جبعدين:
أصل تسمية جُـبعـديــــــن:
يوجد أكثر من رواية في هذا الصدد، الأولى تقول أن أشخاصاً متعبدين أقاموا في هذا المكان، وسكنوا كهوفه ومغاوره الصخرية حول عين الماء الموجودة وسط القرية والتي تدعى "جُب" فاشتهر المكان بهم وأخذ اسم (جب عابدين). ورواية أخرى تقول إن المكان يدعى باللغة السريانية (غوبّا عُوذ) وتعني بالعربية (جب عاد) نسبة لقبيلة تدعى عاد كان بعض أفراها يقيمون فيه.
الموقع والحدود:
تقع جبعدين في قلب السلسلة الجبلية القلمونية العليا أو الثالثة، ويكسر الفج "الطريق بين جبلين صخريين شاهقين" الذي يصلها بالهضبة الثانية الامتداد المنتظم لهذا الجزء من السلسلة الثالثة، وتتجمع مساكنها خلف هذا الفج ملتصقة بالصخور في منطقة بين جبل النعمان شمالاً المشرف على وادي المجر، والسلسلة المسماة في هذا الجزء بجدار معلولا من الجنوب، وترتفع عن سطح البحر 1500 متر.
تنفرد جبعدين مع جارتها معلولا بهذا الموقع الجغرافي الدفاعي الذي لا نظير له على الإطلاق، ويعد بحق إحدى العجائب التي تزخر بها أرض سورية، والناظر إلى الفج المدخل الوحيد لذلك الحصن المنيع وجبال الموقع المحيطة بالقرية والسفوح الغربية الصخرية المعراة لتلك السلسلة وما رسمتها يد الإنسان على صفحتها من كهوف ومغاور منقورة في الصخر، استخدمها كمساكن ومقابر، نكون أمام لوحة طبيعية نادرة جملتها إرادة الإنسان، تحمل في ثناياها أغنى اللمسات السحرية التي تشدك إلى الماضي وعصوره البائدة.
وضيق رقعتها وانحصارها بين الجبال من جهاتها الأربعة جعل بيوتها متلاصقة متشابكة، تتخللها حارات ضيقة، كان أغلبها مسقوفاً ليشاد فوقها غرف سكنية.
يجاورها من القرى التواني جنوباً بينهما 4 كم، وعين التينة شرقاً على بعد 4 كم ، ومعلولا من الشمال الشرقي بينهما 4 كم، وحوش عرب من الغرب على بعد 6 كم، وتتبع إدارياً ناحية معلولا في منطقة القطيفة التي تبعد عنها 17 كم إلى الجنوب الشرقي.
برسم الجهات المعنية:
إن موقع هذه القرية لم يحظ بالعناية والاهتمام اللازمين بما يتناسب وأهميته السياحية والتاريخية، كما حصل لجاراتها معلولا ويبرود وصيدنايا، فآثارها القديمة ما زالت مهملة تعبث فيها أيدي المتطفلين، ولم تطالها يد البحث العلمي الرسمي بعد، علماً أنها تخفي من الأسرار التاريخية ما يوازي في أهميته آثار جاراتها وفيها من مظاهر الروعة والجمال ما يجعلها جديرة بأن تكون إحدى المواقع السياحية الهامة.
لمحة عن تاريخها ونشاط سكانها:
جبعدين بلدة قديمة العهد ترجع إلى العصر الآرامي على الأقل، مع وجود مساكن للإنسان محفورة في صخورها يشجعنا هذا على إرجاعها إلى زمن أكثر قدماً، قد يصل إلى العصر الحجري، لتشابه تلك المساكن مع ما هو موجود في معلولا ويبرود التي أكد علماء الآثار والتاريخ أنها إحدى المناطق التي سكنها الإنسان الأول منذ مائتي ألف عام.
وعثر فيها على بقايا أديرة (دير وسط البلد وآخر في جهتها الشمالية يسمى دير العاصي) ومدافن ترجع إلى العهد البيزنطي، وكان فيها معاصر للعنب والدبس، وتؤكد المصادر التاريخية أن جبعدين كانت مأهولة السكان في العهد الروماني.
زارها العديد من الباحثين في علوم اللغة، عرباً وأجانب، درسوا اللهجة السريانية التي ما زال ينطق بها سكانها إلى جانب سكان معلولا والصرخة، وهي القرى الثلاث الوحيدة في سوريا والعالم التي ما زالت تحتفظ بهذه اللغة لفظاً دون كتابة، إلى جانب اللغة العربية، ساعدها على ذلك انغلاق مناطق القلمون على نفسها وانطوائها على العالم الخارجي بين جبالها وتضاريسها الصعبة خلال العهود المنصرمة، ويذكر أن سكان جبعدين ما زالوا يتكلمون اللغة السريانية رغم أن جميع أهل القرية مسلمون، وهم على علاقة طيبة مع أبناء لغتهم وجيرانهم سكان قرية معلولا والتي فيها نسبة كبيرة من المسيحيين، الذين يعيشون في تسامح وإخاء مع أبناء معلولا والقرى المجاورة من المسلمين.
محطات تاريخية:
في زمن الاحتلال الفرنسي شارك ابناء جبعدين في ثورة القلمون وأبلوا بلاء حسناً، وجرت معركة بين الثوار والقوات الفرنسية على حدودها مع قرية حوش عرب، انتصر فيها الثوار انتصاراً ساحقاً، وأجبروا الفرنسيين على التراجع، فقامت على إثرها طائرة فرنسية بإلقاء قنابلها فوق القرية وأدى ذلك إلى سقوط عدد من الشهداء والضحايا. وفي حروبنا مع العدو الإسرائيلي سقط العديد من الشهداء الأبطال.
أما نشاط سكانها البالغ عددهم حتى تاريخ 31/7/1997 ميلادية 6142 نسمة، فيعملون بالزراعة البعلية وتنتج أرضها العنب والتين والرمان، والحبوب والبقول والسماق، وكانوا يشتهرون بزراعة السماق وبتجارته في المنطقة، كما توسعوا بالزراعة المروية بواسطة الآبار في حوض وادي المجر فأنتجوا التفاح والكرز والخضار وأخشاب الحور وغيرها...
ويعمل بعضهم في تجارة الترانزيت ونقل البضائع بواسطة البرادات والشاحنات.من سوريا إلى مختلف دول العالم، واستفادوا من موارد هذه المهنة في تحسين أحوالهم المعيشية وانعكس ذلك نهضة عمرانية لا بأس بها، وقد غادر بعضهم للعمل في دول الخليج العربي لتحسن أحوالهم المعيشية، كما يعمل آخرون في وظائف الدولة يسكن البعض منهم في دمشق وضواحيها في فصل الشتاء، ويعودون للاستقرار في جبعدين عندما تتحسن الظروف الجوية.
المصادر:
<LI dir=rtl>مجلة الحوليات 6/130.
<LI dir=rtl>تاريخ القلمون / لمؤلفه عبد الكريم خلف.
أصل تسمية جُـبعـديــــــن:
يوجد أكثر من رواية في هذا الصدد، الأولى تقول أن أشخاصاً متعبدين أقاموا في هذا المكان، وسكنوا كهوفه ومغاوره الصخرية حول عين الماء الموجودة وسط القرية والتي تدعى "جُب" فاشتهر المكان بهم وأخذ اسم (جب عابدين). ورواية أخرى تقول إن المكان يدعى باللغة السريانية (غوبّا عُوذ) وتعني بالعربية (جب عاد) نسبة لقبيلة تدعى عاد كان بعض أفراها يقيمون فيه.
الموقع والحدود:
تقع جبعدين في قلب السلسلة الجبلية القلمونية العليا أو الثالثة، ويكسر الفج "الطريق بين جبلين صخريين شاهقين" الذي يصلها بالهضبة الثانية الامتداد المنتظم لهذا الجزء من السلسلة الثالثة، وتتجمع مساكنها خلف هذا الفج ملتصقة بالصخور في منطقة بين جبل النعمان شمالاً المشرف على وادي المجر، والسلسلة المسماة في هذا الجزء بجدار معلولا من الجنوب، وترتفع عن سطح البحر 1500 متر.
تنفرد جبعدين مع جارتها معلولا بهذا الموقع الجغرافي الدفاعي الذي لا نظير له على الإطلاق، ويعد بحق إحدى العجائب التي تزخر بها أرض سورية، والناظر إلى الفج المدخل الوحيد لذلك الحصن المنيع وجبال الموقع المحيطة بالقرية والسفوح الغربية الصخرية المعراة لتلك السلسلة وما رسمتها يد الإنسان على صفحتها من كهوف ومغاور منقورة في الصخر، استخدمها كمساكن ومقابر، نكون أمام لوحة طبيعية نادرة جملتها إرادة الإنسان، تحمل في ثناياها أغنى اللمسات السحرية التي تشدك إلى الماضي وعصوره البائدة.
وضيق رقعتها وانحصارها بين الجبال من جهاتها الأربعة جعل بيوتها متلاصقة متشابكة، تتخللها حارات ضيقة، كان أغلبها مسقوفاً ليشاد فوقها غرف سكنية.
يجاورها من القرى التواني جنوباً بينهما 4 كم، وعين التينة شرقاً على بعد 4 كم ، ومعلولا من الشمال الشرقي بينهما 4 كم، وحوش عرب من الغرب على بعد 6 كم، وتتبع إدارياً ناحية معلولا في منطقة القطيفة التي تبعد عنها 17 كم إلى الجنوب الشرقي.
برسم الجهات المعنية:
إن موقع هذه القرية لم يحظ بالعناية والاهتمام اللازمين بما يتناسب وأهميته السياحية والتاريخية، كما حصل لجاراتها معلولا ويبرود وصيدنايا، فآثارها القديمة ما زالت مهملة تعبث فيها أيدي المتطفلين، ولم تطالها يد البحث العلمي الرسمي بعد، علماً أنها تخفي من الأسرار التاريخية ما يوازي في أهميته آثار جاراتها وفيها من مظاهر الروعة والجمال ما يجعلها جديرة بأن تكون إحدى المواقع السياحية الهامة.
لمحة عن تاريخها ونشاط سكانها:
جبعدين بلدة قديمة العهد ترجع إلى العصر الآرامي على الأقل، مع وجود مساكن للإنسان محفورة في صخورها يشجعنا هذا على إرجاعها إلى زمن أكثر قدماً، قد يصل إلى العصر الحجري، لتشابه تلك المساكن مع ما هو موجود في معلولا ويبرود التي أكد علماء الآثار والتاريخ أنها إحدى المناطق التي سكنها الإنسان الأول منذ مائتي ألف عام.
وعثر فيها على بقايا أديرة (دير وسط البلد وآخر في جهتها الشمالية يسمى دير العاصي) ومدافن ترجع إلى العهد البيزنطي، وكان فيها معاصر للعنب والدبس، وتؤكد المصادر التاريخية أن جبعدين كانت مأهولة السكان في العهد الروماني.
زارها العديد من الباحثين في علوم اللغة، عرباً وأجانب، درسوا اللهجة السريانية التي ما زال ينطق بها سكانها إلى جانب سكان معلولا والصرخة، وهي القرى الثلاث الوحيدة في سوريا والعالم التي ما زالت تحتفظ بهذه اللغة لفظاً دون كتابة، إلى جانب اللغة العربية، ساعدها على ذلك انغلاق مناطق القلمون على نفسها وانطوائها على العالم الخارجي بين جبالها وتضاريسها الصعبة خلال العهود المنصرمة، ويذكر أن سكان جبعدين ما زالوا يتكلمون اللغة السريانية رغم أن جميع أهل القرية مسلمون، وهم على علاقة طيبة مع أبناء لغتهم وجيرانهم سكان قرية معلولا والتي فيها نسبة كبيرة من المسيحيين، الذين يعيشون في تسامح وإخاء مع أبناء معلولا والقرى المجاورة من المسلمين.
محطات تاريخية:
في زمن الاحتلال الفرنسي شارك ابناء جبعدين في ثورة القلمون وأبلوا بلاء حسناً، وجرت معركة بين الثوار والقوات الفرنسية على حدودها مع قرية حوش عرب، انتصر فيها الثوار انتصاراً ساحقاً، وأجبروا الفرنسيين على التراجع، فقامت على إثرها طائرة فرنسية بإلقاء قنابلها فوق القرية وأدى ذلك إلى سقوط عدد من الشهداء والضحايا. وفي حروبنا مع العدو الإسرائيلي سقط العديد من الشهداء الأبطال.
أما نشاط سكانها البالغ عددهم حتى تاريخ 31/7/1997 ميلادية 6142 نسمة، فيعملون بالزراعة البعلية وتنتج أرضها العنب والتين والرمان، والحبوب والبقول والسماق، وكانوا يشتهرون بزراعة السماق وبتجارته في المنطقة، كما توسعوا بالزراعة المروية بواسطة الآبار في حوض وادي المجر فأنتجوا التفاح والكرز والخضار وأخشاب الحور وغيرها...
ويعمل بعضهم في تجارة الترانزيت ونقل البضائع بواسطة البرادات والشاحنات.من سوريا إلى مختلف دول العالم، واستفادوا من موارد هذه المهنة في تحسين أحوالهم المعيشية وانعكس ذلك نهضة عمرانية لا بأس بها، وقد غادر بعضهم للعمل في دول الخليج العربي لتحسن أحوالهم المعيشية، كما يعمل آخرون في وظائف الدولة يسكن البعض منهم في دمشق وضواحيها في فصل الشتاء، ويعودون للاستقرار في جبعدين عندما تتحسن الظروف الجوية.
المصادر:
<LI dir=rtl>مجلة الحوليات 6/130.
<LI dir=rtl>تاريخ القلمون / لمؤلفه عبد الكريم خلف.