درس في اللغة العربية - البسملة و الكلام -

علي هادي

بيلساني ماجستير

إنضم
Feb 9, 2010
المشاركات
820
مستوى التفاعل
10
المطرح
العراق - بغداد
البسملة ثم الكلام


أولا : البسملة :


قال ابن آجروم رحمه الله تعالى :


بسم الله الرحمن الرحيم


ابتدا المؤلف رحمه الله بالبسملة اقتداء بكتاب الله عز وجل وبفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وتبركًا بها و متابعة لعمل أئمة المصنفين ، وهو الذي يجب أن يتَّبع ، لا جريًا على ما تعود المصنفون أن يذكروه حين البدء بها من إيراد أحاديث لا تصح ومنها : " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ: بسم الله فهو أبتر " وغيرها من الروايات . وإن حسَّنه بعضهم .


والبسملة مصدر قياسي من " فعلل " والفعل منحوت ومثله : فذلكة وكذلكة .
وإعرابها باختصار :
الباء : الباء : حرف جر أصليٍّ للاستعانة ، أو المصاحبة على وجه التبرك ( أصاحب اسم الله متبركًا به ) .أو الإلصاق ،، وهي متعلقة بفعل - على الأرجح - مضارع يقدر متأخرًا في الأرجح . تقديره أفتتح أو أستهلُّ ،، و يقدر مؤخرا ؛ لإفادة الحصر عند البيانيين والاهتمام عند النحويين .


ولفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم ( وقد ذكر في القرآن في 2360 موضعًا ) .


وهوعلم لا يطلق إلا على المعبود بحق خاص لا يشركه فيه غيره ، وهو المحبوب إجلالاً وتعظيمًا ( ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين ) أما " إله " بدون أل فهو يطلق عليه وعلى غيره وهو أعرف المعارف وهو مرتجل غير مشتق ، وقالوا ذهب لذلك سيبوبه في أحد قوليه فلا يجوز حذف الألف واللام منه على ذلك .
والصحيح أنه مشتق ، ومعنى أنه جامد عند من يرى ذلك أنه لا يدل على وصف وإنما يدل على الذات .


ومما ذُكر في أصل لفظ الجلالة :


·أن أصله " إله " على وزن : فعال ، من قولهم : ألِه يألَه إلاهةً : عبد عبادة ، ثم حذفت الهمزة تخفيفًا ، لكثرة الورود والاستعمال ، كما حذفت في أناس فقيل : ناسٌ . ثم أدخلت " أل " للتعظيم ودفع الشيوع فالتقى حرف التعريف مع اللام فأدغم فيها وفُخِّم فوزنه حينئذٍ : العال .
وتفصيل القول في تفخيم لفظ الجلالة : أنه إذا جاء بعد ضم أو فتح تفخَّم ، وإذا جاء بعد كسر ترقق وبعضهم يرى الترقيق مطلقاً وبعضهم يرى التفخيم مطلقاً ولكن الصواب الأول، قال ابن الجَزَري :


وفخِّم اللام من اسم الله ** عن فتح أو ضمٍّ كعبد الله


·أصله : الإله ، حُذفت الهمزة تخفيفًا ، فالتقت اللام الأولى الساكنة - مع الثانية فأدغمت اللامان، فصارتا في اللفظ لامًا واحدة لفظًا - ثم فُخمت للتعظيم .


·أصله " لاه " وأدخلت " أل" من " لاه يليه ، إذا تستر ؛ لاستتاره عن الأبصار .


فائدة : قال العلامة ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد :


" زعم أبو القاسم السهيلي وشيخه ابن العربي أن اسم الله غير مشتق لأن الاشتقاق يستلزم مادة يشتق منها واسمه تعالى قديم والقديم لا مادة له فيستحيل الإشتقاق ولا ريب أنه إن أريد بالإشتقاق هذا المعنى وأنه مستمد من أصل آخر فهو باطل .
ولكن الذين قالوا بالإشتقاق لم يريدوا هذا المعنى ولا ألمَّ بقلوبهم وإنما أرادوا أنه : دال على صفة له تعالى وهي الإلهية كسائر أسمائه الحسنى كالعليم والقدير والغفوروالرحيم والسميع والبصير فإن هذه الأسماء مشتقة من مصادرها بلا ريب وهي قديمة والقديم لا مادة له فما كان جوابكم عن هذه الأسماء فهو جواب القائلين باشتقاق اسماء لله ثم الجواب عن الجميع أننا لا نعني بالإشتقاق إلا أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى لا أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله
وتسمية النحاة للمصدروالمشتق منه أصلا وفرعا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر وإنما هو باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة وقول سيبويه إن الفعل أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماءهو بهذا الإعتبار لا أن العرب تكلموا بالأسماء أولا ثم اشتقوا منها الأفعال فإن التخاطب بالأفعال ضروري كالتخاطب بالأسماء لا فرق بينهما
فالاشتقاق هنا ليس اشتقاقًا ماديًّا وإنما هو اشتقاق تلازم سمي المتضِّمن - بالكسر - مشتقا والمتضمَّن - بالفتح - مشتقا منه ولا محذور في اشتقاق أسماء الله تعالى بهذا المعنى " .


الرحمن الرحيم : الراجح فيما أرى والله أعلم أنهما نعتان ، ولا ينافي كونهما علمين ؛ لأنّ أسماء الله أعلام وأوصاف ،، فمن حيث العلمية جاز الوصف بهما . وهذا أحسن من كونهما بدلين أو عطفي بيان ، إذ أن الراجح في البدلية أن تكون في الجوامد - بل أوجبه ابن هشام - وأسماء الله مشتقة ، كما أن البدل يطلق عليه ترجمة وبيان ولفظ الجلالة أغنى الأغنياء عن البيان .


وهما اسمان مشتقان من الرحمة ، والرحمة فى الأصل رقة فى القلب تستلزم التفضل والإحسان ، وهذا جائز فى حق العباد ، ولكنه محال فى حق الله سبحانه وتعالى ، وهي صيغة كمال لائقة بذاته كسائر صفاته العلى ، لا يجوز لنا أن ننفيها أو نعطلها أو نؤولها .


وقد ذكر ابن دريد في جمهرة اللغة : قال أبو عبيدة : هما اسمان مشتقّان من الرحمة مثل نَدمان ونديم . قال أبو بكر: خبّرني عمي الحسين بن دريد عن أبيه عن ابن الكلبي عن أبيه قال: الرحمن اسم للّه تبارك وتعالى لا يُدعى به غيره والرحيم صفة لأن العرب تقول: كُن بي رَحيماً ولا تقل: كُن بي رَحْماناً. وقد دلّ القرآن على ذلك بقوله عزّ وجلّ: { قل ادْعُوا اللهّ أو ادْعُوا الرحمنَ أيًّا ما تَدْعوا فله الأسماءُ الحُسْنَى} فاللّه اسم ليس لأحد فيه شركة وكذلك الرحمن ، وليس لأحد أن يسمَّى الرحمن إلا اللّه. وقد سمت العرب مَرحوماً ورَحيماً.
والرحيم قد يكون لغيره ؛ قال الفارسي: إِنما قيل بسم الله الرَّحْمن الرحيم فجيء بالرحيم بعد استغراق الرَّحْمنِ معنى الرحْمَة لتخصيص المؤمنين به في قوله تعالى: { وكان بالمؤمنين رَحِيماً} .


. وحكى الأَزهري عن أبي العباس في قوله الرَّحْمن الرَّحيم: جمع بينهما لأَن الرَّحْمن عِبْرانيّ والرَّحيم عَرَبيّ؛ وأَنشد لجرير:
لن تُدْرِكوا المَجْد أَو تَشْرُوا عَباءَكُمُ ..... بالخَزِّ، أَو تَجْعَلُوا اليَنْبُوتَ ضَمْرانا
أَو تَتْركون إِلى القَسَّيْنِ هِـــــجْرَتَكُمْ ..... ومَسْحَكُمْ صُلْبَهُمْ رَحْمـــانَ قُــرْبانا؟



والكلام في هذا يطول .


فائدة : يقول الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله :


(( إن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته ورجائه وإخلاص العمل له ، وهذا عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته ، والتفقه في فهم معانيها ..
بل حقيقة الإيمان أن يعرف الربّ الذي يؤمن به ، ويبذل جهده في معرفة أسمائه وصفاته ، حتى يبلغ درجة اليقين .
وبحسب معرفته بربه ، يكون إيمانه ، فكلما ازداد معرفة بربه ، ازداد إيمانه ، وكلَّما نقصَ نقصَ ، وأقرب طريق يُوصله إلى ذلك : تدبُّر صفاته وأسمائه من القرآن .. " .


تتـمــــة :
1 - في البسملة إيجاز قِصَر بإضافة العام إلى الخاص .


2 لم يوصف أحد بالرحمن من العرب إلا مسيلمة الكذاب ، وصف به مضاف ، فقالوا : رحمن اليمامة ، قال قائلهم :
سموت بالمجد يا ابن الأكرمين أبًا * * وأنت غيث الورى لازلت رحمانا .


وأجاب البعض ببيت مقابل له:


خُصّصت بالمقت يابن الأخبثين أباً * وأنت شرُ الورى لا زلت شيطانا


3 تكتب " بسم " بغير ألف في البسملة خاصة لكثرة الاستعمال ، وقيل ليوافق الخط اللفظَ ، وقيل استغناء عنها بباء الاستعانة . وقيل : لا حذف أصلا لأن الأصل " سِمو أو سُمو ، فلما دخلت الباء سكنت العين تخفيفًا .


4 تحذف الألف من الرحمن ؛ لدخول " أل " عليها .
5- الرحمن الرحيم : هذه من جهة السماع ما جيء إلا كسرها في البسملة و القرآن ( الرحمنِ الرحيمِ ) ، إذن جرهما هذه سنة متّبعة ، ويجوز تسعة أوجه من جهة الصناعة النحوية و يمتنع اثنان .
( الرحمنِ ) بالجر : نعت للفظ الجلالة
( الرحمنُ ) بالرفع : خبر لمبتدأ محذوف
( الرحمنَ ) بالنصب: مفعول به لفعل محذوف
( الرحيمِ ) بالجر : نعت للفظ الجلالة أو الرحمن
( الرحيمَ )على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره أمدح الرحمنَ أمدح الرحيمَ
( الرحيمُ ) بالرفع : خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو
ولا يجوز وجهان:
إذا رفعت الرحمن أو نصبت لا يجوز الجر في الذي يليه .
قال الأجهوري :
إن ينصب الرحمنُ أو يرتفعا *** فالجر في الرحيم قطعاً مُنعا


منقول



 

mahmoud salih

Attorney General

إنضم
Jun 24, 2008
المشاركات
7,926
مستوى التفاعل
97
المطرح
الياسمين
رسايل :

ودموعي كالنجوم تأبى السقوط

شكراً جزيلا صديقي
 

إنضم
Aug 30, 2010
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
اهلين استاذ على هادي

طرح مميز ولا اروع من يسجل في سجل موضيعك المميزه
انشاء الله
وكما نعرف
بسم: الاسم مشتق من السمة وهو العلامة الدالة على المسمى. أو أنه مشتق من السمو بمعنى الرفعة.
الله: الله أصله الإله، حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال.
الرحمن: ذو الرحمة الشاملة العامة التي هي للمؤمن والكافر.
الرحيم: ذو الرحمة الخاصة المخصصة للمؤمنين.

تحياتي لك و لقلمك المبدع

فاصله
--------
أخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران‏.‏

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب ‏(‏باسمك اللهم‏)‏ حتى نزلت ‏{‏إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم‏}‏‏
 
أعلى