها قد فاح , أكتب ساخرا عندما أقرأ سخافات وترّهات على صفحات النت , وأكتب ناقضا لبعض الأفكار بمقالات تحاول بعض المواقع ترويجها للكبار والصغار , ولا أنتقص من حقها في ذلك , ولكن من حقي أن أدكّ صوامعها , وأبيّن فداحة خطأ نهجها ومنهجها , بل إن ذلك من الواجب , وربما لذلك ارتأت بعض المواقع العربية , عرب ال 48( كما نحب أن ننعت أنفسنا ) التوقف عن نشر أي شيء أكتبه , قد تكون كتابتي حسب رؤيتهم , لا ترقى للمستوى والنهج والأسلوب المطلوب في تلك المواقع , أو أنها تطال آخرين ممن نسجوا صداقات من إدارة مواقع , أو أنها تتعارض مع أفكار إداراتها ومبادئهم , وقد تتخطى الخطوط المحمرّة " خجلا " من كاتبها بألوان زرقاء على خلفية بيضاء, إحراج ولكن ..... وأنا بالطبع لست لائمهم في هذا الموقف لأنني لست توّاقا للشهرة , ولست بخاسر شيئا بالمرة , وما كتابتي إلا من منطلق حسّ أدبي وواجب ديني إنساني وشعور بالمسؤولية الوطنية والاجتماعية تجاه أبناء شعبي , ولا تخلو بلادنا , عرب ال48 والأقطار العربية من مواقع حرّة نزيهة , لا تكمم الأفواه , ولا تمنع الأمواه , منبرا لي ولأمثالي .
والآن ..... وبالرغم من ذلك أقول أن السطحية في فهم الوقائع والأحداث , والسطحية بطريقة معالجتها والكتابة عنها ولست أعني بالسطحية هنا أن تكون مرتفعا بمستوى سطح البيت إنما تلك المساحة الفارغة التي تحتاج لإعادة نظر وإعمال العقل والفكر وكذلك أعني سطحية الأفكار والتفكير وخواء اللب والعقل من المضامين . قد نختلف بمفهوم السطحية لدينا , ونختلف على أهمية وخطورة المضامين , فإن ما هو مهم لدّي , لا يساوي شيئا عند الآخر , ولكن من البديهي , والذي لا يقبل الجدال والنقاش ولا المماحكة , أن المضامين يجب بل من الضروري أن تعود بالفائدة على صاحب الشأن من كلا الطرفين ومن حولهما .
سنقف بالضرورة في مكاننا , ولن ننجح بالتقدّم حتى خطوة واحدة للأمام , إنْ قَولبنا أفكارنا وتفكيرنا ونهجنا في فهم الأشياء , فأصبح محدودا مقيّدا لا يقدر على النفاذ لعمق الشيء وتحليله , عندها يجب أن نرثي ونبكي لحالنا , ونكبر أربعا على عقولنا وتفكيرنا , وسنضيّع عمرنا هباء منثورا مع خسران الفهم ومعرفة السبب الحقيقي لوجودنا وحياتنا .
ليس كل من تشدق بالكلام وتفلسف بترهات لا منطقية , خاوية من أي معنى وهدف , وليس كل من كتب كلاما حميمي " جريئا " هو إنسان مثقف عميق التأمل أو واسع التفكير أو متبحّر بالعلوم والآداب , فبعض السطحية تتأرجح متمسكة بالكبير من الكلمات محاولة أن تجعل صوتها مسموعا بالتغاضي عن أن يكون مفهوما , مسكينة , ألا تعرف أنها مجرد قشور وغلاف , فقاعات تناثرت من صابون , مصيرها الزوال السريع , وتترك صاحبها كالعاري أما نفسه وأمام الناس .
فما أجمل وما أحلى وما أروع أن تجعل لوجودك قيمة ولكلامك وحروفك أثرا يتسلل للأعماق , وما أروع أن تلامس حروفك شغاف القلوب وتخاطب عقولهم من غير إسفاف أو ترهٍ أو ابتذال , وإن تخالفت أفكارك مع أفكاري . نحن بأشد الحاجة لأن نتوقف عن النظر بعيدا , أن نتوقف عن النظر للناس , فأَولى ثم أَولى أن ينظر كل منا أولا لداخله مليا , ونفكّر بحقيقة ما نفعله وما نقوله وما نكتبه وما نقدمه , لأنفسنا أولا وللناس ثانيا .
وأخيرا ..... أقول لكل من يكتب , تنويري كان أم ديمقراطي , حداثي كان أم علماني أو كان " ظلاميا رجعيا " كما يطرب البعض من " المثقفين " تسميتنا بذلك:
اتقِ الله واضبط وحسّن ما تكتبه , فإن الناس تقرأه .
عمر رزوق
أبوسنان
عكا
الجليل
عمر رزوق
أبوسنان
عكا
الجليل