سراب حقيقة

king of sorrow

بيلساني نشيط

إنضم
Jul 17, 2010
المشاركات
50
مستوى التفاعل
5
المطرح
على شواطئها
حسنا ... لا لا لحظة ..لحظة .. انتظر أيها القلم .. لا تدفعني إلى الأضواء قبل أن أرتب أفكاري , وأستشير قصاصاتي , أمهلني لحظة لأتذكر وأركز في جرحي .. لحظة أخرى من فضلك .. خطأ مكتوب في هذه القصاصة .. فأنا لا أجرح .. أنا نسمة ..شبح ..سراب ..فكيف يخطا الناس في جرحي ؟ - خدعني القلم وقتها وفتح ستارة المسرح فيما أجلس أنا في تعاستي أمام أضوائهم غافلا صريحا متحدثا ببعض الطلاقة -.. وأعود للحديث مغمض العينين في غير انتباه للمشاهدين :


- أتعرف يا صديقي أنها غادرتني الليلة .. أجل .. منحت نفسها الحق ورحلت . ربطتني بزمنها وطارت . وهاأنذا أحس بأنني أواجه مرآة لأسأل نفسي من خلالها علني أجد حلا أو وصفا لماض كان حاضرا أمام عيني قبل لحظات . أُغلق كل شيء بيننا .. باتهام واضح صريح من إصبعها رمته بكل بساطة في طريقي وواصلت حياتها .. وطبعا أنا لست ناقما , أنا لست حيا لأحس , أنا ذكرى , نسيم , مجرد ورقة بيضاء معلقة مسندة ليرتاح الكاتب , ورقة مطروحة أمام سكة الحديد ليكتب عليها المارون الراحلون حكاياتهم , أحلامهم الضائعة أو القادمة , ألامهم وأوهامهم



لكنني حقا كنت لها ذلك المنديل التي تحمله دوما في حقيبتها , منديل ليس فقط يمسح الدموع , بل يطردها بعيدا ويمحي تلك الملامح العابسة ويرسم بخفة خرقاء بسمة ساحرة وردية واثقة مكانها . ولست أمن عليها ذلك .. بل للأسف فقد استمتعت بذلك جدا .. فأحلى العالم في قربها .


لحظة .. لحظة .. قبل أن نبدأ يا قلمي .. يجب أن نحذف هذه الفقرة الأخيرة , سأبدو حساسا جدا بلا فائدة . هيا أرجوك أيها القلم أرحم حيرتي وأتني بالكلمات , فإن قلبي يحترق .


بالمناسبة : لقد كان لقاؤنا غريبا حقا , فأنا لا أتذكره! وما أكثر ما لامتني على نسياني , لكنها لم تنتبه أنه لتحمل شيئا يجب أن تكون كيانا مغلقا يمكنك احتواء ما تريد .. وأنا حتى لا أستطيع تحديد إحساسي حين غادرت فكيف يلومني قلبي بعد ذلك .. كنت ضائعا قبلها .. وأصبحت ضائعا بعدها ..فما الفرق ؟ لكن حتما كنت شيئا ما في حضورها ! , أتشكل بحسب رغبتها ,أبتسم بأمرها, أحزن بصمتها, أشتاق لها عندما تتوقف لتفكر , وأحيانا أحاول التوقع , أحاول استباق أفكارها والخروج باستنتاجات عشوائية فإن أصابت فإنها لن تحس بأنها وحدها في هذا العالم فتفرح بمن هو مثلها وإن خابت التوقعات تضحك من غرابتها فأجبر على سماع صخب قلبي واستمتع بعدها للحظات بأجمل الأصوات. لحظة أخرى من فضلك يا قلبي لقد خرجت عن الموضوع من جديد ..


بالعودة إلى كيفية اللقاء فقد كان كسقوط شهاب , لروعة المنظر و قدسيته لا أحد يسال من أين جاء , أو في رأس من سيسقط , كلهم يمسك قلبه ليهدأ ويفكر في أغلى أمنية على قلبه فيرميها في الليل الصامت بكل أمل أعمى . المهم أن اللقاء قد حدث وحدثت أنا بعده , فأصبحت ألتزم بنظام محدد , ومنعت عن نفسي تجوالي وسرياني في الدنيا كالمجانين .. أصبحت لا أجد الوقت لأفكر في الغروب والشروق والحياة والقمر وأنا أجول في ثنايا الصمت .. بل اجلس أمامها كالضائع انظر وراءها .. أو ربما لست انظر أبدا , المهم أن أكون قريبا فقط

أيها القلم اعلم أنني ضيعت الوقت في حديثي هذا وتأخرت عن كتابة هذه الكلمات أمام الأضواء لكن بصراحة ما رأيك بعد حديثنا الطويل هذا بأن أتهمك في النهاية بأنك مجرد خشب , مجرد تمثال جامد , لا تنطق , لا تحس . ما رأيك بأن اتهمك بأنك أعمى , أطرش , وبأنك خائن , قاس القلب , أتهمك بأنك جاهل بالعيون والقلوب , بعذاب الوحدة , بعذاب الغربة , بأنك لا تعرف ذلك الشعور عندما تجد نفسك واقفا أمام سهام من عيون كلها اتهام , كلها تصرخ في وجهك .. كلها تحتقر وجودك , تستهزئ بدمعتك .. كلها رصاص .. لحظة أيها القلم .. دعني أحدد واحذف الكلمة التي أسقطت دمعتي . لكن حقا ما رأيك في ان تختصر كل تلك السياط في جملة واحدة تخرج من فمها واضحة صريحة : أنت لست مختلفا أبدا , أنت مثلهم تماما .. ويتردد صدى تلك الجملة بعد غيابها مرات ومرات ليترك مرادفات أكثر واتهامات أعظم .. ؟؟


أنا آسف جدا لهذا الحديث أيها القلم الحبيب , لكنها كلمة لابد أن تقال فقد خفت أن أحتج في حضورها فتتألم أكثر , ولا تقلق ..لست أبرر ذهابها ولست أعطيها ذلك الحق , ولست أسوق التبريرات لأستسلم في الأخير لرأيها .. أريد منديلا .. أعطني لحظات وسأستعد للخروج والبدء ..
وسأقول الحقيقة بعدها .. أنا مجرد شبح في البداية .. وشبح في النهاية ..ونسيم ذكرى في النهاية .


* من بعيد .. أنا ورقة بيضاء ساكنة مسندة أمام سكة الحديد في محطة القطار , أشاهد وسط ضوضاء ريح الخريف الغاضبة , شخصا يحدث نفسه , يتوقف قليلا كل لحظة وينظر لقلم أسود في يده ويتابع صراعه وجداله من جديد , تلمع دموع في عينيه , يحاول كل مرة الابتسام , يجاهد لمسحها أو إيقافها , لكنه يعجز .. وأنا في وداعه كما أفعل دوما مع هؤلاء المغادرين المغبونين .. انتظره أن يكتبه ما يريد على سطحي ويركب قطار النسيان , ويصير مجرد سراب في هذا الزحام .. لحظة .. لحظة .. أنا أعرف هذا الشخص .. أعرف هاته العيون .. مر من هنا عديد المرات , كان يجلس صامتا في مقعد الانتظار دوما ليرتب أفكاره ومن ثمة يكتب كلمتين عندي ويرحل , وها هو يعود , واليوم هو يحدث نفسه .. عجيب حقا .. أجل .. اجل أتذكر ما يكتبه دوما .. يكتب بيد مرتجفة دوما .. لقد مت ! . ترى ما الذي سيكتبه اليوم ؟



بقلمــــي
بعد الغياب
 

The Hero

الأســــــــــــــطورة

إنضم
Jun 29, 2008
المشاركات
20,104
مستوى التفاعل
69
المطرح
في ضحكة عيون حبيبي
رسايل :

شكرًا للأشواك علَّمتني الكثيرَ

جميلة جدا جدا
وأعجبني حوارك مع القلم
أيام يكون الحوار مع القلم
أفضل من الحورا مع الحبيب
لأن القلم ليس له ردة فعل قد تكون مؤلمة
ليس كالحبيب الذي إذا نظق أجرح

شكرا صديقي
 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!


تجعل للروح تكتب من دون تكلف
وتكون سيد على قلمك ..كم أحسدها !

:
/
خالد شكراً بعودتك البهية هنآ
قرأتها من زاوية مختلفة جداً :22:
 
أعلى