روح الشام
رئيس وزارء البيلسان
- إنضم
- Dec 4, 2008
- المشاركات
- 13,083
- مستوى التفاعل
- 93
- المطرح
- iN FaNtAsTiC wOrLd
هاهو الوطن ذاك العشق الجميل اللذيذ المدهش الرّاقي الذي يرفعنا لسماوات الإحساس كلّما توغّلت رائحته الياسمينية في مسامات أيّامنا المتعبة و المتعبة و كلّما نبت العفن على جسد الأمل .. غيّر جلده و نزع ثيابه السّوداء و لبس وجهه و ضحكاته بمجرّد أن يرى طفلة ترتدي بدلتها المدرسية لتبدو كما فراشة ترتدي وردة و هي تلوّح لك بيدها ضاحكة من وراء شبّاك الحافلة التي تقلّها إلى مدرستها أو عائدة منها إلى بيتها بمجرّد أن تسمع موّالا دمشقيا يدندن به عصفور ملوّن أو فراشة سعيدة أو شتلة ياسمين أو شجرة نانرج أو ربما كان بائعا متجوّلا
!!
!!
هاهو الوطن .. تلك الحكاية الأسطورية التي يتزوّج بها الشّعب بكلّ أجياله من امرأة طاغية الإغراء نصفها سحر و نصفها شعر كلامها قصائد مكتوبة بالورد الجّوريّ كالذي ينبت في حديقة بيتنا و على هوامش قوافينا و شفاهها مواسم كرز و عنب و عيونها شمس تشرق في شباط و قمر يطلّ على قاسيون و شعرها شلال يدفعنا إلى طرق بوّابات الجّنون للاستحمام تحته أو ليل طويل جميل بحضرة عاشقين و .. صوت ( صباح فخري ) أو) أم كلثوم ) و خصرها أرجوحة ترفعنا إلى الغيوم و تدنينا من جديد إلى الأرض التي أنبتتنا إلى الأرض التي عشقنا إلى الأرض التي نبتهل و نصلّي كي تكون خاتمتنا في أحضانها .
أنثى تدعى جوازا ( سورية ) يتزوّجها كلّ منا على طريقته و على شريعته .. و يكتب فيها القصائد و ينجب منها الأحلام و نحيا و نموت مئة مرة ألف مرة مليون مرة و تبقى هذه الأسطورة التي استحالت حقيقة بفضل بركة الله و رعايته على قيد الحياة على قيد الخلود على الصّفحة الأولى من كتاب التّاريخ و الحضارة .
سورية .. وطن الجّمال بعزّ قبحنا و قبح أيّامنا وطن الطهر .. مع أنّ الخبائث تتراكم في نفوسنا المهيّأة أصلا في هذا المستنقع الأخلاقي العميق لأن تخرج عن فطرتها و تنساق بانصياع و غفلة إلى المجهول السوداوية كلّ محطاته .
وطن الحبّ رغم ملايين الأشياء التي قد تشغلك عنه أو تدفعك لأن تكفر فيه لولا أنّ مقاعد الحدائق في دمشق و كراسيّ المقاهي و أرصفة الطرقات و أحاديث الشرفات و الليالي الطّويلة في ( قاسيون ) أو في ( بلودان ) أو في ( الربوة ) أو في دمشق القديمة أو على سطح بيت ريفي كلّ هذه الأشياء و أشياء أخرى كثيرة .. كثيرة تعيد لقلبك النّبض و تحرّضك على الحياة .. حتى يغدو الحبّ أنجع طريقة للطّيران فوق الجّراح اليومية و المنغّصات التي بدت و كأنّها وجبة رابعة نتناولها على مدار ساعات اليوم كلّها !!
سورية .. وطن الياسمين و الشّوك يسوّر نفوسنا .. و قلوبنا و لحسن الحظّ .. ينتصر الياسمين دوما كلّما انتابنا الشّوق لبياضه و خرجنا نسوق أقدامنا و أرواحنا في حارات دمشق الحزينة المدهشة الجميلة حتما .. و في أرصفتها و حدائقها حيث الياسمين حديث كلّ الأماكن و رائحة كلّ الأماكن و رداء كلّ الأماكن ثمّ نعود إلى بيوتنا بعد أن نحتسي كأسا من التوت الشّاميّ أو التّمر الهنديّ أو نتناول صحنا من ( الكنافة ) أو ( المدلوقة ) أو صحن فول على الطريقة الشّامية يجعلك تزهد فيما لو جرّبته في كلّ صنوف الطّعام التي قد يقدّمها لك مطعم فاخر في دمشق !!
نعود لبيوتنا و نحكي لليل حكاية الياسمين و نسكر على رائحته و ننام بعد قصيدة قد تكون عصيّة على الكتابة حتّى لو كان الذي أراد كتابتها عاشق ملوّع بدمشق و تراب دمشق و رائحة دمشق كالقبّاني نزار !!
سورية .. وطن الدّهشة في كلّ الفصول و في كلّ الوجوه و في كلّ الأماكن .. و كلّ التفاصيل الدّهشة التي هي رفيقة كلّ الأوقات خاصّة عندما تقودك إلى التّأمل و التفكّر بأشياء كنت تمرّ عليها بعجالة قبل أن تكتشف أنّها مولودة من رحم الدّهشة و بأنامل من قرّر أن تكون دمشق و رفيقاتها على تراب الوطن الغالي دليلا ماديا و حسّيا على عظمة الخالق !!!
سورية .. جوّا و بحرا و برّا هي جنّة الله في أرضه و جهنّم الغزاة و الحاقدين و المتآمرين ..
و للأبد ( سورية الله حاميها ) .
و للأبد ( سورية الله حاميها ) .
من دمشق وبرائحة الياسمين والورد الدمشقيين نبعث أنفاس لأحلى غوالي في : حمص حلب أدلب بانياس درعا اللاذقية طرطوس السويداء القنيطرة دير الزور الحسكة والرقة وحماه .
ومن سورية وبرمزية غصن الزيتون نغّلف حبنا ونرسله مع أجنحة الشوق لأغلى وطن (( من المحيط الى الخليج ))