ثقافة الخرافة و التنجيم العربية ..... جمعة الحلفي


إنضم
Jul 9, 2008
المشاركات
15
مستوى التفاعل
1
المطرح
بصرة الخير
ثقافة الخرافة و التنجيم العربية


جمعة الحلفي



صنع أدباء ومبدعون كباراً من أمثال الكولومبي غارسيا ماركيز، والتشيلية ايزابيل أليندي، أدباً رفيعاً من أساطير وخرافات شعوبهم، بوصفها جزءً من الثقافة السحرية الغابرة. أما نحن (العرب) فقد صنعنا، ولا نزال نصنع، من حقائق الحياة اليومية المريرة، خرافاتنا وأساطيرنا الخاصة، مجسدين بذلك، أو بالبرهان القاطع، توصيف المستشرق الغربي الشهير أرنست رينان، القائل بأن خصائص العقلية العربية عاجزة عن التركيب لأنها غارقة في المتخيل. وفي واقع الحال لا يكمن المتخيل، بالنسبة لنا، في طريقتنا للنظر إلى التراث وفي تفسيرنا لهذا التراث، كما يذهب رينان في توصيفه، فحسب، بل هو يكمن في إصرارنا على تحوير الواقع نفسه لكي يبدو لنا بالصورة المتخيلة، وهنا بالضبط تكمن المشكلة. أما المشكلة الأكبر من هذه فهي تكمن في حقيقة أن ثقافة الخرافة تلك، التي تريد إعادة إنتاج الواقع في صيغة سحرية، هي ليست ثقافة العامة، أو الرعاع، أو الدهماء، كما قد (نتخيل!) إنما هي ثقافة المتعلمين وحتى المثقفين. بمعنى إنها ليست ثقافة الهامش أو الأطراف أو الثقافة الشعبية (الفولكلورية) بل هي ثقافة المتن وثقافة المركز وثقافة النخبة، وهنا بالضبط تكمن الطامة الكبرى.

ليس هناك ماهو "متخيل" في هذا الكلام، بل هناك ما لا يحصى ولا يدحض من الأدلة على حقيقة وجود وفداحة "ثقافة الخرافة" السائدة في وضعنا العربي، ليس أقله ما نقرأ ونسمع عن الوضع العراقي وملابساته وما يدور وينسج من حكايات وخرافات وأساطير، حول هذا الوضع، الذي فاجأ عامة العرب وأطلق العنان لمخيلتهم في إعادة إنتاجه وتركيبه.

ولأن هذا كله ينتمي، إن شئنا، لثقافة الدهماء والعامة ومواهبهم في صناعة الخرافة، فإننا نحيل، هنا، إلى مصادر أكثر أهمية و "نخبوية". فالتقرير الثاني (2003) للتنمية الإنسانية، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعترف، بالعربي الفصيح، بإن واحدة من معيقات التنمية العربية تكمن في تأثير ثقافة الخرافة على العقل العربي وذلك بسبب اتصال هذا العقل بالمعرفة والعلوم والثقافة من جهة ومناقضته لها من جهة ثانية، جراء تغليبه للهوى والرغبة والأماني وتمجيد الماضي، أكثر من اهتمامه بالحياتي والواقعي والحقيقي. وفي محاضرة مهمة نشرتها مجلة (المستقبل العربي عدد 298) يؤكد الباحث محمود شمال حسن الأستاذ المتخصص في علم النفس الاجتماعي، إن نكوص فئات اجتماعية مختلفة إلى الماضي والتغني بأمجاده واتساع ظاهرة التردد على السحرة والمشعوذين وشيوع الأفكار اللاعقلانية، هي جزء من نتائج الواقع ومعيقات المستقبل. وفي العودة إلى تقرير برنامج التنمية، سنجد أنه يؤكد بأن هذه الظاهرة لا تقتصر على البيئات الشعبية بل هي تزحف حثيثاً نحو بيئات وقطاعات واسعة تشمل المتعلمين وحملة الشهادات الجامعية والعلمية. وهو ما يذكرنا بدراسة الباحث المصري المعروف سيد عويس لمئات الرسائل، التي يودعها الفقراء والتعساء من المصريين في شبابيك أضرحة وقبور الأولياء والأئمة، طلباً للشفاعة والمراد، إذ وجد بينها رسائل كثيرة من متعلمين وخريجي جامعات. وبوسعنا أن نأتي بالمزيد من الأمثلة لكننا نكتفي بمثال واحد أخير هو ذلك المتمثل بصفحات وحقول الحظ والتنجيم واستشراف المستقبل عن طريق الأبراج، التي لا تخلو منها صحيفة أو مجلة أو فضائية، تصدر أو تطبع أو تبث، في هذا الفضاء العربي السحري... فهل كان أرنست رينان على خطأ؟

 

mahmoud salih

Attorney General

إنضم
Jun 24, 2008
المشاركات
7,926
مستوى التفاعل
97
المطرح
الياسمين
رسايل :

ودموعي كالنجوم تأبى السقوط

هذا هو الوجع العربي ونحن كمواطنين عرب دائما نعيش على ذكرى منسوجة في عقولنا ألا وهي الأمل

والى الآن نحن على امل (الوعي الفكري)
 

إنضم
Mar 15, 2009
المشاركات
17
مستوى التفاعل
1
بسم الله الرحمن الرحيم

سيدي الفاضل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

لقد نقلت لنا بمقالتك أعلاه صورة واضحة ومدعومة بأدلة وبراهين حول ما توصل اليه هؤلاء في تقييم العقل والفكر العربي وحول العقم الذي يشكو منه حاضرنا .

وللأسف هناك شيء من الصحة في هذا الحديث ؛ وان كنت اضم رأيي الى رأي هؤلاء فأشعر ببحة في صوتي وضيق في صدري حيث ان من يقيم تفكيرنا اليوم

كان بيوم من الايام خاضعا لقوانينا وفكرنا وقيمنا ؛ وان الحاضر الابداعي الذي يعيشونه هو من وحي ابداع اعظم علماء العرب ومفكريهم ؛ ولن اشط عن السياق

كثيرا حيث اننا وبعجزنا عن الابداع والخلق والمعاصرة وتمسكنا بماض (لا يستطيع احد انكاره لما كان لنا فيه من قوة وتماسك وحضارة وعلوم وادب و و و )

فاننا ياسيدي الفاضل ابناء عز وابناء ماض عريق ؛ فقد يكون هذا هو السبب في عقم حاضرنا ( وأقصد تمسكنا بماض عريق ) من وجهة نظري؛ ( ان كان لوجهة نظري مكان في عقول الناس ).

ومن جهة اخرى هناك في عالمنا العربي من يتولون اليوم زمام الأمور في كافة المجالات علميـا ادبيـا فكـريا وما الى ذلك وهم نتاج هذا العصر الذي نعيشه

(ونستحق ان نعيشه ) ؛ السؤال الذي يطرح نفسه ماذا قدموا لنا هؤلاء ؟

بالنهاية ياسيدي الفاضل احييك شاكرا محاولتك النبيلة للفت نظر القارئ الى نقطة تستحق التوقف والتأمل وادعو الله ان يوفقنا اجمعين لما يحبه ويرضاه .

والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه اجمعين ؛ والحمد لله رب العالمين.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى