عمر رزوق
بيلساني مجند
- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45
حمائم في حظيرة البهائم
حتى لا يعمّ الذل ويطم , في أرجاء بني جلدتي وبني قومي . أملأ الفضاء بهذه الصرخة , من هولها أصابتني القرحة , في مقتبل ليلة مجيدة , ليلة عيد سعيدة , لعل يكون بيننا أغبر , أشعث أكدر , لو أقسم على المولى سبحانه لأبرّه , صرخة أحاول أن أعرّي بها ضعف الهمم , نرتكب الكبائر ونتجنّب اللمم , أمارس بها عادتي وديدني في البكاء , على كرامتنا وعلى الأشلاء , وأتحسّر قهرا على زبد أمة , متأبطة الخور وصنوف الهوان . نحن أمة القرآن , نحن أمة السنة الشريفة والسيرة العطرة , وحسبنا , عندما كان القرآن , في صدور الرجال , كانوا أشجع الشجعان , وأفحل الرجال , فوضعوه على ذلك الرفّ , في زاوية مسجد مهجور , أو بيت معمور , خرّ عزّهم , وتساقطت كأوراق الشجر مراجلهم , وأصبحوا على أرصفة الذلّ والهوان نائمين , ملتحفين بذنوب وأخطاء وخطايا أمة بأسرها , وتصطك أسنانهم وتصرّ من عِظَم وهَوْل فقرهم وجهلهم المطبق بالجهاد .بئس الرجال وبئس الأسماء , وبئس العمل السكون والنوم على صوت هدير الدماء .
ماذا ينتظرون حتى تتحرك مشاعرهم ؟
ماذا يجب أن يحصل بعد حتى تهتزّ أحاسيسهم ؟
أي مصيبة ينتظرون حتى تنمو رجولتهم ؟
ماذا يريدون حتى تتجلى شهامتهم ؟
إنه الذلّ والهوان , في زمن تشبّعت القلوب خورا وجُبنا , تركوا المقاومة والكفاح , واستسلموا " للسلام " فباتوا صاغرين , كل همهم اللهو والنوم والشهوات والمحرّمات , همهم متابعة ودعم النجوم الآفلة من مطربين ومطربات , ممثلين وممثلات , لاعبين ولاعبات , همهم السيارات الفارهة , والبنايات الشاهقة , والأرصدة المثخنة تخمة , همهم فرج ودثار , وامرأة وأطفال صغار ¸ وجنيه وليرة ودينار , أو قُل يُغني القبض بالدولار . لُعنت الهموم , ولُعنت هذه من هموم , رُمّلت الأماني والآمال , وثُكِلت مساعيهم البهيمية ومُحِقت .
أسفي على هذه الثلة من الرجال , لمّا في بيوتهم زاحموا النساء على فروش المكياج والتدريم , أسفي على حاضر تعيس لعرب تعساء بتعاسة أتعس من التعاسة. كفّ يا حرفي عن التلاحم بكلمات تعج وتضج بالحسرة , فإن نارا توقد عليهم , هم حطبها , خير لك من رثاء هذه الشرذمة . كفّي يا حروفي عن هجائهم , فعلى الذلّ هم راقدون , وعلى المعاصي رابضون , وعلى كرامة البسطاء يتمخترون . توجهي يا كلماتي لربي العلاّم , ليبدّل أقواما بأقوام , أقوام تقوم , وعن تحرير المقدّسات لا تصوم , وعن أرامل وثكالى الأمة لا تغمض طرف تخاذل , ولا جفن تطبيع .
ضجّت الأرض من دنس اليهود واشتكت , تريد الفكاك فتزلزلت , وزعامات أمتي يتراقصون , ونخب سُكرهم يشربون , في جنون , وأجسادهم تهتزّ في مجون , والعقول خاوية , والكؤوس متخمة بما يخنعون , كؤوس تدير الرؤوس والعمائم , وترسلها لتُخْمَد في حظيرة البهائم , تتساقط بلا عقل رشيد , ولا قلب مجيد , وتستقر بكامل قذارتها وعفنها في حُفر البوار , متفاخرون بسرعة الوصول لعشيقهم العار. أيها الرجال شبها , أيها الرجال مظهرا لا جوهرا , عفواً , لستم بمنزلة هذا الدين , وليس الإسلام يُفاخر بسكارى متخاذلين , أدبارهم نحو الكرامة مولّين , وشطر الرذائل مقبلين . الإسلام براء منكم , مُطَهَّرٌ من نجسكم , الإسلام يوما أعزّكم , فأبيتم , وها أنتم اليوم تعودون لذلّتكم , وتسمحون لمن أذلّهم الله تعالى وخزاهم , أن ينفثوا بصاقهم على وجوهكم . ها هي أجساد أطفالكم ممزقة , وأرحام نسائكم مقطّعة , وكرامتكم يدوسها قِرَدة , والإباء يُغتال بأيدي من بدمائكم مترعة . ماذا بقي من تاريخكم التليد وعزّكم المجيد ؟ أجيبوا , لا أبا لكم , بئس الجماجم الذليلة , وبئس معانيكم الخذلان , وبئس تمرّغ هاماتكم بالعار , سبحانك ربي يا حليم يا غفّار.
عمر رزوق
أبوسنان
أبوسنان