رواية لغادة السمان من كتـــــــــــاب (على دمعــــــــة )

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
رواية لغادة السمان كتـيــــــــــــــــر حلوة

حاكتبها هون وان شاء الله تعجبكم اول وحدة بعنوان :

كتـــــــــــاب على دمعــــــــة
:

غرقت نظراته الخبيرة في عيني وبعد طول تأمل قال لي (أريد منك إجراء تحليل لدموعك )
كانت أول مرة اسمع فيها عن تحليل الدموع
في الطريق نحو المختبر كنت خائفة.ماذا سيكشف لهم تحليل دموعي ؟
بل وكيف سيحصلون على الدمع مني ؟

ولكن لم لا ؟
أنها فرصة رائعة للبكاء بعد طول احتباس لمطر القلب سأنتهز الفرصة وسأبكي طويلا ...وحتى حينما يأتي الممرض ويقول لي أن الأنبوب الذي ملأته بالدمع طاف,فلن أرد عليه وسأملأ له إبريقا
من الدمع ...
و جاؤوا بقطعة قطن وحكوا بها جفني فانهمر الدمع .نقطة واحدة كانت تكفيهم ,ولكنها لم تكن تكفيني !...
وحين غادرت المختبر فرحت لأنها كانت ولم يكن في وسعي أن أوقف مطر الدمع في حنجرتي المالحة كمغارة محشوة بالشوك ....

قال لي الرجل :"تعالي بعد أيام من أجل نتيجة التحليل "

وعشت أياما شبه قلقة ...ترى هل سيقرؤون في دموعي تاريخي كله ؟!تاريخ أحزاني كلها ؟...هل سيقرؤون أيضا أسماء ...وتواريخ....؟وهل ستتراءى للمحلل وجوه ووجوه ،وجوه أمسكت بها ،ووجوه راحت مني في زحام ذلك الزمن الهارب؟

هل سيقرأ في دموعي حكايتي ؟وهل سيرتجف جسده ضحكا مني ،من غباء أسميته "حباً"،وانهيارات أسميتها تجارب؟!ترى هل ينبت الذين نحبهم داخل دموعنا ،وهل يسبحون في بحرها المالح كما الأسماك تسبح ؟ترى هل تسجل دموعنا زلازل أعماقنا وفواجعنا بحيث تبقى دوائرها مرتسمة ،هادئة حينا وصاخبة حينا وهل ...وهل
..؟

في اليوم الموعود ذهبت لإحضار نتيجة التحليل .تخيلت انه سيدفع إلي بعدة مجلدات فيها حكايات عمري التي لا يعرفها احد غير دمعي !..
و فوجئت بصفحة بيضاء وعبارة واحد تتوسطها :
"الدمع خالي من كل شيء "!!!
لم تذكر الورقة أي شيء غير حساس لأحد المركبات الكيميائية ...أما بقية "حساسيات عمري"فلم تلحظها .

ما أشد قصور العلم أمام قطرة دمع أنساني واحدة هي بحر من الأسرار!لا ،لم تذكر أية أسماء ..
أية حكا يا..أي توق ..أي جنون..لم تذكر أية تواريخ ...
حتى ولا تواريخ كهذه :4-5-2004
(التاريخ الأخير عدٌل من قبلي)......

 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
سأحبك ريثما تطلق الحياة سراحي

سأحبك ريثما تطلق الحياة سراحي :


ليست هنالك قصة حب يمكن أن تدوم أكثر من أسبوع .......
ربما ...لكن ...أسابيع وأسابيع ...
وعمري أضحى حينما تغيب غرفة انتظار في مطار مهجور
يختبئ الصمت الباكي خلف مقاعدها
وأحجارها ونوافذها
وحين تجئ
يصير العمر بيدر فرح ليلة حصاد...
لماذا انتظرك منذ عرفتك ؟.
بلهفة محكوم بالإعدام عصبت عيناه
ولم يبق له ما يحلم به
غير لحظة سقوط المقصلة في ذاكرته ؟
ليست هنالك قصة حب يمكن أن تدوم أكثر من أسبوع
ماذا نسمي ما يدور ؟...
وذلك الجرح الذي بدأ ينزف بصمت وسرية
كما تنزف جدران الأقبية غير المكتشفة ؟...
وهمساتنا المسروقة التي نرمي بها للصمت

ترى أين أنت الآن ؟
أعني كيف يمكن أن تكون في مكان آخر
وأنت تقطنني هكذا وتكونني؟.
أفتقدك ؟لا
أكذب إذا قلت لك إنني افتقدك ...
وكيف افتقدك وحضورك ما يزال يفترسني ...
إني افتقد غيابك ...
اشتاق إلى رحيلك عن جسدي وأعصابي وكياني
وأذني وذاكرتي و غدي...

لماذا يدهشك أنني لم أقل لك قط :أحبـــــــك!...
ولماذا لا يدهشك أنني لم أقل لك ولو مرة :أنا أتنفس ؟
وما الفرق ؟

أذكر اسمك والليل يجلد بالمطر والريح والوحشة ..
أذكر اسمك حينما تصير بشاعة هذا العالم
قميصا من الشوك
لا ندري كيف نخلعه ..
أذكر أسمك وأنا في معتقل الضجر
أنتظر أن تطلق الحياة سراحي ....
ومهما حدث ...ستظل إلي أقرب من طلقة نارية تخترق جبيني

أحبــــــــــــــــــــك....
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
ثـــلج النسيان الأسود

ثلج النسيان الأسود:

قلت انتهينا .
وقالوا انتهينا ...
وهاأنت ذا تمد أصابعك الدقيقة نحوي ,
ثم تغرسها في قلبي مرة واحدة كخمسة خناجر..

حين يغمى على الذاكرة ,
ويرحل الصحو عن مفاوز القلب
يزهر الفرح العتيق
وأعود قادرة على النظر إلى وجهك
دون أن ينزف جرح سري في روحي
وها أنت تزهر وتزهر
ها أنت تسري في الأرض أزهارا بنفسجية اسمها "لا تنسي"
من قال لك أنني نسيت ؟!
عبثا نحاول التحليق عن أرض آثامنا
وإساءاتنا المتبادلة حبال ستظل تشدنا أبدا إلى مستنقع التيه
*على زجاجك الموصد هطلت أكثر من مرة
وكنت دوما تبكي رحيلي دون أن تحول دونه!..
لماذا بعد أن علمتني أن علمتني أن أعيشك وهما وتعيشني حلما
عدت تبحث عن حقيقتي ؟

لن أكون لك ,
وكي أمعن في إيلامك
لن أكون لسواك أيضا !..

كيف كان كل ما كان ؟
كيف أبحرنا في نهر الفراق الذي لا عودة منه؟
لم اعد اذكر
كنا نصف جادين ,نصف هازلين (هكذا الفواجع دائما )
كنا نلهو فوق ثلج عمرنا قبل أن يتسخ
وتسلينا ببناء سور
ثم اكتشفنا أننا بنينا السور فيما بيننا
ومن يومها وأنا أناديك وأنت تناديني من خلف السور
كيف استحالت النكتة البيضاء إلى ثلج اسود ؟!!

لم اعد وحيدة فوق الثلج
جاء الأطفال .وهاهم يلعبون
يقتربون مني ,يتأملونني ويرقصون منشدين :"المرأة الثلجية ,من صنعها؟!"
ثم فجأة يركض احدهم إلى أمه باكيا :"إن دمية الثلج تبكي !"
أمه لا تصدقه ....
وأنت ,حتى أنت لم تصدق !....

 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
وصـــل الحب ....رحل الحب

وصـــل الحب ....رحل الحب

كان لك اسم من الأسماء
عادي ككل الأسماء
فأسميتك الحب ...
لكن :
لينتهي كل شيء كما بدأ
بسعادة وامتنان متبادل،
وكف عن سؤالي لماذا ؟....
لست أنا التي أمضي ،
انه الحب مضى ،
جاء ،وقضى فصوله الأربعة معنا
وولى
كما يولى عام ليبدأ عام ،
فالحب ليس ضيقاٌ ثقيلا.
يقيم إلى الأبد
انه دورة من دورات الطبيعة ،
كان لنا شتاؤه وربيع وصيفه وخريفه ،
وها هو يرحل !....
وكما جاء يرحل ،بخطاه الخفيفة
حتى دون أن يترك آثار أقدامه على ثلوجي وبحاري !..

وصل الحب ...رحل الحب
تلك هي الحكاية ببساطة ،فلنودع حبنا بامتنان ،لمجرد أنه كان ....
ولنودع بصمت وكبرياء ،
لا كما يودع الناس عاما رحل .
لنودع بصمت كبير
فقد كان حباً كبيراً !...
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
موت رقم واحد أو مفكرة العـــام الجديد:

موت رقم واحد أو مفكرة العـــام الجديد:

اليوم اشتريت مفكرة للعام الجديد.....
نشتري مفكرة دون أن نلحظ أننا نشتري جزءا من قبرنا ...فكل لحظة موت للحماس هي موت جزء منا ،هي موت بعضنا ........
إننا لا نستطيع أبدا أن ننسى موعدا أو عملا نرعب رغبة حقيقية في تحقيقه ...إننا لا ننسى أبدا أن نحب بكل جوارحنا وهكذا تتحول الذاكرة إلى أداة للنسيان كي تحمينا من أنفسنا!
ويوم نشتري مفكرة للمرة الأولى تكون قد دفعت القسط الأول لكفنك .فنحن لا نموت حقا مرة واحدة ،وإنما نموت موتا بطيئا لا نلحظه وقلما نتوقف عنده ،نموت باستمرار ...وقد نسمي موتنا هذا نجاحاً
أشتاق لأيام تكون مواعيدي فيها مثل نجوم في ليل عمري ،ارصدها ،وأرقبها ،وانتظرها ....
اشتاق أن يعود لكل يوم لونه المميز وانتظاره الخاص

صباحا اشتريت مفكرة للعام الجديد....
ومساءاً أحرق مفكرتي ....
فاغفروا لي إن نسيت مواعيدي معكم !....
إني بحاجة إلى موعد مع ذاتي ....
ولن اخلف موعدي مع ذاتي بأي ثمن ،
فانا التي اخترت منذ البداية أن اخسر العالم كله على أمل أن اربح نفسي!
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
كنـــا اثنين:أنــــــا وحزني!

كنـــا اثنين:أنــــــا وحزني!

هل أملك إلا أن ارتمي على أول كرسي في أول مقهى ،وقد نسيت طقوس التماسك التي أتقن ممارستها ؟
كانت هناك منضدة أمامها كرسي واحد .لم اجلس إليها ،اخترت منضدة لشخصين
فقد كنا اثنين:أنا وحزني

منذ شاهدته كالنمر الفضي الجريح صرنا اثنين متلازمين :أنا وحزني .

وجلس حزني تجاهي .تأملني قليلا
ثم أجهش الحزن بالبكاء .
وبقيت صامتة .
فالحزن حين يستولي على القلب يقصر العقل عن رسمه ....
أن "عقلنة"الخوف الكبير مستحيلة ...
وما أعظم خوفي وقلقي ...وأملي !...
أردت أن أقول له أشياء كثيرة ...أن امسك بيده لنعود إلى ذلك الزمن الأكثر حنانا وهدوءا
أردت أن أقول له :............
ولكن :"هل يستحق الأمر كل هذا الثمن ؟"
لكنني لم اقل شيئا لان الشوك نما فجأة في حلقي وفي عيني انعقد سائل ناري لا يهطل كالدمع ...
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
لك حبي ..ولي ذكرياتي

لك حبي ..ولي ذكرياتي

الصدق الذي يفجر اللغة
هو نفسه الذي يشلها أحيانا ...
و إلا لكتبت دائما لك وعنك وحدك
ومع هذا أحدثك باستمرار
أسمع كلماتي متعبة ونائية
كسعال طفل يقف في البرد خلف الباب
والباب ضخم وموصد .

غيابك يغتالني ،
وحضورك يغتالني ،لأنه عتبة لغياب جديد

حينما نلتقي صدفة كما يلتقي الغرباء
تخترقني صورتك ،
كرصاصة محكمة التصويب إلى جبهي ،
وحينما أسمع صوتك من جديد...
يخفق قلبي ،
كجسد عصفور طار تحت الثلج مئة عام

من الأعماق ،من أعماق بئر الصمت المسكونة بهذيان الشوق
من أعماق ذلك الجرح الذي لا قرار له ،
من أعماق بحيرات الذاكرة ،
ومياهها المعتمة الغامضة ،
ينبض الشوق إليك
من أعمق الأعماق
من أعماق نهر الجنون
وطبول الذكريات تدق في قاعه ،
أناديك....
ضمني إليك
وكن موتي الأخير !..

 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
قلبي بلاط الغربة...

قلبي بلاط الغربة...

رسالة وصلتني محملة بالأسى ،عشر صفحات كاملة مشحونة بحمى الهذيان
وضممت الرسالة إلى قلبي ،فقلبي بلاط الغربة ......
وتذكرت رسالة مشابهة كتبها لي رجل ارتكب جريمة ،وبعد أن سطرها انتحر .....
ووصلتي في البريد بينما كان الدود قد بدا يلتهم جثة كاتبها
كثيرة هي الأحزان التي تصلني بريديا !وحين استلم بريدي أشم رائحة المطر والدمع ،ومن بعضه يقطر الدم ......
وتذكرت مئات الرسائل الحائرة ،المتألمة ،التائهة التي تصلني كل أسبوع ،وأضم وجع قلبها إلى وجع قلبي ،وأقرا في عذابها نوطات مختلفة الإيقاعات لعذابي ...كأني كاهنة الوجع في ليل الغرباء !....

ووعيت فجأة :لم يكتب لي أبدا إنسان سعيد !!!!
لم يكتب لي احد ليقول لي انه سعيد راض !فلماذا؟
ترى لأن السعداء لا يعرفون القراءة ولا الكتابة ؟!

 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
لمسة حنـــان قبل السفر

لمسة حنـــان قبل السفر

تسلمت اليوم نتيجة تحليل دمي .
قرأت في البطاقة "o" ايجابي
لم تذكر البطاقة أي شيء عن درجة غليان دمي ,ولم يلحظ أحد وجه حبيبي الذي يسبح كالسمكة داخل شراييني
ولم يذكروا شيئا عن درجة المرارة في دمي وحدود الشوق والنسيان ...
لا شيء سوى "" oايجابي

وسالت الطبيب عن معنى ذلك فقال لي :أن دمك صالح للنقل إلى جميع الناس ويمكنك أن تمنحي دمك كل أصحاب الفئات الأخرى ولكن في حال حاجتك إلى الدم لا يقبل جسدك غير دم من فئتك .بعبارة أخرى ,أنت قادرة على العطاء أكثر من قدرتك على الأخذ .تعطين الجميع و تأخذين من فئتك وحدها .
تلك مأساتك !!...

قلت له :لا /بل تلك حكايتي.يوم أفقد قدرتي على العطاء ،أموت .
وكثيرون من الذين منحتهم من دمي في لحظات حاجتهم ،منحوني من سمهم .
ولكن تلك حكاية أخرى !...

تمر بك أيام تشعر فيها بان كل شيء يثقل على صدرك ، الذين يحبونك والذين يكرهونك والذين يعرفونك والذين لا يعرفونك ..تشعر بالحاجة إلى أن تكون وحيدا كغيمة .أن تعيد النظر بأشياء كثيرة .أن تعود إلى ذاتك مشتاقا لتنبشها وتواجهها بعد طول هجر .أن تفجر كل القنابل الموقوتة التي تسكنك .

اليوم هربت إلى قرية .. وسمعت صوت الريح وهي تركض عبر السنابل وعبر رؤوس أشجار الصنوبر
عبر أزهار شقائق النعمان، وكنت بصوت الريح اغسل أذني من الأصوات العالقة بها كالصدأ،
كلمات كاذبة واجتماعية ومتزلفة وواعدة ،كلمات وأصوات لأشخاص يحدثونني عن أنفسهم وعن الآخرين ،وأكاذيب ،وقصص عمرهم ،وأصوات ...وأصوات

حين تقرأ ون هذه الكلمات أكون بعيدة ،افتقدوني لأنني سأفتقدكم
بل افتقدوني حتى ولو لم افتقدكم .امنحوني شوقكم ...لمسة حنان قبل السفر ...بلا مقابل ...

 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
حكمة من كربلاء

حكمة من كربلاء

الكتابات العفوية على الجدران ،في الأزقة الشعبية تعبر أحيانا عن واقع الشعب ،كما تفعل الصحف
ولكن الذي يسحرني حقا هو الكتابة على السيارات
على إحدى السيارات خطفت انتباهي هذه العبارة :"أصدقاء الشدة قليلون لا تحزن فالله معنا "
وكانت السيارة صغيرة ومتعبة ،وكان واضحا أنها فقدت دواليبها أكثر من مرة .
وأنها تعثرت في الدرب أكثر من مرة ،ولكنها استطاعت في كل مرة أن تنهض من كبوتها لتتعلم درس الحياة الأول :"أصدقاء الشدة قليلون لا تحزن......."
هل نملك إلا أن نحزن ؟هل بيننا من لا تمثله تلك السيارة الصغيرة ،التي ركضت أمام عيني ذات صباح ماطر وكنت أرقبها كما يرقب إنسان نفسه في المرآة ؟...

كنت في ما مضى أودع سفينة العام السابق الغارقة بتذكر قول أفلاطون :
"لا تشغل فكرك بما في ذهب منك ،واحفظ ما تبقى منك "
وكنت دوما أغضب لهذه الحكمة ،إذ كيف أحفظ ما تبقى مني إذا كان ما ذهب مني هو القلب ؟!
فحين يفقد الإنسان شيئا هاما ،لا يملك إلا استعادته لأجل أن يحفظ ما تبقى منه!!
وهذا العام ،تبخر أفلاطون من رأسي ،وظلت تلك الحكمة تلح على صدري "أصدقاء الشدة قليلون لا تحزن "

استحضروا معي أيام شدتكم (هل بينكم من لم يمر بها )وأحصوا أصدقاء الشدة إن وجدوا !!!-وأحصوا خناجر الأصدقاء المتلهفة للانقضاض لحطة تسقطون ...وأتمنى أن يكون عاما بلا سقوط ........
واذا كان بينكم من هو حائر في أمر الكتابة على سياراتكم ،فأنا أقترح هذا الشعار:
"أنا سعيد ،فيوم سقطت ،لم يطعني صديقي"!

من زمان كان المثل يقول :"الصديق وقت الضيق "،وفي هذا الزمن يصح تعديله ليصير
"الصديق من كفاك شره وقت الضيق "!
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
نرفض أن نصدق...

نرفض أن نصدق...

نموت ...
نموت مرة ،كلما أبحر بعيدا وجه أحببناه ....بلا عودة ....
نموت مرة ,
كلما وعينا ضعفنا البشري أمام ارتحال سيكون ذات يوم ارتحالنا
نموت مرة ،
كلما شاهدنا حقيقة وجودنا داخل مرآة غياب إنسان كان من بعضنا .......
نموت أكثر من مرة ،بأكثر من أسلوب خلال رحلة السباق الغبي تلك ....
الذين يسبقوننا إلى الرحيل ،تراهم يشفقون علينا؟يرثون لحالنا ؟لاهتمامنا بتفاهات عمرنا الزائل ؟لانكبابنا على أيامنا كما لو أنها لنا ؟.....
رغم وعينا لذلك كله ....
لا نملك إلا أن ننزف حروفنا ..وترتمي كلمات العزاء في قلب الغابة السوداء الغامضة

إلى أين يرحل الذين أحببناهم ؟ولماذا ؟
وماذا بعد؟
إلى أين تسقط الشمس حينما تتجاوز أفقنا المنظور؟........
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
بعد أن احترق حقل الزيتون

بعد أن احترق حقل الزيتون

ربما لان الليلة تمطر في عظامي ،تمطر في حلقي ..ربما لان الباخرة العالقة بين الصخور منذ أسابيع تغرق الآن ..ربما لأنني لما شاهدت صباحا واجهة مخزن الألعاب ،وقد عرضت فيها عشرات الأقنعة الملونة ,أحسست بالخوف وأنا أحاول أن أتذكر أين رايتها ،وكيف ...ثم تذكرت كيف ،وأين ،وأنا أتأمل الوجوه حولي في الصف والجامعة والمقهى والشارع طيلة بقية النهار ...

ربما لأنني لما أرعدت ،تحولت إلى يد صغيرة باردة على منضدة في مقهى مقفر ،والكرسي الثاني مقفر ...ولما انزلقت قدمي في المطر لم أمد يدي لاستند إلى جدار أحد الأبنية ،فقد لاحظت أن الأبنية كلها رسوم زيتية على ستارة قماش ،يكشفها اهتزازها في الريح ووهج البرق

إذن فهي تمطر ....
لكن حقل الزيتون الذي جف قد جف ...
لم يبق إلا جذوع عارية كأصابع كف محروقة تشير إلى أصقاع مجهولة ...
إذن فهي تمطر ...!أية سخرية ما دام الحقل قد انتهى !...
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
في الزحـــام...... لا أحـــد

في الزحـــام...... لا أحـــد

الليلة لا املك "كلمة بيضاء "واحدة ...
في حلقي ملايين الصرخات الرمادية
على صفحة عيني ،ينزلق شريط أحداث طويل غائم خلف أمطار رمادية ...
وحينما ينزلق ذلك الشريط يصبح الدم الذي يجري في عروقي رماديا والهواء بعد أن انفثه من رئتي دخان ثقيل

الليلة ...
أنا وحيدة ،ولا أرى سواي.
وحينما لا أرى سواي ،أراك أنت ،وحدك ،وبوضوح .
خنجر مدفون في ذكرياتي أنت

لست آسفة لشبكة الدم المتجمد على جسد الحكاية الجريح ....
كما علمتني ،أقول :
شيء واحد
شيء واحد يجعلني أظل أعدو بالمشعل ...
هو أن الأيدي التي ترميني بالحصى والشوك خلال عدوي ،
هي نفسها التي تصافحني مهنئة بعد كل جولة ،حينما أصل دون أن أسقط !...
كما علمتني أقول :
الإبداع جرح لم يمسسه الحقد!

لما ارتحلت على أصداء كلماتك الأخيرة ؟
وبالحاسة التي تجعل الفيلة تدرك من تلقاء نفسها أنها ستموت قريبا فتتجه إلى مقبرة خاصة حيث كل يتولى دفن نفسه ،وبالحاسة نفسها بدأت أحفر في الرمل بسرعة ...
لكنني لما رأيت الأيدي (الصديقة )تتزاحم حولي بالرفو ش ،لتمد إلي يد المساعدة بإهالة التراب فوقي ،حملت الراية من جديد...
كما علمتني قلت :كلما حفرتم لي قبرا اتخذته أساسا بناء قلعة .
لأني منحتك كالأطفال كل شيء فأنا ما زلت أملك الكثير ...

عدت إلى الزحام
"في الزحام لا أحد"
رمحك ساعة أنغرس بكى .كان كعينيك بريئا ونبيلا

صفاء صخرة مبتلة مجرحة بعد عاصفة المطر والرعد والصواعق
حزن صخرة أحبت ذلك الزلزال
صفاء .حزن.وعيناك ،أذكر أنني قلت لك مرة في لحطة :أحبهما هكذا ،رماديتين.
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
ستنشد المدينة من أجلـــي

ستنشد المدينة من أجلـــي

أدوس إكليل الخوف وابحث عن وجودي لأتحدى الوجود كله بوجودي ..لو وجدته !!
أبحث عنه لأمجده وأبارك صدقه
ويثور في أعماقي حزن ملتاع جاف ..أحس أحساسا مفجعا بأنه كانت هناك أشياء لم أبك من اجلها بما يكفي ..وأشياء ما زالت غارقة في أعماق رفضي وعنادي ورواسي .وأنها ستظل أبدا خفية دفينة ...يا خوف نفسي مما في نفسي ..يا نجمة تضئ ..تتوكأ على قلم ...تهل في مهرجان السطور
لان الخوف انحسر ،عدت أبحث عن وجودي من أجلك ..وأنا لم اعد أخشى شيئا .وأنا كاهنة الخريف ...أطوي أحزاني وابخل بصدقي ...وأنا متعبة ،كلما بحثت عن نفسي اصطدمت بشتاء الصمت ...ضاعت يداي في صقيع الصمت ..لم يعد للشفاه همس ...لم يعد لصخب المدينة صوت ...لا اسمع حفيف أنفاس أي إنسان
لم تعد زرقة السماء تزغرد......

وأهرب......

ويصمت اللحن ....وترقد النجمة بين أهدابي وادعة ...نجمتي التي تستند إلى قلم ،وتشرد في مهرجان السطور ....
وأهدأ.......وجدت دربي الجديد ونفضت إكليل الخوف ...الصمت ؟من يبالي....

يوم أجد نفسي وانتمائي ورفاقي أكون قد وصلت ..........وستنشد المدينة لأجلي .
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
لاشيء سوى قطع فسيفساء!

لاشيء سوى قطع فسيفساء!

منذ أعوام كنا في درب الطفولة وننتقل من مرحلة دراسية إلى مرحلة ونحلم باليوم الذي ندخل الحياة العلمية فيه فنصل إلى المعبد لنرسم على الجدار الذي ينتظرنا لوحة وجودنا ...وكنا لا نعرف إلا أننا وجدنا أنفسنا في أول الدرب وان علينا أن نسير ونسير إلى حيث يوجد المعبد ....
وان علينا أن نتزود من هذه المرحلة (بشهادة دراسية ) وحلم أغنية تساعدنا على انتقاء ألوان لوحة وجودنا ...وكنا نتجاهل مئات الأسئلة التي تفرض نفسها علينا :"من أين جئت "؟....."إلى أين تمضي"؟....."لماذا أرسم اللوحة "؟......وكنا نهرب من رعب السؤال إلى رعب الصمت ،ومن رعب الصمت إلى عالم الحلم ...فنحلم ..نحلم بريشة الرسم الفاخرة والدهانات الثمينة بألوانها المبهجة العربيدة ،ونحلم بصخور شفافة ننحت منها إطارا للوحة ،ونحلم بأننا سنصطاد شمسا ندقها في إحدى زواياها ...ونحلم ...ونحلم


ويوم دخلنا الحياة العملية ساعة وصلنا إلى المعبد اكتشفنا أنه غول رمادي الهرم وأن إطار اللوحة الموعودة حشائش بحرية لزجة ...وتصعقنا الخيبة إذ لا شمس في المعبد ..لا ريشة...لا صخرة زجاج ..وندرك فجأة أن كل ما كنا نحلم به كان أبخرة وهم عقيمة لا تمطر ............
ونجمد !تذبل أهدابنا .الخيبة قاسية ،ونحن أمام منظر لم نكن نتوقعه ...فننكب على دروسنا وكتبنا وتقاليدنا ..ننبش الحروف بحثا عن إيضاح ..نعصرها ..نسحقها بحثا عن كلمة عذراء لم تلثمها شفة قلم ..لاشيء سوى رعب الصمت ..لاشيء سوى قطع فسيفساء تغرسها العاصفة في اللوحة ...
الأسئلة التي كنا نغطيها بزيد أحلامنا تنتصب من جديد عارية القسوة ..رعب الرعب في صحارى اللا جدوى
هو الجواب ..وندرك أنه ذات ليلة ستنقض من كوة المعبد عاصفة بنفسجية تصلبنا فوق اللوحة بمسامير من شوكك وحينئذ فقط تكتمل لوحة وجودنا .....

ونروح نهمل أشياءنا الصغيرة وتغمرنا الآلام والمتعب ولا ندري لماذا...فنحن في غمرة قلقنا وخوفنا على حلم شبابنا الممزق ،نتجاوز أشياء كثيرة صغيرة هي في الواقع وجودنا الذي نملك ..بسمة صديق ...كلمة طيبة ...ثانية تفاهم ووفاء تتجاوز الأبعاد الزمنية وتخلق ثانية دهورا من سعادة واطمئنان ...ولو دققنا النظر في حياتنا لدهشنا ...لو حاولنا أن نكشف عن العلة التي تقف وراء أهم أحداثها وتقلباتها لوجدنا أنها أشياء صغيرة ...فسيفساء
أنت ،وأنت تسر قد تلتقي بعينين تشدانك وراءها العمر بأكمله ..وأنت تتبعهما مستسلما كأنك لم تمض عشرات الأعوام تقرر كيف يجب أن تكون شريكة حياتك وترسم لها وتخطط...،ذبابة واحدة تقف على أنف شرطي السير وتضطره إلى رفع يده وطردها قد تسبب صداما مريعا وتسبب وقوف سيل السيارات وريما موت مريض .......مجرد حركة يد ....فسيفساء

لماذا لا نبدأ من جديد،نتوقف عن رفض الأشياء التي كنا نظنها تافهة ونحاول أن نصنع منها شيئا ثمينا ولو كان صغيرا ،عميقا ولو كان محدود الاتساع ؟......
لماذا لا نبدأ منذ الآن ..فيستحيل فسيفساء لوحة وجودنا شيئا مدهش الأبعاد وإذا لكل فيروزة فيه بحر عميق ....وكل عقيقة خمرة أصيل ....وكل رعشة سنوات انفعال ....

لماذا لا نحاول ؟.....
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
صديقي الذي كان يغني لي طوال الليل.......

صديقي الذي كان يغني لي طوال الليل.......

علمونا في المدرسة أن العين آلة تصوير دقيقة تلتقط صور المرئيات وأن عيون الناس جميعا متماثلة لها شبكية وقزحية وقرنية ...وصدقنا هذا كله يومئذ إلى أن بدأنا نكتشف أشياء ليست جديدة لأننا كنا نعيشها دائما ....
إن أي من كاميرات العالم تلتقط أي مشهد بشكل واحد في لحظة واحدة ...ولكن عين كل إنسان تراه بصورة تغاير الصورة التي بها عين الآخر لأننا نرى الأشياء من خلال أنفسنا بكل ما تحمله من نزوات وأمان وطين وطيب ...بل إننا نرى الأشياء في لحظات نفسية متباينة بصور متعددة ....

هذا ما كنت أفكر به وأنا في ركن شرفتي التي تطل على حديقة الجيران
لم أكن أعرف كم من الوقت انقضى وأنا في جلستي هذه ،كئيبة كمآتم ،خرساء كموجة أعماق ...لكنني فؤجئت بأبي يتأملني بهدوئه المعتاد ثم يسألني ببساطة :"ما هي مشكلتك الليلة "
وأبي أعتاد أن يراني هكذا ،كئيبة كمآتم تارة تارة وسعيدة ضاجة كطبل تارة اخرى .....واعتاد أن يسأل دون أن ينتظر مني جوابا ...لكنني أجبته بعد أن كررسؤاله :لقد ذهب ...اختفى .....
- من هو؟....
- صديقي الذي كان يغني لي طوال الليل ..صديقي الذي يذكرني بصفاء غابات شاسعة وبأمسيات صيف دافئة في حقول نائية ....
- من تعنين ؟....
- أعني صديقي ...الجندب !!
لم يدهش أبي فقد ألف مثل هذه المواقف مني وعاد يسأل ببساطة :هل هو جندب انطوائي خاص اعتنيت بترتيبه في خزانة ثيابك ؟
-لا ..على أي حال يحب الإنسان كائنات الغابة أكثر من حبه للناس
-هل هو جندب كنت تلتقين به بعض الليالي قرب البراد وأنت ذاهبة في طريقك لتناول كوب من الماء ؟
وعدت أجيبه في أسى حقيقي وأنا أتجاهل مداعبته :لا ...ولما لاحظ حزني الصادق بدت علائم الجد على وجهه واسترسلت أحدثه عن صديقي الجندب ..انه جاري كان يقطن هذه الشجرة التي تعانق شرفتي ..وحينما أطفئ نور غرفتي كان ينشد ويهدهدني ..يغرقني في صوته في حلم طفولي فيه غابات ملونة الصخور

وانفجر أبي ضاحكا وحاولت أن أجاريه في ضحكة ففشلت ....

وفجأة مزقت ضحكات أبي صرخات من حديقة الجيران ..وأطللت ورأيت ابنة الجيران الحسناء استندت إلى جذع الشجرة وهي ترتعد بدلع ..وعند أقدامها قرب الخد الساتاني لحذائها بقعة سوداء تلطخ الأرض !..وخطيبها الشاب يربت على كتفها مهدئا ....
ولما سألهم والدي : ماذا حدث .

أجاب خطيبها باشمئزاز :لا شيء انه جندب خبيث لعله سقط من الشجرة ....!لقد أخافها اللعين لكنني قتلته!..وأشار إلى البقعة السوداء التي كانت تلطخ الرخام الفاخر !!
وفي أقل من دقيقة سمعت من جديد أغنيتها المبتذلة وظلت عيناي معلقتين بسواد البقة الدامي الذي أخذ يتسع ويتسع حتى غمر كل شيء!.......
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
السفر ..أهو نزوة همجية في مطاردة ما أجهله!!

السفر ..أهو نزوة همجية في مطاردة ما أجهله!!

أحب الرحيل ..كلما دارت دوامات المتاعب حول عنقي وعربدت ،وضغطت ,المح في الأفق البعيد شبحا ورديا لمدينة فضية القباب تغمز لي كأنها رسول من المجهول ...ما ألذ أن يكون في الحياة مجهول نسعى وراءه نسكن إليه عندما تبدو الأشياء المزيفة على حقيقتها
هل هي رغبة في الهرب ؟ومن أي شيء ؟من ملايين الأسئلة التي تنصب مع كل دقة ساعة صامتة ؟إن كنت هاربة منها فانا هاربة إليها ..لأنني أهرب من غموضها ،إلى غموض المجهول وعتمة السحيقة ..أبدا ندور في حلقة لاهثين ..وكأنما نحن نحب دوراننا وجهلنا وعذابنا ..محكوم علينا أن نحبها لأنها تشدنا إلى التراب ولأننا تراب عطش لا يرتوي....
هل هي نزوة همجية في مطاردة ما أجهله ؟أم جوع إليه؟....لا أدري ..كل ما اعرفه أنني أحس فجأة أن علي أن أنطلق ..وأنطلق ..وتهدأ الغيمة الى حين وكأنما يرضيها بحثها عن أرض طيبة تنعقد في سمائها مطرا طيبا لتبدع فيها وتخلق شيئا ما ....لتغزل ما عند نافدة مورقة ......
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
دمية الساحرة الشريرة

دمية الساحرة الشريرة

شمس اليوم التالي تتسلل بفضول إلى القرية وفي أهدابها الشقر حلم بيوم طيب بعد أن اخبرها الليل بأن البدائيين قد قتلوا الشر....ولكنها في السماء تلملم أهدابها بانكسار زاحفة إلى مغاورها الرمادية ...فقد رأت أن الرجال ما زالوا يقتلون من أجل اللاشيء ...ورأت أن صديقا يتخلى عن صديقه لأنه ظنه بحاجة إليه ....ورأت أن حفار القبور قد اتفق مع الطبيب على التآزر والاتحاد ...ورأت أن زوجة الحارس الذي سرق من أجلها في الفجر قد هجرته إلى عشيقها في المساء ..ورأت الأطفال يحصبون فتاة تحترم عدوها لأنه لم يحاربها من وراء قناع....
دمية الساحرة الشريرة كئيبة وهادئة ...تموت وتحيا بصمت ...تشفق أحيانا عليهم لأنها تعرف أنهم يخدعون أنفسهم ..مرة التقت نظراتها الحزينة نظرات إنسان طيب أزرق العينين مد دبوسه ليغرسه في صدرها ويهتف :
لتمت أكاذيب الأصدقاء ....وكان في عينيها حنان لا حقد ...وكان في عينيها تجلد إنساني ممزق ....
لماذا لا نهدأ قليلا ..ونقولها كلمة صريحة ..منذ عرفنا الشر ونحن نمزق دمية الساحرة ،فهل مات الحقد والغدر بالذين وهبناهم الكثير من نفوسنا ...أو القليل الصادق ؟....
لماذا لا نهدأ قليلا ونقول أننا بلا ريب قد أخطأنا الساحرة ؟...وأننا ما زلنا بدائيين ..وأننا ننسب للآخرين صفاتنا التي نكرهها في أنفسنا ..وأن دمية الساحرة ليست إلا الظلال التي ترميها أعماقنا على الأشياء

لماذا لا نلتفت إلى أنفسنا ؟....
قليلا من الصدق ...قليلا من التواضع ...ثم يغرس كل منا دبوسه في أعماقه..........في أعماقه...
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
المأساة الحقيقية أن تستحيل الأشياء الى ملل......

المأساة الحقيقية أن تستحيل الأشياء الى ملل......

من منا لم يعش أسطورة السأم ؟
حينما يستحيل وجودنا إلى قطار يلهث برتابة ،سجينا بين قفصين فولاذيين مهترئين ،لا يعرف في أي نفق مظلم الصقا بعجلاته ولا يعرف متى يسلخ عنهما ...
من منا لم يعش أسطورة الضجر؟
حينما تتفجر اللاجدوى من الأشياء والقلق الذي كان يلهب انفعالاتنا يبدو أبله سخيفا ...الحب ..الفن ...الخلود...شعارات زائفة فيها الكثير من مكابرة عاشقة فاشلة ...وتصاب حواسنا بلعنة (ميداس)فيستحيل أي شيء يقع تحت طائلتها إلى حفنة من دخان ضبابي ثقيل ..حفنة من ضجر .لا مهرب من طاحونة الملل التي تستحق وجودنا ونستسلم ......
هل تعرف أسطورة ميداس ؟
كان في غابر العصور مدينة ككل المدن ..لها سحابة ومئذنة وثياب عرس وشارع تنزلق فيه وجوه وقلق واحتجاج حار وكان ملكها الذي يدعى ميداس مفروما بالذهب ،وظل أبدا يتوسل إلى الآلهة كي تمنحه المزيد ،حتى حققت الآلهة رغبته ،بأن جعلت كل ما تلمسه يداه يستحيل إلى ذهب ...فكان طعامه يستحيل ذهبا قبل أن يمضغه وابنته تستحيل ذهبا .. وبعد أيام استحال كل ما في المدينة ذهبا ...وتفجر السأم من كل شيء ..وغرق (ميداس) في إحساس لزج بلا جدوى الأشياء ومات ميداس يوم بدأت حكاية الضجر وخمد الشوق والقلق ..مرت أيام وأيام وولد ملوك ..انتصبت مدن وهوت مدن وما زالت أسطورة ميداس تنسل رعناء تتغذى
جذورها .........
هذه الخواطر كلها توهجت فجأة حينما سمعت رجلا يهتف بصوت عتيق "سبحان الحي الذي لا يموت "
وتسلل الصوت "سبحان الحي الذي لا يموت "
خرجت الى الشرفة أطللت على موكب الموت سيارات تتبع صندوقا راكضا نحو قبر ما تلاحق إحداها الأخرى كسيل من النمل الأبله يتحرك بقدرية عمياء
في الشرفة المجاورة شاب اقترب كثيرا من زميلته وأطبقت يده على يدها الممسكة بالإفريز وكأنه يقول لها :لماذا تهربين ما دمنا سنموت...؟استسلمت لأتون يده
أحسست برغبة في أن أنفجر في قهقهة لا معنى لها ..ليست ضحكا وليست بكاء .
مجرد تنهيدة سأم .عندما يقبلها سيفهمان معنى اللاجدوى ....
وعدت إلى مكتبي ..جدران الغرفة تظلم وترتفع ...الأصدقاء يغورون ..لا أحد ...رعب يعربد في ذرات دخان بليد ..يزحف ..عيناي معلقتان بفجوة في السقف .تضيق ،النجوم تذبل وتختفي .ليل ذعر أبدي ينشر شباكه مع عناكب رخوة ولدت قبل أن نولد؟
الشاب الذي كان يغازل صديقته في الشرفة ينسل من الدوامة ويبسم لي ...
سننتصر معا ،يغمرني إيمان حقيقي بأن لا مفر ،وأهوي في لا مبالاة ضجرة ،حينما لا نقاوم تختفي الأشياء التي كنا نقاومها .
وأخرج من المكتب وأنا أتجول في طرقات مدينتي التي استحال إلى ملل
أحيانا تستحيل الأشياء إلى ملل
أحيانا فقط !!... تلك هي المأساة الحقيقة ...(ميداس)اعتاد ضجره واستراح الى سكينة يأسه ..أما نحن تنحسر عنا في فترات طويلة فنود ننحت التمثال من جديد ،نروي الموسم الأشقر من جديد ...وفي لحظة وعي ممزقة ،نرفض ولا نبالي من جديد
ونظل نتأرجح بين سكينة اليأس وعذاب الأمل ..ونظل في مباخر الفن والحقيقة ولا نفنى ...
إن راحتنا الكبرى هي نفسها هزيمتنا الكبرى ....
 

قطرة روح

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jun 20, 2009
المشاركات
729
مستوى التفاعل
8
وصل الحب .....رحل الحب

وصل الحب .....رحل الحب

كان لك اسم من الأسماء
عادي ككل الأسماء
فأسميتك الحب ...
لكن :
لينتهي كل شيء كما بدأ
بسعادة وامتنان متبادل،
وكف عن سؤالي لماذا ؟....
لست أنا التي أمضي ،
انه الحب مضى ،
جاء ،وقضى فصوله الأربعة معنا
وولى
كما يولى عام ليبدأ عام ،
فالحب ليس ضيقاٌ ثقيلا.
يقيم إلى الأبد
انه دورة من دورات الطبيعة ،
كان لنا شتاؤه وربيع وصيفه وخريفه ،
وها هو يرحل !....
وكما جاء يرحل ،بخطاه الخفيفة
حتى دون أن يترك آثار أقدامه على ثلوجي وبحاري !..

وصل الحب ...رحل الحب
تلك هي الحكاية ببساطة ،فلنودع حبنا بامتنان ،لمجرد أنه كان ....
ولنودع بصمت وكبرياء ،
لا كما يودع الناس عاما رحل .
لنودع بصمت كبير
فقد كان حباً كبيراً !...
 
أعلى