لخص عالم النفس ( ماسلو ) الصفات المميزة لمن استطاعوا تحقيق ذاتهم في الآتي:
1- انهم يدركون الحقيقة بكفاءة , و يستطيعون تحمل التأرجح بين الشك واليقين 2- يتقبلون ذاتهم كما هي والآخرين كما هم 3- أنهم تلقائيين في تفكيرهم و سلوكهم 4- أنهم يركزون اهتماماتهم في المشاكل أكثر من تركيزهم على ذاتهم 5- يتحلون بملكة الفكاهة 6- مبدعين وخلاقين 7- يقاومون التشكل الحضاري الدخيل - ولكن دون تحفظ متزمت - 8- أنهم يهتمون بسعادة الانسان والبشرية 9- أنهم قادرين على التقدير العميق للتجارب الأساسية في الحياة 10- أنهم يقيمون علاقات مشبعة مع القلة وليس مع الكم من الناس 11- ينظرون للحياة نظرة موضوعية والآن ماذا تفعل لكي تحقق ذاتك؟ 1- مارس حياتك كالطفل !! ( اي باستغراق واهتمام كامل ) 2- جرب دائماً الجديد و لا تلتصق بالقديم 3- استمع الى احساسك الخاص في تقديرك للتجارب - وليس لصوت التقاليد او السلطة او الغالبية - 4- كن مخلصا وتجنب المظاهر 5- ليكن لك رأيك المستقل .. وكن مستعدا لتكون غير محبوب اذا كانت آرائك تختلف مع الاغلبية 6- تحمل المسئولية 7- اعمل بجدية في ماتقرره 8- حاول استكشاف عيوبك ودفاعاتك اللاشعورية , وتحلى بالشجاعة في القضاء عليها.
تقوى كلما خلت من الخوف. فالخوف هو بلا منازع العدو الاول للانسان وهو مثل السوس ينخر فيضعف ، بل ويجذب الحشرات الضارة لكي تتغذى بما تبقى من هذا (الآدمي), فالقلق خوف، والوسواس خوف، والاستسلام خوف، والبارانويا خوف، والامراض النفسجسمية خوف.
خوف من ماذا؟ ليس هذا المهم، فما دام الخوف يسكن داخلك ويرافقك مثل ظلك فهو سوف يجد الموقف المناسب لكي يسقط صورته على ذلك الشيء فتخافه رغم علمك بأنه لا يخيف,, يسقط صورته على الطيارة والمصعد والناس ووو,.
لذا فان اردت ان تقوي شخصيتك فتعال نتأمل خوفك ونفعل به مثل فعله بك.
نصيده على حين غرّة كما تعود ان يصيدك, وأرجو أن تتابعني عزيزي القارىء واقرأ هذه التعليمات مرتين قبل ان تبدأ بالتعليق:
1 استرخ بطريقة التنفس التي تعلمناها سابقا على ايام طويق .
2 استرجع في خيالك موقفا سابقا احسست فيه وانت مع الناس بقلق وخوف المواجهة, وهذا العلاج يختلف عن الذي اعطيته سابقا لنفس الموقف, ويقول بعض من طبّقته عليهم انه اقوى من الاول.
3 عش لحظات القلق لحظة بلحظة في خيالك وراقب ماذا يحدث لجسدك ويديك في رأسك وارتعاش كتفيك, كلما تأملته وعشت ألمه فعلا وكأنه حقيقة كلما كان تأثرك في العلاج اقوى.
4 والآن قد وصلنا الى عنق الزجاجة وهي اهم نقطةفي العلاج, تخيل بأنك تنظر الى الناس المحيطين بك وقارن حجمك بأحجامهم, ماذا ترى؟
لا تتعجب حين تجد خيالك يبالغ في تكبير احجامهم وتصغير حجمك.
لماذا يبدو حجمك صغيرا؟
ذلك يرمز الى استصغارك لنفسك بالمقارنة مع الاخرين, لأنك (والأمر سرٌ بيننا) تعاني من تصغيرك لقدراتك شعوريا او لا شعوريا.
5 تأمل الاحجام جيدا (أنت والناس) بقبول ودون ان تهرب من مواجهة واقع صغر حجمك او تنتقد نفسك عليه, بل واجهه بموضوعية واقبله كما يقبل الطبيب الحكيم عيوب مريضه عارفا ان القبول هي الخطوة الاولى نحو علاجه؛ فمدى سيطرتك على عيوبك يتناسب مع مدى قبولك لها, ولا تخف أبداً من ان تسامحك مع العيوب سوف يبقيها معك, هذاغير صحيح,, لأنك بذلك تكشف عنها فقط، فالقبول ليس الا مصيدة لها لكي تطفو على السطح فتداويها بالخطوة التالية:
6 والآن عليك ان تعالج: صغِّر من احجام الناس في خيالك حتى تتساوى احجامهم مع حجمك، استخدم ما يميله عليك خيالك لانجاز هذه الخطوة, فالبعض مثلا يقول لي بأنه جعل الآخرين (يفشّون مثل البالونة) والبعض يجعلهم مثل فيلم على الشاشة يصغِّر ويكبِّر فيهم, اتبع ما تمليه عليه نفسك على ان تتحاشى جعل الناس اصغر منك كما يحلو للبعض ان يفعل وأوقفه عن ذلك , فذلك قد يخرجك من الشعور المباشر بالنقص ولكنه يدخلك في مشاكل اخرى لا تقل اهمية عنه ولا مجال لشرحها فاحذر من ذلك.
7 غادر بخيالك الموقف المخيف بعد ان اصلحته, واسترجع ذكرى موقف انتصار سابق, موقف احببت فيه نفسك لنجاحك واعجب الآخرين ايضا, عِشهُ بقوة كما عشت الموقف السابق المخيف, استمتع بالنظرات المعجبة المؤيدة, ركز تفكيرك ووعيك على صدرك واستشعر الرضا ينتشر فيه مثل ماء دافىء, تبقى في الموقف حتى يمتلىء جسدك بالحب والرضا عن نفسك.
8 آسف لانني مضطرة ان اختطفك من موقف الصفاء لكي اعيدك الى موقف الخوف المعدّل.
عد اليه وتأمل الصورتين للموقفين: الخوف الذي عدلته مقابل موقف الانتصار ثم اخلط الصورتين عنوة اطبقهما على بعضهما في خيالك اطبق الانتصار على الخوف واجعل منهما صورة واحدة, ولكي تساعد نفسك على ذلك تستطيع ان تتخيل انك تلتقط صورة في كاميرا, تنظر من خلال العدسة وتطبق صورتي الشخص على بعضهما كما تفعل عادة في اوضاع مثل هذه, او ان تتخيل صورتين في ألبوم وضعتهما على بعضهما ثم صهرتهما معا.
9 انت تقوم بعمل خطير ومهم جدا في تقوية شخصيتك فإن وجدت صعوبة في انصهار الصورتين معاً فهذا يشير الى شيئين: اولهما نجاحك في دخول اللاشعور وبالتالي تأثيرك في تقوية شخصيتك, اما ثانيهما فهو مقاومة اللاشعور لهذا التغيير, فماذا تفعل لكي تقنعه بذلك؟
اترك الموقفين, غادرهما بخيالك واذهب به الى مكان محايد تحب ان تقضي فيه اوقاتك السعيدة (بر او بحر او غابة او قد تتخيل نفسك مع شخص تحبه وتشعر بالراحة لرفقته), وبعد ان تقضي مدة في المنظر الجميل عد الى الموقفين وستجدهما اكثر سلاسة ومطاوعة للانطباق, عاود التنقل عدة مرات بين الموقف المحايد والموقفين حتى تنجز وتشعر بالراحة.
10 اقرأ الفاتحة واستشعر قوة كلمات الله تعالى تملأ كيانك بالإيمان والأمان والسلام, ضع يدك على صدرك وانت تقرأ لكي تزرع الايمان في عمق اللاشعور.
11 احسب لنفسك من واحد الى خمسة حيث تعود الى حالتك العادية تدريجيا.
اعد التخيل عدة مرات لمواقف مختلفة او لنفس الموقف (فالموقف القوي لا تكفيه مرة واحدة), وستجد نفسك مستقبلاً تتصرف بشجاعة وتلقائية اكثر دون ان تفكر بذلك او تعد العدة له لان اللاشعور قد قام عنك بإعداد الموقف بنجاح بعد ان استلم الاوامر
اعلم ان الذاكرة هي قدرة تتحسن وتنمو بالتدريب الملائم ومن جل ان تزيد قدرة ذاكرتك الى حدها الاقصى عليك ان تتدرب على ذلك
هنا بعض الفقرات التي تساعدك على تحسين عملية التذكر :
1-الاسماء:عندما يقدم لك الشخص نفسه احذر تشتت الفكر عندماينطق اسمه وكرره في نفسك(بصمت)كذلك يمكنك استعمال وسيله للربط مثلا:طارق طويل.
2- ارقام الهواتف:الحيلة اوالوسية الملائمة هي ان تجعل الرقم ذا معنى بالنسبة لك مثلا :1275 بقولك:ديسمبر75 واذالم تستطع فما عليك الا أن تكرر الرقم لعدة مرات مع ذكر اسم الشخص.
وسائل معينة للتعلم:
1- ليكن وقت التعلم موزعاً على فترات اما حشو الدماغ بالمعلومات في جلسة واحدة ولمدة طويله فهو غيرمجد
2-ابحث عن حلقات وصل بين المهمة الحاليه والخبرات السابقة مثلاً هذا طارق احمد الذي اسم والدته كاسم زوجتي.
وسائل معينة للتذكر:
عليك بالاسترخاء والاستجمام والابتعاد عن التوتر فالقلق يدعو للنسيان كذ لك يزيد من احتمالات التشبث بالسياق الخاطيء والبدء من شيء خا طيء يؤدي الى ان فرص التذكر سوف تتضاءل .
الذاكرة قدرة تتحسن وتنمو بالتدريب الملائم واذافشلت كل المحاولات فاكتسبها على قصاصة ورق وكلن لاتنسى ان تراجع ماكتبت
هذه سياحة قصيرة في التطبيق العملي لبعض الطباع التي نُعاني منها كشبان وكفتيات ، وفي طرق اجتنابها والسيطرة عليها :
1 ـ الخجل :
الخجل موضع إبتلاء العديد من الشبان والفتيات ، أي أ نّه طبع من الطباع التي ترهق كاهل الخجول ، فتراه يسعى دائماً لمواجهة خجله والقضاء عليه ، ولذا :
أوّلاً : لست الخجول الوحيد .. الخجولون كثيرون . ثانياً : اعتبر الخجل حالة عرضية وليست مرضية ، ولكنّها حالة تحتاج إلى علاج وعدم إهمال . ثالثاً : الإرادة القوية سلاح فعّال في تجاوز أي طبع تكرهه ومنه الخجل .
لقد تعلّم الأعمى كيف يسير في الطرقات وقد لا يرتطم بشيء .. وتعلّم الأخرس كيف يتفاهم مع الناس بالإشارات ويوصل إليهم مطالبه ويوصلون إليه ما يريدون .. وتعلّم المعوّق كيف يواجه علّته ويتأقلم أو يتعايش معها كما لو لم يكن قد فقد شيئاً .. .
هل الخجل أعقد من ذلك ؟! أبداً .
ادرس الإرشادات التالية التي تجعلك تقول لـ (الخجل) وداعاً :
أ . نمِّ ثقافتك ، فالثقافة الوجه الذي تطلّ به على الناس . ب . تحدّث باهتمامك أو ميولك وهواياتك واختصاصك ولا تدسّ أنفك في أمور لا تجيد الحديث عنها . ج . قل رأيك مهما كان متواضعاً .. تحرّر من عقدة الرأي الصواب 100 % فليس هناك رأي صائب بهذه الدرجة ، إلاّ القول المقدّس . د . درِّب نفسك على الشعور بالاستقلالية وعدم التركيز على الأجواء والأشخاص المحيطين بك .. تصوّر أ نّهم لا يعلمون وتحدّث معهم كما لو كنت تريد تعليمهم أو إعلامهم . هـ . افتح صدرك للنقد .. أظهر شيئاً من التماسك في حضرة الآخرين ، وتعلّم أساليب الردّ اللطيف : «لَم أسمع بهذا من قبل» ، «هذا ليس من اختصاصي لا أحبّ الخوض فيه» ، «أحبّ أن أستمع لأستفيد أكثر» . و . كن مستمعاً جيِّداً .. اُنظر كيف يتحدّث الآخرون .. لا بأس عليك .. تعلّم بعض أساليبهم .. ستفيدك في القريب العاجل . ز . لا تعطِ للأشياء والتصورات أكبر من حجمها ، ولا تفسح المجال للخيال واسعاً ، فقد يعكّر صفاء ذهنك ومزاجك .. خذ الأمور بسهولة ودون أي تعقيد . ح . لا تطل حالات العزلة والانكماش لأ نّها موحشة وتزيد في الخجل والإنطواء . ط . تحدّث مع نفسك في الخلوات.. ناقش موضوعاً من المواضيع.. اطرح آراءك حوله .. ضع أسئلة مفترضة قد توجه إليك وأجب عليها .. الكثير من الخطباء والمفوهين كانوا يفعلون ذلك . ي . لا تطلب الشهرة والأضواء والتصفيق والإستحسان .. اطلب المقبولية ، أي أن تظهر شخصاً طبيعياً مقبولاً . ك . الجرأة تمرين . ل . التمرين يؤدِّي إلى التكامل ، وإلى التغلّب على الخجل وعلى كلّ مواطن الضعف .
2 ـ الشرود الذهني (ضعف التركيز) :
وهذه الحالة أو الطبع يبتلى به العديد من الشبان والفتيات أيضاً ، خاصة أولئك الذين يستغرقون في أحلام اليقظة كثيراً ، ولو تركت هذه الحالة وشأنها لاستحالت إلى عادة ولأثّرت بشكل سلبي على تفكير الشاب واستيعابه لا سيما وأنّ التركيز مطلوب في مراحل التعلّم المختلفة .
ومرّة أخرى نقول لك : إنّ الخروج من هذه الأزمة أو المشكلة أمر ممكن إذا راعينا عدداً من الأمور :
أ . جرِّب أن تركّز على شيء معيّن لفترة طويلة نسبياً ، علّق نظراتك على لوحة فنّية معلّقة على الجدار .. ادرس كلّ دقائقها في اللون والظلال والحركات واللفتات حتى لا تغادر شيئاً منها .. ثمّ اغمض عينيك وراجع اللوحة في ذهنك .. اُنظر كم التقطت منها وكم فاتك ، وأعد المحاولة ، فإن هذا التمرين سيغرس فيك حالة التركيز .
ب . طريقك المعتاد الذي تمشيه أو تقطعه من البيت إلى المدرسة وبالعكس ، حاول أن تستذكره بقعة بقعة ومعلماً معلماً ، فهذا التمرين سينمّي لديك أيضاً حالة الانتباه والاستذكار ، ذلك أنّ التركيز وشدّ الانتباه يشبه إلى حدّ كبير أيّة قوّة عضلية أو عقلية تنمو بالمراس والمداومة ، وحتى تنشط ذاكرتك درِّبها ومرِّنها دائماً في التقاط المعلومات ومراجعتها لأ نّك إذا أهملت ذلك أصيبت الذاكرة بالضمور .
ج . لا تنتقل من فكرة إلى فكرة بسرعة .. أطل الوقوف عند فكرة معيّنة .. استغرق فيها ، كما لو كنت تتأمّل مشهداً أمامك .. فهذا يساعدك على التركيز وتثبيت الانتباه وجمعه .
د . تتبّع موضوعاً ما ، أو حدثاً ما خطوة خطوة ، منذ ولادته وحتى ختامه ، تابع أخبار زلزال وقع في منطقة معيّنة ، أو حريق شبّ في إحدى الغابات ، أو عدوان عسكري على مدينة أو دولة ، فالمتابعة وملاحقة التطورات والتفاصيل تثري في عملية التركيز .
هـ . احتفظ بدفتر مذكرات صغير (أجندة) .. دوّن فيها ما تريد القيام به من نشاط ، أي قائمة بأعمال النهار ومسؤولياتك .. أو اكتب على ورقة أو قصاصة ما تنوي عمله قبل أن تخرج من البيت ، وراجعها باستمرار ، وأشِّر على ما تمّ إنجازه .
و . قوّ حافظتك في حفظ القرآن والأحاديث الشريفة والحكم وأبيات الشعر الجميلة ، والنكات الظريفة ، والقصص المعبّرة ، فإنّ الذاكرة إذا قويت في جانب فإنّها يمكن أن تقوى في جانب آخر .
ز . وجِّه اهتمامك بما يقوله محدّثك لا بما يلبسه أو بما تحمله من ذكريات الماضي عنه .. واحصر ما يقوله في نقاط .. ويمكنك أن تعمد إلى كتابة ملخص بما يقول حتى تتمكّن من الردّ على كل النقاط أو أهم ما ورد في حديثه .
هذه وغيرها أساليب عملية التقطناها لك عن ممارسة وتجربة حياتية أثبتت جدواها .. جرِّبها فلعلّها تطرد عنك حالة الشرود الذهني وضعف التركيز .
3 ـ الملل والسأم :
الكثير من الأشياء والممارسات تصبح بعد حين مملّة مضجرة وتبعث على السأم خاصّة إذا تكرّرت كثيراً ودخلت في حالة الرتابة والروتين . فقد تجد شاباً أو فتاة يعانيان من الملل السريع ، فما أن يصبح الشيء المرغوب أو المطلوب تحت أيديهما حتى يملاّه ويبحثا عن غيره ، أي أنّ جذوته تنطفئ بسرعة وهو ما يعبّر عنه بـ (العاشق الملول) أي الذي لا يتعلّق بشيء ولا يهنأ ولا يلتذّ به إلاّ برهة قصيرة .
حالة الملل هذه تصيب أكثر الناس وهي ليست محددة بعمر معيّن ، وهي ليست حالة مرضيّة ، لكنّها تعبير عن وضع نفسي قلق .. وهي قابلة للتغيير أيضاً ، ومن طرق تغييرها :
أ . ادخل تحسينات ولوطفيفة على الأشياء والبرامج والنشاطات .. تجد أنّها تكتسي حلّة جديدة ، فتغيير نظام الغرفة بين آونة وأخرى يضفي عليها حيوية جديدة .
ب . ابحث عن الإيجابيات الأخرى ، فقد تكون هناك أكثر من إيجابية واحدة في الشيء الذي مللت منه .
ج . حاول أن تخفف وطأة النقد وأن لا تكون شديد القسوة في نقدك للأشياء والأشخاص بحيث لا ترى إلاّ الوجه المعتم منها .. ترفّق .. وتذكّر أ نّه ما من شيء إلاّ وله عيوبه وحسناته ، فليس هناك شيء إيجابي بالمطلق .
د . اترك الشيء الذي مللت منه لفترة ثمّ عد إليه بعد حين ، ستجده اكتسب ألقاً ونضارة جديدة .
هـ . نَوِّع في أساليب التعامل مع الأشياء والأشخاص .. لا تستخدم نفس الكلمات.. جدّد في التعبير .. تمرّن على الظرف واستخدام الدعابة.
4 ـ الخـوف والجُـبن :
يقال إنّ الخوف نعمة لأ نّه يقي الانسان من مزالق ومخاطر التهوّر أو الأشياء التي تبيّت له شرّاً ، لكنّ الخوف يتحول إلى مشكلة إذا استشرى وأصبح عقدة مستعصية ، أو إذا استحال إلى حالة من الجبن .
ويقال أيضاً إنّ الخوف في أكثره وهميّ ، وهذا ما عبّر عنه الحديث : «إذا هبت أمراً فقع فيه فإنّ شدّة توقّيه شرّ من الوقوع فيه» . وهو ما صاغه الشاعر بعبارة أخرى :
وما الخوفُ إلاّ ما تخوّفه الفتى***وما الأمنُ إلاّ ما رآهُ الفتى أمنا
فكيف تنزع لباس الخوف والهلع عنك ؟
كيف تبدّد المخاوف التي تحدق بك ؟
وإليك بعض المحاولات :
أ . ادرس كلّ حالة خوف دراسة واقعية .. اُنظر ماذا يخيفك فيها ؟ هل هي خوف نابع من حالة طفولية قديمة لازمتك منذ الصبا ولم تستطع التخلّص منها ؟ إذن آنَ الأوان أن تضعها عن كاهلك وإلاّ رافقتك مدى الحياة .
هل هي مما يخصبه الخيال ويضخّمه ؟ هذا يعني أنّ حجم الخوف ليس طبيعياً وإنّما هي وساوس النفس التي نفخت فيه فانتفخ . وقد يكون خوفاً حقيقياً وهنا ينبغي أن تحترس منه وتتحاماه .
ب . إنّ الجرأة والشجاعة ـ كما سبق أن أوضحنا ـ تمرين واكتساب وممارسة ، اقتحم مواطن خوفك .. جرّب أن تسير في الظلام لبعض الوقت .. وأن تمشي في طريق ليس فيها مارّة ، أو الإطلالة من بناية شاهقة ، أو الوقوف على حافة جبل ، أو المشي على جسر ضيِّق بلا أسوار .. قد يداخلك الرعب في هذه الحالات لكنّه سبيلك لمكافحتها .
إنّ مخاوفنا تدعونا للحذر لكنها لا تمنعنا من اختبار أنفسنا أو المخاطرة المدروسة .
ج . رافق الشجعان ، واقتبس من روحهم روحاً وزخماً لروحك .. اُنظر كيف يتصرفون في المواقف الحرجة والخطرة ، واقرأ دائماً قصص الأبطال والبطولات والقادة الذين هزئوا بالخوف وبالموت .
د . تذكّر أنّ الموت أجلٌ وكتاب ، وإذا كان الأمر يستدعي التضحية ، فإنّ الشاعر يقول :
إذا لم يكن من الموت بدانا***فمن العجز أن تموت جبانا
كيف نعالج السخط؟
إن من أبرز مظاهر السعادة هو الشعور بالرضاء وبالسرور في هذه الحياة والتغلب على أحاسيس السخط والنفور وعدم القبول، إذ أن الساخط يعيش دائماً معاناة التناقض مع حياته، ويشعر بكراهية نفسه وعالمه، فيتعامل مع نفسه ومع الآخرين بمشاعر الحقد والانتقام.
ومثل هذا الانسان لا يعرف الاستقرار ولن يتذوق طعم السعادة، فهو أبداً يشعر بالمرارة والألم ويعاني التمزق والشعور بالخيبة وعدم النجاح.
وإنسان كهذا الانسان الساخط ليس بإمكانه أن يستوعب رسالة الحياة ولا يمكنه أن يكون مؤهلاً لاستشفاف مضامين الخير في هذا العالم الرحيب، ولا أن يمس قلبه الإحساس بالحب والجمال المستغرق لأبعاد هذا الوجود البهيج، وليس بمقدوره أن يكون العقل الواعي المتفتح الذي يدرك مسيرة الخير والجمال التي تشيع المسرة في النفوس الراضية، وتملأ القلوب المتفتحة بالحب والشوق إلى كل أفعال الخالق الحكيم بكل آلامها ومسراتها.
ولكي يجتاز الانسان أسوار هذه المعاناة ويخرج إلى عالم الحب والرضاء ويتذوق طعم الإحساس بجمال الوجد ومسرات الحياة، لابد له من أن يحدث إنقلاباً فكرياً ونفسياً في تصوراته ومعتقداته وأحاسيسه، وفي تعامله مع العالم وما يجري في دنيا الإنسان من حوادث ووقائع.
على أن هذا التعبير الانساني والتحول النفسي والسلوكي من السخط والتمزق إلى الإحساس بجمال الحياة والوجود والشعور بالرضاء والقبول بمسرات الحياة وآلامها، يحتاج إلى جملة من العوامل والمبادئ الأساسية، وهذه العوامل هي:
1 ـ الإيمان بالله والتطابق مع إرادته:
فالإيمان بالله الذي يقود إلى الاعتقاد برسالة الدين وباليوم الآخر هو العلاج الوحيد لإنقاذ النفس الانسانية من محنتها ومعاناتها، لأن الوسائل المادية ليس بإمكانها أن تأخذ بيد الانسان إلى الخلاص، ولن تستطيع أن توفر له الإحساس بالسعادة والرضاء، خصوصاً بعد أن يصاب الانسان بآلام وصدمات في مكاسبه المادية التي يحلم بتحقيقها والسرح في أرجائها، ومن البداهة بمكان أن الانسان ليس بمقدوره أن يحقق كل ما يريد، كما أنه ليس بإمكانه أن يعيش بعيداً عن الآلام والمنغصات التي تكدر جانباً من صفو الحياة، فإن هو فقد الإيمان بالله سيعيش دوماً في ضيق من عدم الرضاء ومن الكراهية والشعور بالألم والخيبة، فخسارة السعادة وضياع بهجة الحياة.
أما الإيمان الصادق بالله سبحانه واستيعاب مضامين الإيمان وفهم صفات الخالق العظيم ـ من العدل والرحمة والحكمة ـ والارتباط بالله على أساس اتصافه بهذه الصفات، فإن هذا الإيمان يبني في نفس الانسان المؤمن حصون الإيمان الراسخ، ويبعث فيها فيوضات الرضاء والسرور بكل أفعال الله وقضائه وقدره، وهذا الإيمان أيضاً يضع بين يدي المؤمن الموازين والمقاييس التي تساعده على فرز مظاهر الظلم والشرور التي يحدثها سلوك الضال المنحرف عن حكم قضاء الله وقدره الخير في الحياة، فيختار موقف الرضاء والقبول من أفعاله الله، سواء سره هذا الفعل أو آلمه فهو مؤمن بعدل الله وحكمته ورحمته وينظر إلى كل ما يصدر عن الله سبحانه بعين الرضاء والقبول، لأنه يقوم على أساس العدل والحكمة والتقدير المشبع بفيوضات الرحمة والود الإلهي السابغ: (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم) محمد/ 2.
في حين يتعامل مع ما يصدر من الآخرين على أساس التقويم والتمحيص الواعي وينصب سخطه على ما يشاهد من حوادث ووقائع وآثار انسانية متعارضة مع مبادئ الحق والخير المتمثلين بمشيئة الله وإرادته.
2 ـ إعادة بناء القوى النفسية والأخلاقية:
يتعرض الانسان خلال نشأته ونموه إلى عوامل كثيرة تؤثر في بنائه النفسي والأخلاقي ـ تأثيراً سلبياً أو إيجابياً حسب طبيعتها وواقعها ـ كالبيئة والوراثة والتربية، فتساهم تلك العوامل مجتمعة في صنع الشخصية المريضة إن كانت تلك العوامل شاذة منحرفة، بعد أن تتفاعل مع القوى النفسية الداخلية فتعطي نتائج مرضية خطرة تضر بسعادة الفرد وسلامة الاتجاه الداخلي لديه.
وبسبب هذه العوامل المنحرفة تتعرض القوى النفسية والملكات الأخلاقية إلى الضعف والانحراف والتسافل عندما تتخذ طابع السجية المتأصلة في ذات الفرد وفي مواقفه السلوكية المختلفة، فتصب هذه الخصائص النفسية قوة حركية دافعة له نحو السلوك الآلي الشاذ، السلوك الذي يختفي فيه دور الإرادة ويتوارى منه تأثير الموازنة والتقويم.
ولكي ينتشل الانسان من هذه المأساة الأخلاقية المؤلمة وينقذ من حالته النفسية التي يظل يعاني منها ساخطاً ومتنافراً مع قيم الحياة وقدرها، لابد له من إعادة تنظيم الشخصية وممارسة عملية تحليل وتطهير باطني لأعماق الفرد وتصحيح دوافعه وملكاته الأخلاقية، وتنمية مشاعر الحب والإحساس بجمال الوجود واستشفاف روح الخير في هذا العالم: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد/ 11.
ليتحول من إنسان ساخط إلى إنسان يشعر بالرضاء والسرور ويحس بجمال الوجود وسمو معاني الخير من حوله في هذا العالم.
3 ـ تحسين الظروف والأوضاع الخارجية:
تلك الأوضاع والظروف الخارجية من ثقافية واقتصادية وسياسية وتربوية، والتي تشكل محيط الانسان الفكري والاجتماعي، والعمل على تغييرها من حالتها السيئة المؤلمة التي تشكل ضغطاً وتناقضاً مع خير الإنسان واتجاهه الفطري السليم، إلى حالة تتوفر فيها ظروف العيش الكريمة وحياة الدعة والاستقرار ولقد سعى الاسلام مجداً لتشكل هذه الظروف الرضية السعيدة من حول الانسان، ليشعر بالرضاء والسرور والدعة في الحياة: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون) الأعراف/ 1
ماذا نعني بالشخصية ؟
اختلف علماء النفس كثيراً في تعريف الشخصية ، حتى وصل عدد تعاريف الشخصية إلى أربعين تعريفاً.
ويحددها بعض الباحثين على أنها: ( مجموعة الصفات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية التي تظهر في العلاقات الاجتماعية لفرد بعينه وتميزه عن غيره )
لماذا الاهتمام بالشخصية ؟
بسبب الواقع العالمي المنكوس حيث بات الإنسان يعيش غريباً معزولاً عن أعماق ذاته ، ويحيا مقهوراً من أجل الوسط المادي الذي يعيش فيه .
إن خلاص الإنسانية الأكبر لن يكون إلا بالنمو الروحي والعقلي للإنسان ، وتحسين ذاته وإدارتها على نحو أفضل ، وليس في تنمية الموارد المحدودة المهددة بالهلاك .
إن تنمية الشخصية لا يحتاج إلى مال ولا إمكانات ولا فكر معقد ، وإنما الحاجة تكمن في الإرادة الصلبة والعزيمة القوية .
تعلمنا تجارب الأمم السابقة أن أفضل طريقة لمواجهة الخارج وضغوطه الصعبة هي تدعيم الداخل وإصلاح الذات واكتساب عادات جديدة ثم يأتي بعد ذلك النصر والتمكين .
ما شروط تنمية الشخصية ؟
لا تنسى هدفك الأسمى
ونقصد ذلك الهدف الأعلى الذي يسمو فوق المصالح المادية والغايات الدنيوية ، ولا يواجه المسلم مشكلة في تحديد الهدف الأكبر في وجوده ، ولكن المشكلة تكمن في الغرق في تفاصيل الحياة وتعقيداتها ، وبالتالي يصبح إحساسنا وشعورنا للهدف ضعيفاً رتيباً ، مما يجعل توليده للطاقة التغييرية لا تصل إلى المستوى المجدي لتنمية الذات.
القناعة بضرورة التغيير
يظن كثير من الناس أن وضعه الحالي جيد ومقبول أو أنه ليس الأسوأ على كل حال ، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكاناته محدودة ، ولذلك فإن ما هو فيه لا يمكن تغييره !! ، والحقيقة أن المرء حين يتطلع إلى التفوق على ذاته والتغلب على الصعاب من أمامه سوف يجد أن إمكانات التحسين أمامه مفتوحة مهما كانت ظروفه ...
الشعور بالمسؤولية
حين يشعر الإنسان بجسامة الأمانة المنوطة به ، تنفتح له آفاق لا حدود لها للمبادرة للقيام بشيء ما ، يجب أن يضع نصب عينيه اللحظة التي سيقف فيها بين يدي الله عز وجل فيسأله عما كان منه ، إن علينا أن نوقن أن التقزم الذي نراه اليوم في كثير من الناس ما هو إلا وليد تبلد الإحساس بالمسؤولية عن أي شيء !!
الإرادة الصلبة والعزيمة القوية
وهي شرط لكل تغيير ، بل وشرط لكل ثبات واستقامة ، وفي هذا السياق فإن ( الرياضي ) يعطينا نموذجاً رائعاً في إرادة الاستمرار ، فهو يتدرب لاكتساب اللياقة والقوة في عضلاته ، وحتى لا يحدث الترهل فإن عليه مواصلة التدريب ، وهكذا فإن تنمية الشخصية ما هي إلا استمرار في اكتساب عادات جديدة حميدة .
ما هي مبادئ تنمية الشخصية ؟
تنمية الشخصية على الصعيد الفردي :
التمحور حول مبدأ
إن أراد الإنسان أن يعيش وفق مبادئه ، وأراد إلى جانب ذلك أن يحقق مصالحه إلى الحد الأقصى ، فإنه بذلك يحاول الجمع بين نقيضين !! ، إنه مضطر في كثير من الأحيان أن يضحي بأحدهما حتى يستقيم له أمر الآخر ، وقد أثبتت المبادئ عبر التاريخ أنها قادرة على الانتصار تارة تلو الأخرى ، وأن الذي يخسر مبادئه يخسر ذاته ، ومن خسر ذاته لا يصح أن يقال أنه كسب بعد ذلك أي شيء !!
المحافظة على الصورة الكلية
إن المنهج الإسلامي في بناء الشخصية يقوم على أساس الشمول والتكامل في كل الأبعاد ، وليس غريباً أن نرى من ينجذب بشكل عجيب نحو محور من المحاور ويترك باقيها دون أدنى أدنى اهتمام ،وحتى لا نفقد الصورة الكلية في شخصياتنا يجب أن نقوم بأمرين :
النظر دائماً خارج ذواتنا من أجل المقارنة مع السياق الاجتماعي العام
النظر الدائم في مدى خدمة بنائنا لأنفسنا في تحقيق أهدافنا الكلية
العهود الصغيرة
إن قطرات الماء حين تتراكم تشكل في النهاية بحراً ، كما تشكل ذرات الرمل جبلاً ، كذلك الأعمال الطيبة فإنها حين تتراكم تجعل الإنسان رجلا عظيماً ، وقد أثبتت التجربة أن أفضل السبل لصقل شخصية المرء هو التزامه بعادات وسلوكيات محددة صغيرة ، كأن يقطع على نفسه أن يقرأ في اليوم جزء من القرآن أو يمشي نصف ساعة مهما كانت الظروف والأجواء ، ليكن الالتزام ضمن الطاقة وليكن صارماً فإن ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل )
اعمل ما هو ممكن الآن
علينا أن نفترض دائماً أننا لم نصل إلى القاع بعد ، وأن الأسوأ ربما يكون في الطريق ! ، فذلك يجعل الإنسان ينتهز الفرص ولا ينشغل بالأبواب التي أغلقت ، ويجب أن تعتقد أن التحسن قد يطرأ على أحوالنا لكننا لا ندري متى سيكون ، ولا يعني ذلك أن ننتظر حنى تتحسن ظروفنا بل ليكن شعارنا دائماً : ( باشر ما هو ممكن الآن )
المهمات الشخصية
يجب أن تكون لدينا مجموعة من الوصايا الصغرى تحدد طريقة مسارنا في حركتنا اليومية ، وهي بمثابة مبادئ ثابتة :
اسع لمرضاة الله دائماً
استحضر النية الصالحة في عمل مباح
لا تجادل في خصوصياتك
النجاح في المنزل أولاً
حافظ على لياقتك البدنية ، ولا تترك عادة الرياضة مهما كانت الظروف
لا تساوم على شرفك أو كرامتك
استمع للطرفين قبل إصدار الحكم
تعود استشارة أهل الخبرة
دافع عن إخوانك الغائبين
سهل نجاح مرءوسيك
ليكن لك دائماً أهداف مرحلية قصيرة
وفر شيئاً من دخلك للطوارئ
أخضع دوافعك لمبادئك
طور مهارة كل عام
تنمية الشخصية على صعيد العلاقات مع الآخرين:
تحسين الذات أولاً
في داخل كل منا قوة تدفعه إلى الخارج باستمرار ، فنحن نطلب من الآخرين أن يقدروا ظروفنا وأن يفهموا أوضاعنا وأن يشعروا بشعورنا ، ولكن قليل من الناس من يطلب هذا الطلب من نفسه ، قليل منهم من يقدر شعور الآخرين ويفهم مطالبهم ، إن الأب الذي يريد من ابنه أن يكون باراً مطالب بأن يكون أباً عطوفاً أولاً ، والجار الذي يريد من جيرانه أن يقدموا له يد العون يجب أن يبذل لهم العون وهكذا ... ، ليكن شعارنا : ( البداية من عندي ...)
الإشارات الغير لفظية
إننا بحاجة في كثير من الأحيان أن نعبر عن تقديرنا وحبنا للآخرين بشكل غير مباشر يفهمه الآخرين ، إن الإشارات الغير لفظية والتي تمثل عيادة المريض أو تقديم يد العون في أزمة أو باقة ورد في مناسبة أو حتى الصفح عن زلة لهو في الغالب أشد وأعمق تأثيراً في النفس البشرية ، ولا شك أن هذا الأمر بحاجة إلى معرفة ومران وتمرس لكي نتقنه ...
المسافة القصيرة
ما أجمل أن يصطفي الإنسان من إخوانه من يكون له أخاً يستند إليه في الملمات ويعينه وقت الشدائد ويبوح له بما في نفسه ، فيسقط معه مؤونة التكلف من جراء تلك المسافة القصيرة التي تقرب قلوبهم إلى بعضها ، والإنسان بحاجة ماسة إلى هؤلاء ، فقد أثبتت بعض الدراسات أن الذين يفقدون شخصاً يثقون به وقريباً منهم لهم أشد عرضة للاكتئاب ، بل وإن بعض صور الاضطراب العقلي تنشأ من مواجهة الإنسان لمشاق وصعوبات كبرى دون من يسانده ، لذلك إن وجد الإنسان ذلك الأخ الحميم ، فليحسن معاشرته ، وليؤد حقوقه ، وليصفح عن زلاته .
الاعتراف والتقدير
من الأقوال الرمزية : كل شخص يولد وعلى جبهته علامة تقول : ( من فضلك اجعلني أشعر أنني مهم ) ، فكلما وقع اتصال بين الناس تناقلوا بينهم رسالة صامتة تقول : ( فضلاً اعترف بكياني ، لا تمر بي غير آبه )، فالإنسان مهما كان عبقرياً وفذاً وناجحاً فإنه يظل متلهفاً لمعرفة انطباع الناس عنه ، وكثيراً ما يؤدي التشجيع إلى تفجير أفضل ما لدى الأمة من طاقات كامنة ، وكان ذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث وصف أصحابه بصفات تميزهم عن غيرهم ، إن اكتشاف الميزات التي يمتلكها الناس بحاجة إلى نوع من الفراسة والإبداع ، وقبل ذلك الاهتمام ...
تأهيل النفس للعمل ضمن فريق
إن الواقع يشهد أننا نعيش في عالم يزداد فيه الاعتماد على المجموعات في إنجاز الأعمال ، وذلك لتعقد المهمات في العمل الواحد ، وحتى يرتفع مستوى الأداء والإنتاجية في العمل ، إن كثير من الناس يعيش حالة من النمو الزائد في الفردية ، فتجده ينجح في أعمال كثيرة تتطلب عملاً فردياً ، فإذا ما عملوا في لجنة أو مجموعة فإنهم يسجلون نتائج سلبية وغير مشجعة ، ومردود ذلك على نهضة الأمة في منتهى السوء !! ، وحتى يتأهل الإنسان للعمل ضمن فريق فإنه بحاجة لأن يتدرب على عدة أمور منها :
حسن الاستماع والإصغاء لوجهة نظر الآخرين
فهم كلاً من طبيعة العمل ودوره في ذلك العمل
فهم الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي يتعاون معها
الحرص على استشارة أفراد المجموعة في كل جزئية في العمل المشترك تحتاج إلى قرار
الاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه
عدم الإقدام على أي تصرف يجعل زملاءه يسيئون فهمه
عدم إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من اختصاصه
المبادرة لتصحيح أي خطأ يصدر من أي فرد من أفراد الفريق وفق آداب النصيحة
تحمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من الأفراد واحتساب ذلك عند الله تعالى
إذا تعذر عليه الاستمرار ضمن الفريق فعليه أن يفارقهم بإحسان وأن يستر الزلات
ارشادات نفسية قديمة تكررت كثيرا في العديد من المؤلفات وأثبتت جدواها ... نقدمها لك بصورة مختصرة ومركزة
لتكون موضع الترحيب اينما حللت ... اظهر اهتماما بالناس
لكي تترك أثرا طيبا فيمن تقابله أول مرة ... ابتسم
لكي تصبح متحدثاً بارعاً ... كن مستمعاً طيباً وشجع محدثك على الكلام عن نفسه
اذا أردت ان يسر بك الناس ... تكلم فيما يسرهم ويلذ لهم
اذا أردت ان يحبك الناس في الحال ... اسبغ التقدير على الشخص الآخر واجعله يحس بقيمته
لكي تكسب انسان الى وجهة نظرك ...
- دعه محتفظا بماء وجهه - دعه يتولى دفة الحديث - لاتجادل .. واعلم ان افضل السبل لكسب جدال هو تجنبه - اعترف بخطئك ان كنت مخطئاً - اسأل اسئلة تحصل من ورائها على الاجابة بنعم
لكي لاتخلق لك اعداء ... احترم رأي الشخص الآخر و لاتقل لأحد انك مخطئ
اذا كان قلب احد مليء بالحقد والبغضاء عليك فلن تستطيع ان تكسبه الى وجهة نظرك بكل مافي الوجود من منطق . ولكن ... عامله برفق ولين ودع الغضب والعنف وستصل الى قلبه
لكي تحصل على روح التعاون ... دع الشخص الآخر يحس ان الفكرة فكرته
الشخص الذي يبدو انه مشاكس وعنيد يمكن ان يصبح منصفا مخلصاً اذا انت عاملته على ان منصف مخلص ... اي حاول تحفيز الدوافع النبيلة لديهم
اذا اردت النجاح وعندما لاينفع شيء آخر ... ضع الأمر موضع التحدي
لكي تملك زمام الناس دون ان تسيء اليهم او تستثير عنادهم ...
- ابدأ بالثناء الطيب والتقدير المخلص - تكلم عن اخطائك اولاً قبل ان تنتقد الشخص الآخر - الفت النظر الى اخطاء الآخرين من طرف خفي وبلباقة - قدم اقتراحات مهذبة ولا تصدر اوامر صريحة - اجعل الغلطة التي تريد اصلاحها تبدو ميسورة التصحيح واجعل العمل الذي تريده ان ينجز يبدو سهلا هيناً
لكي تحفز الناس الى النجاح ... امتدح اقل اجادة تراها وكن مخلصاً في تقديرك مسرفاً في مديحك وبث الأمل في نفوسهم بلفت انظارهم الى مواهبهم المكبوته
لكي تؤثر في سلوك انسان ... اسبغ عليه ذكرا حسناً يقم على تدعيمه
هل أنت طيب المعاملة ، لطيف المعشر مع الناس ؟ هل أنت هين في المواقف التي لا تستدعي الشدة ؟ هل أنت متواضع مع الناس جميعاً ؟ هل تستطيع أن تأكل مع خادمك ؟ إن كنت كذلك فأنت رجل ميسِّر .
هل أنت عبوس مقطَّب الحاجبين ؟ هل تعتقد أن الناس تنفر من حولك ؟ هل أنت ثقيل الظل ؟ هل تظن أنك بخيل ؟ هل تكره أن يكون الناس بخير ؟ هل تعتقد أن سيرتك في الناس سيئة ؟ إن كنت كذلك ، فأنت رجل معسِّر .
باستطاعتك أن تجعل حياتك أكثر إثارة وأفضل سعادة ، وأن تجعل شخصيتك أكثر تميزاً من خلال تطبيق قواعد فن التعامل مع الناس ...
القاعدة رقم (( 1 )) : " تلطَّف ولن بين أيدي الناس "
" ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما انتزع من شيء إلا شانه " .
كن ليِّن القول عطوفاً دائماً ............... تحظى بتقدير الأنام وحبهم
القاعدة رقم (( 2 )) : " ابتسم "
" تبسمك في وجه أخيك صدقة " .
إن نور الوجه حين يبتسم ............ يجعل القلب أسيراً في رضاه
فتبسم ، فالحياة لم تعد ................. تقبل العابسَ أو ترضى هواه
القاعدة (( 3 )) : " نادهم بأحب الأسماء إليهم وكنِّهم "
اذكر أخاك بما يحب ، وناده بأحب الأسماء إليه "
أنا الذي يكون اسمي عالياً .............. بين البوادي ظاهراً وبادياً
فاحفظ ودادي أيها المناديا .............. إن كنت تريد مني وداديا
القاعدة رقم (( 4 )) : " المداعبة "
" المداعبة والملاطفة طريقك إلى القلوب "
مداعبة الصديق من الفوائد ............. إذا كان لها في النفس عائد
تزيد من الصديق محبة ثم .............. إخلاصاً مثيله ما يُشاهد
القاعدة رقم (( 5 )) : " المدح والثناء والإطراء الجميل "
" إن الإطراء الجميل مفتاح القلوب "
امدح الفعل الجميل واغتنم ................. قلب قوم طاهراً غير آثم
القاعدة رقم (( 6 )) : " الصفح والإعتذار "
قوله تعالى : { وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم }
إياك أن تغضب أو تعاتب .............. على بسيط زلة من صاحب
فاغفر فإن العفو خير جامع ............. للحب إن أردت لين جانب
القاعدة رقم (( 7 )) : " إظهار المحبة "
" محبة الناس كنز لا يفنى "
أحب الصالحين وأنت منهم ............. وأبغض من يساورك العداء
أنا أنت وأنت النفس مني ................ فنحري دون نحرك ذا فداء
القاعدة رقم (( 8)) : " إحسان الظن "
" أحسن الظن بأخيك المسلم وقل : قد يكون له عذر لا أعلمه "
إن بعض الظن ذنب ............ فاحترس منه وخافِ
إن سوء الظن حتماً ............. ما يؤدي للتجافي
القاعدة رقم (( 9)) : " إياك والجهل "
" العلم يرفع بيوتاً لا عماد لها ،، والجهل يهدم بيت العز والشرف "
بالعلم تحيي قلوباً لا حياة لها .............. ولا حراكاً إذا ما حرّكت سكنت
فافتح قلوب الناس واغتنم ودَّها .............. فإن فعلت ، لك الأمجاد قد وجبت
القاعدة رقم (( 10 )) : " الهدية "
" تهادوا تحابوا "
كم عدواً كان يخشى من عدائه ............. أصبح اليوم صديقاً من هدية
القاعدة رقم (( 11 )) : " حيِّ وصافح بحرارة "
" إفشاء السلام "
يا من له في الجهل نهي وأمر ................. هلَّا علمت أنني منك حذر
تمرُّ بي دون سلام بعد أن .................... ترميني بخائن من النظر
القاعدة رقم (( 12 )) : قم ولا تتحرج "
قوموا احتراماً وإجلالاً لمن يفضل ..................... ولتعلموا ليس ذو علم كمن يجهل
القاعدة رقم (( 13 )) : " الدعاء الصالح "
" لا تنسنا من دعائك الصالح يا أخي "
سمعت دعائي من فؤاد فأبغني ............... دعاء صريحاً صالحاً ليس نافدا
ولا تنس رفع الراحتين فإنني ................ لأرجو بك الخير من الله عائدا
القاعدة رقم (( 14 )) : " لا تجرح .. ولا تعنِّف "
" يسِّروا ولا تعسِّروا "
إياك أن تلقي مقالاً جارحاً ................ حتى وإن كنت به ممازحاً
فالرفق خير من مقال غلظة ............... فارفق فليس العنف شراً كابحاً
القاعدة رقم (( 15 )) : " كن شكوراً "
" من لم يشكر الناس ، لم يشكر الله "
حقٌّ لمن يصنع المعروف أن نشكره ................ والله يجزيه عنا بنعمة وافرة
القاعدة رقم (( 16 )) : " الزيارة القصيرة المرحة "
" زر غِبَّاً ، تزدد حباً "
إن أردتم من صديق ............. وصل ودٍّ أو قراره
فعليكم بالزيارة ................ تارة من بعد تارة
القاعدة رقم (( 17 )) : " التفقد والسؤال الدائم "
" من أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم "
سل الخلق يا هذا عن النفر الذين ............... لم تر منهم سوء فعلٍ ونقصانا
فلا تترك الصحب بدون وسيلة ............... إذا ما تولَّت عنهم الأيام ضيقاً وأحزانا
القاعدة رقم (( 18 )) : " لا تكن ثرثاراً "
" لا تكثر من قيل وقال وكثرة السؤال ،،، حتى لا تكون ثقيل الظل كريه المقال " .
لحوحٌ لجوجٌ ثقيل الظلال ............. عديم الشعور كثير المقال
يريد الصديق سميعاً مجيباً .............. لكل كلام وكل سؤال
القاعدة رقم (( 19 )) : " كن خدوماً "
" من مشى في حاجة أخيه ، خير له من اعتكاف شهر في مسجدي هذا " .
خدمة الإخوان من خير الفعال ............ إن أردت الخير فالزم ذا المقال
القاعدة رقم (( 21 )) : " لا تكثر من اللاءات "
" آثر على نفسك "
كم مرة رددت سؤلي باخلاً ................ ثم تريد بعدها مودتي
لو كنت صادقاً معي في الصحبة ............. لم تُبدِ لي كمثل هذي الفعلة
القاعدة رقم (( 20 )) : " إذا كثرت اللاءات ، فسدت المودات "
" الإيثار أعلى مراتب الأخوة "
درجات إيخاء الورى تتفاوت ............. أعلى مراتبها هو الإيثار
القاعدة رقم (( 22 )) : " إياك وأنا "
" من تواضع لله رفعه "
إلام شموخك كبراً وحمقاً ............ تواضع لكي تتسامى وترقى
القاعدة رقم (( 23 )) : " افرح لفرحهم .. واحزن لحزنهم "
" شارك الناس في أحاسيسهم ، تكسب ودَّهم "
لا بد للمرء إن كان به هم ............ أن يُلقي الهمَّ عنه جانباً طرّا
حبيب يواسيه أو يبدي له عوناً .......... أو امرؤ صالح يدعو له جهرا
القاعدة رقم (( 24 )) : " شاور واستشر "
" ما خاب من شاور واستشار "
مشاورة الأنام من الرشاد ............ تزيد الرأي رأياً ذا سداد
وتزرع بذرة الحب بقلب ............. يؤوسٍ لم يذق صدق الوداد
القاعدة رقم (( 25 )) : " كن حليماً "
" إن فيك خصلتين يحبهما الله : الحلم والأناة "
كلما كنت حليماً .......... كنت للأمجاد تجني
فاضبط النفس رويداً .......... ولتكن مثيل معن
تشجع فما لي لا أراك شجاعاً ............ تشجع لكي لا تخشى حقاً ضياعاً
القاعدة رقم (( 26 )) : " كن شجاعاً " " كن شجاعاً ، تكن مطاعاً "
رُبَّ كلمة سُخْرٍ بها تضحك ............ تبعد الصحب ، وتبقى وحدك
القاعدة رقم (( 27 )) : " إياك والإستهزاء "
{ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب }
القاعدة رقم (( 28 )) " لا تكن بليداً "
" كن ذا همة تصل إلى القمة "
احذر أخي داء الكسل ............. وكن نشيطاً ذا عمل
فالناس تبغض الفتى .............. وصيته إذا خمل
القاعدة رقم (( 29 )) : " الصبر "
" الصبر مفتاح الفرج "
فصبراً يا أخي صبرا ............ لتجمل في الورى ذكرا
فصبر المرء زينته .............. ومن يجزع ، جنى شرا
شديد البأس من يصبر ............. شديد لم يذق قهرا
القاعدة رقم (( 30 )) : " لا تجادل "
{ وجادلهم بالتي هي أحسن }
جدال مراء يزيد الدسائس ................ تجنب نصحتك هذي الوساوس
القاعدة رقم (( 31 )) : - ادع وأجب "
" اجتمعوا على طعامكم " .
ادع من ترغب في عشرته ............ لطعام أو شراب بارد
وأجب دعوته تكسبُه .................. وربنا في ما أقول شاهدي
القاعدة رقم (( 32 )) : " كن طيب الكلمة ، منتقى العبارة "
{ فقولا له قولاً ليِّناً } .
إن المعاني كامن في لفظها ................. خير كثير أو شرور تقطع
فاحرص على طيبها وسهلها ............... واحذر مقالاً خشناً لا ينفع
ختاماً لحبات القواعد المتسلسلة كالعقد في عنق التميز والمحبة ، فإنك بإرادتك وبعزيمتك تستطيع أن تقوِّم وأن تغيِّر من سلوكك الجاف إلى سلوك لطيف كي تكون مميزاً محبوباً
يمكنه ذلك عن طريق تلك التمارين التي سنشرحها، وهي تعتمد على قوة التأمل، وقوة التخيل.. فعليك أن تتخيل أنك في حالة انشراح كبيرة، وراحة ذهنية، وانطلاقة روحية، تشع بالرضا والاسترخاء.. وتخيل أن قوة عليا من الحكمة والحماية الإلهية تحيط بك، وأن الحب الإلهي يعُم.. وكلما تتقدم في التمارين، ستشعر بكل هذه الحقائق، وستشعر براحة تامة وثقة، وتقدم في كل نواحي الحياة، وقدرة هائلة على حل المشاكل، أو الشفاء من الأمراض، أو النصر، أو النجاح في كل أعمالك.
كما أن هذه التمارين تساعد على الاسترخاء، وتنشط الخيال بعمق.
وإليك التمارين التي تحقق هذه النتائج:
_ عندما تستيقظ من النوم، اذهب إلى الحمام، ثم عد واستلق على السرير، لعمل تمرين لمدة ربع ساعة فقط.
اغلق عينيك، ثم حركهما إلى أعلى (وأنت مغمض العينين) بحيث تكون نظرتك إلى أعلى، على أساس زاوية قدرها 20 درجة.
هذا الوضع للعين يساعد المخ على خلق أشعة ألفا. بعد ذلك وببطء، وعلى فترات، كل فترة ثانيتين، عدا ابتداء من 100 إلى واحد في ذهنك، بطريقة أن يقول: مائة، ثم تنتظر ثانيتين (99) ثم تنتظر ثانيتين.. وهكذا إلى واحد، مع تركيز كل اهتمامك على ما تفعله، وأنت تنزل من 100 إلى واحد في أول تمرين للألفا في الصباح، محاولاً أن تصل إلى مستوى ثيتا، ثم دلتا (بعدما كنت مستيقظاً في مستوى أشعة بيتا).
أي أنه مطلوب منك أن تسير في المستويات التالية (أشعة بيتا، أشعة ألفا، أشعة ثيتا، أشعة دلتا). ولابد من فترة زمنية، لتتعود على الوصول أولاً إلى ألفا وتتعمق فيها، لتتعداها إلى ثيتا ثم دلتا أي نزولاً أعمق فأعمق.. إذن ستبدأ بالعد من 100 إلى 1 لمدة 10 صباحات (أي عشرة أيام صباحاً).. وبعد ذلك تعد من 50 إلى واحد لمدة عشرة أيام. ثم من 10 إلى واحدة لمدة عشرة أيام. ثم من خمسة إلى واحد لمدة عشرة أيام.
_وللصعود إلى مستوى ألفا، يجب أن تقول عقلياً: (أريد الصعود بهدوء إلى مستوى ألفا، عندما أعد من واحد إلى خمسة.. وسأشعر أنني أكثر يقظة: واحد اثنين، وأعد نفسك لفتح عينيك ـ ثلاثة أربعة خمسة ـ العيون مفتوحة، وأنا الآن مستيقظ تماماً، وأنا أحسن في كل شيء من الأول).. وبذلك تكون قد تدربت للوصول إلى الألفا، ثم للخروج منها.. وفي الصباح: عندما تجد نفسك عند مستوى خمسة إلى واحد، يمكنك بعد ذلك في أي وقت من اليوم، أن تكرر هذا العمل.. ولا لزوم لأن تكرر من عشرة إلى 15 دقيقة للتمرين، وإنما عليك فقط التدرب للوصول إلى بيتا.
_وعلى ذلك: فعليك أن تجلس على كرسي مريح، أو على السرير، ورجلاك بعيدان عن بعضهما على الأرض، وضع يديك على ركبتيك، ورأسك لفوق مستقيمة.
والآن عليك أن تتعلم الاسترخاء، بأن تسترخي عضلات جسمك، الواحد بعد الآخر، وابدأ بالقدمين ثم الوركين ثم اليدين ثم البطن.. وهكذا إلى أن تنتهي عند الرأس، ثم العينين، وأخيراً جلد الشعر.. وستشعر كيف أن جسمك كان غير مسترخي، بل كان منقبضاً.
بعد ذلك تصور دائرة أمامك أو على السقف، والنقطة تكون على مستوى 45 درجة بالنسبة لك.
يجب أن تظل مركزاً بعينيك وهما مفتوحتان على هذه النقطة.
وتخيل أنك تحس بأن جفون عينيك تتثاقل، ودعها تنغلق تدريجياً، إلى أن تقفل نهائياً، وأنت تعد من خمسين إلى واحد.. كرر هذا التمرين عشرة أيام، وبعد ذلك كرر من خمسة إلى واحد.
_عليك في أي وقت من اليوم، أن تتدرب على أن تقوم بالتأمل، لمدة ربع ساعة، مرتين، أو ثلاثة كل يوم.
كل هذه التمارين ستساعدك على تقوية خيالك، وقدرتك على التخيل، ومعاونتك على خلق أداة وشاشة عقلية، تشبه شاشة السينما الكبيرة، وذلك كله في خيالك، ليس خلف جفونك، ولكن خارج جفونك أمامك (وهذا مهم جداً) وتكون على بعد مترين تقريباً.. وعلى هذه الشاشة ستطرح كل الأشياء التي تريد أن تركز عليها.. وعليها أيضاً تخيل شيئاً تعرفه جيداً، برتقالة، تفاحة أو غيرها.. كل مرة تنزل إلى المستوى كما ذكرنا، وتجعل الشيء الذي تراه كأنه حي أمامك، وانظر إليه بأبعاده الثلاثة، وبالألوان، ولا تفكر في شيء آخر.
إن المخ يشبه عربة ليس عليها رقابة، حيث ينتقل من موضوع لآخر، ومن حادثة إلى أخرى. وكلما تمكنا من قيادة المخ، وقيادة قدراته، فإن مخنا يحقق لنا كل ما نريد، فكن صبوراً، ونفذ هذه التمارين.. لا تفعل أكثر من تصور صوراً واضحة في مستوى ألفا، وما عليك إلا أن تجعل هذه الصورة واضحة.
- التأمل الديناميكي:
والآن بدلاً من أن نركز على ا لعمل المرئي، يمكن التركيز على تأمل صوتي، مثلاً نقول (قيوم) وبصوت عالي.. أو التركيز على إدراك عملية التنفس، أو على ناحية نشيطة في جسمك.
ويجب أن نبدأ دائماً بالعد، للوصول إلى المستوى المطلوب.. وهذا التمرين يحتاج إلى تركيز قوي، وسر النجاح فيه يعتمد على هذا التركيز.
وعندما نصل إلى المستوى اللازم للتأمل، لا يكتفي فقط أن ننتظر أن يحدث شيء ما، بل يجب أن نتعدى حالة التأمل السلبي، ونتدرب على الايجابية، لأن التأمل الايجابي يتعدى كل المشاكل.
- تدريب:
قبل النزول إلى حالة الألفا، فكر في منظر جميل مريح وسار، وحالة سعيدة ي حياتك، تذكرها في داخلك، ثم انزل إلى حالة الألفا.. اطرح المنظر على الشاشة أمامك، خارج عينيك بتفاصيله (شاشة التخيل)، وأحيى هذا المنظر من حيث اللون والسمع والبصر والرائحة.. وستندهش من الفرق بين الرؤية في حالة البيتا وحالة الألفا.
ويمكن الاستفادة من هذا التدريب كالآتي:
فكر في شيء يخصك، وهو غير مفقود، ولكن لتبحث عنه تحتاج إلى وقت كالمفاتيح مثلاً: أين هي؟ على المكتب؟ أم في جيبي؟ أم في السيارة؟ وإذا كنت غير متأكد، فانزل إلى مستوى الألفا، واستذكر آخر وقت كانت المفاتيح في يدك. أحيي هذا المنظر، وحاول أن تتذكر: هل أخذها أحد أم ماذا؟
- مثال آخر لشرح القواعد:
القاعدة الأولى: يجب التركيز والرغبة في الحادثة المرغوبة التي تريد إنتاجها.. إذا كنت تفكر في (أول شخص أقابله في الشارع) فهذا تفكير سقيم، لأن المخ يَمُجُّهُ ويرفضه.. ولكن إذا كنت تفكر في (رئيس في عمل معين، والأشياء التي سأبيعها والزبائن) فإن المخ يلذه ويريحه ذلك.
القاعدة الثانية: يجب الاعتقاد في تحقيق الحادثة المرغوبة.
القاعدة الثلاثة: يجب الانتظار إلى أن تتحقق الرغبة.
القاعدة الرابعة: من المستحيل أن تخلق مسائل تعوق التنفيذ، ويجب أن تلاحظ أن الشر يوجد فقط عند الناس في حالة بيتا فقط، وليس ألفا.. ولا يمكن أن يكون في حالة ثيتا ودلتا.
ولنضرب مثلاً للاستفادة بتطبيق هذه العملية:
افترض أن رئيسك هذه الأيام الأخيرة ليس على ما يرام معك.. ماذا تفعل؟
انزل إلى مستوى (ألفا) ثم اعمل الثلاث تمارين الآتية:
1 ـ على شاشتك العقلية الخارجية، اخلق منظراً حديثاً، تجد فيه المشكلة التي تريد حلها.. أحيها بكل قوة، وبأقصى التفاصيل.
2 ـ أخرج هذه الصورة من الشاشة إلى الناحية اليمنى، وضع في محلها، أو اطرح عليها أنها خاصة بباكر، أي اليوم التالي.. وفي هذه الصورة رئيسك محاط بأشخاص بنية طيبة، ولديهم أخبار حسنة، وهو الآن في حالة سارة. وإذا كنت تعرف أسباب المشكلة التي تشغلك، فتصور فوراً الحل بكل دقة.
3 ـ أخرج هذا المنظر على الشاشة العقلية إلى اليمين، وضع محله آتياً من جهة اليسار المنظر الآتي: رئيسك مرح كما تريد.. واعط الصورة الحيوية اللازمة، والتفصيل الواضح، ثم بعد ذلك عد من واحد إلى خمسة.. واستيقظ وأنت مليء ثقة، بأن ما فعلته سيتحقق.
بهذه الطريقة ستخلق في نفسك طاقة قادرة، وقوة محققة
الصديق، رفيق الانسان، ليس في الدنيا فحسب، بل في الآخرة أيضاً.. ومن هنا تأتي أهمية الأصدقاء، وخطورة إنتخابهم.
إذا كان الصديق يكشف عن هوية صاحبه، وعن موقعه في الحياة، حتى قيل: ((قل لي من تصادق أقل لك من أنت)) فإنه يأتي سؤال يقول: هل كان الناس جديرون بالصداقة؟ وهل الأصدقاء كلهم على قدر متساو في ضرورة تكوين العلاقة معهم؟
إن الاسلام يجيب على ذلك بتوضيح حقيقتين، هما:
أولاً: ليس كل الناس جديرين بالصداقة، بل يجب على الانسان أن يختار الأصدقاء من بين الناس، كما يختار الطير الحب الجيد من الحب الرديء..
ثانياً: يجب على الانسان أن يكون (معتدلاً) في صداقته، فلا إفراط ولا تفريط حتى مع الجيدين.
يقول الحديث الشريف: ((أحبب حبيبك هوناً ما، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما. وأبغض بغيضك هوناً ما، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما)).
وهذه حقيقة مهمة في الحياة لأن الناس ليسوا جدراناً، أو أحجاراً، بل هم (بشر) تؤثر فيهم المؤثرات الاجتماعية، فمن كان منهم جيداً الآن فلا يعني انه سيبقى كذلك إلى الأبد.. ومن كان رديئاً، فلا يعني انه سيبقى كذلك، إلى الأبد.. فلا يجوز أن تكون الصداقة (مطلقة)، وبلا حدود.. بل يجب أن تكون مسيجة بحدودها المعقولة، ومحدودة بمقاييسها الانسانية.
ويتساءل المرء:
كيف هم أصدقاء الخير؟
وكيف هم أصدقاء السوء؟
لقد صنف الإمام علي (عليه السلام) الإخوان إلى نوعين، فقال: ((الإخوان صنفان: إخوان الثقة. وإخوان المكاشرة)).
((فإخوان الثقة، كالكف والجناح، والأهل والمال. فإذا كنت في أخيك على ثقة فابذل له مالك، ويدك، وصاف من صافاه، وعاد من عاداه، وأكتم سره، وأظهر منه الحسن. والعم أنهم أقل من الكبريت الأحمر))!.
((وإما إخوان المكاشرة، فإنك تصيب منهم لذتك، ولا تقطعن ذلك منهم، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه، وحلاوة اللسان)).
وحسب هذا التصنيف، فإن الأصدقاء على نوعين:
النوع الأول: الأصدقاء الذين تتبادل معهم أواصر الثقة ولا تشوب علاقتك معهم أية شائبة، وهؤلاء في الحقيقة، (كف) تضرب بهم العدو. و (جناح) تطير بهم في المجتمع، و (أهل) تأنس بهم في الحياة. و (رأسمال) في وقت الفاقة والحاجة.
وقد تسأل: كيف أستعين بأصدقائي وأحولهم إلى كف وجناح وأهل ورأسمال؟
والجواب: بأن تبادر أنت إلى ذلك، وتساعد إخوانك وتكون لهم كالكف والجناح.. ولذلك يقول الإمام علي (عليه السلام): ((فابذل له مالك ويدك)) فلا تبحث عن الأخذ فقط، بل بادر في العطاء، وعن طريقه اصنع منهم أصدقاء جيدين.
النوع الثاني: الأصدقاء الذين لا تربط بهم ثقة كاملة، فباستطاعتك أن تحصل منهم على المشرب والمأكل، ولكن ((لا تقطعن ذلك منهم))، فإذا لم تحصل على إخوان الثقة، فلا يعني ذلك أن تعيش وحيداً في هذه الحياة. بل تعامل مع هؤلاء، كمعاملة التاج ((وابذل لهم ما بذلوا لك)).
فإذا ذهبوا معك في رحلة، فاذهب معهم في رحلة أخرى: وإذا بذلوا لك، فلا مانع في المقابل أن تبذل لهم، بشرط أن ((لا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم)). كما يقول الإمام.
والإمام الصادق (عليه السلام) يقسم الأصدقاء إلى ثلاثة أنواع ويقول: ((الإخوان ثلاثة:
واحد كالغذاء الذي يحتاج إليه في كل وقت: وهو العاقل..
والثاني في معنى الداء: وهو الأحمق..
والثالث في معنى الدواء: وهو اللبيب)).
فالنوع الأول: تحتاج إليه في كل وقت، وفي كل مكان. فكما لا يمكنك إلغاء حاجتك إلى الطعام، فإنك لا يمكن أن تلغي حاجتك إلى أخ عاقل تأخذ منه المشورة، وتشاطره الآراء.
والنوع الثاني: الأصدقاء الذين يسببون لك دائماً المشاكل، ويوقعونك في المواقف الحرجة، وهم (الحمقى) من الناس، فالأحمق حتى لو كان يحبك فهو يضرك فهو قد يتمتع بنية صادقة، ولكنه يضر حينما يريد أن ينفعك.
والنوع الثالث: الأصدقاء الذين يتمتعون بالفهم، والإدراك، ولهم خبرة في الأمور.. ولكنهم ليسوا من أهل الثقة.. فهم كالدواء الذي لا يستعمله الانسان في كل وقت بل في وقت الحاجة فق إلا أن عليك أن تستفيد من رجاحة عقلهم، وخبرتهم في الأمور.
وهنا سؤال هام، وهو:
كيف نعرف الصديق الجيد من الرديء؟
والجواب: عن طريق الامتحان!
فلا يجوز أن نثق كل الثقة بالصديق إلا بعد امتحانه، فلا يكفي أن يضحك في وجهك شاب، لكي تتخذه صديقاً فالنفوس مثل المغارات لا يمكن اكتشافها بمجرد لقاء عابر، فكما لا يمكن اكتشاف المغارة من بوابتها، بل لا بد من الدخول فيها، والغوص في أعماقها، وعندئذ سيكتشف الانسان، إما مناظر جميلة خلابة، أو ثعابين وعقارب كذلك النفوس لا تكشف إلا بالامتحان.
يقول الإمام علي (عليه السلام): ((لا يعرف الناس إلا بالاختبار)) ويقول: ((لا تثق بالصديق قبل الخبرة)) ويقول: ((لا ترغبن في مودة من لم تكتشفه)) ويقول: ((من قلّب الإخوان عرف جواهر الرجال)).
إذن.. كما يقلب الناقد الذهب قبل اقتنائه، لا بد أن يقلب الانسان أصدقائه قبل اختيارهم شركاء الحياة.
وهنا لا بد من الاشارة إلى نقطة هامة وهي، انه ليس الصديق من يحبك وتحبه فقط، أو يثق بك وتثق به فحسب، بل الصديق الجيد هو من يجمعك وإياه هدف واحد، فليس الحبيبان من ينظر أحدهما إلى عيني الآخر.. بل الحبيبان من ينظر كلاهما إلى هدف واحد..
فمن يجمعك معه الهدف الواحد أو الخلية الواحدة، في تنظيم رسالي، فهو صديق أساسي، حتى لو لم تكن أجواء المحبة سائدة بينكما من قبل، فطالما يجمعكم (المبدأ) والهدف فهو صديق له قيمته، لأن المحبة قد تزول ولكن المبدأ والهدف باقيان.
إن الصديق (في الله) هو الذي لا يتغير أبداً، مهما تغيرت الظروف، لأن الله تعالى لا يتغير، ومبادئه لا تزول، وصديق المبدأ يبقى ببقائه.
أما الصديق الذي يجمعك وإياه عمل محدود، أو مكسب مؤقت، أو تجارة عابرة، فإن علاقتكما ستنتهي حالما يبور العمل، وكذلك أيضاً صديق الوظيفة، انه سوف ينساك حالما تتغير (الطاولة) الواحدة التي كانت تجمع بينكما.
وهنا سؤال يقول كيف نمتحن الأصدقاء؟
وهنا سؤال يقول كيف نمتحن الأصدقاء؟
والجواب:
هنالك ستة طرق لذلك وهي كالتالي:
أولاً ـ الامتحان الروحي:
إن المحبة مثل إشارة (التلغراف) فإذا شعرت بالمحبة في دقات قلبك، تجاه شخص، فاعرف انه ـ هو الآخر ـ يشعر بمثل ما تشعر به في قلبه.
وهذه الحقيقة قد ينكرها (الماديون) ولكننا نؤمن بها، لأننا نؤمن ((إن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها إئتلف، وما تناكر منها إختلف)) ـ كما جاء في الحديث..
ولكن هذه العملية بحاجة إلى أن تتعرف على نفسيتك، وعواطفك، وضميرك بشكل جيد، لكي تميز بين إشارات الغريزة، وبين موجبات العاطفة الصادقة.
وعلى أي حال، فإن التآلف بين الأصدقاء يبدأ من الائتلاف الروحي، والأرواح هي التي تكتشف بعضها، قبل أن تكتشفها الأجسام، ومن هنا فإنك قد تلتقي بإنسان لأول مرة، فتخال بأنك تعرفه منذ أمد طويل، وعلى العكس قد تجاور إنساناً مدة طويلة، ولكنك لا تشعر تجاهه بأي انسجام.
وفي هذا الصدد يقول الله تعالى ـ مخاطباً رسوله الكريم ـ :
(إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد أنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون) 1/ المنافقون.
لأن القلوب لم تشهد على صدق شهادتهم.. ومن هنا كان كلامهم كذباً.
ثانياً ـ الامتحان عند الحاجة:
لا شك أن أصدقاء (الأخذ) كثيرون، أما أصدقاء (العطاء) فهم قلة.. وهم الجديرون بالصداقة، لأنهم أصدقاء الانسان، لا أصدقاء جيبه!
ولكي تعرف أي إنسان، جربه عند الحاجة إليه، وانظر هل يقدر حاجتك أم لا؟
وهل يهتم بك، وأنت محتاج؟
إن الناس عادة على نوعين:
الأول: الذين يقضون حاجات الناس، من دون أن يكونوا مستعدين للتضحية في سبيل ذلك، وإنما بمقدار ما يتيسر لهم من الأمر.
الثاني: الذين يؤثرون على أنفسهم، ولو كان بهم خصاصة ـ حسب تعبير القرآن ـ والمطلوب ليس النوع الثاني دائماً، بل الأول ـ على الأقل ـ ، أما من كان يرفض الانسان عند الحاجة إليه، فهو غير جدير بالصداقة في هذه الحياة.
يقول الحديث الشريف: ((ثلاثة لا تعرف إلا في ثلاثة، لا يعرف الحليم إلا عند الغضب.. ولا الشجاع إلا عند الحرب.. ولا الأخ إلا عند الحاجة)).
فلكي تعرف الصديق، جربه، في الطلب منه، وحينئذ تعرف كيف يتصرف معك.
ولا تنس حينما يحتاج إليك الناس، إنك ستحتاج إليهم يوماً، ولا تبخل على نفسك بقضاء حوائجهم، لكي لا يبخلوا عليك، حين الحاجة إليهم.
ثالثاً ـ امتحانه في حب التقرب إليك:
بإمكانك اختبار صديقك، عبر اختبار حبه للتقرب إليك في الأمور التالية:
انظر: هل يحب أن يستمع إليك؟
هل ينشر الأعمال الصالحة التي تقوم بها؟
هل يرتاح إلى مجالستك؟
هل يحول كسب رضاك، وإدخال السرور إلى قلبك؟.
يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((صديق المحبة في ثلاثة: يختار كلام حبيبه على كلام غيره، ويختار مجالسة حبيبه على مجالسة غيره، ويختار رضى حبيبه على رضى غيره)).
فإذا توفرت في صديقك هذه الصفات فهو حقاً صديق المحبة.
رابعاً ـ الامتحان في الشدائد:
الصديق الجيد من يكون موقفه منك جيداً، حينما تكون في شدة.. ويكون معك حينما يتبرأ منك الآخرون، ويصدقك حينما يكذبك الآخرون.. كما كانت خديجة مع رسول الله..
ومن هنا كثيراً ما كان رسول الله، يذكرها، بعد وفاتها وذات مرة قالت له عائشة:
ـ إنك لا تفتأ تذكر خديجة، وقد عوضك الله خيراً منها.!.
فقال لها رسول الله:
ـ ((مه يا عائشة! إن الله لم يعوضني خيراً منها، فقد صدقتني حين كذبني الناس وأوتني حين طردني الناس، وآمنت بي حين كفر بي الناس)).
فهي كانت صديقة (الشدة).. لا الرخاء، ولذلك لم يفتأ رسول الله يذكرها ويستغفر لها الله تعالى.
قد يتعرض انسان مؤمن للاعتقال، فيتبرأ منه أصدقاؤه، ويبررون ذلك بقولهم: إن صداقة (فلان) أصبحت (تكلف)!.
إن هؤلاء ليسوا أصدقاء جديرين بالصداقة! لأنهم يبحثون عن صديق (يكلفوه) لا من يتكلفون له.
يقول الحديث الشريف: ((يمتحن الصديق بثلاثة، فإن كان مؤاتياً فيها، فهو الصديق المصافي، وإلا كان صديق رخاء لا صديق شدة: تبتغي منه مالاً، أو تأمنه على مال، أو مشاركة في مكروه)).
فقبل أن تتخذ أي فرد صديقاً حميماً، اختبره في أية مصيبة تحل بك سواء كانت مصيبة إفلاس، أو غربة، أو سجن، أو مطاردة.
خامساً ـ الامتحان في حالة الغضب:
كل إنسان يظهر على حقيقته في حالة الغضب، فيبدو للآخرين في صورته الواقعية.. ويقول حينئذ ما يفكر به، لا ما يتظاهر به.
فقد يكون هنالك إنسان يجاملك، ويقدم لك كلمات المحبة في كل وقت، فإذا أغضبته، قال الحقيقة التي طالما سترها عنك.
يقول الحديث الشريف: ((إذا أردت أن تعلم صحة ما عند أخيك فأغضبه، فإن ثبت لك على المودة، فهو أخوك، وإلا.. فلا! )).
سادساً ـ الامتحان في السفر:
في السفر يخلع الانسان ثياب التكلف عن نفسه. فيتصرف بطبيعته ويعمل كما يفكر. ومن هنا فإنك تستطيع أن تمتحنه بسهولة.
يقول الحديث الشريف: ((لا تسمي الرجل صديقاً حتى تختبره بثلاثة خصال: حين تغضبه، فتنظر غضبه، أيخرجه من حق إلى باطل؟.. وحين تسافر معه.. وحتى تختبره بالدينار والدرهم))..
«شخصيّة مدرِّستي لا تعجبني ، وأتمنّى لو لم أكن أدرس عندها» ..
«هذا الصّديق ليس وفيّاً معي، ولايقف إلى جانبي في كلِّ الاُمور»..
هذه بعض الأقـوال التي نسمعها من الشّباب فتياناً وفتيات ، وهم يتحدّثون عن اُمور قريبة منهم وتحيط بهم داخل الاُسرة وخارجها ..
هذه الأقوال تعكس جانباً من رؤية هؤلاء إلى المحيط الّذي يعيشون فيه ..
المراهق كسائر الناس ينظر إلى الواقع من حوله من خلال نظّارته الخاصّة به ، لكن نظّارة البعض يشوبها أحياناً غبارٌ من القلق والاضطراب ..
فبعض الشّباب قد يختار من البداية نظّارة خاطئة ، فيرى الاُمور لا تتوافق مع مزاجه .. أو يعتقد أنّ الأشخاص القريبين منه يريدون الإساءة إليه ، ومثل هذا الشّاب لا يرى العالَم كما يحبّ أن يراه ..
لا يدّعي أحد أنّ جميع ما يحيط بنا من أشياء هي جميلة أو تستحقّ منّا المديح ، لكن من المؤكّد أ نّها ليست قبيحة كلّها ، بل هناك الكثير من الاُمور المفيدة التي تجلب السّعادة للإنسان .. المهم هو نظرتنا إلى هذه الاُمور أو إلى الحياة بشكل عام ..
فهل أنظر أنا الشّاب إلى الحـياة بأ نّها مصدر سعادة أم مصدر شقاء .. هل أتذوّق الجمال وأشعر بالمُتعة أكثر ، أم انِّي أشعر بآلام الحياة وتعاستها .. هل أحسّ بالاطمئنان والاستقرار أم أحسّ بالإضطراب والتوتّر والقلق ..
الإجابة على هذه الأسئلة تختلف من شخص لآخر .. ربّما نجد عدداً ملحوظاً من المراهقين يقولون انّنا ننظر إلى الحياة كمصدر تام للسّعادة ، أو انّنا لا نتذوّق إلاّ الجمال ولا نشعر إلاّ بالمُتعة ، والتعاسة لا نعرف شـكلها ولا لونها ، ونعيش دائماً في اطمئنان لا يشوبه أي اضطراب .
لكن الاُمور من حولنا فيها الحسن والسيِّئ، وفيها الجميل والقبيح ، وفيها النافع والضارّ ، وفيها المُمتِع وفيها المُؤلِم .. ولادة طفل في الاُسرة جميل ومُمتِع ، وموت أحد من الكبار مأساويّ ومُؤلِم .. الصحّة حسنة ونافعة ، والمرض مُؤلم على الأقلّ .. الصّديق قد يكون وفيّاً معنا أو يخذلنا عندما نحتاج إليه .. قد اُصادف مُدرِّساً ضعيفاً أو مُدرِّسة سيِّئة الخلق أو العكس .. قد يكون أحد أبواي خشن المزاج والآخر ليِّن الطّبع ناعم الكلام ..
كلّ ذلك نراه من حولنا يوميّاً ، ولكن لا يعني ذلك انّنا أشقياء إذا واجهنا اُموراً تسيء إلينا أو تضرّ بنا ; لأنّ الحياة كُلّها مزيج من الخير والشرّ . والّذي يجعلنا سُعداء هو كيفيّة تفهّمنا لهذه الحياة ونظرتنا إليها ..
إذاً إمّا أن أمسح أنا الفتى والفتاة غبار القلق والإضطراب عن عدسات نظّارتي التي أنظر بها ، أو أستبدلها بنظّارة أخرى تتناسب مع رؤيتي الجديدة ..
ماذا يعني هذا الكلام ؟ ! ..
يعني أن نضع مبادئ جديدة للرؤية ..
1 ـ أن نرى الجانب المملوء من الإناء دائماً .. لا الجانب الفارغ منه .
هذه الحكمة تدعونا إلى مشاهدة الخير والجمال والحُسن في الأشياء وفي الأشخاص ، بدلاً من التركيز على الشرِّ والسّيِّئ والقبيح .. أي انّني إذا أردتُ أن أكون ايجابيّاً فعليَّ أوّلاً وقبل كلّ شيء أن لا أكون سلبيّاً ; لذلك ينصح بعض المتفهِّمين للحياة أن يعدِّد كلّ شخص نعمه ، وليس متاعبه ومشاكله ..
2 ـ أن نؤمن من الأعماق أنّ للكون مدبِّراً لا يخلق شرّاً مطلقاً ..
حتّى الشّـيطان يمكن أن يوجِد فينا شـعوراً بالتحدِّي أمام وساوسه ومكائده .. فنشعر بسـعادة لا توصَف حينما ننتصر عليه ونحصل على درجات عُليا عند الله سبحانه .
3ـ أن نبحث دائماً عن المفيد في كلِّ شيء وسنجده بين أيدينا بعد التدقيق والملاحظة والسّعي ..
مَن جَدَّ وَجَد ، ومَن زَرَعَ حَصَد ..
الأشياء المُهملة مثلاً قد تكون لها فائدة مادِّيّة أو غير مادِّيّة .. قد نستفيد من أدوات عاديّة لصنع وسيلة نافعة ، أو نستفيد من وقت ضائع لتعلّم شيء مهم أو حرفة مفيدة ، وقد نستمع إلى قول طفل صغير أو إنسان بسيط ، فنأخذ منه كلمة حكيمة تنفعنا إلى آخر يوم من حياتنا .
حُكِيَ أنّ حدّاداً كان يجمع ذرّات المعدن المتناثر في ورشته فيأخذها بعد فترة إلى مصنع للصّهر ، فيحوِّل هذه الذرّات إلى سبيكة معدنيّة ويبيعها بثمن مناسب ، فكوّن بعد ذلك لنفسه ثروة لم تكن بالحسبان ..
4ـ أن نعتقد أنّ في نفوسنا وعقولنا كنوزاً لا تُحصى
.. وما علينا إلاّ كشفها وإخراجها إلى الواقع ..
وتحسبُ أ نّكَ جرمٌ صغير***وفيكَ انطوى العالمُ الأكبر((1))
فإذا لم نؤمن بهذه الحقيقة، فلنقرأ سيرة الأنبياء والأولياء والمخترعين والمفكِّرين والمصلحين الكبار الّذين لم يملكوا من الدّنيا إلاّ كنوزاً من العلم والمعرفة ، اسـتخرجوها من نفوسهم ، فاستطاعوا أن يُغيِّروا الكثير من الأشياء في العالَم وأصبحت ذكراهم خالدة في التاريخ .
5 ـ أن نفكِّر في البناء دائماً وأبداً ، لا بالهدم ..
إذا فكّر كلّ منّا بالبناء ، هذا يعني انّنا نريد أن نقوم بأعمال ثم نريد أن نقوم بأعمال أخرى تكملها ، ومن ثمّ نبني فوقها أعمالاً أخرى حتّى يكون لنا في يوم ما عدداً من الانجازات .. وعندها نشعر بالإرتيـاح والسّعادة .
وهذه طبيعة وضعها الله في كلِّ إنسان ، فهو يحبّ أن يرى نفسه قد حقّق شيئاً لنفسه وللآخرين ، لتكون لحياته معنىً وقيمةً وعطاء ..
أمّا فكرة الهدم ، فهي تعني انّنا نخرِّب الأعمال التي قمنا بها ، أو التي قام بها غيرنا ; لأ نّنا نحسـدهم أو لا نحـبّهم ، فمن أين تأتي السّعادة يا ترى لمثل هذا الانسان .
6ـ أن نحبّ أنفسنا من دون غرور أو تكبّر أو عُجب ..
وأن نحبّ الآخرين دون تبعيّة أو امتهان للنفس ..
حبّنا لأنفسنا يعني انّنا نريد الخير لها ، ولذلك لا نأخذها في طريق يضرّ بها ، ونوفِّر لها ما ينفعها من العلم والثقافة والأخلاق والصحّة وما شابه ذلك .
حبّنا للآخرين هو أن نتمنّى لهم الخير ، وإذا أخطأوا نسامحهم ، وإذا كرّروا إساءتهم حينئذ ندافع عن أنفسنا ، ولكن لا نُعادي إلاّ عملهم السيِّئ ; لأنّ الحبّ ما زال في قلوبنا ، ويخلِّصنا هذا الحبّ والودّ والتقدير من الإصابة بأمراض الحقد والحسد والكراهية .
7ـ أن نتفاءل ، فإنّ التفاؤل بداية كلّ عمل كبير وإنجاز مهم ..
تفاءَلوا بالخير تَجِدوه ..
إنّنا نتفاءل لأنّ الحياة تمنح الانسان فرصاً عظيمة للعمل والنجاح ، فقد أنعم الله علينا نعماً كبيرة لا تُحصى ، وهو يأخذ بأيدينا نحو الخير والعطاء .
ونتفاءل أيضاً لأنّ كثيراً من الناس قد فشلوا ، ثمّ واصلوا العمل والتجربة حتّى كُتِبَ لهم التوفيق .
8 ـ الواقع المرّ يتغيّر بالتدريج مهما كان عنيداً ..
الصّخرة مهما كانت صلبة ، فإنّ قطرات الماء الرقراقة تستطيع أن توجِد فيها ثقباً ، ثمّ تحوِّله إلى حفرة ، ثمّ تفتّت الصخرة بمرور الزّمن إلى حُجيرات صغيرة ، وهذا المنظر مألوف في الطّبيعة ..
لنأخذ البَذْرة والنّواة مثلاً ، فإنّنا إذا وضعناها في جوف التربة الصّالحة وأوصلنا إليها الماء واعتنينا بها ، تصبح شجرة في الآجل من الأيّام ، ويقول المثل : «كلّ آت قريب» ..
الأمر الآخر هو انّنا كبشر نستطيع أن نتكيّف مع الواقع مهما كان صعباً وقاسياً .. الانسان يعيش في قطب الشمال الّذي تتجمّد فيه البحار من البرد ، كما يعيش في خطِّ الاستواء الحار .. يعيش في الجبال الشّاهقة كما يعيش في الصّحاري الُمحرِقة ..
فلماذا الجَزَع والخَوف والقَلَق والضّجَر والتّشاؤم ..
9ـ المصائب فيها حكمة في النهاية ..
مذكّرات كثير من القادة والزّعماء والمشاهير تحوي قصصاً مأساويّة عديدة وقعت لهؤلاء ، من موت أحد أعزّائهم وفقدان حبيب إلى قلوبهم ، أو خسارة كبيرة لحقت بأموالهم وتجارتهم وما شابه .. إلاّ أنّ هذه المصائب جعلتهم أفراداً ناجحين في مواجهة مشاكل الحياة ، فأخذوا أكبر نصيب منها . والتفّ حولهم الناس واحترموهم أشدّ الاحترام .
10 ـ الأخطاء والذنوب يمكـن تصحـيحها وتعويضها بالإتقـان والعمل الصّالح ..
معظم الأخطاء نرتكبها لقلّة خبرتنا وتجربتنا ، أو لأ نّنا لم نتقن العمـل جيِّداً ولم نبذل له فكراً
أو جهداً كافياً .. فإذا استفدنا من التجارب وخطّطنا للعمل جيِّداً وأتقنّاه فانّ الأخطاء تقلّ كثيراً .
كذلك الذنوب والمعاصي التي قد نقترفها ، فانّها قابلة للتعويض إذا ندمنا على فعلها وأتبعناها بعمل صالح ..
جاء في القرآن الكريم : (إنّ الحَسَنات يُذْهِبْنَ السّيِّئات ) .
أي أن نأتي بالحسن من الأعمال حتّى تحلّ محلّ السّيِّئ منها ، ونزيل آثارها .. فإنّ إشاعة الخير هو أفضل طريق لقتل الشرّ في نفوسنا .
11ـ إنّنا مسؤولون عن أنفسنا وعن أعمالنا أكثر من غيرنا ..
قد يعيننا الآخرون في عمل مُعيّن ، أو يشاركوننا في همّنا ، ولكن يبقى كلّ شخص هو المسؤول في نهاية الأمر عن تسيير اُموره ، وتحقيق النجاح في شؤون حياته المختلفة ، في دراسته أو في اختيار الصّديق المناسب ، أو كسب احترام الآخرين ، أو التفوّق في عمل من الأعمال ..
والمثل يقول : «اقلع شوكتك بيدك» .
12ـ أن نؤمن بأنّ النجاح مرهون بالعمل والصّبر ..
هناك حكمة انجليزيّة تقول انّ الأعمال أعلى صوتاً من الأقوال ، أو الكلام المعسول لا يطهو الجزر الأبيض ..
فمهما كان كلامنا حُلواً ومنمقاً فانّه لا يبني شيئاً إلاّ إذا تحوّل إلى عمل وفعل .. فهل قول أحدنا انّني سأنجح في الامتحان وأحصل على درجة ممتازة يكفي للنجاح في هذا الامتحان، أم أنّ الدراسة والاجتهاد هما اللّذان يوصلان إلى هذه الغاية ..
النجـاح لا يأتي بالتمنِّي أو الحديث عن الاُمنيـات ، وإنّما بالعمـل والمداومة والصّبر .
13ـ أن نرضى بنتائج عملنا وسعينا وإن كانت هذه النتائج قليلة وضئيلة حتّى تحين فرصة أخرى للعمل والسّعي
هذا الشعور يجعلنا دائماً في ارتياح .. إنّنا قد بذلنا جهدنا ، وإن لم نحصل على الشيء الكثير، فلنجدِّد عزمنا وهمّتنا ، ونتوكّل على الله سبحانه ، ونحاول ونعمل مرّة اُخرى حتّى ننال ما نريد ، وتكون أعمالنا ومساعينا ناجحة ..
هذه جملة من المبادئ التي تجعل نظرتنا نحن المراهقين إيجابيّة نحو الحياة ، ومنطلقة نحو التغيير ، وتُحبِّب لنا آفاق المسير في رحلة العمر الجديدة ، الممتعة والمسؤولة ، والتي بدأناها بعد مرحلة الطّفولة ..
إنّ الذات الانسانية تحمل مشاعر الحبّ والكراهية، والرِّضا والغضب، وغريزة الطّعام والجنس، وحبّ الذات والتسلّط، وحبّ المال ، والرّغبة في التفوّق على الآخرين . وهي التي تدفع الانسان إلى كثير من الأفعال الشرِّيرة والسيِّئة ; كما تدفعه إلى فعل الخير والمصلحة المشروعة .
لذا فإنّ الموقف الصحيح هو أن نفكِّر في عواقب الاُمور ، قبل أن نقدم على أي عمل، ونعرف ما ينتج عن فعلنا وموقفنا من خير أو شر..
كما إنّ من المفيد أيضاً الاستفادة من تجربة الآخرين واستشارة مَن نثق بهم: الأب ، الاُمّ، الأخ، الأصدقاء، أساتذتنا، أصحاب الاختصاص..
إنّ دوافع انفعاليّة عديدة تحرِّك الانسان، فقد يدفع الانسان الغضب ، أو الكراهية ، أو الأنانية ، إلى ارتكاب الجريمة ، أو التورّط في أفعال لا يستطيع التخلّص من نتائجها السيِّئة ، أو الاضطرار إلى الاعتذار .
وقد يستولي على الانسان الوهم والخيال ، ويتصوّر مشاريع وآمال وهميّة ، لتحقيق رغبات كيف أتعامل نفسيّة ، لاكتساب المال أو الشّهرة أو الموقع أو غير ذلك ، فيبذل جهوداً ووقتاً ومالاً ، دون أن يحقِّق نفعاً ، بل يذهب كلّ ذلك سُدى .
وقد تدفعه الشهوة والإحساس باللّذّة إلى ارتكاب أفعال ، وتعوّد سلوك سيِّئ شرِّير، كتناول المخدِّرات والتدخين والجنس المحرّم ... وغير ذلك ممّا يجلب له النّدامة والكوارث ، ولا يشعر بخطئه إلاّ بعد فوات الأوان .
إنّ من الحكمة ونضج الشخصية أن لا يكرِّر الانسان خطأ وقع فيه ، كما أنّ من الحكمة والوعي أن لا يقع الانسان في أخطاء غيره .. إنّ التجارب مدرسةٌ تعلِّم الانسان الخطأ والصّواب .. وعليه أن يستفيد من خطئه وخطأ الآخرين ..
وقديماً قيل :«مَن جرّب المجرّبات ، حلّت به النّدامة» .
وللإمام عليّ (عليه السلام) حكمة جديرة بالتفكّر والعمل ، قال (عليه السلام) : « السّعيد مَن وُعِظَ بغيره »
إن الثقة تكتسب وتتطور ولم تولد الثقة مع إنسان حين ولد ، فهؤلاء الأشخاص الذين تعرف أنت أنهم مشحونون بالثقة ويسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل و التأقلم في أي زمان أو مكان هم أناس اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم..اكتسبوا كل ذرة فيها.
انعدام الثقة في النفس :
ماذا تعني كلمة نقص أو انعدام الثقة في النفس؟؟..أننا غالبا ما نردد هذه الكلمة أو نسمع الأشخاص المحيطين بنا يردون إنهم يفتقرون إلى الثقة بالنفس؟!..
إن عدم الثقة بالنفس سلسلة مرتبطة ببعضها البعض تبدأ:
أولا:بانعدام الثقة بالنفس.
ثانيا:الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك و سلبياتك.. وهو ما يؤدي إلى: ثالثا:القلق بفعل هذا الإحساس و التفاعل معه.. بأن يصدر عنك سلوك و تصرف سيئ أو ضعيف ، وفي العادة لا يمت إلى شخصيتك و أسلوبك وهذا يؤدي إلى:
رابعا:الإحساس بالخجل من نفسك.. وهذا الإحساس يقودك مرة أخرى إلى نقطة البداية.. وهي انعدام الثقة بالنفس وهكذا تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبي اتجاه نفسك و قدراتك.. لكن هل قررت عزيزي القارئ التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية،والتي تعتبر بمثابة موت بطيء لطاقاتك ودوافعك ؟ إذا اتخذت ذلك القرار بالتوقف عن إلام نفسك و تدميرها.. ابدأ بالخطوة الأولى:
تحديد مصدر المشكلة:
أين يكمن مصدر هذا الإحساس ؟؟ هل ذلك بسبب تعرضي لحادثة وأنا صغير كالإحراج أو الاستهزاء بقدراتي ومقارنتي بالآخرين ؟ هل السبب أنني فشلت في أداء شيء ما كالدراسة مثلا ؟أو أن أحد المدرسين أو رؤسائي في العمل قد وجه لي انتقادا بشكل جارح أمام زملائي؟هل للأقارب أو الأصدقاء دور في زيادة إحساسي بالألم؟ وهل مازال هذا التأثير قائم حتى الآن؟؟أسئلة كثيرة حاول أن تسأل نفسك وتتوصل إلى الحلكن صريحا مع نفسك .. ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكي تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها ،حاول ترتيب أفكارك استخدم ورقة قلم واكتب كل الأشياء التي تعتقد أنها ساهمت في خلق مشكلة عدم الثقة لديك ، تعرف على الأسباب الرئيسية و الفرعية التي أدت إلى تفاقم المشكلة .
البحث عن حل:
بعد أن توصلت إلى مصدر المشكلة..أبدا في البحث عن حل .. بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول قي الظهوراجلس في مكان هادئ وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك ما الذي يجعلني أسيطر على مخاوفي و أستعيد ثقتي بنفسي ؟
إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلا طرفا أو عامل رئيسي في فقدانك لثقتك ..حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد ليس لأنه توقف بل لأنه لا يفيدك في الوقت الحاضر بل يسهم في هدم ثقتك ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة.
أقنع نفسك وردد:
من حقي أن أحصل على ثقة عالية بنفسي وبقدراتي .
من حقي أن أتخلص من هذا الجانب السلبي في حياتي. ثقتك بنفسك تكمن في اعتقاداتك:
في البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك..فالثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب مهما أي أنك تخلق الفكرة سلبية كانت أم إيجابية وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك لذلك تبنى عبارات وأفكار تشحنك
بالثقة وحاول زرعها في دماغك.
انظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق و استمع إلى حديث نفسك جيدا واحذف الكلمات المحملة بالإحباط ،إن ارتفاع روحك المعنوية مسئوليتك وحدك لذلك حاول دائما إسعاد نفسك ..اعتبر الماضي بكل إحباطا ته قد انتهى ..وأنت قادر على المسامحة أغفر لأهلك لأقاربك لأصدقائك أغفر لكل من أساء إليك لأنك لست مسؤولا عن جهلهم وضعفهم الإنساني.
ابتعد كل البعد عن المقارنة أي لا تسمح لنفسك ولو من قبيل الحديث فقط أن تقارن نفسك بالأخريينحتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر إنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شئ..فقط ركز على إبداعاتك وعلى ما تعرف أبرزه، وحاول تطوير هوايات الشخصيةوكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون..ومن المهم جدا أن تقرأ عن الأشخاص الآخرين وكيف قادتهم قوة عزائهم إلى أن يحصلوا على ما أرادوااختر مثل أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه في الحياة ولن تجد أفضل من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، مثلا في قدرة التحمل والصبر والجهاد من أجل هدف سام ونبيل وهو إعلاء كلمة الله تعالى ونشر دينه.
بنك الذاكرة:
يقودنا النقص الزائد في الثقة بالنفس مباشرة إلى ذاكرة غير منتظمة فالعقل يشبه البنك كثيرا، إنك تودع يوميا أفكارا جديدة في بنكك العقلي وتنمو هذه الودائع وتكوِن ذاكرتك حين تواجه مشكلة أو تحاول حل مشكلة ما فإنك في الواقع الأمر تسأل بنك ذاكرتك: ما الذي أعرفه عن هذه القضية ؟.. ويزودك بنك ذاكرتك أوتوماتيكيا بمعلومات متفرقة تتصل بالموقف المطلوب ..بالتالي مخزون ذاكرتك هو المادة الخام لأفكارك الجديدة ..أي أنك عندما تواجه موقف ما ..صعبافكر بالنجاح ،لا تفكر بالفشل استدعي الأفكار الإيجابية..المواقف التي حققت فيها نجاح من قبل لا تقل : قد أفشل كما فشلت في الموقف الفلاني..نعم أنا سأفشلبذلك تتسلل الأفكار السلبية إلى بنكك و تصبح جزء من المادة الخام لأفكارك . حين تدخل في منافسة مع أخر ،قل : أنا كفء لأكون الأفضل، ولا تقل لست مؤهلا، إجعل فكرة (سأنجح)هي الفكرة الرئيسية السائدة في عملية تفكيرك . يهيئ التفكير بالنجاح عقلك ليعد خطط تنتج النجاح، وينتج التفكير بالفشل فهو يهيئ عقلك لوضع خطط تنتج الفشل. لذلك احرص على إيداع الأفكار الإيجابية فقط في بنك ذاكرتك،واحرص على أن تسحب من أفكارك إيجابية ولا تسمح لأفكارك السلبية أن تتخذ مكانا في بنك ذاكرتك.
عوامل تزيد ثقتك بنفسك: عندما نضع أهداف وننفذها يزيد ثقتنا بنفسنا مهما كانت هذه الأهداف.. سواء على المستوى الشخصي.. أو على صعيد العمل.. مهما كانت صغيره تلك الأهداف.
اقبل تحمل المسؤولية.. فهي تجعلك تشعرك بأهميتك.. تقدم ولا تخف.. اقهر الخوف في كل مرة يظهر فيها.. افعل ما تخشاه يختفي الخوف.. كن إنسانا نشيطا.. اشغل نفسك بأشياء مختلفة..استخدم العمل لمعالجة خوفك.. تكتسب ثقة أكبر.
حدث نفسك حديثا إيجابيا..في صباح كل يوم وابدأ يومك بتفاؤل وابتسامة جميلة.. واسأل نفسك ما الذي يمكنني عمله اليوم لأكون أكثر قيمة؟ تكلم! فالكلام فيتامين بناء الثقة.. ولكن تمرن على الكلام أولا.
حاول المشاركة بالمناقشات واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة في كل المجالات.. كلما شاركت في النقاش تضيف إلى ثقتك كلما تحدثت أكثر، يسهل عليك التحدث في المرة التالية ولكن لا تنسى مراعاة أساليب الحوار الهادئ والمثمر.
اشغل نفسك بمساعدة الآخرين تذكر أن كل شخص آخر، هو إنسان مثلك تماما يمتلك نفس قدراتك ربما أقل ولكن هو يحسن عرض نفسه وهو يثق في قدراته أكثر منك.
اهتم في مظهرك و لا تهمله.. ويظل المظهر هو أول ما يقع عليه نظر الآخرين.
لا تنسى.. الصلاة وقراءة القران الكريم يمد الإنسان بالطمأنينة والسكينة.. وتذهب الخوف من المستقبل.. تجعل الإنسان يعمل قدر استطاعته ثم يتوكل على الله.. في كل شيء
كثير من الشّـباب فتياناً وفتيات يسألون أنفسهم ماذا نملك من الثّروات حتّى نفكِّر في تنميتها والاستفادة منها في شؤون حياتنا المختلفة ..
قد يرى البعض انّه فقير أو مُفْلِس لا يملك شيئاً لأ نّه لا يفعل ما يريد مثل الكبار .. هذا التصوّر الخاطئ هو الّذي جعل عدداً من الفتيان والفتيات يرون العالَم مُظلِماً والحياة تعاسة وحرماناً ..
تكتب فتاة في السّادسة عشرة من العمر مذكّراتها فتقول :
«لا أستطيع التعبير عن شيء .. أصبحتُ قريبة لفقدان الذاكرة ، كثيرة القلق والتفكير ، عديمة الثِّقة بنفسي .. أيّ عمل أقدِم عليه أخاف نتائجه وأتردّد في القيام به ، دائمة الحزن .. عندما أنظر إلى وجهي في المرآة أجده بشعاً ، فأكره نفسي وأتمنّى لو لم اُخلَق» .
ويكتب أحد الفتيان فيقول :
«كنتُ إذا نظرتُ في المـرآة وأنا شـاب أسـأل نفسي حين أرى خيالي .. هل هذا الّذي يشبهني تماماً يمكن أن أحبّه لو انّه خرج من المرآة بقدرة الله وعاش معي ؟... » .
أحياناً يلقي المراهق مسؤوليّة ما يحصل له على اُسرته وخاصّة على والديه ; لأ نّه لا يجد أحداً يلقي اللّوم عليه أفضل منهما .
هذه فتـاة في الخامسة عشرة من العمر تدخل إلى عيادة أحد الأطباء المعروفين الّذين له مؤلّفات عن الطّفولة والمراهقة .. تدخل هذه الفتاة برفقة اُمّها وتطلب من الطّبيب أن تتحدّث إليه وحده ، وهكذا يكون ..
بدأت الفتاة منذ اللّحظة الاُولى بانتقاد أبويها وإلقاءاللّوم عليهما بأ نّهما لا يعطيانها الفرصة ويسخران منها ..
تحدّث الطّبيب الحاذِق مع اُمّ الفـتاة ليسمع رأيها حول ابنتها ، فاستمع إلى كلام مُعاكِس من الاُم ، فتحقّق من الموضوع ووجد من خلال تجربته وخبرته الطّويلة أنّ هذه الفتاة تخشى من الفشل ومن عدم اعتراف الآخرين بها كبنت راشدة ، ويصعب عليها أن تتّهم نفسها ، فوجدت الحلّ في أن تهاجم أبويها بمجرّد أن يرفض أبوها أو اُمّها لها طلباً .
نحن نحتاج إلى رعاية الأبوين بشكل خاص وإلى إرشاد الكبار بشكل عام ، لكنّنا لسنا أطفالاً لكي نعتمد بالكامل عليهم ..
الاُسرة هي قاعدة الانطلاق ، كما ينطلق الرحّالة من مبدأ حركته ومرسى سفينته ، أو كما ينطلق المتسلِّق من مقرِّه ومخيّمه في سفح الجبل ..
الاُسرة هي الملجأ والملاذ أيضاً ، نعود إليها في الأوقات التي نحتاج إليها ، لا سيّما في المراحل الصّعبة من الحياة لتمنحنا سكوناً وطمأنينة ..
رغم هذه الحقيقة وهذه الأهمية للاُسرة ، فإنّنا نستعد في هذه المرحلة من العمر أي في سنّ المراهقة ، لتحمّل بعض مسؤوليات الحياة على الأقل ، حتّى نتأهّل شيئاً فشيئاً لأن نكون مسؤولين بالكامل عن أنفسنا بل عن اُسرة نكوِّنها في المستقبل ، أو عن دائرة نعمل فيها ، أو عن المجتمع الّذي نعيش فيه ..
ويحقّ لنا أن نسأل منذ البداية ، وقبل أن نضع خطواتنا في الطّريق إلى عالَم الرّشد ، ماذا منحتنا الحياة من ثروات وطاقات وكفاءات حتّى نستثمرها في هذا الطريق ؟ ما هي القدرات والاستعدادات التي وهبها الله لنا لنجعلها رأسمالنا في هذه الحياة ونعمل على تنميتها واستثمارها في مراحل العمر كلّها ؟ إذن يجب أن نحصي ما لدينا من طاقات وثروات .
أوّلاً : العقـل
العقل، هذه الثروة الهائلة وأكبر الكنوز التي نملكها نحن البشر ونتميّز به عن سائر المخلوقات في الأرض .. هذا الوعاء الذي يستوعب الفكر والعلم والتجربة والمعرفة .. هذا الدليل المُرشِد الّذي يدلّنا على الطّريق ويرشدنا إلى الخير والصّلاح ، والّذي يميِّز لنا الحقّ من الباطل والخير من الشرّ ، وهو الّذي يُراقب كلّ خطوة منّا حتّى لا تخرج عن الطريق الصحيح ..
ولكن هل يكون العقل ثروة لمن يهمله ولا يستفيد منه ولا يعرف قدره ؟
الحكماء يقولون انّ العقل وزير ناصح ; لأنّ آراء الوزير وإرشادات الوزير تنفع حينما يستوزره الحاكم على مملكته .. فهل نستوزر نحن العقل هذا الوزير الناصح على مملكتنا الشخصيّة ؟
ثانياً : الإرادة ..
وهي التي نسمِّيها أحياناً الاختيار .. كلّنا مخيّرون وقادرون على القيام بعمل ما أو تركه .. الإرادة عند الانسان تجعله أقدَر من جميع المخلوقات التي نعرفها على فعل ما يريد ، أو الامتناع عن اُمور يحتاجها ، كالنّوم والرّاحة أو الأكل والشّرب ، لهدف أكبر وغاية أسمى ..
كثير من العظماء قلّلوا ساعات نومهم وأخذوا من أوقات راحتهم للدراسة والاجتهاد والسّهر مع العلم والمعرفة ، حتّى نالوا شهادات عُليا وحصلوا على مواقع مهمّة في المجتمع وظلّ ذكرهم حيّاً بين الناس ..
المؤمنون يمتنعون عن الأكل والشرب أثناء الصِّيام ليعبدوا ربّهم وليتعلّموا الصّبر ويواسوا الفقراء ، فإذا أصبح الصّبر عادة بالنسبة لهم صاروا يتحمّلون بشكل طبيعي بعض مصاعب الحياة .
إنّ الإرادة والصّبر والإستقامة هي الطريق إلى النجاح في كثير من الأعمال التي يقوم بها الانسان .
ثالثاً : العاطفة والإحساس ..
من المؤكّد أنّ العاطفة تقوى عند الشّباب ، لا سيّما عند الفتيات لأ نّهنّ اُمّهات المستقبل .. وقد نلاحظ في مذكّرات هذه الفتيات ميلهنّ الشّديد إلى البكاء أو تعلّق بعضهنّ الشديد بصديقاتهنّ أو مدرِّساتهنّ ..
هذه العاطفة تُعتبر ثروة للإنسان ، يتفاعل بها مع الأشياء من حوله ، فيحبّ ويكره ، ويرضى ويغضب ، ويرغب في شيء أو ينفر منه ..
فالعاطفة تربط الانسان بالآخرين وتزيد حياته دفئاً بين أحبّائه واُسرته وتحميه من اللّامُبالاة ..
الأحاسيس تنمو هي الأخرى عند المراهق ليصبح مُرهَف الحسّ ، شاعري المزاج في تعامله مع الأشياء من حوله ، كصور الطّبيعة وأحداث الحياة ، ويميل إلى قراءة الشّعر والقصّة ، ويرغب في ممارسة الرّسم والإنشاد ، ويُقبِل في هذه المرحلة على الفنّ إحساساً وتذوّقاً للجمال ، أو محاولة في التعبير عنه من خلال لوحة فنِّيّة ، أو أبيات من الشِّعر ، أو غير ذلك من التعابير ..
العاطفة والإحساس كلاهما ثروة مهمّة إذا عرف الإنسان كيف يستثمرهما في حياته .
رابعاً : الخيال ..
وهو ليس كما يتصوّره البعض بأ نّه يُبعِد المراهق عن الواقـع ، أو يجعله يسبح في عالَم آخر ، وبالتـالي يُجمِّد طاقاته وإمكانيّاته ; فإنّ الخيال شيء جميل ونافع ويستحقّ الاهتمام ، وله دور مهم في حياة الانسان ..
قد يفرّ الإنسان بخياله من الواقع المرّ ، ولكن في الغالِب يلجأ الإنسان إلى الخيال وأحلام اليَقْظَة وينسج الآمال في تصوّراته لأ نّه يريد أن يكون مثاليّاً ، وأن يكون ناضجاً وبلا عيوب ، وهو يشبه إحساس المُكتَشِف أو الرحّالة الّذي يتصوّر أرض أحلامه في خياله قبل أن يتحرّك لاكتشافها في الواقع ..
هذا الخيال نافع جدّاً لهذا المكتشف أو الرحّالة لأنّ له صلة بعالَم الواقع ..
الخيال ثروة حقيقية لنا إذا استطعنا أن نربط بينه وبين الحياة بجسور عديدة ، فلا نسمح للخيال أن يتغلّب على الواقع فنبقى نسبح في الآمال والاُمنيات ، ولا نجعل الواقع كذلك يتغلّب على الخيال فتكون طموحاتنا محدودة وضيِّقة .. لِنَترك للخيال الآمال والغايات ونجعل الواقع يسير بنا نحو تلك الآمال والغايات .
خامساً : الصحّة أو العافية .. ثروة لا تُقدّر بثمن ..
جاء في الحديث الشريف أنّ خمساً من الاُمور يجب اغتنامها قبل خمس : الشّباب قبل الهرم والفراغ قبل الانشغال والقوّة قبل الضّعف والصحّة قبل المرض ..
يكفي أن نفكِّر قليلاً في أهميّة هذه الثروة .. ماذا نفعل لو فقدناها فجأة ..
كثير من المرضى والمعوّقين يتمنّون أن تكون لهم صحّة كاملة ليعودوا إلى نشاطهم الطبيعي في هذه الحياة ..
العافية أو الصحّة ثروة يجب أن نحافظ عليها ونصونها بالغذاء السّليم وبالنظافة ، وما يمكن أن نمارسه من الرياضة .. وعلينا أن نهتمّ أيضاً بالجانب الآخر من الصحّة أي نظافة نفوسنا من الأخلاق السيِّئة والأحقـاد والكراهيّـة وترويضها على الصِّـفات الحسنة ، كما نراعي نظافتنا الظاهريّة وكما نقوم بالرياضات البدنيّة .
مع وجود هذه الثروات وغيرها ، هل أستطيع أنا الشّاب أن أعتبر نفسي فقيراً أو تعيساً أو محروماً ، خاصّة أنّ الثروات ليست محدودة بهذه المواهب التي أشترك بها مع الآخرين ، فقد تكون لكلّ فرد منّا موهبته الخاصّة به .. وما عليه إلاّ الاستفادة منها وتنميتها وتقويتها أو استثمارها كما يستثمر التاجر رأسماله ليكسب أرباحاً جديدة ويضيف إلى أمواله ثروات أخرى ورأسمال جديد ..
فضلاً عن ذلك كلّه ، هناك كفاءات أخرى يمكننا أن ندخلها في صميم حياتنا ، فتوجد تحوّلاً كبيراً وتجعلنا قادرين على إنجاز أعمال مهمّة والوصول إلى غايات وأهداف كبيرة ..
إنّ هذه الكفاءات نقلة نوعيّة في حـياتنا وسيّما في سنّ المراهقة لتحقيق أشياء لا نتصوّر حدوثها في الحالات العاديّة .. ومنها :
الإبداع :
كفاءة وطاقة واستعداد يكسبه الانسان من خلال تركيز مُنظّم لقدراته العقليّة وإرادته وخياله وتجاربه ومعلوماته ..
الإبداع يُعدّ سرّاً من أسرار التفوّق في ميادين الحياة ، ويمكِّن صاحبه من كشف سبل جديدة في تغيير العالَم الّذي يحيط بنا والخلاص من الملل والتكرار ..
إذا أردنا تحقيق مثل هذه الكفاءة في حياتنا ، فلا بدّ أن نضع عدّة لافتات أمامنا ، ونتبّع معها طريق الإبداع ، هذه اللّافتات هي :
ـ تقوية الخيال والإحساس .
ـ توجيه المشاعر نحو الأهداف الجميلة .
ـ تنمية الفكر والثقافة والمعلومات .
ـ تبسيط الحياة وعدم الانشغال كثيراً بهمومها .
ـ اكتشاف النظام في الأشياء التي لا نجد فيها نظاماً في النظرة الاُولى .
ـ أن نقدِّم الجديد بعد الجديد ، وأن نفعل ذلك كلّ يوم .
ـ أن نحبّ أنفسنا والآخرين وأن يكون حبّنا الأقوى للخالق المُبدِع .
ـ أن نُصاحب أصدقاء مُبدِعين .
ـ أن نُطالِع كتباً أو قصصاً أو أشعاراً تدعونا إلى التفكير والإبداع لا إلى التقليد .
الإيمـان :
طاقة عظيمة نكتسبها من خلال الاعتقاد الصحيح بخالق الكون والمدبِّر له ، ومشاهدة جماله وكماله في الخلائق كلّها صغيرها وكبيرها ، وتلمّس رحمته التي وسعت كلّ شيء .
ومن خلال عبادته التي تزوِّد النفس بطاقة روحيّة كبيرة تجعل الانسان أقوى وأكثر توازناً عند الشّدائد ..
الإيمان ثروة ينالها الشّاب أسهل من غيره لأنّ نفسه الطريّة تتفتّح عليها آفاق الحياة سواء كانت هذه الآفاق مادِّيّة أو روحيّة ومعنويّة .
الهمّة العالية :
ثروة ضخمة وقوّة كبيرة تدفع الانسان إلى غاياته وتبعد عنه اليأس والضّجر والمَلل .
يُشير الحديث الشريف إلى أنّ المرء يطير بهمّته كما يطير الطّير بجناحيه .. الانسان بحاجة ماسّة إلى همّة عالية وهو في طريقه إلى الرّشد والنضوج .. الطّريق الّذي يرسم له الغايات في هذه الحياة ..
أمّا حصولنا على هذه الثروة الكبيرة فهو ممكن إذا اتّبعنا بعض القواعد في حياتنا :
_ نتذكّر دائماً انّنا بشر ونستطيع أن نرقى إلى الكمال الّذي نريده . _ نشدّ عربتنا إلى نجم كما تقول الحكمة ; أي نكوِّن لأنفسنا قيماً وأهدافاً عُليا نسعى للوصول والارتقاء إليها . _ لا ننشغل بالصّغائر والاُمور التافهة وغير المهمّة . _ لنكُن أخلاقيين في التعامل مع الآخرين ولا تحدِّدنا مصالح شخصيّة . _ لنكُن مُبدِعين في كلِّ شيء حتّى في تحديد الأهداف واختيار الأساليب والطّرق التي توصل إليها . _ لنهتمّ بجمال الباطن كما نهتمّ بجمال الظّاهر . _ لنختر أصدقاءً من أصحاب الهمم العالية .
ما ذكرناه هو أهمّ المواهب التي نملكها نحن الشّباب أو نستطيع أن نكسبها من خلال ما لدينا من طاقات واستعدادات ذاتيّة ومشتركة .. وينبغي أن نؤمن بأنّ الحياة وخالقها يستطيعان منحنا المزيد ثمّ المزيد من المواهب إذا واصلنا الكشف والبحث ، فكنوز الحياة ليس لها نفاد (إن تُعِدوّا نعمةَ اللهِ لا تُحْصوها )
العين ترى الجمال وتشخصه نعم ولكن جمال الباطن يشعر به المرء ويحسّه من اعماقه دون ان يحتاج الى مشاهدته في الوجه أو في تناسب الاعضاء من حسن ووسامة وما شابه.
فكون المرء ذا معرفة واخلاق وسلوك لائق يجعله جميلاً في نظر الآخرين ومستحسناً في نظرهم ويستحق منهم كل مديح وثناء حتى ولو لم يكن ذا وجه جميل أو جسم رشيق او ظاهر وسيم.
النظرة الايجابية:
من يملك رؤية ايجابية نحو الاشياء يكون قادراً اكثر على تغييرها بشكل افضل ويثق بقدراته ويتقبل الدعم من الآخرين دون الوقوع في أسرهم.
ردود فعلنا:
اذا كانت ردود فعلنا تجاه الآخرين في اطار يقبله العقل وتستحسنه قواعد الاخلاق الفطرية في الانسان فاننا سنجعل الآخرين يتصرفون معنا بنفس الطريقة عندما نسمع لما يقوله الآخرون وتنصت الى كلامهم وآرائهم فانهم سيحترمون آرائنا وافكارنا حتى لو لم يقبلوها ويولون اهمية لشخصنا وان اختلفوا معنا.
احترام الآخر:
مهما كان هذا الآخر في مجتمعنا فهو يجب ان يكون محترماً في نظرنا لانه انسان له خصوصياته وافكاره ولا نتوقع ان تكون افكاره وسلوكياته مطابقة او مشابهة لافكارنا وسلوكياتنا وبذلك نتعايش ضمن الجماعة كافراد متمايزين يحظى كل منهم بالاحترام والكرامة والثقة بالنفس.
قدّموا المديح وتقبلوه من الآخرين:
امدحوا من كان يستحق ذلك منكم ولا تبخلوا بشيء منه وهو سيعزّز ذواتكم ويزيد من احترامها وفي الوقت ذاته تقبلوا ثناء الآخرين ومديحهم ولكن دون غرور فان الانسان قد يتراجع عن صفاته الانسانية اذا ركن الى ذاته. ولم يفكر بجدّ ان المديح مهما بلغ لا يمكنه ان يجعله كاملاً فاذا اراد التطلّع الى ثناء اكبر فعليه ان يسمو بذاته عن كلّ مديح.
انتقدوا وتقبلوا النقد من الآخرين:
انتقدوا تصرفات الآخرين وسلوكهم دون المساس بشخصيتهم واختاروا افضل الطرق لاصلاح السلوك، فلا اساءة ولا تحقير ولا فضح امام الآخرين.
وتقبلوه ايضاً من اهلكم واصدقائكم وحتى من الغرباء. ونبّهوهم في حال كان انتقادهم مصحوباً باساءة أو تحقير أو فضح حتى يتعلموا النقد البنّاء..
عزّزوا من نقاط القوة في شخصيتكم:
اذا نظرتم الى ذواتكم بوعي وتعقل ومسؤولية فانكم سترون نقاط القوة والضعف فاعملوا على تعزيز نقاط القوة وتفتيت نقاط الضعف.
واحياناً تحتاجون الى تحقيق ذلك باصدقاء خلّص ومرشدين ناصحين لتشخيص نقاط الضعف والقوة والمساعدة على تحسين هذه النقاط في نفوسكم وسلوككم.
لا تخشوا الاخفاق والفشل:
الاخفاق والفشل في بعض الاعمال وبعض العلاقات وما شابه تعني اننا لم نوفق لتحقيق هدف ما ولا تعني اكثر من ذلك أي لا تعني ابداً اننا غير قادرين على تغيير الوضع ولا ينبغي ان نوهم انفسنا بذلك كلّما اخفقنا في تحقيق نتيجة معينة والطريق الى ذلك ليس هو الشعور بالنقص وانّما تحكيم العقل والفكر وتقوية الثقة بالنفس حتى نذلل الصعاب ونحقق الغايات المرجوة
تم
أرجو ان تكون تلك السلسلة
بمثابة مرجع مفيد لكل زهور البيلسان
أن شاء الله
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.