البحر الهائج
بيلساني لواء
- إنضم
- Feb 18, 2009
- المشاركات
- 4,842
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- في بحر الجميلات هائج
فاطمة حسين
عندما تطلق الصحافية والباحثة والمشرفة السياحية فاطمة جود الله على سورية كونها (نبع الحضارات) فإنها لاتأتي بالجديد، بل ترصد واقعاً عجيباً، أكده ما حدث عام 1980 من اجتماع مائة باحث أثري جاءوا من جميع أنحاء العالم إلى جامعة (ليون) في فرنسا واتفقوا على أن (سورية) تمثل نموذجاً فريداً من نوعه، نموذجاً غير منقطع لمسيرة الإنسان الأول بدءاً مما قبل التاريخ أي منذ مليون عام وحتى يومنا هذا مع إنسان اليوم.
إذن، ما علينا إلا أن نتصور وصولاً إلى اليقين أن هذه البقعة التي نقف عليها اليوم والمسماة سورية كانت موطئ قدم الإنسان الأول الذي عاش بها وعبر بها وعليها ومعها كل العصور المعروفة بدءاً من العصر الحجري إلى المعدني أو النحاسي القديم منه والمتوسط والحديث حتى توالت عليها الحضارات، لذا لم يعد مستغرباً أن نعرف أن ثلاثاً وثلاثين حضارة مختلفة عاشت، ازدهرت ثم اندثرت في هذه الأرض. ولم يعد غريباً أن نجد فيها اليوم عدد ألفين وثلاثمائة وثمانية وسبعين موقعاً أثرياً (2378)، لعل أشهرها يعود إلى الممالك الست الشهيرة وهي ماري، دورا اروبيس، تدمر، إيبلا، عمريت، واوغاريت.
لقد بدأ التنقيب عن الآثار هنا العالم الفرنسي آرنيست رينان في عام 1860، واكتشف التنوع العجيب في الآثار ما بين التاريخية والدينية من وثنية ويهودية ومسيحية وإسلامية... ويدعي البعض بأن (التوراة) التي وجدت في آثار مملكة أوغاريت يعود تاريخها إلى ما قبل قدوم سيدنا موسى عليه السلام ولا أروع مما تمكن مشاهدته اليوم في متحف دمشق الوطني من (الكنس اليهودي المصوّر)، رغم أن الوصايا العشر التي حملها سيدنا موسى عليه السلام من رب العزة والجلال إلى قومه، كانت تحرم التصوير.
لقد مرّ على سورية من الاقوام ما يعادل أربعة وعشرين قوماً ترك كل منهم بصمته لعل أشهرهم السومريون والآشوريون، الفينيقيون، البابليون، الفرس، اليونان، الرومان، والبيزنطيون والغساسنة والعرب.. لهذا يعتبر العلماء ان سورية لا تخرج عن المثلث الحضاري الذي يضم كلا من اليمن ووادي النيل وبلاد الرافدين، و يبدو ان سورية كانت عقدة الربط بين تلك الاطراف... ولا ننسى الحقيقة الجغرافية لكون وجودها على الطريق الدولية التي تربط القارات الثلاث ببعضها البعض «آسيا واوروبا وافريقيا» مما جعلها ممراً تجاريا يصل ما بين حرير الصين وتوابل الهند من جهة وبين نبلاء الغرب واحتياجاتهم من الجهة الاخرى، كما تمثل طريق الحج للديانات الثلاث وهذا نبع ازدهار ثقافي وتجاري وحضاري... كل ما تقدم بعض من مظاهر بارزة على سبيل المثال لا الحصر.
ـ في عالم اليوم تتكلم لغة المسيح عليه السلام اربع قرى في العالم تبعد عن دمشق 65 كم فقط.
ـ في دمشق اليوم اقدم محاولات الكتابة، واقدم أبجدية، واقدم نصوص، واقدم رسومات منذ اربعة آلاف عام.
ـ النحاس والبرونز والزجاج اختراع سوري وكذلك نظام الحساب.
ـ توجد هنا اول نوتة موسيقية في التاريخ تعود الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد «مملكة اوغاريت» وهي اقدم من اول قطعة موسيقية بألف عام.
ـ اكتشفت في شمال سورية عام 1996 حجرة عليها كتابة عمرها أحد عشر الف عام.
هذا قليل من كثير مما أراه الآن وامام اعين الباحثين والمشاهدين مما يؤهل دمشق لان تكون عاصمة الحضارة العالمية وليس مجرد عاصمة الثقافة العربية.
إذن، ما علينا إلا أن نتصور وصولاً إلى اليقين أن هذه البقعة التي نقف عليها اليوم والمسماة سورية كانت موطئ قدم الإنسان الأول الذي عاش بها وعبر بها وعليها ومعها كل العصور المعروفة بدءاً من العصر الحجري إلى المعدني أو النحاسي القديم منه والمتوسط والحديث حتى توالت عليها الحضارات، لذا لم يعد مستغرباً أن نعرف أن ثلاثاً وثلاثين حضارة مختلفة عاشت، ازدهرت ثم اندثرت في هذه الأرض. ولم يعد غريباً أن نجد فيها اليوم عدد ألفين وثلاثمائة وثمانية وسبعين موقعاً أثرياً (2378)، لعل أشهرها يعود إلى الممالك الست الشهيرة وهي ماري، دورا اروبيس، تدمر، إيبلا، عمريت، واوغاريت.
لقد بدأ التنقيب عن الآثار هنا العالم الفرنسي آرنيست رينان في عام 1860، واكتشف التنوع العجيب في الآثار ما بين التاريخية والدينية من وثنية ويهودية ومسيحية وإسلامية... ويدعي البعض بأن (التوراة) التي وجدت في آثار مملكة أوغاريت يعود تاريخها إلى ما قبل قدوم سيدنا موسى عليه السلام ولا أروع مما تمكن مشاهدته اليوم في متحف دمشق الوطني من (الكنس اليهودي المصوّر)، رغم أن الوصايا العشر التي حملها سيدنا موسى عليه السلام من رب العزة والجلال إلى قومه، كانت تحرم التصوير.
لقد مرّ على سورية من الاقوام ما يعادل أربعة وعشرين قوماً ترك كل منهم بصمته لعل أشهرهم السومريون والآشوريون، الفينيقيون، البابليون، الفرس، اليونان، الرومان، والبيزنطيون والغساسنة والعرب.. لهذا يعتبر العلماء ان سورية لا تخرج عن المثلث الحضاري الذي يضم كلا من اليمن ووادي النيل وبلاد الرافدين، و يبدو ان سورية كانت عقدة الربط بين تلك الاطراف... ولا ننسى الحقيقة الجغرافية لكون وجودها على الطريق الدولية التي تربط القارات الثلاث ببعضها البعض «آسيا واوروبا وافريقيا» مما جعلها ممراً تجاريا يصل ما بين حرير الصين وتوابل الهند من جهة وبين نبلاء الغرب واحتياجاتهم من الجهة الاخرى، كما تمثل طريق الحج للديانات الثلاث وهذا نبع ازدهار ثقافي وتجاري وحضاري... كل ما تقدم بعض من مظاهر بارزة على سبيل المثال لا الحصر.
ـ في عالم اليوم تتكلم لغة المسيح عليه السلام اربع قرى في العالم تبعد عن دمشق 65 كم فقط.
ـ في دمشق اليوم اقدم محاولات الكتابة، واقدم أبجدية، واقدم نصوص، واقدم رسومات منذ اربعة آلاف عام.
ـ النحاس والبرونز والزجاج اختراع سوري وكذلك نظام الحساب.
ـ توجد هنا اول نوتة موسيقية في التاريخ تعود الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد «مملكة اوغاريت» وهي اقدم من اول قطعة موسيقية بألف عام.
ـ اكتشفت في شمال سورية عام 1996 حجرة عليها كتابة عمرها أحد عشر الف عام.
هذا قليل من كثير مما أراه الآن وامام اعين الباحثين والمشاهدين مما يؤهل دمشق لان تكون عاصمة الحضارة العالمية وليس مجرد عاصمة الثقافة العربية.
لما كان كل مخزون حضاري يمثل ثمرة لجهد ثقافي بُذل في يوم من الأيام على صورة إبداع فكر أو عمل أو إنجاز، فإن كل جهد ثقافي اليوم يمثل مشروع بذرة حضارية... من هنا تأتي أهمية التنشيط والتحفيز والتشجيع لكل إبداع بشري لعله يضيف ـ إن قاوم الزمن ومتغيراتهـ لمخزون الدولة الحضاري.
من هذا المنطلق تأتي ـ كما أظن ـ فكرة احتفالية المدن العربية بالثقافة، فترسل طائرها ليحط على أكتاف كل مدينة في كل عام كما حط اليوم على أكتاف مدينة دمشق مثلما حط بالأمس على سابقاتها مثل بيروت والقاهرة والكويت والجزائر وحلب وأخريات.
ومثلما يأتي هذا الطائر بالتشريف فإنه يأتي بالتكليف بتنشيط الحركة الثقافية بواسطة إبراز صورها المختلفة على السطح، وبسهولة ويسر ووضوح، يمكن المواطن والزائر من الاطلاع عليها والاستمتاع بها والتفاعل معها إلى حد التحفيز على المشاركة في مشاريعها عملياً أو وجدانيا.
وهذه ـ في ظنيـ صورة من صور نفض الغبار وبعث الحياة وتنشيط حركة النقد فكراً وقولاً وتحريراً، هذه الحركة البالغة الأهمية والتي يقول عنها بشير البشير صاحب كتاب (طائر الورق): »النقد يجعل المتلقي أكثر متعة وفائدة وهو محاولة تصحيحية لا غنى عنها تعين الفنان على كشف نقاط القوة والضعف وتحرضه على تقديم إبداعه بطريق أفضل«.
***
إن التواجد في دمشق في وضع كهذا وزمن كذلك لا تحتاج فيه إلى طرق للأبواب، فهي مشرعة يمكنك وبإرادتك أن تبدأ أولا من (المتحف الوطني) وتشهد احتفاليته بعرض مقتنياته الخاصة من الفنون التشكيلية التي جمعها عبر الأزمنة المختلفة منذ أن أمسك الأبناء بالقلم والفحم والريشة وتجولوا عبر الأوراق والأخشاب والأقمشة، عرض تتغير فيه الأسماء والمنتجات، كل فصل بدئ بالأقدم حتى الأحدث ولأننا في الشهر الثاني من السنة الثقافية فقد امتد الاستمتاع باستعراض الذاكرة التشكيلية من داوود القرم المتوفى 1940 إلى لؤي الكيالي المتوفى حديثا (منذ أسابيع) مروراً بفاتح المدرس الذي زار الكويت أوائل السبعينيات بدعوة من غاليري سلطان ـ توفي 1999ـ.
ومن المتحف تتجه إلى دار الأسد للثقافة (الأوبرا) والتي آلت على نفسها دعوة أعظم الإبداعات العربية أولاً ملحقة بالإبداعات العربية المطعّمة بالأجنبية مع الحضانة للإبداعات العربية العامة، والمحلية الخاصة، التي تحمل الصفة الحقيقية والصادقة لمسمى (إبداع) لكون الغرض من الاستضافة هو الإضافة الثقافية وليس مجرد (مرور الكرام).
لذا كان الافتتاح في الشهر الأول مع فيروز سفيرة العرب إلى السماء ـ كما يسمونهاـ مع إبداع الرحابنة في مسرحية (صح النوم) ومعروف أن أعمال الرحابنة ما كانت تسير على السطح كما تسير الكثير من الأعمال الفنية بل كانت تغوص في أعماق الوعي للمواطن العربي مما جعل منها إبداعات خالدة.
أما الشهر الثاني فبراير (شباط) فقد بدأ بحفل جاز إسباني ثم أمسية موسيقية لعازف العود التونسي العالمي أنور ابراهيم برفقة عازفين فرنسيين على البيانو والأكورديون. واختتم برائعة جورج بيزيه (أوبرا كارمن) من إخراج جهاد سعد ومشاركة غنائية (سوبرانو) من فرنسا وسورية.
تلك كانت المراكز الكبرى ـ المتحف والأوبراـ لكن هناك مراكز أصغر ولا تقل أهمية من الحيوية والنشاط فالآرت هاوس art house وهو مركز ثقافي يمثل موقع طاحونة قديمة ويكرّس ذاته لخدمة الثقافة والمثقفين على هيئة فندق صغير وصالة عرض فني رائعة الشكل والجوهر وغرف مميزة التصميم (محدّثة مع المحافظة على المعالم القديمة) وبدلاً من الأرقام، هي تحمل أسماء الكتاب والشعراء والفنانين، دخلت منها غرفة (نزار قباني) فشعرت بأنه يجلس هناك يغني لي قصائده وينثر هموم العروبة على الجدران.. هذا البيت أو هذا المركز جُبل على اختيار الأجود دوماً فما أن انتهى المعرض السوري العالمي طلال المعلاّ والمغربي العالمي أيضا حكيم غزالي، هو يستضيف اليوم العراقي العالمي أيضا جبر علوان والعروض الفنية الراقية تنقلك قسراً إلى عالم كنت تبحث عنه ولا تدري بأنك تبحث عنه..
وهكذا يشهد هذا العام إطلاق اسم فنان تشكيلي على مدرسة هو الفنان الراحل غازي الخالدي الذي اطلق اسمه مؤخرا على مدرسة في المهاجرين.
لكن يبقى أطرف العروض الفنية هو ما عرضه المركز الثقافي العربي ـ أبو رمانةـ تحت مسمى (فسيفساء القلمـ تراث دمشق) وهو نتاج معلم متقاعد من مواليد 1934 اسمه أحمد راتب سلطاني رأى في مخلفات أقلام الرصاص بعد (بريها) شكلاً جذاباً أوحى له باستخدامها فاحضر مجموعة من تلك الأقلام الملونة وجمع شرائح أخشابها بما فيها من ألوان مختلفة وألصقها على الخشب بأشكال وألوان جميلة تماما كالفسيفساء أنتجت صوراً محسوسة لمناظر وصور بشرية وموضوعات عجيبة.
هذا المركز صار يقوم كل خميس ما بين السادسة والسابعة مساء كلاسيكيات الموسيقى العربية مع اختيار أغنية معينة تخضع للنقاش والنقد بإشراف ياسر المالح.
لعله من اللافت في دمشق أن جد لأكثر من سفارة أجنبية مركزاً ثقافيا له أنشطته الخاصة والعامة ويمثل رافداً هاما من روافد الثقافة وناشطاً هاماً في المساهمة في سنة دمشق الثقافية.
تلك مجرد شذرات عساها أن تثير شهية القارئ أما الوجبة الرئيسية فهي هنا في دمشق.
مع تحياتي.
من هذا المنطلق تأتي ـ كما أظن ـ فكرة احتفالية المدن العربية بالثقافة، فترسل طائرها ليحط على أكتاف كل مدينة في كل عام كما حط اليوم على أكتاف مدينة دمشق مثلما حط بالأمس على سابقاتها مثل بيروت والقاهرة والكويت والجزائر وحلب وأخريات.
ومثلما يأتي هذا الطائر بالتشريف فإنه يأتي بالتكليف بتنشيط الحركة الثقافية بواسطة إبراز صورها المختلفة على السطح، وبسهولة ويسر ووضوح، يمكن المواطن والزائر من الاطلاع عليها والاستمتاع بها والتفاعل معها إلى حد التحفيز على المشاركة في مشاريعها عملياً أو وجدانيا.
وهذه ـ في ظنيـ صورة من صور نفض الغبار وبعث الحياة وتنشيط حركة النقد فكراً وقولاً وتحريراً، هذه الحركة البالغة الأهمية والتي يقول عنها بشير البشير صاحب كتاب (طائر الورق): »النقد يجعل المتلقي أكثر متعة وفائدة وهو محاولة تصحيحية لا غنى عنها تعين الفنان على كشف نقاط القوة والضعف وتحرضه على تقديم إبداعه بطريق أفضل«.
***
إن التواجد في دمشق في وضع كهذا وزمن كذلك لا تحتاج فيه إلى طرق للأبواب، فهي مشرعة يمكنك وبإرادتك أن تبدأ أولا من (المتحف الوطني) وتشهد احتفاليته بعرض مقتنياته الخاصة من الفنون التشكيلية التي جمعها عبر الأزمنة المختلفة منذ أن أمسك الأبناء بالقلم والفحم والريشة وتجولوا عبر الأوراق والأخشاب والأقمشة، عرض تتغير فيه الأسماء والمنتجات، كل فصل بدئ بالأقدم حتى الأحدث ولأننا في الشهر الثاني من السنة الثقافية فقد امتد الاستمتاع باستعراض الذاكرة التشكيلية من داوود القرم المتوفى 1940 إلى لؤي الكيالي المتوفى حديثا (منذ أسابيع) مروراً بفاتح المدرس الذي زار الكويت أوائل السبعينيات بدعوة من غاليري سلطان ـ توفي 1999ـ.
ومن المتحف تتجه إلى دار الأسد للثقافة (الأوبرا) والتي آلت على نفسها دعوة أعظم الإبداعات العربية أولاً ملحقة بالإبداعات العربية المطعّمة بالأجنبية مع الحضانة للإبداعات العربية العامة، والمحلية الخاصة، التي تحمل الصفة الحقيقية والصادقة لمسمى (إبداع) لكون الغرض من الاستضافة هو الإضافة الثقافية وليس مجرد (مرور الكرام).
لذا كان الافتتاح في الشهر الأول مع فيروز سفيرة العرب إلى السماء ـ كما يسمونهاـ مع إبداع الرحابنة في مسرحية (صح النوم) ومعروف أن أعمال الرحابنة ما كانت تسير على السطح كما تسير الكثير من الأعمال الفنية بل كانت تغوص في أعماق الوعي للمواطن العربي مما جعل منها إبداعات خالدة.
أما الشهر الثاني فبراير (شباط) فقد بدأ بحفل جاز إسباني ثم أمسية موسيقية لعازف العود التونسي العالمي أنور ابراهيم برفقة عازفين فرنسيين على البيانو والأكورديون. واختتم برائعة جورج بيزيه (أوبرا كارمن) من إخراج جهاد سعد ومشاركة غنائية (سوبرانو) من فرنسا وسورية.
تلك كانت المراكز الكبرى ـ المتحف والأوبراـ لكن هناك مراكز أصغر ولا تقل أهمية من الحيوية والنشاط فالآرت هاوس art house وهو مركز ثقافي يمثل موقع طاحونة قديمة ويكرّس ذاته لخدمة الثقافة والمثقفين على هيئة فندق صغير وصالة عرض فني رائعة الشكل والجوهر وغرف مميزة التصميم (محدّثة مع المحافظة على المعالم القديمة) وبدلاً من الأرقام، هي تحمل أسماء الكتاب والشعراء والفنانين، دخلت منها غرفة (نزار قباني) فشعرت بأنه يجلس هناك يغني لي قصائده وينثر هموم العروبة على الجدران.. هذا البيت أو هذا المركز جُبل على اختيار الأجود دوماً فما أن انتهى المعرض السوري العالمي طلال المعلاّ والمغربي العالمي أيضا حكيم غزالي، هو يستضيف اليوم العراقي العالمي أيضا جبر علوان والعروض الفنية الراقية تنقلك قسراً إلى عالم كنت تبحث عنه ولا تدري بأنك تبحث عنه..
وهكذا يشهد هذا العام إطلاق اسم فنان تشكيلي على مدرسة هو الفنان الراحل غازي الخالدي الذي اطلق اسمه مؤخرا على مدرسة في المهاجرين.
لكن يبقى أطرف العروض الفنية هو ما عرضه المركز الثقافي العربي ـ أبو رمانةـ تحت مسمى (فسيفساء القلمـ تراث دمشق) وهو نتاج معلم متقاعد من مواليد 1934 اسمه أحمد راتب سلطاني رأى في مخلفات أقلام الرصاص بعد (بريها) شكلاً جذاباً أوحى له باستخدامها فاحضر مجموعة من تلك الأقلام الملونة وجمع شرائح أخشابها بما فيها من ألوان مختلفة وألصقها على الخشب بأشكال وألوان جميلة تماما كالفسيفساء أنتجت صوراً محسوسة لمناظر وصور بشرية وموضوعات عجيبة.
هذا المركز صار يقوم كل خميس ما بين السادسة والسابعة مساء كلاسيكيات الموسيقى العربية مع اختيار أغنية معينة تخضع للنقاش والنقد بإشراف ياسر المالح.
لعله من اللافت في دمشق أن جد لأكثر من سفارة أجنبية مركزاً ثقافيا له أنشطته الخاصة والعامة ويمثل رافداً هاما من روافد الثقافة وناشطاً هاماً في المساهمة في سنة دمشق الثقافية.
تلك مجرد شذرات عساها أن تثير شهية القارئ أما الوجبة الرئيسية فهي هنا في دمشق.
مع تحياتي.