سأنتقد الثورة لأني أحلم بسورية جديدة


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

لا يختلف اثنان على ان الثورة السورية هي من اكثر ثورات الربيع العربي التي ظلمت سواء أتى هذا الظلم من السوريين انفسهم الذين أيدوا النظام الاستبدادي وأيدوا النظام الذي قتل المتظاهرين والمحتجين بكل قسوة ووحشية، او من قبل بعض العرب الذين صدقوا كذبة النظام وماكينته الدعائية حين ادعى انه يواجه «مؤامرة» خليجية واسرائيلية وتركية ودولية عليه، او من قبل المجتمع الدولي الذي بقي منقسما حتى هذه اللحظة حول اتخاذ موقف صارم من اعمال القتل والجرائم ضد الانسانية التي يرتكبها النظام السوري ضد شعبه منذ نحو عام ونصف العام والتي راح ضحيتها اكثر من عشرين الف شخص واعتقال نحو مئتي الف وتهجير نحو ثلاثمئة الف آخرين. طبعا هذا عدا عن الدمار الذي لحق بكل المدن والبلدات والقرى السورية وفي مقدمتها مدينتا دمشق وحلب العريقتان.
كذلك ظلمت هذه الثورة حين تم التشكيك بها حيث انبرى الكثير من المحللين والمعلقين العرب للتحدث عن عناصر «القاعدة» الذين تسللوا الى الاراضي السورية وحين طالبها البعض بأن تكون «علمانية» وقال انها ضد الأقليات. كذلك ظلمت حين راح بعض اللاعبين الاقليميين يجيرونها كل لصالحه ووفقا لاجندته الخاصة ومصالحه.
لكن رغم كل ذلك فان الظلم الذي تعرضت له الثورة السورية لا يعفيها من النقد أو يجعلها فوق النقد خصوصا بعد انتشار الكثير من الفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تصور كيف تعامل بعض عناصر الجيش السوري الحر او المحسوبين عليه مع معتقليهم وأسراهم من المدنيين المؤيدين للنظام او العسكريين الذين حملوا السلاح ضد الشعب السوري وشاركوا في قتل المحتجين او المدنيين او عناصر من الجيش الحر.
ان الصور التي ظهر فيها عناصر من الجيش الحر ينفذون حكم الاعدام بحق «الشبيحة» من آل بري في مدينة حلب يعكس مسارا خاطئا يمضي فيه المحسوبون على الثورة، وهم اذ يمارسون ثأرهم ممن وقفوا مع النظام وروعوا اهالي حلب فانهم كانوا يعيدون تماماً ما كان النظام واجهزته الامنية يرتكبونه بحق المحتجين والمعتقلين. ان ذلك يعتبر مخالفا تماماً للأخلاق الثورية التي يجب ان تميز المعارضة السورية المسلحة عن النظام الذي ثار الشعب عليه بسبب ممارساته تلك ووحشيته. ومن ناحية اخرى، نعلم جميعا اي صدى ونتائج سلبية ترتبت على سمعة الجيش السوري الحر في المحافل والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان وعلى مستوى الرأي العام الدولي، بل حتى على المستوى الداخلي حيث ما زال ينظر البعض بعيون متوجسة على مستقبله بسبب ما يحكى عن مصير قلق ينتظر الأقليات فيما لو سقط النظام. ورغم ان الكثير من كتائب الجيش السوري الحر وقعت لاحقا على مدونة لقواعد السلوك في ما يخص التعامل مع أسرى النظام ومعتقلين، فان ذلك يحتاج الى تأكيد وتطبيق وبراهين على توقف مثل هذه الاعمال.
لكن وما ان وقعت تلك الكتائب على تلك المدونة حتى انتشر فيديو آخر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر قيام البعض ممن هم محسوبون على الجيش السوري الحر في مدينة «الباب» في محافظة حلب وهم يرمون جنديا تابعا للنظام من على سطح بناية عالية؟؟
فيديو آخر ظهر من مدينة «التل» شمال العاصمة دمشق يظهر مراسلة قناة «الاخبارية» السورية مع فريق التصوير المرافق لها وقد وضع معتقلوها حجابا على رأسها فيما احد عناصر الجيش الحر يتلو بيانا يعلن فيه الالتزام بتسليم الفريق الصحافي وتلك المراسلة الى اهلهم قريبا. لكن رغم ذلك البيان فقد بدا واضحا ان تلك المراسلة قد اجبرت على وضع الحجاب وبدت جالسة بوضعية لا تخلو من خوف وقلق وذل.
«مشين جداً ان تظهر مراسلة قناة الاخبارية وقد وضع معتقلوها حجابا على رأسها...قناة الاخبارية وقناة الدنيا متورطتان في دم السوريين نعم..لكن هذا شيء وان يمارس بعض «الثوار» قناعاتهم وفلسفتهم عن الحياة ويفرضوها على أسرى النظام فهذا شيء آخر.. اما من يقول ان الثورة فوق النقد، فهو عدو هذه الثورة ويشبه تماماً منافقي النظام الذين قالوا ان الاسد وحزب البعث فوق النقد...نحن نحلم بسورية جديدة وليس نسخة استبداد جديدة عن النظام لكن باسم الثورة...»
هذا حرفيا ما قلته لاحد أصدقائي الذين عاتبوني على موقفي مما يحدث من اخطاء واحيانا جرائم ترتكب باسم الثورة السورية وباسم الجيش الحر.
اعرف ان الكثيرين سيبررون تلك الأخطاء وتلك الجرائم بحجة «اننا في وقت ثورة» وان الثورة، كل ثورة لا تخلو من اخطاء ومن فوضى..لكن رغم ذلك فان ما يحصل على الارض لا يعفي من النقد، لأننا ان صمتنا اليوم فربما يأتي يوما يطيح التطرف والمتطرفون الذين ينمون على الارض السورية مثل الفطر بكل ما قامت هذه الثورة لاجله وفي مقدمة ذلك الثورة على الاستبداد والظلم والحكم الشمولي.
نحن في سورية خرجنا للشوارع وسقط منا الآلاف ودمرت بيوتنا ومدننا ليس من اجل ان نعيد نسخة من النظام الحالي بوجوه واسماء جديدة..ان نجاح هذه الثورة يتوقف على عدالة قضيتها وعدالة مطالبها واخلاقياتها وليس على ارتكاب اعمال وممارسات تشبه تماماً فظائع وجرائم نظام المافيا الاسدي.
 
أعلى