جنون الحدباء

king of sorrow

بيلساني نشيط

إنضم
Jul 17, 2010
المشاركات
50
مستوى التفاعل
5
المطرح
على شواطئها
كي لا أبدو حزينا ضائقا من الحياة من البداية سأرفع قبعتي لأحيي جميع من يستطيعون الابتسام , ولمن يستطيعون تحريك عيونهم وتوسعتها حتى لو هدت كل إرادتهم , حتى ولو هزمتهم الاحتمالات والحسابات قبل الانطلاق , حتى ولو بدا النفق مغلقا من البداية , حتى قبل أن يفتح بابه وتدخل الخلائق في خدعة ليس الهدف منها إيصالهم إلى غاية الفتحة الضيقة المضيئة في نهاية ذاك النفق , بل المهم فيها هو تتبع تنهدات وزفرات هؤلاء طوال الطريق المظلم , قد أبدو متشائما جدا لأنني سميت الحياة نفقا , والحقيقة المجردة انها مجرد طريق مغلق لن تستطيع الخروج منه إلا عن طريق بابك الخاص , نفق مزخرف بسواد , مدخله ومخرجه واضحان للعيان . وهي تجربة رائعة إن سألتموني ..



وفي احد المرات , في المنتصف أو في أحدى مراحل البداية .. تسمع همسا, تسمع نداءا خافتا , كلمات صادقة دافئة مهتمة , دون أن تنتبه أنه من الظلام ولابد أن يكون ظلاما . تفتح حساب الفيسبوك وفي مرة أخرى تضغط الزر الأخضر من الهاتف في ترقب فاتحا كل دفاعاتك أمام ذلك الغريب , فقد كنت طول حياتك تكره النوافذ التافهة التي لا تفتح إلا في عز برد الشتاء القاهر .


تترقب صوت المتصل أولا, لا ترد, تنتظر منه إشارة البدء , تنتظر منه أن يأخذ بيدك , أن يقتطف روحك, أن يقول مرحبا .. كيف الحال ؟ أن ينتهك كل المقدمات ويصرخها بكل بساطة : ".. أنا مهتم بك, وحدك فقط ولا غير , أنا تحد صارخ لجمود هذا العالم , تحد لهذه الوحدة , تحد لكل شكوكك أيها المتخوف , أنا هنا من أجلك وحدك , أنا سأصل قلبك رغما عن جمودك هذا , رغما عن نفاقك هذا , رغما عن الطبيعة الخجلة للبشري الغامض , سأصلك لا محالة , حتى ولو قطعت حديثي مرات , حتى ولو تظاهرت بعدم الصبر , حتى ولو .. "


ساعتها يبدو الهاتف صادقا جدا والصوت الذي يحمله أكثر براءة , يبدو العالم أجمل وأرقى , تبدو فكرة .. وفكرة وبعدها .. طيور .. شاطئ بحر .. فرس أبيض .. يحمل شخصين .. أساطير عظيمة كبيرة , عمر طويل مع شخص بلا ملامح, لنسميه ملاكا, لنسميه نسيما, لنرمي عليه وردا , لنعتبره رائعا ...


تمشي الأيام ويقترب ذلك الغريب أكثر .. وأكثر .. حتى يصبح أقرب للأذن من السماعة التي تحمله , أقرب للشفاه من برد البلاستيك الجامد , أقرب وأقرب للشفاه كل ليلة .. بل وتنسى أنك تحمله في يدك هاتفا , تنسى أنك لا تملك منه غير الصوت والشوق وبعض الكلمات الحارقة المرهقة , بعض تنهداته , جلجلة ضحكاته وتعليقاته التي ترن دوما في خلاء وقسوة غرفتك البالية وللتوضيح أكثر فهي الغرفة البالية في بيت خالك .. وفي النهاية تجد ذلك الجنين قد أصبح حبا قويا عارما , جارفا , حاقدا على ذلك الهدوء والزيف , على تلك التقاليد البالية , على كل من يطلقون رصاص الاحتفال كل ليلة , كل ليلة يربط فيها رأسان في الحلال وقتلا للصمت تبيت متألما من وحدتك على أنغام رصاصهم , تبيت في تحسر , تبكي الحظ والنصيب , تبكي القريب الأبله والغريب الأعمى .. لتتذكر ساعتها أنك لا تملك المقومات , لا تملك الوجه الحسن الذي يفرح , تعلم جيدا أن كل مخلوق يصبح أجمل حين يبتسم , و الحقيقة أن لا أحد ينتظرك لتبتسم , لا أحد ينظر ناحيتك ولو خداعا , ولو خطأ , لست بتلك البشاعة , لكن الجمال يخطف عنك الأنوار دوما , يخطف منك الأرواح والحضور أبدا .. ليس خطأك ولا خطأ آبائك ... بل ليس خطأ أصلا , أنت تحد , أنت حصان سباق , لست خطأ أبدا , أنت الأمل والغد , أنت من يجرؤ على مسح دموعه بنفسه كل مرة , كل جرح , وكل شيء لم تملك فيه حكما.


وبالمناسبة , لقد توفي الجنين اليوم , كبر , أصبح وجوده أكثر غرابة . فعندما تضع حدودا لريح الحب الهائج وتتمسك بتقليديتك فإنك تقتل الحب , إن لم تسلخ الملابس عن الحب فأنت لست محبا , أنت أناني , أنت تضيع فرصتك الكبرى, أنت أمام اختيار جبار , تتبع النفس وتنسى النفيس وتستحق كلمة حبيب , أو تتمسك بنفسك وبصدقك فتصبح خيارا ثانيا , وثالثا ورابعا إلى أن تركن على أحد أرصفة النسيان, حتى رنات الهاتف لن تخطئ وتزورك من تلقاء نفسها فقد كرهتك وقد كانت دائمة الصراخ في أذنك من قبل, فما بالها اليوم تواسي الغريب وتنساك , ما بالها تنساك , ما بالها ساكنة , أتراها تتحامق وهي ترى دموعك , أتراها نسيت انك تملك روحا وقلبا وحقا , ما بال الغريب , بحق ساعات الليل الضائعة , بحق الحياة , بحق صداع السهر الذي يعذبك كل ليلتين , بحق كل ما يؤمن به ذاك الغريب .. بحق كل من يملك عليه الحق .. بحقهم تتمنى أن يدعك توافق على طلب الصداقة هذا , تتمنى أن لا يجعلك تضيع في مشيتك , تتمنى أن لا يدعك أمام النفق كما اعتدت, أمام الحياة , على الحافة , تتمنى أن يلتقطك من القطار الذي لا يملك أبوابا , القطار الذي لا يتوقف أبدا ...

قالها صديق أحمق , مفكر عظيم , اقترح عليك فكرة التغيير والتعويض , املأ فراغ الهاتف بالشات ,جرب الفيسبوك بعد الهاتف , فكله مغامرة , ضِع هناك ولا تفكر كثيرا , ولا تنسى أن تترك قلبك بعيدا عن لوحة المفاتيح , لا تأخذ سوى سخطك , خذ معك بعض السخرية , فهي تصلح للضحك في أحيان مناسبة , جرِب هؤلاء الضائعين , هم لا يملكون أي خبرة في جرح القلوب , هم جميعا مثلك , يستطيعون الابتسام , يعشقون التظاهر مثلك , يستطيعون التقاوي , يملكون قدرة عجيبة على التمثيل في أحلك اللحظات , حتى الحساب اللعين يبدو مستعدا كذلك, كل شيء مستعد , حتى الليل ذاك كان مملا , ظهر أحد من قبلت صداقاتهم من قبل , هو مختلف عن السابقين , هو أكثر سخرية منك , ليس ساخطا , فكاهته تنسيك الحذر, تنسيك تتبع هدفه, تجعلك تنساق, يحلو لك الأمر, لا يبدو هو حذرا أيضا, حتى نكاته وكلماته تبدو ضائعة , لحظية , مزاجية وطبعا يبدو صادقا جدا , تنساق إليه الروح بطريقة سلسة , لا تنتبه أنك تسحب , أنك تحت تأثير جاذبية , تحس بالارتياح وتوقف التفكير , ترمي عنك الاحتمالات , فيطلب منك رقم الهاتف بعد مدة , تتذكر الزر الأخضر وصعوبة ضغطه المرة الأولى , تتذكر كل ما مر بك, كلما بقي معك , تتذكر كل الجروح والصمت, ومع ذلك تضغط, تصبح أنت المتحدي, تصبح بطلا لنفسك, فقد هزمت التردد, هزمت خوفك وتاريخك .. وهزمت .. لحظة .. لحظة .. هو يطلب لقاءك ؟


هو متحد أيضا , يحاول أن يميز نفسه ويضع أمام رقمه صورة , يحاول رسم التاريخ بالصور , لابد انه يحب الألوان ؟ ليست تلك المشكلة أيضا بالمناسبة , أنت هو المشكلة , أنت هو الرقم الفاضح في المعادلة , أنت المتغير والحل , أنت كل الأدوار في مسرحية الفشل .. يا إلهي .. لحظة .. تبدو كلماته مطمئنة في هذا الأمر , بعد أن صارحته بكل بساطة , ستبدو حدبتك عالية فوقك ولو غطيتها بكل الألوان , ستبدو علتك , سيفضح السبب الذي تضغط من اجله الزر الأخضر دوما , ستبدو روحك عارية ببساطة , ستبدو جاحدا وأنت تنكر هيئتك الحقيقية, تحاول أن تجعل الأمر عاديا مادام لا يمانع هو ذلك , فلابد أنه معتاد على تحت المتوسط , لا أدري لما يحبذ ترك المعقول والمتوسط والبحث أسفل مائدته , حتى ولو بدا معقولا كما يدعي ..


جاء ذلك اليوم ومر اللقاء في لحظات , قاعدة كبح جماح الحب قصرت اللحظات والنظرات, مر المساء ولم تتوقع منه أن يعود ويقول مرحبا , ومع ذلك تجاوزها بكل بساطة , كأنها اللاحدث , لم تكن مهمة له بقدر ما هي لك , كأنه يقول لنفسه , حسنا .. قد نزعنا أقنعتنا لنتقبل الأمر ونتابع حياتنا .. هد ذلك كل دفاعاتك المحدثة التحصين , أقلب كل حساباتك , أسقط في قلبك حرفا جديدا لا يعرفه إلا هو , أصبح أقرب من الشفاه للهاتف , أكثر دفئا من سماعة الهاتف , أقل سخرية وهو يكتشف عمق حبك وشغفك , أكثر احتراما وتقبلا , أكثر نضجا , تصبح أنت أسعد بطول الليالي وأنت تنتظر .. تنتظر خائفا آملا .. تنتظر منتصف الليل .. وقت العشاق .. الساعة التي يصبح فيها الحب والسهر بالمجان .. الساعة التي تكسر فيها أنت الهاتف وسماعته وتحدث طيفا يقابلك في خلوتك .. ساعة يغزو فيها جنونك حذرك , لا تمثل , لا تفكر , لا تحب , لا تكره , لا تتنفس , لا ترمش , لا ..لا .. وألف لاء مع ذلك الطيف الباسم اللامع وهو يداعبك .. تلك الساعة التي تعيش فيها وتموت فيها ..


حانت النهاية وستقلب الأدوار ببساطة , سيصبح الراوي الذي استهل حديثه بإبداء ثنائه على البطل الذي لم تسكت جراحه طوال لحظات الكتابة مجرد شاهد , مجرد متابع , لا لسان له سوى عينيه , لا يملك من خيوط التمثيلية إلا رؤية الدموع والدماء في البداية والنهاية , ويصبح البطل الذي يتجسد مع القارئ فتاة بسيطة بلا أية تعقيدات سوى أنها ليست الأجمل , لا ينتبه أحد أن يرى وجهها , وربما أن لا أحد يود فعل ذلك , لكن الجميع أصبح يعشق المؤخرات , موضة هذا الوقت , يعشقون استغلال تلك التي لا تشبه الممثلات , تلك التي لن ترتقي أبدا لتستحق نظرتين طويلتين متتاليتين , يحرمها الجميع من حقها , تجد الجميع يطاردها من الخلف دوما , تلك التي تعشق العيون الباسمة , فتنتبه للخلف لتجد عيونا مفترسة , حقيقة أيامها هو ذلك التجسيد الذي أصبح يرسمها , حتى كادت أن تتقبل أنها مجرد جسد معقول ومؤخرة متصلة به لا تملك أي وجه معها , وانطق أنا من جديد .. الراوي والشاهد , وأنا أجلس في روتيني المعتاد , أستمع إلى قصة وخطة جيدة , أن أحدهم أوقع فتاة بالهاتف , أصبح مهتما بشيء منها , أراد التأكد فقط من أنها لا تحادث غيره , مع أنه لا يطمح في غير خلوة سريعة معها , كما يفعل الجميع في هذا الوقت , يرسل لصديقه الثاني " أرجوا منك إيقاعها في حبائلك , هي لا تهمني أصلا , سألتهمها حينما أجد الفرصة , لذلك هي ملكي , وأرجوا منك التأكد أنها لا تخونني , حادثها بالفيسبوك كي لا تشك في الخطة, اسمها كذا , لا تشبه شيئا محددا من الأمام , تماما مثل دمى العرض البلاستيكية التي تقف أمام محلات الألبسة النسائية , أنا أنتظر أخبارك وتحديثاتك , صديقك , المفترس ".


يرد عليه الصديق بعد مدة طويلة قليلا من تلك المحادثة وقد استطاع تجاوز معظم الخطوط, رد بطريقة رمزية لا يستطيع حلها إلا هما الاثنان في العالم : " لا تقلق , كان الأمر سهلا جدا , هي سهلة المنال , مستعدة أيضا, نلت بطاقة دخول مبناها , دخلنا مرحلة الهاتف , هي الآن بانتظاري .. هي الآن تتمنى أن تستطيع انتظاري .. هي الآن تدفع وترسل لي لأحادثها , لأضحكها , ليست حمقاء أبدا , هي حالمة واهمة , أروع الفرائس على الإطلاق , سألتقيها قريبا , هي تظن أنني لم أرها من قبل ,أجس نبضها أولا , وأرسل لك أحدث المستجدات ".
وبعد ذلك يرد عليه الصديق البعيد وقد تأكد أنه نفسه لن يلمس منها أية قطعة : "مللت منها , نلت منها وانتهيت , تماما كما قلت أنت , مستعدة لكل شيء , لا تليق بسمعتي , هي لك , استمتع بها , انتبه لنفسك وإلى اللقاء" .

كأنه جنرال عظيم يلقي بإحدى الأسيرات المسبيات وقد تأكد انه يملك كثيرا منهن إلى أحد الجنود الغلاظ الذين يملكون عنه شيئا قد يهلك كل عظمته, زاد فضولي لسماع القصة وقد أصبحت قصة غرام مشوهة من جهة واحدة , تعجبت وأنا أقرأ رسائلها الهائمة, الطامعة, الحمقاء المتلهفة, حقا إنها تبالغ بحروفها تلك في الرسائل, ليس الحب بالذي يكتب هكذا, وليست كلماتها بالتي توهب وتمنح بلا حساب, ليس الشوق هكذا, ليس الصدق هكذا, كل شيء في هذه القصة معوج, مشوه, حتى أنا الراوي البريء والشاهد الحزين ضعت في هذه الحكاية, ضعت في هذا الزمن , ضاعت حروفي ولم تعد أملك أي سطوة عليها , لم أعد أتحكم بنفسي لحظتها , لم أجد من ألومه , لم أجد ما أقوله , بل لم أضحك حتى .. وها قد أنهى هو حكايته .. الجندي الأخير الذي حظي بالجارية المستعدة , لكنه مل منها , لم يهتم بها من البداية , ولم يكن حبها ليهمه في النهاية , انتهت الحكاية وهي مازالت تراسل ذلك الهاتف .. وهاأنذا أقوم للنوم دون أن أفكر فيها وهي ببيت خالها تحاول إقناع نفسها بان عدم اهتمامه في آخر مكالمة فكرة مصطنعة وخطة خبيثة ليقيس مدى اهتمامها به , فكر نسائي راق!

لابد أن خالها في تاسع الأحلام , ووالدها في العشرين منها , والجنرال ضائع في حكاياته التي يثبت بها لنفسه أنه نعم الجنرال وهو يتسامر ليلا مع شبان قريته والجندي يحادث المرشحة التالية من الفيسبوك في دراسة معمقة مفيدة للجنس البشري .. والراوي سيقوم لتنظيف أسنانه والنوم متأخرا ليقوم للعمل متأخرا كالعادة .




لقد أردتها غامضة علها تربط

القارئ قبل أن يعرفها


 

حنين الروح

بيلساني متقدم

إنضم
Jan 25, 2012
المشاركات
322
مستوى التفاعل
2
ابدعت في الطرح والفكرة

سلمت يداااااااااااااااااك

 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

الحيوانات المفترسة نجدها في كل مكان في السماء والبحار واخيرا في الأرض
لكن تكون صريحة جداً في غرائزها كم احترمهم لصراحتهم !
ام ذاك البشري التي صرعونا فيها الغرب انه كان اصله قرداً حتى تحول الى انسان ليفقه ويتعلم ليته ضل قرداً ..!
والطامة الكبرى انه يكون من كرس حياته في العلم وما زال يتصرف كصفات القرود.. متمسكين جداً في ديوانيتهم الحيوانية
وكم تبراء التكنولوجيا من اياديهم القذرة الملطخة بتنظيف انفه .

/


الرائع خالد ..غبت طويلاً ..والشوق لحروفك جعلتني التهم ما كتبته سريعاً
ام زلت تعشق البحر ؟؟....كن بخير يا صديقي
 

STELLA

المحاربين القدماء

إنضم
Oct 24, 2008
المشاركات
9,614
مستوى التفاعل
155
المطرح
على ضفاف أحلامي الضائعه
رسايل :

Open your eyes a little bit Maybe You can see my heart

سحقاً لمن يتقن اللعب بمشاعر الأخرين من باب التسليه و إثبات الفحولة

سحقاً لهم جميعا ً

بقدر ما هي واقعيه حروفك

بقدر ما ألمتني


سلمت يداك

نحن في شوق لعبق حروفك

كن بالجوار دوما ً​
 
أعلى