mr_ops
بيلساني محترف
- إنضم
- Jan 12, 2010
- المشاركات
- 2,777
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- شامي
السلام عليكم جميعا ..
اخواتي واخواتي .. هذه الانواع من القصص من الواقع وقد حدثت مع اشخاص في الواقع .. وانا انقلها لما فيها من فائدة ونأخذ العبرة منها .. انها قصص طويلة بعض الشيء ولكن واقعية ..
في هذه القصة تتحدث "عائشة" عن حياتها كيف كانت وماذا حدث معها .. أرجو منكم أخذ العبرة منها .. ولو انها طويلة ..
أتمنى لكم قراءة ممتعة
اخواتي واخواتي .. هذه الانواع من القصص من الواقع وقد حدثت مع اشخاص في الواقع .. وانا انقلها لما فيها من فائدة ونأخذ العبرة منها .. انها قصص طويلة بعض الشيء ولكن واقعية ..
في هذه القصة تتحدث "عائشة" عن حياتها كيف كانت وماذا حدث معها .. أرجو منكم أخذ العبرة منها .. ولو انها طويلة ..
أتمنى لكم قراءة ممتعة
احتارت عائشة عندما وصلت إلى مكتبها الفخم ولم تجد سكرتيرتها في الخارج حتى الموظفون عندها لم يكونوا موجودين، نادت عليهم واحداً واحداً لكن لا أحد منهم أجاب، جابت المكاتب فلم تجد أحداً، الله! أين الجميع؟ ألم يداوم أحد اليوم؟ نظرت إلى المفكرة المفتوحة على طاولة السكرتيرة لتتأكد من أن اليوم هو يوم الخميس وليس الجمعة أنه يوم عمل اعتقدت أنها قد أتت في يوم العطلة لأنها فعلتها سابقاً من كثرة حبها لعملها لكن الباب كان مفتوحاً على مصراعيه، إذن من فتحه؟ دخلت إلى مكتبها لتفاجئ بسلال من الورود منتشرة هنا وهناك تساءلت ما الأمر يا ترى؟ ولماذا كل هذه الورود؟ وممن هي؟ اقتربت لتمسك بالبطاقة الموجودة على أول سلة فظهر الجميع من خلف الكنبة وتحت الطاولة ومن خلف الستارة ليغنوا لها وبصوت واحدة سنة حلوة يا جميل، ثم اقتربوا منها حاملين قالب الحلوى مع شمعة أطفأتها وهي لا تزال تحت تأثير المفاجأة، ارتسمت بسمة صفراء على شفتيها ثم شكرتهم جميعهم على ما فعلوا، وبعدما قطعوا الكيك وتناولوها تمنوا لها العمر الطويل وذهب كل منهم إلى مكتبه .
جلست على كرسيها تفكر بأنهم ذكروها بشيء تريد أن تنساه فقد أصبحت في الأربعين وحيدة لا أب ولا أم ولا زوج ولا ولد لقد مر قطار العمر ولم تنتبه، فقد قضت حياتها وهي بين خدمة والديها وعملها قد نسيت نفسها، مرّ شبابها وهي بين جدران المنزل أو المكتب، مرت الأعوام بسرعة لم تتوقعها عادت سنوات إلى الوراء، حيث كانت لا تزال صغيرة تلعب في حوش المنزل القديم وضفائرها على كتفيها مع شقيقتها الصغيرة كانوا أناساً بسطاء يعيشون حياة عادية جداً يعمل والدها موظفاً بإحدى الدوائر الحكومية، لكنه لم يكن يقصر عليهم بأي شيء على قدر ما يستطيع، كانوا يحبون بعضهم بعضاً ويعيشون بسعادة، اقتنعوا بما يملكون ولم يتأففوا يوماً أو يغاروا من رفاقهم أو جيرانهم الذين يملكون منازل فخمة أو ألعاب سيارات أو خدماً فقد كانت والدتهم تقول لهم سبحان مقسم الأرزاق والحياة فيها طبقات، هناك الغني والفقير والوسط مثلنا نحن الحمد لله نعيش دون أن نحتاج أحداً ثم إننا نأكل ونشبع مثل الأغنياء فالواحد منهم يشبع عندما يمتلئ جوفه، ونحن أيضاً لا أحد يستطيع أن يأكل أكثر مما يستطيع، صحيح أن نوع الطعام يختلف لكن المهم أن نشبع فهناك الفقراء الذين يتمنون أن يحصلوا على رغيف من الخبز فلا يجدونه اشكروا الله عزّ وجل على ما لديكم ولا تشتهوا مقتنى غيركم ولا تحسدوهم، ساعدوا إن استطعتم من هم بحاجة إلى المساعدة فالله سبحانه تعالى يحب الأيدي المفتوحة للعطاء لأنه يريد أن يعطيك فإن وجد يدك مغلقة فكيف يعطيك تسلحوا بالعلم والمعرفة فهما سلاحكما الوحيد في الحياة، تذكرت عائشة كل كلام والدتها ونصائح والدها ترحمت عليهما وفكرت بشقيقتها الحبيبة وأولادها وشقيقها وابنته التي تعشقها عشقاً فكرت كيف أنه درس وتعب وسهر كي يصبح مهندساً وابتاع منزلاً وتزوج من أحب منذ صغره، صحيح أنه يعمل في شركة لكنه يشكر الله على كل شيء فراتبه جيد يحلم بأن يكون لديه مكتب الخاص لكنه متفائل ويعمل ليل نهار ليحقق حلمه، أما شقيقتها فلم تكمل دراستها لأنها تزوجت صغيرة من رجل طيب ويحبها يعاملها باحترام ولا يقصر بشيء معها ومع الأولاد، صحيح أنها تعيش في منزل أهله لكنها لا تشتكي ولا تطلب منه الانتقال إلى منزل خاص بهم لأنها تعرف إمكاناته ثم إنها تحب والديه فهما لا يضايقانها بأي شيء فهي تقرر كل شيء وهما لا هم لهما سوى سعادتها مع زوجها وسعادة الأبناء . أما عائشة فقد قررت أن تكمل تحصيلها العلمي مهما كلف الأمر كانت ترفض كل معرس يتقدم لها وكان والداها يلومانها في بعض الأحيان على تضييع الفرصة من يدها لأن بعضهم كانوا لا يُعوضون بدءاً من اسم العائلة إلى المال والمراكز المهمة، لكنها أصرت على رفضها وهما لم يجبراها على شيء تركاها على راحتها فوالدها احترم رأيها لأنه كان كل همه سعادتها ووجد أنها سعيدة بدراستها وحياتها وخاضت مجال العمل فقد كانت تعمل في مجال العقارات وهذا شيء نادر أن تجد فتاة وسط عمل يخص الرجال أكثر لكنها كانت تحبه لذلك أبدعت بما تفعله وانتشر اسمها في السوق على معاملتها لزبائنها والمنازل التي كانت تختارها والأسعار التي تقدمها، بدأت تعمل في شركة عقارات حتى تدربت جيداً ثم أخذت قرضاً من المصرف وافتتحت مكتباً صغيراً خاصاً بها، وأتت بمن يساعدها، عندها قال الكريم خذي فاحتارت بتلبية طلبات الذين يريدون الشراء، أصبح يقصدها جميع من يريد أن يبتاع منزلاً أو عقاراً ثم بدأت ببيع الفلل والقصور والعمارات والمراكز التجارية ثم وسعت عملها حتى أصبحت تشتري وتبيع من بلاد عربية وغربية، بدأ المال يجري بين يديها بسرعة كبيرة فطلبت من شقيقها أن يترك عمله ويأتي للعمل معها ويكون شريكاً لها خاصة عندما تريد السفر إلى الخارج فهو يجب أن يكون معها فهي لا تسافر من دون محرم خاصة أن عملها يكون مع الرجال وهي شابة في عز شبابها وجمالها ثم إنها قد تربت على احترام التقاليد والأعراف وهي أساساً تشعر بالأمان عندما يكون معها فمن يخاف عليها وعلى مصالحها أكثر منه؟ ثم إن والدها كان مسروراً وفخوراً بها وبما تفعل كان يقول إن ابنته بمئة رجل لما كانت تتمتع به من صفات نادرة فهي مؤدبة لطيفة دائمة الابتسام لكنها بنفس الوقت قوية تعرف ماذا تريد، تفرض احترامها على الجميع إنها سيدة أعمال من الطراز الأول حتى حين ابتاعت لوالديها فيلا في منطقة قريبة من حيهم القديم حتى لا يشعرا بالبعد عن أصدقائهما وأهلهما أتت لهما بممرضة خاصة وخادمتين كما أنها لم تنس الفقراء في حيها الذين خصصت لهم مبلغاً من المال يصل لهم كل نهاية شهر دون أن يعرف أحد بالأمر سوى والدها لأنه كان من يوزعه عليهم وكان قلبه يكبر بها كلما سمع دعاءهم لها ولهم بالصحة والعافية ساعدت شقيقتها بان تستقل في منزل خاص بها وأتت أيضاً بزوجها للعمل معها براتب ضخم وهكذا كانت تسير حياتها من نجاح إلى نجاح أكبر، كانت سعيدة جداً بما تملك، وكانت تشكر الله دائماً على عائلتها وعملها على صحتهم وعافيتهم وعلى الرزق الذي أغدقه عليها؟ لم تعرف لحظة حزن إلا عندما توفيت والدتها الطيبة الحنون ولم يتأخر والدها ليتبع رفيقة دربه فشعرت بأنها أصبحت دون جناحين فقد كانا ملجأها في حزنها وضيقها في فرحها ونجاحها كانت لا تصدق متى تصل إلى المنزل لتجلس معهما وتتحدث إليهما لكن حزنها الأكبر كان أن والدها تمنى عليها أن تتزوج ليطمئن باله عليها قبل أن يصبح في دنيا الحق فنحن يا ابنتي لن ندوم لك فلا أحد يعلم متى يأخذ الله أمانته هكذا يكون بجانبك من يرعاك لكنها لم تستطع أن تحقق له رغبته لأن أحداً لم يطرق بابها بعد أن تخطت الخامسة والثلاثين إلا الطامع بمالها أو الأرمل الذي يريد من تربي له أولاده، لذلك قررت أن تكمل حياتها مع والديها وتستفيد من كل لحظة بوجودهما على قيد الحياة تريد أن تستغل كل كلمة وكل نصيحة كل ضمة وكل قبلة كل دعاء من شفتيهما وعندما توفيا حاول شقيقها أن يجعلها تنتقل إلى منزله لكنها رفضت وفضلت البقاء في منزلها فهي تشعر بالدفء فيه وبأنفاس والديها .
عادت عائشة إلى واقعها بعد أن شردت بماضيها السعيد وطفولتها الرائعة عادت إلى واقعها المرير ووحدتها القاتلة، صحيح أنها لا تشعر بالوحدة وهي في عملها فهي تلهي نفسها بالعمل لكن ومجرد أن تعود إلى المنزل في المساء وتراه فارغاً تشعر بالقشعريرة تندس بفراشها وتلوم نفسها على ما ضيعت من فرص لها في الزواج والاستقرار في الأبناء والعائلة لكنها تعود وتعزي نفسها بأن لديها أولاد شقيقتها وشقيقها الذين هم كأولادها يقضون عطلة الأسبوع سوياً وينامون عندها، تمر بهم كل مساء لتراهم وتخبرهم قصصاً قبل النوم لكنهم بالنهاية ليسوا أولادها كانت تضع يدها على بطنها وتفكر بأنها تملك أهم أرض خصبة لكنها ستصبح بوراً لأنها لم تستعملها ولن تستطيع بيعها ولا الاستفادة منها تمنت لو أنها تستطيع العودة إلى الوراء قليلاً لتبدل بعض الأشياء في حياتها الخاصة، لكنها كانت تستغفر الله وتعود لتشكره على عطاياه ثم تترحم على والديها وتنام .
في يوم استيقظت على صوت الحارس كان وكأنه يصرخ على أحدهم فقفزت من سريرها وتوجهت إلى النافذة لتستطلع الأمر وإذ بها ترى رجلاً يرتدي ملابس رياضية ويرد على الحارس وهو لا يزال يقفز وهو مكانه وكأنه لا يريد أن يوقف رياضة الجري التي يمارسها فدفعها فضولها لأن تنادي الحارس وتسأله عما يجري فأسرع إلى النافذة بعد أن ابتعد الرجل وقال لها، هذا الرجل يمارس رياضة الجري حول الفيلا كل يوم والكلب خلفه ينبح ويحاول الدخول من بين القضبان كلما رآني ليعضني كما أنني أخاف أن يوقظك فحاولت الكلام مع الرجل لكي يذهب ويمارس رياضته في مكان آخر فقال انه لا يتعدى على أملاكنا فهو يركض في أرض ملك الدولة وهو حر كما أنه صرخ بوجهي، قالت له عائشة إنه محق في ما قاله وأنت لا تقترب من السور عندما يمر دعه وشأنه ثم أخذت حماماً وارتدت ملابسها وركبت سيارتها لتنطلق إلى عملها وإذ بشاب يوقفها عند البوابة فعرفت من ملابسه أنه هو من كان يتشاجر مع الحارس فاشتكى لها منه فاعتذرت وقالت له أنا آسفة معك حق لن يضايقك بعد اليوم فقد أنبته وأنذرته شكرها وانطلقت في سيارتها، لم تعرف لماذا ظلت طوال اليوم تفكر به وعندما أرادت الخلود إلى النوم أخذت تتقلب في سريرها ووجهه لا يفارق مخيلتها لكنها نامت بعد جهد جهيد لتستيقظ صباحاً على نباح الكلب فقفزت إلى النافذة ورأته يجري كالعادة وكالعادة أيضاً ركبت سيارتها فأوقفها مجدداً ليشكرها على موقفها وأخذهم الحديث لتكتشف أنهما تكلما نحو الساعة وهي لم تشعر وعندما أرادت الذهاب أوقفها قائلاً نحن لم ننهي حديثنا بعد لماذا لا تعطيني رقم هاتفك ونكمل كلامنا فيما بعد ففعلت بسرعة قبل أن تبدل رأيها ثم انطلقت مسرعة وهي تشعر بالخجل وتلوم نفسها على أنها أعطته الرقم فهذه أول مرة تفعلها بحياتها لكنها ضمنيا كانت سعيدة ولم تكد تقطع مسافة أميال حتى رن هاتفها لم تنظر إلى الرقم اعتقدت أنهم يتصلون بها من المكتب لأنها نادراً ما تتأخر فأجابت قائلة هيا أنا في طريقي إليكم ولدهشتها سمعت صوت رجل يقول لها جيد جداً أنت في طريقك إليّ؟ صمتت قليلاً قبل أن تجيب من يتكلم؟ قال هل نسيت صوتي بهذه السرعة فلقد تكلمت معك ساعة كاملة منذ دقائق وها أنت تنسين أجابت لا لكنني اعتقدت أنهم يتصلون بي من المكتب لم أتوقع أن تكون أنت، قال نحن لم نكمل حديثنا بعد أجابت أعلم لكنني مشغولة الآن سوف أصل بعد دقائق إلى المكتب حيث ينتظرني اجتماع مهم ثم إنني سأسافر بعد عدة ساعات من الآن وهناك الكثير لأفعله قبل سفري قال تسافرين مع من؟ أجابته مع شقيقي تنهد مطولاً ثم قال لقد أخفتني اعتقدت بأنك تسافرين وحدك أجابته لا مستحيل فإن شقيقي، دائماً معي في أسفاري وفي الشركة الحمد لله انه بجانبي فهو يساعدني كثيراً، قال علمت انك تعيشين وحدك في المنزل لماذا لم تتزوجي بعد ضحكت وقالت ما شاء الله عليك من أين لك بكل المعلومات هذه عني؟ قال أتريدين الصراحة فأنا لا أحب الكذب واللف والدوران قالت تفضل أخبرني ماذا تعرف أيضاً عني، أجابها: إنها ليست المرة الأولى التي أمر بها بقرب منزلك فقد رأيتك منذ أكثر من شهر وأعجبت بك فتبعتك إلى هنا في سيارتي وعندها بدأت أمر كل يوم لأنتظر وصولك مساء وصباحاً انتظرك حتى تخرجين ثم بدأت بجمع المعلومات عنك من هنا وهناك فلقد كنت خائفاً في البداية أن تكوني متزوجة لكن الله سبحانه وتعالى يحبني إذ علمت أنك لست متزوجة، ففرحت وعلمت أن والديك توفيا رحمهما الله وأنت تعيشين وحيدة منذ ذاك الحين . ارتبكت عائشة عندما سمعت هذا الكلام ولم تعرف ماذا تقول له إنها المرة الأولى التي تسمع فيها مثل هذا الكلام خاصة من شخص أعجبها فهي لم تكن تفتح مجالاً لأحد بأن يحدثها عن شعوره نحوها لأنها وببساطة لم تعجب بأحد أو يلفت نظرها أحد من قبل هل هذا ما يطلقون عليه الحب من النظرة الأولى؟ ثم أعادها صوته إلى الواقع عندما ردد كلمة آلو عدة مرات فأجابت بسرعة عفواً أعذرني فقد كان هاتفي الثاني يرن وأنا أنظر إلى الرقم لأعرف من المتصل، ثم أكملت بسرعة اعذرني يجب أن أقفل معك الآن لأنني وصلت إلى الشركة وقد تأخرت جداً قال متى أتصل بك لنكمل حديثنا، أجابت عندما أعود من السفر أتصل بك أنا، قال متى تعودين؟ أجابته لا أدري عندما أنهي عملي هناك، حسنا لكن أرجوك لا تتأخري علي .
كانت عائشة قد أوقفت السيارة في الموقف وجلست تحاول أن تسيطر على نفسها لأنها شعرت بأن يديها ترتجفان وقدميها أيضاً، شعرت بأن ملامحها ستفضحها فقد اصطبغت وجنتيها باللون الأحمر شعرت كأنها عادت مراهقة من جديد، ثم بعد دقائق أخذت تكلم نفسها وهي تنظر في المرآة وتقول هل جننت يا فتاة سيطري على نفسك واصحي من غيبوبتك السريعة فأنت قد بدأت في الأربعين وهو بالطبع يصغرك على الأقل بعشرة أعوام، شعرت قلبها يغوص بين أضلعها، انقلب فرحها حزناً ثم أخذت نفساً عميقاً وأمسكت بهاتفها تغلقه ثم ترجلت من السيارة وولجت إلى غرفة الاجتماعات، حيث تكلم الجميع لكنها لم تكن معهم شعر شقيقها ونسيبها بهذا الشيء فسألوها عن السبب أجابتهم أنا أشعر بالتعب بعض الشيء اليوم ولست في مزاج يسمح لي بالنقاش هيا نجهز نفسنا وننطلق إلى المطار لعلني إذا بدلت الأجواء قليلاً أرتاح .
ماذا سيحدث مع عائشة وكيف ستتصرف، هذا ما ستعرفونه أعزائي القراء في الحلقة المقبلة بإذن الله.
منقول من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد جلست على كرسيها تفكر بأنهم ذكروها بشيء تريد أن تنساه فقد أصبحت في الأربعين وحيدة لا أب ولا أم ولا زوج ولا ولد لقد مر قطار العمر ولم تنتبه، فقد قضت حياتها وهي بين خدمة والديها وعملها قد نسيت نفسها، مرّ شبابها وهي بين جدران المنزل أو المكتب، مرت الأعوام بسرعة لم تتوقعها عادت سنوات إلى الوراء، حيث كانت لا تزال صغيرة تلعب في حوش المنزل القديم وضفائرها على كتفيها مع شقيقتها الصغيرة كانوا أناساً بسطاء يعيشون حياة عادية جداً يعمل والدها موظفاً بإحدى الدوائر الحكومية، لكنه لم يكن يقصر عليهم بأي شيء على قدر ما يستطيع، كانوا يحبون بعضهم بعضاً ويعيشون بسعادة، اقتنعوا بما يملكون ولم يتأففوا يوماً أو يغاروا من رفاقهم أو جيرانهم الذين يملكون منازل فخمة أو ألعاب سيارات أو خدماً فقد كانت والدتهم تقول لهم سبحان مقسم الأرزاق والحياة فيها طبقات، هناك الغني والفقير والوسط مثلنا نحن الحمد لله نعيش دون أن نحتاج أحداً ثم إننا نأكل ونشبع مثل الأغنياء فالواحد منهم يشبع عندما يمتلئ جوفه، ونحن أيضاً لا أحد يستطيع أن يأكل أكثر مما يستطيع، صحيح أن نوع الطعام يختلف لكن المهم أن نشبع فهناك الفقراء الذين يتمنون أن يحصلوا على رغيف من الخبز فلا يجدونه اشكروا الله عزّ وجل على ما لديكم ولا تشتهوا مقتنى غيركم ولا تحسدوهم، ساعدوا إن استطعتم من هم بحاجة إلى المساعدة فالله سبحانه تعالى يحب الأيدي المفتوحة للعطاء لأنه يريد أن يعطيك فإن وجد يدك مغلقة فكيف يعطيك تسلحوا بالعلم والمعرفة فهما سلاحكما الوحيد في الحياة، تذكرت عائشة كل كلام والدتها ونصائح والدها ترحمت عليهما وفكرت بشقيقتها الحبيبة وأولادها وشقيقها وابنته التي تعشقها عشقاً فكرت كيف أنه درس وتعب وسهر كي يصبح مهندساً وابتاع منزلاً وتزوج من أحب منذ صغره، صحيح أنه يعمل في شركة لكنه يشكر الله على كل شيء فراتبه جيد يحلم بأن يكون لديه مكتب الخاص لكنه متفائل ويعمل ليل نهار ليحقق حلمه، أما شقيقتها فلم تكمل دراستها لأنها تزوجت صغيرة من رجل طيب ويحبها يعاملها باحترام ولا يقصر بشيء معها ومع الأولاد، صحيح أنها تعيش في منزل أهله لكنها لا تشتكي ولا تطلب منه الانتقال إلى منزل خاص بهم لأنها تعرف إمكاناته ثم إنها تحب والديه فهما لا يضايقانها بأي شيء فهي تقرر كل شيء وهما لا هم لهما سوى سعادتها مع زوجها وسعادة الأبناء . أما عائشة فقد قررت أن تكمل تحصيلها العلمي مهما كلف الأمر كانت ترفض كل معرس يتقدم لها وكان والداها يلومانها في بعض الأحيان على تضييع الفرصة من يدها لأن بعضهم كانوا لا يُعوضون بدءاً من اسم العائلة إلى المال والمراكز المهمة، لكنها أصرت على رفضها وهما لم يجبراها على شيء تركاها على راحتها فوالدها احترم رأيها لأنه كان كل همه سعادتها ووجد أنها سعيدة بدراستها وحياتها وخاضت مجال العمل فقد كانت تعمل في مجال العقارات وهذا شيء نادر أن تجد فتاة وسط عمل يخص الرجال أكثر لكنها كانت تحبه لذلك أبدعت بما تفعله وانتشر اسمها في السوق على معاملتها لزبائنها والمنازل التي كانت تختارها والأسعار التي تقدمها، بدأت تعمل في شركة عقارات حتى تدربت جيداً ثم أخذت قرضاً من المصرف وافتتحت مكتباً صغيراً خاصاً بها، وأتت بمن يساعدها، عندها قال الكريم خذي فاحتارت بتلبية طلبات الذين يريدون الشراء، أصبح يقصدها جميع من يريد أن يبتاع منزلاً أو عقاراً ثم بدأت ببيع الفلل والقصور والعمارات والمراكز التجارية ثم وسعت عملها حتى أصبحت تشتري وتبيع من بلاد عربية وغربية، بدأ المال يجري بين يديها بسرعة كبيرة فطلبت من شقيقها أن يترك عمله ويأتي للعمل معها ويكون شريكاً لها خاصة عندما تريد السفر إلى الخارج فهو يجب أن يكون معها فهي لا تسافر من دون محرم خاصة أن عملها يكون مع الرجال وهي شابة في عز شبابها وجمالها ثم إنها قد تربت على احترام التقاليد والأعراف وهي أساساً تشعر بالأمان عندما يكون معها فمن يخاف عليها وعلى مصالحها أكثر منه؟ ثم إن والدها كان مسروراً وفخوراً بها وبما تفعل كان يقول إن ابنته بمئة رجل لما كانت تتمتع به من صفات نادرة فهي مؤدبة لطيفة دائمة الابتسام لكنها بنفس الوقت قوية تعرف ماذا تريد، تفرض احترامها على الجميع إنها سيدة أعمال من الطراز الأول حتى حين ابتاعت لوالديها فيلا في منطقة قريبة من حيهم القديم حتى لا يشعرا بالبعد عن أصدقائهما وأهلهما أتت لهما بممرضة خاصة وخادمتين كما أنها لم تنس الفقراء في حيها الذين خصصت لهم مبلغاً من المال يصل لهم كل نهاية شهر دون أن يعرف أحد بالأمر سوى والدها لأنه كان من يوزعه عليهم وكان قلبه يكبر بها كلما سمع دعاءهم لها ولهم بالصحة والعافية ساعدت شقيقتها بان تستقل في منزل خاص بها وأتت أيضاً بزوجها للعمل معها براتب ضخم وهكذا كانت تسير حياتها من نجاح إلى نجاح أكبر، كانت سعيدة جداً بما تملك، وكانت تشكر الله دائماً على عائلتها وعملها على صحتهم وعافيتهم وعلى الرزق الذي أغدقه عليها؟ لم تعرف لحظة حزن إلا عندما توفيت والدتها الطيبة الحنون ولم يتأخر والدها ليتبع رفيقة دربه فشعرت بأنها أصبحت دون جناحين فقد كانا ملجأها في حزنها وضيقها في فرحها ونجاحها كانت لا تصدق متى تصل إلى المنزل لتجلس معهما وتتحدث إليهما لكن حزنها الأكبر كان أن والدها تمنى عليها أن تتزوج ليطمئن باله عليها قبل أن يصبح في دنيا الحق فنحن يا ابنتي لن ندوم لك فلا أحد يعلم متى يأخذ الله أمانته هكذا يكون بجانبك من يرعاك لكنها لم تستطع أن تحقق له رغبته لأن أحداً لم يطرق بابها بعد أن تخطت الخامسة والثلاثين إلا الطامع بمالها أو الأرمل الذي يريد من تربي له أولاده، لذلك قررت أن تكمل حياتها مع والديها وتستفيد من كل لحظة بوجودهما على قيد الحياة تريد أن تستغل كل كلمة وكل نصيحة كل ضمة وكل قبلة كل دعاء من شفتيهما وعندما توفيا حاول شقيقها أن يجعلها تنتقل إلى منزله لكنها رفضت وفضلت البقاء في منزلها فهي تشعر بالدفء فيه وبأنفاس والديها .
عادت عائشة إلى واقعها بعد أن شردت بماضيها السعيد وطفولتها الرائعة عادت إلى واقعها المرير ووحدتها القاتلة، صحيح أنها لا تشعر بالوحدة وهي في عملها فهي تلهي نفسها بالعمل لكن ومجرد أن تعود إلى المنزل في المساء وتراه فارغاً تشعر بالقشعريرة تندس بفراشها وتلوم نفسها على ما ضيعت من فرص لها في الزواج والاستقرار في الأبناء والعائلة لكنها تعود وتعزي نفسها بأن لديها أولاد شقيقتها وشقيقها الذين هم كأولادها يقضون عطلة الأسبوع سوياً وينامون عندها، تمر بهم كل مساء لتراهم وتخبرهم قصصاً قبل النوم لكنهم بالنهاية ليسوا أولادها كانت تضع يدها على بطنها وتفكر بأنها تملك أهم أرض خصبة لكنها ستصبح بوراً لأنها لم تستعملها ولن تستطيع بيعها ولا الاستفادة منها تمنت لو أنها تستطيع العودة إلى الوراء قليلاً لتبدل بعض الأشياء في حياتها الخاصة، لكنها كانت تستغفر الله وتعود لتشكره على عطاياه ثم تترحم على والديها وتنام .
في يوم استيقظت على صوت الحارس كان وكأنه يصرخ على أحدهم فقفزت من سريرها وتوجهت إلى النافذة لتستطلع الأمر وإذ بها ترى رجلاً يرتدي ملابس رياضية ويرد على الحارس وهو لا يزال يقفز وهو مكانه وكأنه لا يريد أن يوقف رياضة الجري التي يمارسها فدفعها فضولها لأن تنادي الحارس وتسأله عما يجري فأسرع إلى النافذة بعد أن ابتعد الرجل وقال لها، هذا الرجل يمارس رياضة الجري حول الفيلا كل يوم والكلب خلفه ينبح ويحاول الدخول من بين القضبان كلما رآني ليعضني كما أنني أخاف أن يوقظك فحاولت الكلام مع الرجل لكي يذهب ويمارس رياضته في مكان آخر فقال انه لا يتعدى على أملاكنا فهو يركض في أرض ملك الدولة وهو حر كما أنه صرخ بوجهي، قالت له عائشة إنه محق في ما قاله وأنت لا تقترب من السور عندما يمر دعه وشأنه ثم أخذت حماماً وارتدت ملابسها وركبت سيارتها لتنطلق إلى عملها وإذ بشاب يوقفها عند البوابة فعرفت من ملابسه أنه هو من كان يتشاجر مع الحارس فاشتكى لها منه فاعتذرت وقالت له أنا آسفة معك حق لن يضايقك بعد اليوم فقد أنبته وأنذرته شكرها وانطلقت في سيارتها، لم تعرف لماذا ظلت طوال اليوم تفكر به وعندما أرادت الخلود إلى النوم أخذت تتقلب في سريرها ووجهه لا يفارق مخيلتها لكنها نامت بعد جهد جهيد لتستيقظ صباحاً على نباح الكلب فقفزت إلى النافذة ورأته يجري كالعادة وكالعادة أيضاً ركبت سيارتها فأوقفها مجدداً ليشكرها على موقفها وأخذهم الحديث لتكتشف أنهما تكلما نحو الساعة وهي لم تشعر وعندما أرادت الذهاب أوقفها قائلاً نحن لم ننهي حديثنا بعد لماذا لا تعطيني رقم هاتفك ونكمل كلامنا فيما بعد ففعلت بسرعة قبل أن تبدل رأيها ثم انطلقت مسرعة وهي تشعر بالخجل وتلوم نفسها على أنها أعطته الرقم فهذه أول مرة تفعلها بحياتها لكنها ضمنيا كانت سعيدة ولم تكد تقطع مسافة أميال حتى رن هاتفها لم تنظر إلى الرقم اعتقدت أنهم يتصلون بها من المكتب لأنها نادراً ما تتأخر فأجابت قائلة هيا أنا في طريقي إليكم ولدهشتها سمعت صوت رجل يقول لها جيد جداً أنت في طريقك إليّ؟ صمتت قليلاً قبل أن تجيب من يتكلم؟ قال هل نسيت صوتي بهذه السرعة فلقد تكلمت معك ساعة كاملة منذ دقائق وها أنت تنسين أجابت لا لكنني اعتقدت أنهم يتصلون بي من المكتب لم أتوقع أن تكون أنت، قال نحن لم نكمل حديثنا بعد أجابت أعلم لكنني مشغولة الآن سوف أصل بعد دقائق إلى المكتب حيث ينتظرني اجتماع مهم ثم إنني سأسافر بعد عدة ساعات من الآن وهناك الكثير لأفعله قبل سفري قال تسافرين مع من؟ أجابته مع شقيقي تنهد مطولاً ثم قال لقد أخفتني اعتقدت بأنك تسافرين وحدك أجابته لا مستحيل فإن شقيقي، دائماً معي في أسفاري وفي الشركة الحمد لله انه بجانبي فهو يساعدني كثيراً، قال علمت انك تعيشين وحدك في المنزل لماذا لم تتزوجي بعد ضحكت وقالت ما شاء الله عليك من أين لك بكل المعلومات هذه عني؟ قال أتريدين الصراحة فأنا لا أحب الكذب واللف والدوران قالت تفضل أخبرني ماذا تعرف أيضاً عني، أجابها: إنها ليست المرة الأولى التي أمر بها بقرب منزلك فقد رأيتك منذ أكثر من شهر وأعجبت بك فتبعتك إلى هنا في سيارتي وعندها بدأت أمر كل يوم لأنتظر وصولك مساء وصباحاً انتظرك حتى تخرجين ثم بدأت بجمع المعلومات عنك من هنا وهناك فلقد كنت خائفاً في البداية أن تكوني متزوجة لكن الله سبحانه وتعالى يحبني إذ علمت أنك لست متزوجة، ففرحت وعلمت أن والديك توفيا رحمهما الله وأنت تعيشين وحيدة منذ ذاك الحين . ارتبكت عائشة عندما سمعت هذا الكلام ولم تعرف ماذا تقول له إنها المرة الأولى التي تسمع فيها مثل هذا الكلام خاصة من شخص أعجبها فهي لم تكن تفتح مجالاً لأحد بأن يحدثها عن شعوره نحوها لأنها وببساطة لم تعجب بأحد أو يلفت نظرها أحد من قبل هل هذا ما يطلقون عليه الحب من النظرة الأولى؟ ثم أعادها صوته إلى الواقع عندما ردد كلمة آلو عدة مرات فأجابت بسرعة عفواً أعذرني فقد كان هاتفي الثاني يرن وأنا أنظر إلى الرقم لأعرف من المتصل، ثم أكملت بسرعة اعذرني يجب أن أقفل معك الآن لأنني وصلت إلى الشركة وقد تأخرت جداً قال متى أتصل بك لنكمل حديثنا، أجابت عندما أعود من السفر أتصل بك أنا، قال متى تعودين؟ أجابته لا أدري عندما أنهي عملي هناك، حسنا لكن أرجوك لا تتأخري علي .
كانت عائشة قد أوقفت السيارة في الموقف وجلست تحاول أن تسيطر على نفسها لأنها شعرت بأن يديها ترتجفان وقدميها أيضاً، شعرت بأن ملامحها ستفضحها فقد اصطبغت وجنتيها باللون الأحمر شعرت كأنها عادت مراهقة من جديد، ثم بعد دقائق أخذت تكلم نفسها وهي تنظر في المرآة وتقول هل جننت يا فتاة سيطري على نفسك واصحي من غيبوبتك السريعة فأنت قد بدأت في الأربعين وهو بالطبع يصغرك على الأقل بعشرة أعوام، شعرت قلبها يغوص بين أضلعها، انقلب فرحها حزناً ثم أخذت نفساً عميقاً وأمسكت بهاتفها تغلقه ثم ترجلت من السيارة وولجت إلى غرفة الاجتماعات، حيث تكلم الجميع لكنها لم تكن معهم شعر شقيقها ونسيبها بهذا الشيء فسألوها عن السبب أجابتهم أنا أشعر بالتعب بعض الشيء اليوم ولست في مزاج يسمح لي بالنقاش هيا نجهز نفسنا وننطلق إلى المطار لعلني إذا بدلت الأجواء قليلاً أرتاح .
ماذا سيحدث مع عائشة وكيف ستتصرف، هذا ما ستعرفونه أعزائي القراء في الحلقة المقبلة بإذن الله.