شاعر المهجر جبران خليل جبران وأجمل قصائده

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي



هنا ايهـا الـأحبة في هـذه الصفحــات

سنتذكـــر معـــا ً أجمــل مـا كتــب شــاعــر المهـجــر

جـــــبران خليـــل جـــــبران

وهـــذه الصفحــــات مفتــــوحة امــامـــكم لمـــن أراد مشاركتي





جبران خليل جبران واجمل قصائده


نبذه مختصرة عن الشاعر

bilassan-e3c5cfd1a2.jpg



بدايةً من هو جبران ..?

ولد جبران في بلدة بشري شمال لبنان عام 1883 من اسرة متوسطة الحال , كان ابوه سكيرا وكذلك جده وقد ورث جبران عشق الخمرة كما‏ ورث من هذه الاسرة جرثومة السل التي فتكت بأمه واخته وأخيه فلا غرابة بعد ذلك أن يمتلك جبران طاقة عصبية مهتاجة وان يقبل على الخمرة اقبالا مرضيا وان تسهم جرثومة السل في تحريض خلاياه العصبية الدماغية مما دفع بعض الباحثين لربط عبقرية جبران بهذه العوامل الوراثية الآنفة الذكر . امضى جبران في دنيانا ثمانية واربعين عاما بدايتها في بشري - لبنان وختامها في نيويورك - امريكا . جمع جبران في رأسه مواهب متعددة فقد كان كاتبا وشاعرا ورساما ومصورا وكان مبدعا فيها جميعها بشهادة كبار النقاد والدارسين . بدأ بنشر مؤلفاته بالعربية من سنة 1905
ثم توالت مؤلفاته وبعدها انصرف إلى الكتابة باللغة الانكليزية طوال
حياته .‏

اطلق عليه الياس ابو شبكة لقب المسيح الجديد
كان من اهم اصدقائه ورفقاء دربه وهم ايضاً من شعراء المهجر
ايليا ابو ماضي - ميخائيل نعيمة

احب الشاعرة مي زيادة تلك التي لم يلتقيها ابداً وحادثها وحادثته وبتها شكواه ونجواه والامه وافراحه بالمراسلات وحتى وافته المنية
وقد دامت تلك العاطفه بينهما زهاء عشرين عاماً , دون أن يلتقيا الاّ في عالم الفكر والروح , والخيال الضبابي إذ كان جبران في مغارب الأرض مقيماً وكانت مي في مشارقها , كا ن في امريكا وكانت في القاهره. لم يكن حب جبران وليد نظره فابتسامه فسلام فكلام بل كان حباً نشأ ونما عبر مراسله أدبيه طريفه ومساجلات فكريه وروحيه ألفت بين قلبين وحيدين , وروحين مغتربين .ومع ذلك كانا أقرب قريبين وأشغف حبيبين .. وقد خرجت تلك الرسائل التي خرجت الى النور بعنوان رسائل الورد
كتبت له ذات مرة في احدى مراسلاتها
---------------------------


اني لا أعرف ماذا أعني به ! ولكني أعرف انك " محبوبي " , وأني أخاف الحب ... تقولين أنك تخافين الحب ! لماذا تخافينه ؟ أتخافين نور الشمس ؟ ...

اتخافين مد البحر ؟ اتخافين طلوع الفجر ؟ اتخافين مجيئ الربيع ؟ لماذا ياترى تخافين الحب ؟

جبران احب مي على طريقته . وحمل لها في قلبه عاطفه روحيه قويه عميقه .

( انا ضباب يامي يغمر الاشياء ولا يتحد واياها .)
( انا ضباب وفي الضباب وحشتي وانفرادي . فيه جوعي وعطشي ومصيبتي )

ان هذا الضباب هو حقيقتي .
يشوق الى لقاء ضباب اخر في الفضاء .
يشوق الى استماع قائل يقول : " لست وحدك " نحن اثنان "
انا اعرف من انت .

انا اعلم ان الحياة بدون هذا الانجذاب النفسي ليست سوى قشور بغير لباب.

واحقق ان كل ما نقوله ونفعله ونفكر فيه لا يساوي دقيقة واحده نصرفها في ضبابنا .

( احب صغيرتي ... غير اني لا ادري بعقلي لماذا احبها .ولا اريد ان ادري بعقلي .

يكفي اني احبها بروحي وقلبي .
يكفي ان اسند راسي الى كتفها كئيبا غريبا مستوحدا فرحا مدهوشا مجذوبا .

يكفي ان اسير الى جانبها نحو قمة الجبل واقول لها بين الاونة والاخرى " انت رفيقتي "

تفضلي بقبول تحيتي مشفوعة باحسن تمنياتي
المخلص جبران​

------------------------
ولو تحدثتُ عن جبران خليل لطال بي المقام بينكم ولمللتموني
هذا الشاعر الخصب احببت اشعاره وكتاباته هو وشاعر المرأة نزار قباني حتى الثمالة


وارجوا لكل من قرأ او سيقرأ لجبران خليل جبران وسيمر من هذا الصرح الخالد ان يضيف القصيدة التي اعجبته او اثارت شهيته لحب القراءة للشاعر اكثر واكثر

وهنا اخترت لكم اعزائي واحدة من اجمل قصائده
والتي تغنت بها جارة القمر فيروز
بعد ان تم اختصارها


وهاهى القصيدة كاملة
قصيدة اعطني الناي


الخيرُ في الناسِ مصنوعٌ اذا جُبروا
و الشرُّ في الناسِ لا يفنى وإِن قُبروا


وأكثرُ الناسِ آلاتٌ تحركها
أصابعُ الدهر يوماً ثم تنكسرُ

فلا تقولنَّ هذا عالم علمٌ
ولا تقولنَّ ذاك السيد الوَقُرُ

فأفضل الناس قطعانٌ يسير بها
صوت الرعاة و من لم يمشِ يندثر

* *

ليس في الغابات راعٍ
لا ولا فيها القطيعْ

فالشتا يمشي و لكن
لا يُجاريهِ الربيعْ

خُلقَ الناس عبيداً
للذي يأْبى الخضوعْ

فإذا ما هبَّ يوماً
سائراً سار الجميعْ
* * *
أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا يرعى العقولْ

وأنينُ الناي أبقى
من مجيدٍ و ذليلْ

* * *

و ما الحياةُ سوى نومٍ تراوده
أحلامُ من بمرادِ النفس يأتمرُ

و السرُّ في النفس حزن النفس يسترهُ
فإِن تولىَّ فبالأفراحِ يستترُ

و السرُّ في العيشِ رغدُ العيشِ يحجبهُ
فإِن أُزيل توَّلى حجبهُ الكدرُ

فإن ترفعتَ عن رغدٍ وعن كدرِ
جاورتَ ظلَّ الذي حارت بهِ الفكرُ

* * *

ليس في الغابات حزنٌ
لا و لا فيها الهمومْ

فإذا هبّ نسيمٌ
لم تجىءْ معه السمومْ

ليس حزن النفس الاَّ
ظلُّ وهمٍ لا يدومْ

و غيوم النفس تبدو
من ثناياها النجومْ

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا يمحو المحنْ

و أنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الزمنْ

* * *

و قلَّ في الأرض مَن يرضى الحياة كما
تأتيهِ عفواً و لم يحكم بهِ الضجرُ

لذاك قد حوَّلوا نهر الحياة الى
أكواب وهمٍ اذا طافوا بها خدروا

فالناس إن شربوا سُرَّوا كأنهمُ
رهنُ الهوى وعَلىَ التخدير قد فُطروا

فذا يُعربدُ إن صلَّى و ذاك إذا
أثرى و ذلك بالأحلام يختمرُ

فالأرض خمارةٌ و الدهر صاحبها
و ليس يرضى بها غير الألى سكروا

فإن رأَيت أخا صحوٍ فقلْ عجباً
هل استظلَّ بغيم ممطرٍ قمرُ

* * *

ليس في الغابات سكرٌ
من خيال أو مدام

فالسواقي ليس فيها
غير إكسير الغمامْ

إنما التخدير ُ ثديٌ
و حليبٌ للانامْ

فإذا شاخوا و ماتوا
.بلغوا سن الفطامْ

* * *

أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا خير الشرابْ

و أنين الناي يبقى
بعد أن تفنى الهضاب

* * *

و الدينُ في الناسِ حقلٌ ليس يزرعهُ
غيرُ الألى لهمُ في زرعهِ وطرُ

من آملٍ بنعيمِ الخلدِ مبتشرٍ
و من جهولٍ يخافُ النارَ تستعرُ

فالقومُ لولا عقابُ البعثِ ما عبدوا
رباًّ و لولا الثوابُ المرتجى كفروا

كأنما الدينُ ضربٌ من تجارتهمْ
إِن واظبوا ربحوا أو أهملوا خسروا
* * *
ليس في الغابات دينٌ
لا ولا الكفر القبيحْ

فاذا البلبل غنى
لم يقلْ هذا الصحيحْ

إنَّ دين الناس يأْتي
مثل ظلٍّ و يروحْ

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا خيرُ الصلاة

و أنينُ الناي يبقى
.بعد أن تفنى الحياةْ

* * *

و العدلُ في الأرضِ يُبكي الجنَّ لو سمعوا
بهِ و يستضحكُ الاموات لو نظروا

فالسجنُ و الموتُ للجانين إن صغروا
و المجدُ و الفخرُ و الإثراءُ إن كبروا

فسارقُ الزهر مذمومٌ و محتقرٌ
و سارق الحقل يُدعى الباسلُ الخطرُ

و قاتلُ الجسمِ مقتولٌ بفعلتهِ
و قاتلُ الروحِ لا تدري بهِ البشرُ

* * *

ليس في الغابات عدلٌ
لا و لا فيها العقابْ

فاذا الصفصاف ألقى
ظله فوق الترابْ

لا يقول السروُ هذي
بدعةٌ ضد الكتابْ

انَّ عدلَ الناسِ ثلجُ
إنْ رأتهُ الشمس ذابْ

* * *

أعطني الناي و غنِ
فالغنا عدلُ القلوبْ

و أنين الناي يبقى
بعد أن تفنى الذنوبْ

* * *

و الحقُّ للعزمِ و ألارواح ان قويتْ
سادتْ و إن ضعفتْ حلت بها الغِيرُ

ففي العرينة ريحٌ ليس يقربهُ
بنو الثعالبِ غابَ الأسدُ أم حضروا

و في الزرازير جُبن و هي طائرة
و في البزاةِ شموخٌ و هي تحتضر

و العزمُ في الروحِ حقٌ ليس ينكره
عزمُ السواعد شاءَ الناسُ أم نكروا

فإن رأيتَ ضعيفاً سائداً فعلى
قوم إذا ما رأَوا أشباههم نفروا

* * *

ليس في الغابات عزمٌ
لا و لا فيها الضعيفْ

فاذا ما الأُسدُ صاحت
لم تقلْ هذا المخيفْ

انَّ عزم الناس ظلٌّ
في فضا الفكر يطوفْ

و حقوق الناس تبلى
مثل اوراق الخريفْ

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا عزمُ النفوسْ

و أنينُ الناي يبقى
بعد أن تفنى الشموسْ

* * *

و العلمُ في الناسِ سُـبْـلٌ بانَ أوَّلها
امَّا أواخرها فالدهرُ و القدرُ

و أفضلُ العلم حلمٌ إن ظفرتَ بهِ
و سرتَ ما بين أبناء الكرى سخروا

فان رأيتَ أخا الأحلام منفرداً
عن قومهِ و هو منبوذٌ و محتقرُ

فهو النبيُّ و بُردُ الغَدّ يحجبهُ
عن أُمةٍ برداءِ الأمسِ تأتزرُ

و هو الغريبُ عن الدنيا وساكنِها
و هو المهاجرُ لامَ الناس أو عذروا

و هو الشديد و إن أبدى ملاينةً
و هو البعيدُ تدانى الناس أم هجروا

* * *

ليس في الغابات علمٌ
لا و لا فيها الجهولْ

فاذا الأغصانُ مالتْ
لم تقلْ هذا الجليلْ

انّ علمَ الناس طرَّا
كضبابٍ في الحقولْ

فاذا الشمس أطلتْ
من ورا آلأفقِ يزولْ

* * *

أعطني النايَ وغنِّ
فالغنا خير العلومْ

و أنينُ الناي يبقى
بعد أن تطفى النجومْ

* * *

و الحُرُّ في الأرض يبني من منازعهِ
سجناً لهُ و هو لا يدري فيؤتسرُ

فان تحرَّر من أبناءِ بجدتهِ
يظلُّ عبداً لمن يهوى و يفتكرُ

فهو الأريب و لكن في تصلبهِ
حتى و للحقِّ بُطلٌ بل هو البطرُ

و هو الطليقُ و لكن في تسرُّعهِ
حتى الى أوجِ مجدٍ خالدٍ صِغرُ

* * *

ليس في الغابات حرٌّ
لا ولا العبد الدميمْ

انما الأمجادُ سخفٌ
و فقاقيعٌ تعومْ

فاذا ما اللوز ألقى
زهره فوق الهشيمْ

لم يقلْ هذا حقيرٌ
وأنا المولى الكريمْ

* * *

أعطني الناي و غني
فالغنا مجدٌ أثيلْ

و أنين الناي ابقى
من زنيمٍ و جليلْ

* * *

و اللطفُ في الناسِ أصداف و إن نعمتْ
أضلاعها لم تكن في جوفها الدررُ

فمن خبيثٍ له نفسان واحدةٌ
من العجين و أُخرى دونها الحجرُ

و من خفيفٍ و من مستأنث خنثِ
تكادُ تُدمي ثنايا ثوبهِ الإبرُ

و اللطفُ للنذلِ درعٌ يستجيرُ بهِ
ان راعهُ وجلٌ او هالهُ الخطرُ

فان لقيتَ قوياًّ ليناً فبهِ
لأَعينٍ فقدتْ أبصارها البصرُ

* * *

ليس في الغابِ لطيفٌ
لينهُ لين الجبانْ

فغصونُ البان تعلو
في جوار السنديانْ

و اذا الطاووسُ أُعطي
حلةً كالارجوانْ

فهوَ لا يدري أحسنٌ
فيهِ ام فيهِ افتتان

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا لطفُ الوديعْ

وأنين الناي ابقى
من ضعيفٍ و ضليعْ

* * *

والظرفُ في الناس تمويهٌ وأبغضهُ
ظرفُ الأولى في فنون الاقتدا مهروا

من مُعجبٍ بأمورٍ وهو يجهلها
و ليس فيها له نفعٌ ولا ضررُ

و من عتيٍّ يرى في نفسهِ ملكاً
في صوتها نغمٌ في لفظها سُوَرُ

و من شموخٍ غدت مرآتهُ فلكاً
و ظلهُ قمراً يزهو و يزدهرُ

* * *

ليس في الغابِ ظريف
ظرفهُ ضعف الضئيلْ

فالصَّبا و هي...عليل
ما بها سقمُ العليلْ

انّ في الانهار طعماً
مثل طعم السلسبيلْ

و بها هولٌ و عزمٌ
يجرفُ الصلدَ الثقيلْ

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا ظرفُ الظريفْ

وأنين الناي ابقى
من رقيق وكثيفْ

* * *

و الحبُّ في الناس أشكالٌ و أكثرها
كالعشب في الحقل لا زهرٌ ولا ثمرُ

و أكثرُ الحبِّ مثلُ الراح أيسرهُ
يُرضي و أكثرهُ للمدمنِ الخطرُ

و الحبُّ ان قادتِ الاجسامُ موكبهُ
الى فراش من اللذّات ينتحرُ

كأنهُ ملكٌ في الأسر معتقلٌ
يأبى الحياة و أعوان له غدروا

* * *

ليس في الغاب خليعٌ
يدَّعي نُبلَ الغرامْ

فاذا الثيران خارتْ
لم تقلْ هذا الهيامْ

إنَّ حبَّ الناس داءٌ
بين حلمٍ و عظامْ

فاذا ولَّى شبابٌ
يختفي ذاك السقامْ

* * *

أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا حبٌّ صحيحْ

وأنينُ الناي ابقى
من جميل ومليحْ

* * *

وإن لقيتَ محباً هائماً كلفاً
في جوعهِ شبعٌ في وِردهِ الصدرُ

و الناسُ قالوا هوَ المجنونُ ماذا عسى
يبغي من الحبِّ او يرجو فيصطبرُ

أَفي هوى تلك يستدمي محاجرهُ
و ليس في تلك ما يحلو و يعتبرُ

فقلْ همُ البهمُ ماتوا قبل ما وُلدوا
أنَّى دروا كنهَ من يحيي و ما اختبروا

* * *

ليس في الغابات عذلٌ
لا و لا فيها الرقيبْ

فاذا الغزلانُ جُنّتْ
اذ ترى وجه المغيبْ

لا يقولُ النسرُ واهاً
إن ذا شيءٌ عجيبْ

إنما العاقل يدعى
عندنا الأمر الغريبْ

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا خيرُ الجنون

و أنين الناي ابقى
من حصيفٍ و رصينْ

* * *

و قل نسينا فخارَ الفاتحينَ و ما
ننسى المجانين حتى يغمر الغمرُ

قد كان في قلب ذى القرنين مجزرةٌ
و في حشاشةِ قيسِ هيكلٌ وقرُ

ففي انتصارات هذا غلبةٌ خفيتْ
و في انكساراتِ هذا الفوزُ و الظفرُ

و الحبُّ في الروح لا في الجسم نعرفهُ
كالخمرِ للوحي لا للسكرِ ينعصرُ

* * *

ليس في الغابات ذِكْرٌ
غير ذكر العاشقينْ

فالأُلى سادوا ومادوا
و طغوا في العالمين

أصبحوا مثل حروفٍ
في أسامي المجرمينْ

فالهوى الفضّاح يدعى
عندنا الفتح المبينْ

* * *

أعطني الناي و غنّ
و انس ظلم الأقوياء

إنما...الزنبق كأسٌ
للندى لا للدماء

* * *

و ما السعادة في الدنيا سوى شبحٍ
يُرجى فإن صارَ جسماً ملهُ البشرُ
كالنهر يركض نحو السهل مكتدحاً
حتى اذا جاءَهُ يبطي و يعتكرُ
لم يسعد الناسُ الا في تشوُّقهمْ
الى المنيع فان صاروا بهِ فتروا
فإن لقيتَ سعيداً و هو منصرفٌ
عن المنيع فقل في خُلقهِ العبرُ
* * *
ليس في الغاب رجاءٌ
لا و لا فيه المللْ
كيف يرجو الغاب جزءا
وعلى الكل اشتملْ

* * *

وغايةُ الروح طيَّ الروح قد خفيتْ
فلا المظاهرُ تبديها و لا الصوَرُ

فذا يقول هي الأرواح إن بلغتْ
حدَّ الكمال تلاشت و انقضى الخبرُ

كأنما هي...أثمار إذا نضجتْ
و مرَّتِ الريح يوماً عافها الشجرُ

و ذا يقول هي الأجسام ان هجعت
لم يبقَ في الروح تهويمٌ و لا سمرُ

كأنما هي ظلٌّ في الغدير إذا
تعكر الماءُ ولّت ومَّحى الاثرُ

ضلَّ الجميع فلا الذرَّاتُ في جسدٍ
تُثوى و لا هي في الارواح تحتضرُ

فما طوتْ شمألٌ أذيال عاقلةٍ
إلا ومرَّ بها الشرقي فتنتشرُ

* * *

لم أجدْ في الغاب فرقاً
بين نفس و جسدْ

فالهوا ماءٌ تهادى
و الندى ماءٌ ركدْ

و الشذا زهرٌ تمادى
.و الثرى زهرٌ .جمدْ

و ظلالُ الحورِ حورٌ
ظنَّ ليلاً فرقدْ

* * *

أعطني النايَ و غنِّ
فالغنا جسمٌ وروح

وأنينُ الناي ابقى
من غبوق وصبوحْ

* * *

و الجسمُ للروح رحمٌ تستكنُّ بهِ
حتى البلوغِ فتستعلى و ينغمرُ

فهي الجنينُ وما يوم الحمام سوى
عهدِ المخاض فلا سقطٌ و لا عسرُ

لكن في الناس أشباحاً يلازمها
عقمُ القسيِّ التي ما شدَّها وترُ

فهي الدخيلةُ والأرواح ما وُلدت
من القفيل و لم يحبل بها المدرُ

و كم عَلَى الارض من نبتٍ بلا أَرجٍ
و كم علا الأفقَ غيمٌ ما به مطرُ

* * *

ليس في الغاب عقيمٌ
لا و لا فيها الدخيلْ

إنَّ في التمر نواةً
حفظت سر النخيلْ

و بقرص الشهد رمزٌ
عن فقير و حقولْ

انما العاقرُ لفظ
صيغ من معنى الخمولْ

* * *

أعطني الناي و غنِّ
فالغنا جسمٌ يسيلْ

و أنينُ الناي أبقى
. من مسوخ و نغولْ

* * *

و الموتُ في الأرض لابن الارض خاتمةٌ
و للأثيريّ فهو البدءُ و الظفرُ

فمن يعانق في أحلامهِ سحراً
يبقى و من نامَ كل الليل يندثرُ

و من يلازمْ ترباً حالَ يقظتهِ
يعانقُ التربَ حتى تخمد الزهرُ

فالموتُ كالبحر , مَنْ خفّت عناصره
يجتازه , و أخو الاثقال ينحدرُ

* * *

ليس في الغابات موتٌ
لا و لا فيها القبورْ

فاذا نيسان ولىَّ
لم يمتْ معهُ السرورْ

إنَّ هولَ الموت وهمٌ
ينثني طيَّ الصدورْ

فالذي عاش ربيعاً
كالذي عاش الدهورْ

* * *

أعطني الناي وغنِّ
فالغنا سرُّ الخلود

و أنين الناي يبقى
.بعد أن يفنى الوجود

* * *

أعطني الناي وغنِّ
وانسَ ما قلتُ و قلتَ

انما النطقُ هباءٌ
فأفدني ما فعلتَ​

هل تخذتَ الغاب مثلي
منزلاً دون القصورْ

فتتبعتَ السواقي
و تسلقتَ الصخورْ

هل تحممتَ بعطرٍ
و تنشفت .بنورْ

و شربت الفجر خمراً
في كؤُوس من أثيرْ

هل جلست العصر مثلي
.بين جفنات العنبْ

و العناقيد تدلتْ
كثريات الذهبْ

فهي للصادي عيونٌ
و لمن جاع الطعامْ

وهي شهدٌ و هي عطرٌ
و لمن شاءَ المدامْ

هل فرشتَ العشب ليلاً
و تلحفتَ الفضا
زاهداً في ما سيأْتي
ناسياً ما قد مضى

و سكوت الليل بحرٌ
موجهُ في مسمعكْ

وبصدر الليل قلبٌ
خافقٌ في مضجعكْ
ا

أعطني الناي و غنِّ
و انسَ داًْ و دواء

إنما...الناس سطورٌ
كتبت...لكن بماء

ليت شعري أي نفعٍ
في اجتماع وزحامْ

و جدالٍ و ضجيجٍ
واحتجاجٍ وخصامْ

كلها أنفاق خُلدٍ
و خيوط العنكبوتْ

فالذي يحيا بعجزٍ
فهو في بطءٍ يموتْ
* * *

العيشُ في الغاب و الأيام لو نُظمت
في قبضتي لغدت في الغاب تنتثرٌ

لكن هو الدهرُ في نفسي له أَربٌ
فكلما رمتُ غاباً قامَ يعتذرُ

و للتقادير سبلٌ لا تغيرها
و الناس في عجزهم عن قصدهم قصروا






يتبــــــــــــــــ ع





 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

قال في نص دمعة وابتسامة


أنا لا أبدل أحزان قلبي بأفراح الناس ولا أرضى أن تنقلب الدموع التي تستدرها الكآبة من جوارحي و تصير ضحكا.
أتمنى أن تبقى حياتي دمعة وابتسامة : دمعة تطهر قلبي و تفهمني أسرار الحياة و غوامضها,
و ابتسامة تدنيني من أبناء بجدتي و تكون رمز تمجيدي الآلهة.
دمعة أشارك بها منسحقي القلب, و ابتسامة تكون عنوان فرحي بوجودي .
أريد أن أموت شرفا ولا أحيا مللا.
أريد أن تكون في أعماق نفسي مجاعة للحب و الجمال لأني نظرت فرأيت المستكفين أشقى الناس و أقربهم من المادة,
أصغيت فسمعت تنهيدات المشتاق المتمني أعذب من رنات المثاني و المثالث .
يأتي المساء فتضم الزهرة أوراقها وتنام معانقة شوقها, و عندما يأتي الصباح تفتح شفتيها لاقتبال قبلة الشمس,
فحياة الأزهار شوق ووصال,
دمعة و ابتسامة.

تتبخر مياه البحر و تتصاعد ثم تجتمع و تصير غيمة وتسير فوق التلال و الأودية حتى إذا ما لاقت نسيمات لطيفة تساقطت باكية نحو الحقول و
انضمت إلى الجداول و رجعت إلى البحر موطنها. حياة الغيوم فراق و لقاء, دمعة وابتسامة. كذا النفس تنفصل عن الروح العام و تسير في عالم المادة و تمر في كغيمة فوق جبال الأحزان وسهول الأفراح فتلتقي بنسيمات الموت فترجع إلى حيث كانت :إلى بحر المحبة والجمال,إلى الله....








خشولخشولخشول
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

وفي موضع آخر من نص الكلب الحكيم

مرّ كلب حكيم ذات يوم بجماعة من السنانير
ولما دنا منهم وجدهم منصرفين عنه ولم يعبأوا بقدومه فوقف
يتأملهم مستغربا أمرهم ، وبينما كان يتأملهم نهض من بين
الجماعة سنّور تبدو على وجهه الهيبة والوقار وقال لهم :
((صلّوا أيها الأخوة المؤمنون ، فأني الحق أقول لكم أنكم اذا
صلّيتم بحرارة ... يستجاب تضرّعكم وتمطركم السماء فئرانا
في الحال ))
فلما سمع الكلب الحكيم تلك العظة البالغة ضحك منهم في
قلبه و ارتدّ عنهم وهو يردد في نفسه :
(( ما أغبى هؤلاء السنانير و ما أعمى بصائرهم عن ادراك
ما في الكتب ! أليس مكتوبا ، بل ألم أقرأ أنا وأجدادي من
قبل ، أنّ ما تمطره السماء اجابة للصلوات والتضرّعات


ليس فئرانا بل عظام ؟
جبران خليل جبران

( المؤلفات الكاملة - المجنون )
 

- ]Safee[ -

بيلساني عميد

إنضم
Feb 21, 2010
المشاركات
3,307
مستوى التفاعل
69
المطرح
وين ما كان
رسايل :

همسه لمن أحبهم .. !! تذكر دائماً وانقشها على قلبك .. مادمت حيا كن لله كما يريد .. يكن لك فوق ماتريد .. الكل يريدك لنفسه الإ الله يريدك ... لنفسك..



جبران خليل جبران شاعر كبير
وكلماته مؤثرة

شكراً عمجهودك:24:
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

قصيدة عجباً اتوحشني وانت إزائي

عجبا أتوحشني وأنت إزائي وضياء
وجهك ماليء سودائي
لكنه حق وإن أبت المنىأنا تفرقنا لغير لقاء
جرحوا صميم القلب حين تحملواالله في جرح بغير شفاء
ألطيب المحمود من عمري مضىوالمفتدى بالروح من خلصائي
لا بل هما مني جناحا طائررميا ولم يك نافعي إخطائي
ألصاحبان الأكرمان توليافعلام بعد الصاحبين ثوائي
لم يتركا برداهما غير الشجىلأخيهما ما دام في الأحياء
وحيالي الخلطاء إلا أنني متغرب بالعهد في خلطائي
أيراد لي من فضل ما مجدا بهإرث إذن جهل الزمان وفائي
إن نحي بالذكرى فلا تبديل فيصفة ولا تغيير في الأسماء
يا صاحبي غدوت منذ نأيت ماأجد الحياة ثقيلة الأعباء
لا ليل عافية هجعت به ولايوم نشطت به من الإعياء
أنا واحد في الجازعين عليكماوكأنما ذاك البلاء بلائي
فإذا بدا لكما قصوري فاعذراأو شفعا لي مسلفات ولائي
مهلا أمير الشعر غير مدافعومعز دولته بغير مراء
كم أمة كانت على قدر الهوىترجوك ما شاءت لطول بقاء
متمكنا من نفسها إيمانهاإن لم تكن ممن حيوا لفناء
فإذا المنايا لم تزل حرب المنىوإذا الرزيئة فوق كل عزاء
في مصر بل في الشرق منها لوعةسدت على السلوان كل فضاء
أترى مويجات الأثير كأنهاحسرى بما تزجي من الأنباء
بعث الشرار بها ثقالا لو بداما حملت لبدت نطاف دماء
جزع الكنانة كاد لا يعدو وأسىأم القرى ومناحة الفيحاء
وبحضرموت على تنائي دارهاشكوى كشكوى تونس الخضراء
بالأمس كان هواك يجمع شملهافي فرقة النزعات والأهواء
واليوم فت رداك في أعضادهاما أجلب البأساء للبأساء
أفدح بما يلقاه آلك إن يكنجزع الأباعد جل عن تأساء
حرموا أبا برا نموا وترعرعوامن جاهه في أسمح الأفياء
وكفقدهم فقد الغرانيق العلىعلم الهدى للفتية النجباء
وكرزئهمرزئ الرجال مرجبا عف اللسان مهذب الإيماء
يتناولون من الصحائف وحيهفتكون كل صحيفة كلواءما عشت فيهم ظلت بلبل أيكهمفي الأمن والرئبان في اللاواءلك جوك الرحب الذي تخلو بهمتفردا والناس في أجواء
عذلوك في ذاك التعزل ضلةإن التعزل شيمة النزهاء
ما كان شغلك لو دروا إلا بهملكن كرهت مشاغل السفهاء
ولعل أعطفهم عليهم من دنابالنفع منهم وهو عنهم ناء
أحللت نفسك عند نفسك ذروةتأبى عليها الخسف كل إباء
فرعيت نعمتك التي أثلتهاورعيت فيها جانب الفقراء
تقني حيائك عالما عن خبرةإن الخصاصة آفة الأدباء
وترى الزكان لذي الثراء مبرةمنه به ووسيلة لزكاء
كم من يد أسديتها وكسوتهامتأنقا لطف اليد البيضاء
عصر تقضى كنت ملء عيونهفي أربعين بما أفدت ملاء
يجلو نبوغك كل يوم آيةعذراء من آياته الغراء
كالشمس ما آبت أتت بمجددمتنوع من زينة وضياء
هبة بها ضن الزمان فلم تتحإلا لأفذاذ من النبغاء
يأتون في الفترات بوعد بينهالتهيؤ الأسباب في الأثناء
كالأنبياء ومن تأثر إثرهممن علية العلماء والحكماء
رفعتك بالذكرى إلى أعلى الذرىفي الخلد بين أولئك العظماء
من مسعدي في وصفها أو مصعديدرجات تلك العزة القعساء
ومطوع لي من بياني ما عصى فأقول فيك كما تحب رثائيلي فيك من غرر المديح شواردأدت حقوق علاك كل أداء ووفت قوافيها
بما أملى على
قلمي خلوص تجلتي وإخائي
 

ندى القلب

المحاربين القدماء

إنضم
Jul 14, 2009
المشاركات
16,493
مستوى التفاعل
151
رسايل :

كالسجناء نلتقي وعيوننا معلقة على الزمن الهارب _ العائم مثل طائرة ورقية يلهو بها طفل لا مبال

الله يعطيكي العافيه دمووع

انا بحب اشعار جبران

ان شااء الله الي رجعه

وردة*
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

البلاد المحجوبة

bilassan-188ca0d97f.jpg



"البلاد المحجوبة" قصيدة للشاعر المتميز جبران خليل جبران وهو احد نوابغ الكتاب المعاصرين في المهجر الأمريكي، تميز جبران بخياله الواسع وعمق تفكيره بالإضافة لموهبة شعرية متميزة، إلى جانب عشقه للرسم فكان شاعراً وفناناً أجاد في التصوير سواء بالألفاظ والكلمات المعبرة، أو من خلال الفرشاة والألوان، له عدد من المؤلفات هي "دمعة وبسمة، عرائس المروج، الأجنحة المتكسرة، العواصف، المواكب" وغيرها، ونقدم اليوم قصيدة " البلاد المحجوبة" وهي إحدى القصائد المميزة له والتي قال فيها:
هوَ ذا الفَجرُ فَقُومي نَنصَرِف
عَن دِيارٍ ما لَنا فيها صَديق
ما عَسى يَرجو نَباتٌ iiيختلف
زَهرُه عَن كُلِّ وردٍ iiوَشَقيق
وَجَديدُ القَلبِ أَنّى iiيَأتَلف
مع قُلوب كُلُّ ما فيها عَتيق
هوَذا الصُّبحُ يُنادي iiفَاِسمَعي
وَهَلمّي نَقتَفي خُطواته
قَد كَفانا مِن مَساء iiيَدّعي
أَنّ نُورَ الصُّبحِ مِن iiآياتِهِ
قَد أَقَمنا العُمرَ في وادٍ iiتَسير
بَينَ ضلعَيهِ خَيالات iiالهُموم
وَشهِدنا اليأسَ أَسراباً iiتَطير
فَوقَ مَتنَيهِ كَعقبانٍ iiوَبُوم
وَشَربنا السّقمَ مِن ماء iiالغَدير
وَأَكَلنا السُمّ مِن فَجّ iiالكُرُوم
وَلَبِسنا الصَبر ثَوباً iiفالتَهَب
فَغَدَونا نَتَرَدّى بِالرّماد
وَاِفتَرَشناهُ وِساداً فَاِنقَلَب
عِندَما نِمنا هَشيماً iiوَقتاد
يا بِلاداً حُجِبَت مُنذُ iiالأَزَل
كَيفَ نَرجوكِ وَمِن أَيّ iiسَبيل
أَيّ قَفرٍ دونَها أَيّ iiجَبَل
سُورها العالي وَمَن مِنّا iiالدَّليل
أَسرابٌ أَنتَ أَم أَنتَ iiالأَمَل
في نُفوسٍ تَتَمنّى المُستَحيل
أَمَنامٌ يَتَهادى في iiالقُلوب
فَإِذا ما اِستَيقَظَت وَلّى iiالمَنام
أَم غُيومٌ طُفنَ في شَمس iiالغُروب
قَبلَ أَن يَغرَقنَ في بَحر الظَّلام
يا بِلاد الفِكر يا مَهدَ الأُلى
عَبدوا الحَقَّ وَصَلّوا iiلِلجَمال
ما طَلَبناكَ بِرَكبٍ أَو عَلى
مَتنِ سُفنٍ أَو بِخَيلٍ iiوَرحال
لَستُ في الشَّرقِ وَلا الغَربِ iiوَلا
في جنوبِ الأَرض أَو نَحوَ iiالشّمال
لَستُ في الجَوّ وَلا تَحتَ iiالبِحار
لَستُ في السَّهلِ وَلا الوَعرِ الحَرج
أَنتَ في الأَرواحِ أَنوارٌ iiوَنار
أَنتَ في صَدري فُؤادي iiيَختَلج


جبران خليل جبران
وخمس نجوم
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي


كل نوح له صدى في فؤادي

bilassan-08fb91c789.jpg


كل نوح له صدى في فؤادي



وجواب من عبرتي ومدادي



كيف والرزء في ودود صفي


ورد الصفو من معين ودادي



يا شجونا تمس أوتار قلبي


ويك هلا مسستها باتئاد




كم أصوع الوداع إثر وداع


في بعاد يجيء تلو بعاد




والأسى ملء مسمعي كلما توحي


وفي أضلعي اقتداح زناد




وعيوني لا تهجر الطرس إلا


وسواد السطور بعض سوادي




يا أخا فضله علي كبير


مذ تفيأت ظل هذا الوادي




يا سليم الضمير والقلب
في أشرف معنى وفي أعز مراد




ما الذي يصنع الأحباء بالأرواح


يوم النوى وبالأكباد




جل فقديك جل بعدك للأفضل
من شطري الحياة افتقادي




أي خطب دهى الفضائل في الندب


الموالي وفي الهمام الجواد




في الأمين الأبر حر السجايا


صادق الوعد مخلف الأيعاد




له نفسي على زمان تقضى


جاده ما استهل صوب العهاد




فيه كنا رهطا تولوا بما في


وسعهم خدمة لهذي البلاد




وعلينا أبو الصحافة في الشرق


رئيس نعم الرئيس الهادي




كم له في سبيلها من مساع


ليس تنسى وكم له من أياد




وتعد الأهرام بين يديه


نهضة القطر أيما إعداد




وسليم في العاملين بلا
دعوى على أنه من الأمجاد




رقد الأكثرون من هؤلاء الصحب
عنا ولم نزل في سهاد




وخليل الجاويش فيمن تولوا


والنجيبان من بني الحداد




وسواهم من شاعر وأديب


وخطيب كانوا من الأفراد




رحم الله من قضى وأطال
الله أعمار سائر الأنداد




وامض يا صاحبي خليقا بأن ترثى


حقيقا عليك لبس الحداد



ما تمادى حزن النفوس على مثلك
فيمن خلا كهذا التمادي




والأسى بعد رائح لم يكن في


غير ذا الخطب كالأسى بعد غادي




أبلغ السابقين أزكى التحيات


من اللاحقين في ميعاد




وتلق النعمى بوجه منير


فيه سيما تلك المعاني الجياد

 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

الحب روحٌ انت معناه
الحب روح أنت معنـاه
والحسن لفظ أنت مبناه

الحب روح أنت معناه
مضنى وحماه حميــاه

إرحم فؤادا في هواك غدا
حلما تمتعنا برؤيــاه

تمت برؤيتك المنى فحكت
يا سعد قلبي حين ناجـاه
 

Queen

مشرفة

إنضم
Nov 28, 2009
المشاركات
3,344
مستوى التفاعل
34
المطرح
In my dreams
رائعه ودائما متميزه ....اختيار رائع
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

رايته ورآني


رايته ورآني
فأولع القلبان
كأن سحر عراني
أجاب لحظي لما
باللحظ منه دعاني
وكاد يكبو فؤادي
من شدة الخفقان
وذقت ما لم اذقه
من لذة النيران
ظللت والشوق محرق كبدي
حتى قضى السعد في الهوى وطري
فكان يوم لا شمس فيه سوى
شمس ولا نير سوى قمري
أنجز وعدا فيه الصفاء فلم
يشبه غير الوعيد من عمر
حسني إلى جانبي وسطوته
حصني فما خشيتي وما حذري
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

لم تطيقي بعد الأليف البقاء


لم تطيقي بعد الأليف البقاء


وكرهت الحياة أمست شقاء

فوهى قلبك الكسير المعنى

وتعجلت للرحيل القضاء

ما الذي يفعل الدواء إذا لم

يبق في الجسم ما يعين الدواء

خيل أن الوفاء أكدى إلى أن

شهد الناس منك هذا الوفاء

كم رجونا لك الشفاء وخار الله

في غير ما رجونا الشفاء

هكذا شاء والمصير إليه

وله الأمر فليكن ما شاء

أسف أن يغيب القبر روحا

ملكيا وطلعة زهراء

أين ذاك البهاء يجري على ما

حوله بهجة ويلقي بهاء

أين ذاك السخاء يكفي اليتامى

والأيامى وينصر الضعفاء

أين ذاك الحياء عن عزة لا

عن تعال وحي ذاك حياء

عرفتها معاهد العلم والآداب

والبر لا تمل عطاء

كان صدر الندي يهتز تيها

حين تحتله ويزهو رواء

أفضل الأمهات جف حشاها

من يعزي البنات والأبناء

نشأتهن صالحات وربتهم

كرماء أعزة نجباء

غانيات فقن اللدات جمالا

وكمالا ورقة وذكاء

وشبابا هم نخبة في شباب العصر

علما وحكمة ومضاء

آل سمعان إن رزاء دهاكم

تلو رزء قد هون الأرزاء

لم يكن بالكثير لو كان تجدي

أن تسيل النفوس فيه بكاء

غير أن التي إلى الله آبت

خلفت للمفجعين عزاء

ما تولت عنكم وقد تركت آثارها

الناطقات والأنباء

ذكريات تهدي إلى الخير

من ضل سبيلا وتنفع الأحياء

شيعت مصر نعشها باحتفال

قلما شيعت به العظماء

وقضت واجب الوداع لفضل

لا يسامي به الرجال النساء

جارة الخلد ليس في الخلد نأي

بعد أن يدرك المحب اللقاء

فزت منه بطيبات الأماني

فاغنميها مثوبة وجزاء

إن الموت والحياة لسرا

أبديا يحير العقلاء

نحن منه في ظلمة تتدجى

ولقد جزتها فعادت ضياء

فدح الخطب يا عفيفة في

هجرانك الأقرباء والأولياء

فاعذري حزننا فإنا على الأرض

وطوباك أن بلغت السماء
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

كنا وقد أزف المساء


كنا وقد أزف المساءنمشي الهوينا في الخلاء


ثملين من خمر الهوى طربين من نغم الهواء


متشاكيين همومناوكثيرها محض اشتكاء


حتى إذا عدنا على صوت المؤذن بالعشاء


سرنا بجانب منزل متطامن واهي البناء


فاستوقفتني وانبرت وثبا كما تثب الظباء


حتى توارت فيه عني فانتظرت على استياء


وارتبت في الأمر الذي ذهبت إليه في الخفاء


فتبعتها متضائلاأمشي ويثنيني الحياء


فرأيت أما باديافي وجهها أثر البكاء


ورأيت ولدا سبعةصبرا عجافا أشقياء


سود الملابس كالدجى حمر المحاجر كالدماء


وكأن ليلى بينهم ملك تكفل بالعزاء


وهبت فأجزلت الهبات ومن أياديها الرجاء


فخجلت مما رابني منها وعدت إلى الوراء


وبسمت إذ رجعت فقلت كذا التلطف في العطاء


فتنصلت كذبا ولم يسبق لها قول افتراء


ولربما كذب الجواد فكان أصدق في السخاء


فأجبتها أني رأيت ولا تكذب عين راء


لا تنكري فضلا بدا كالصبح نم به الضياء


يخفي الكريم مكانه فتراه أطيار السماء


ثم انثنينا راجعين وملء قلبينا صفاء


مفكهين من الأحاديث العذاب بما نشاء


فإذا عصيفير هوى من شرفة بيد القضاء


عار صغير واجفل لم يبق منه سوى الذماء


ظمآن يطلب ريه جوعان يلتمس الغذاء


ولشد ما سرت بهذاالضيف ليلى حين جاء


فرحت بطيب لقائه فرح المفارق باللقاء
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

ماذا تقول الساقية...؟


سرتُ في الوادي وقد جاء الصباح
معلنا سر وجود لا يزول

فاذا ساقية بين البطاح
تتغنى وتنادي وتقول ..

ما الحياة بالهناء ...
إنما العيش نزوع ومرام

ما الممات بالغناء...
إنما الموت قنوط وسقام

ما الحكيم بالكلام...
بل بسر ينطوي تحت الكلام

ما العظيم بالمقام...
إنما المجد لمن يأبى المقام

ما النبيل بالجدود ...
كم نبيل كان من قتلى الجدود

ما الذليل بالقيود ...
قد يكون القيد أسنى من عقود

ما النعيم بالثواب...
إنما الجنة بالقلب السليم

ما الجحيم بالعذاب...
إنما القلب الخلي كل الجحيم

ما العقار بالنُّضار...
كم شريدا كان أغنى الأغنياء

ما الفقير بالحقير..
ثروة الدنيا رغيف ورداء

ما الجمال بالوجوه...
إنما الحسن شعاع للقلوب

ما الكمال للنزيه ...
رب فضل كان في بعض الذنوب

هذا ما قالته تلك الساقية...
لصخور عن يمين ويسار

ربما قالته تلك الساقية...
كان من أسرار هاتيك البحار

 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

مما قاله في الالم

الالم انشقاق القشرة التي تغلف ادراككم.

وكما يتحتم على النواة ان تنفلق كيما يبدو قلبها للشمس,كذلك يتحتم عليكم ان تعرفو الألم.

فلو كان لقلوبكم التي لاتبرحها الدهشة من عجائب الحياة التي تكتنفكم في كل يوم لدهشتم للألم دهشتكم للفرح,ولتقبلتم فصول قلوبكم بمثل الرضى الذي

مابرحتم تتقبلون به فصول الحقول, ولأقمتم في شتاء احزانكم تترقبون بطمأنينة قدوم الربيع.

انكم تختارون الكثير من آلامكم.

وآلامكم هي الدواء المر الذي يصفه الطبيب فيكم لانفسكم المريضة.

لذلك عليكم ان تثقوا بطبيبكم, وان تجرعوا الدواء الذي عده لكم ساكتين وهادئين.

لان يده,وان بدت ثقيلة وقاسية,فانما تطاوع في ما تعمل يد القدرة التي لاتدرك ولا تبصر.

 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي



(( العاصفة ))

( 1 )


كان يوسف الفخري في الثلاثين من عمره عندما ترك العالم وما فيه وجاء ليعيش وحيداً متزهداً صامتاً في تلك الصومعة المنفردة القائمة على كتف وادي قاديشا في شمال لبنان.

وقد اختلف سكّان القرى المجاورة في أمره، فمنهم من قال : هو ابن أسر شريفة مثرية وقد أحب امرأة فخانت عهده فهجر الديار وطلب الخلوة توصلاً إلى السلوان. ومنهم من قال: هو شاعر خيالي قد انصرف عن ضجة الاجتماع ليدون أفكاره وينظم عواطفه. ومنهم من قال : هو متصوف متعبد قد اقتنع بالدين دون الدنيا. ومنهم من اكتفى بقوله : هو مجنون.

أما أنا فلم أكن من رأي هذا ولا ذاك لعلمي أن في داخل الأرواح أسراراً غامضة لا تكشفها الظنون ولا يبوح بها التخمين، غير أني كنت أتمنى لقاء هذا الرجل الغريب وأشتهي محادثته. وقد حاولت مرتين التقرب إليه لأستطلع حقيقته وأستفسر مقاصده وأمانيه، فلم أظفر منه بسوى نظرات حادة وبعض ألفاظ تدل على الجفاء والبرودة والترفع. ففي المرة الأولى، وقد لقيته سائراً بقرب غابة الأرز، حييته بأحسن ما حضرني من الكلام فلم يرد التحية إلا بهز رأسه ثم تحول عني مسرعاً. وفي المرة الثانية وجدته واقفاً في وسط كرمة صغيرة بقرب صومعة فدنوت منه قائلاً : قد سمعت بالأمس أن هذه الصومعة بناها ناسك سرياني في القرن الرابع عشر، فهل لك علم بذلك يا سيدي؟

فأجاب بلهجة خشنة : لا أعلم من بنى هذه الصومعة ولا أريد أن أعلم . ثم أدار لي ظهره وزاد ساخراً : لماذا لا تسأل جدتك فهي أقدم عهداً وأكثر علماً بتاريخ هذه الأودية. فتركته مكسوفاً نادماً على تطفلي.
وهكذا مر عامان وحياة هذا الرجل المكتنفة بالأسرار تراود خيالي وتتمايل مع أفكاري وأحلامي.



( 2 )


ففي يوم من أيام الخريف وقد كنت متجولاً بين تلك التلول والمنحدرات المجاورة لصومعة يوسف الفخري فاجأتني العاصفة بأهويتها وأمطارها وأخذت تتلاعب بي مثلما يتلاعب البحر الهائج بمركب كسرت الأمواج دفته ومزقت الريح شراعه، فتحولت نحو الصومعة قائلاً في نفسي : هذه فرصة موافقة لزيارة هذا المتنسك وستكون العاصفة عذري وأثوابي المبللة شفيعي.

بلغت الصومعة وأنا في حالة يرثى لها، ولم أطرق الباب حتى ظهر أمامي الرجل الذي طالما تشوقت إلى لقائه حاملاً بيده طائراً مهشم الرأس منبوش الريش وهو يختلج كأنه على آخر رمق من الحياة. فقلت بعد أن حييته : اعذرني يا سيدي على مجيئي إليك في هذه الحالة، ولكن العاصفة شديدة وأنا بعيد عن المنزل.

فتفرس فيّ عابساً وأجاب بصوت يساوره الاستنكاف : الكهوف كثيرة في هذه النواحي وقد كان بإمكانك الالتجاء إليها.

قال هذا وهو يلامس رأس الطائر بانعطاف لم أرَ مثله في حياتي، فعجبت لمرأى الضدين : الرأفة والخشونة في وقت واحد، وتحيرت في أمري. وكأنه قد علم بما يخالج ضميري فنظر إلي نظرة استيضاح واستعلاه ثم قال : إن العاصفة لا تأكل اللحوم الحامضة فلمَ تخافها وتهرب منها؟

فأجبته : العاصفة لا تحب الحوامض ولا الموالح ولكنها تميل إلى الرطب البارد ولا أشك بأنها ستجدني لقمة لذيذة إذا قبضت علي ثانية.

فقال وقد انفرجت ملامحه قليلاً : لو مضغتك العاصفة لقمة لحصلت على شرف لا تستحقه.

فأجبته : نعم يا سيدي، ولقد جئت إليك هارباً من العاصفة لكي لا أنال ذلك الشرف الذي لا أستحقه !

فحول وجهه محاولاً إخفاء ابتسامة ضئيلة، ثم أشار نحو مقعد خشبي بقرب موقد تتأجج فيه النار وقال : أجلس وجفف أثوابك.

فجلست بقرب النار شاكراً وجلس هو قبالتي على مقعد محفور في الصخر وأخذ يغمس أطراف أصابعه بمزيج زيتي في طاسة فخارية ويدهن بها جناح الطائر ورأسه المجروح. ثم التفت نحوي قائلاً : قد دفعت الريح هذا الشحرور فهبط على الصخور بين حي وميت.

فقلت : والريح قد حملتني أيضاً إلى بابك يا سيدي وأنا للآن لا أدري ما إذا كانت قد كسرت جناحي أو هشمت رأسي.

فنظر إلى وجهي بشيء من الاهتمام وقال : حبذا لو كان للإنسان بعض طباع الطيور. حبذا لو كسرت العواصف أجنحة البشر وهشمت رؤوسهم. ولكن الإنسان مطبوع على الخوف والجبانة، فهو لا يرى العاصفة مستيقظة حتى يختبىء في شقوق الأرض ومغاورها.

فقلت وقصدي متابعة الحديث : نعم إن للطير شرفاً ليس للإنسان فالإنسان يعيش في ظلال شرائع وتقاليد ابتدعها لنفسه، أما الطيور فتحيا بحسب الناموس الكلي المطلق الذي يسير بالأرض حول الشمس.

فلمعت عيناه وانبسطت ملامحه كأنه وجد بي تلميذاً سريع الفهم. ثم قال : أحسنت، أحسنت، فإذا كنت تعتقد حقيقة بما تقول فاترك الناس وتقاليدهم الفاسدة وشرائعهم التافهة وعش كالطيور في مكان بعيد خالٍ إلا من ناموس الأرض والسماء.

فقلت : إني أعتقد بما أقول يا سيدي.

فرفع يده وقال بصوت يمازجه التعنت والتصلب : الاعتقاد شيء والعمل به شيء آخر. كثيرون هم الذين يتكلمون كالبحر أما حياتهم فشبيهة بالمستنقعات. كثيرون هم الذين يرفعون رؤوسهم فوق قمم الجبال أما نفوسهم فتبقى هاجعة في ظلمة الكهوف.

قال هذا ولم يدع لي الفرصة للكلام بل قام من مكانه ومدد الشحرور على جبة قديمة بقرب النافذة. ثم تناول رزمة من القضبان اليابسة وألقاها في الموقد قائلاً : اخلع حذاءك وجفف قدميك فالرطوبة أضر بالإنسان من كل شيء آخر. جفف أثوابك جيداً ولا تكن خجولاً.فاقتربت من النار والبخار يتصاعد من أثوابي الرطبة. أما هو فوقف في باب الصومعة محدقاً إلى الفضاء الغضوب.

وبعد هنيهة سألته قائلاً : هل جئت إلى هذه الصومعة منذ زمن بعيد؟

فأجاب دون أن يلتفت نحوي : جئت إلى هذه الصومعة عندما كانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجه المياه.

فسكت قائلاً في سري : ما أغرب هذا الرجل وما أصعب السبيل إلى حقيقته. ولكن لا بد من محادثته ومعرفة خفايا روحه، وسوف أصبر حتى يتحول شموخه إلى اللين والدعة.



( 3 )


غمر الليل تلك البطاح بردائه الأسود ونمت العاصفة وغزرت الأمطار حتى خيل لي أن الطوفان قد جاء ثانية ليبيد الحياة ويطهر الأرض من أدرانها. وكأن ثورة العناصر قد ولدت في نفس يوسف الفخري تلك الطمأنينة التي تجيء في بعض الأحايين مظهراً لرد الفعل فتحول نفوره مني إلى الاستنئناس بي، فقام وأشعل شمعتين ثم وضع أمامي جرة طافحة بالخمر وطبقاً عليه الخبز والجبن والزيتون والعسل وبعض الأثمار المجففة، ثم جلس قبالتي وقال بلطف : هذا كل ما عندي من الزاد فتفضل يا أخي وشاركني به.

تناولنا العشاء صامتين صاغيين إلى ولولة الريح وبكاء الأمطار. غير انني كنت أتبصر وجهه بين اللقمة والأخرى، مستفسراً ملامحه عن غوامضه، سائلاً معانيه عن الميول والمقاصد المستحكمة بوجدانه.

وبعد أن رفع المائدة تناول من جانب الموقد إبريقاً نحاسياً وصب منه قهوة صافية زكية الرائحة في فنجانين ثم فتح علبة مفعمة بلفائف التبغ، وقال بهدوء : تفضل يا أخي.

فأخذت لفافة رافعاً بيدي فنجان القهوة وأنا لا أصدق ما تراه عيناي، فنظر إلي وكأنه قد سمعني مفكراً فابتسم هازاً رأسه ثم قال بعد أن أشعل لفافة وشرب قليلاً من القهوة : أنت بالطبع تستغرب وجود الخمر والتبغ والقهوة في هذه الصومعة، وقد تستغرب وجود الطعام والفراش، وأنا لا ألومك فأنت واحد من الكثيرين الذين يتوهمون أن البعد عن البشر يستوجب البعد عن الحياة وما في الحياة من الملذات الطبيعية والمسرات البسيطة.

فأجبته : نعم يا سيدي، فقد تعودنا الاعتقاد بأن من يتنحى عن العالم ليعبد الله وراءه كل ما في العالم من الملذات والمسرات ليعيش وحده متنسكاً متقشفاً بالماء والأعشاب.

فقال : لقد كان بإمكاني عبادة الله وأنا بين خلقه، لأن العبادة لا تستلزم الوحدة والانفراد وأنا لم أترك العالم لأجد الله لأنني كنت أجده في بيت أبي وفي كل مكان آخر، ولكنني هجرت الناس لأن أخلاقي لا تنطبق على أخلاقهم، وأحلامي لا تتفق مع أحلامهم. تركت البشر لأنني وجدت نفسي دولاباً يدور يمنة بين دواليب تدور يساراً. تركت المدينة لأنني وجدتها شجرة مسنة فاسدة قوية هائلة عروقها في ظلمة الأرض وأغصانها تتعالى إلى ما وراء الغيوم، أما أزاهرها فمطامع وشرور وجرائم، وأما أثمارها فويل وشقاء وهموم. ولقد حاول بعض المصلحين تطعيمها وتغيير طبيعتها فلم يفلحوا، بل ماتوا قانطين مضطهدين مغلوبين على أمرهم.

واتكأ إذ ذاك إلى جانب الموقد، وكأنه قد وجد لذة في تأثير كلامه فيّ فرفع صوته أكثر من ذي قبل وزاد قائلاً :
لا،
لم أطلب الوحدة للصلاة والتنسك، لأن الصلاة، وهي أغنية القلب، تبلغ آذان الله وإن تصاعدت ممزوجة بصياح ألوف الألوف، وأما التنسك، وهو قهر الجسد وإماتة رغائبه، فمسألة لا مكان لها في ديني، لأن الله بنى الأجسام هياكل للأرواح وعلينا أن نحافظ على هذه الهياكل لتبقى قوية نظيفة لائقة بالألوهية التي تحل فيها. لا يا أخي لم أطلب الوحدة للصلاة والتقشف بل طلبتها هارباً من الناس وشرائعهم وتعاليمهم وتقاليدهم وأفكارهم وضجتهم وعويلهم.

طلبت الوحدة لكي لا أرى أوجه الرجال الذين يبيعون نفوسهم ليشتروا بأثمانها ما كان دون نفوسهم قدراً وشرفاً. طلبت الإنفراد لكي لا ألتقي النساء اللواتي يسرنَ ممدودات الأعناق غامزات العيون وعلى ثغورهن ألف ابتسامة وفي أعماق قلوبهن غرض واحد. طلبت الإنفراد لكي لا أجالس ذوي نصف المعرفة الذين يبصرون في المنام خيال العلم فيتخيلون أنهم أصبحوا من المدارك بمقام النقطة من الدائرة. ويرون في اليقظة أحد أشباح الحقيقة فيتوهمون أنهم قد امتلكوا جوهرها الكامل المطلق. طلبت الخلوة لأنني مللت مجاملة الخشن الذي يظن اللطف ضرباً من الضعف، والتساهل نوعاً من الجبانة، والترفع شكلاً من الكبرياء. طلبت الخلوة لأن نفسي تعبت من معاشرة المتمولين يظنون أن الشموس والأقمار والكواكب لا تطلع إلا من خزائنهم ولا تغيب إلا من جيوبهم، ومن الساسة الذين يتلاعبون بأماني الأمم وهم يذرون في عيونها الغبار الذهبي ويملأون آذانها برنين الألفاظ، ومن الكهان الذين يعظون الناس بما لا يتعظون به ويطلبون منهم ما لا يطلبونه من نفوسهم. . . طلبت الوحدة والانفراد لأنني لم أحصل على شيء من يد بشري إلا بعد أن دفعت ثمنه من قلبي. طلبت الوحدة والانفراد لأنني سئمت ذلك البناء العظيم الهائل المدعو حضارة، ذلك البناء الدقيق الصنع والهندسة القائم فوق رابية من الجماجم البشرية. طلبت الوحدة لأن في الوحدة حياة للروح والفكر والقلب والجسد. طلبت البرية الخالية لأن فيها نور الشمس ورائحة الأزهار وأنغام السواقي. طلبت الجبال لأن فيها يقظة الربيع وأشواق الصيف وأغاني الخريف وعزم الشتاء. جئت إلى هذه الصومعة المنفردة لأنني أريد معرفة أسرار الأرض والدنو من عرش الله.

وسكت متنفساً الصعداء كأنه ألقى حملاً ثقيلاً عن عاتقه وقد تلمعت عيناه بأشعة غريبة سحرية وظهرت على وجهه أمارات الأنفة والإرادة والقوة.

ومرت بضع دقائق وأنا أنظر إليه مسروراً بظهور ما كان محجوباً عني. ثم خاطبته قائلاً : أنت مصيب في كل ما قلته، ولكن ألا ترى يا سيدي أنك بتشخيصك أمراض المجتمع وأوصابه قد أنبت لي أنك أحد الأطباء الماهرين وأنه لا يجدر بالطبيب الإعراض عن العليل قبل أن يشفى او يموت؟ إن العالم بحاجو ماسة إلى أمثالك وليس من العدل أن تعتزل عن الناس وأنت قادر على نفعهم.

فحدق إلي هنيهة ثم قال بلهجة ملؤها القنوط والمرارة :
منذ البدء والأطباء يحاولون إنقاذ العليل من علته. فمنهم من جاء بالمباضع ومنهم من جاء بالأودية والمساحيق، ولكنهم ماتوا جميعاً دون رجاء ولا أمل، ويا ليت عليل الدهور يكتفي بملازمة مضجعه القذر ومؤانسة قروحه المزمنة، ولكنه يمد يده من بين اللحف ويقبض على عنق كل من يزوره ممرضاً ويخنقه. والأمر الذي يغيظني ويحول الدم في عروقي إلى نار محرقة هو أن العليل الخبيث يقتل الطبيب ثم يعود فيغمض عينيه قائلاً لنفسه : لقد كان بالحقيقة طبيباً عظيماً . . . لا يا أخي. ليس ين الناس من يستطيع أن ينفع الناس، فالحارث وإن كان حكيماً ماهراً لا يقدر على استنبات حقله في أيام الشتاء.

فأجبته قائلاً : قد يمر شتاء العالم يا سيدي ويجيء بعده ربيع بهي جميل فتظهر الأزهار في الحقول وتترنم الجداول في الأودية.

فقطب ما بين عينيه متنهداً، وبصوت تعانقه الكآبة قال : ليت شعري هل قسم الله حياة الإنسان، وهي كالدهر بكامله، إلى فصول تشابه فصول السنة بمسيرها وتتابعها؟ هل يظهر على سطح الأرض بعد ألف ألف عام طائفة من البشر تحيا بالروح والحق؟ هل يأتي زمن يتمجد فيه الإنسان فيجلس عن يمين الحياة فرحاً بنور النهار وطمأنينة الليل؟ هل يتم ذلك يا ترى؟ هل يتم ذلك بعد أن تشبع الأرض من لحوم البشر وترتوي من دمائهم؟

وانتصب إذ ذاك واقفاً رافعاً يمينه نحو العلاء كأنه يشير إلى عالم غير هذا العالم : تلك أحلام بعيدة، وليست هذه الصومعة منزلاً للاحلام، لأن ما علمه يقيناً يشغل كل فسحة وكل قرنة فيها، بل يشغل كل مكان في هذه الأودية وهذه الجبال. أما ما أعلمه يقيناً فهو هذا : أنا كائن موجود، وفي أعماق وجودي جوع وعطش، ولي الحق أن أتناول خبز الحياة وخمرها من الآنية التي أصنعها بيدي. من أجل ذلك تركت موائد الناس وولائمهم وجئت هذا المكان وسأبقى فيه حتى النهاية.

وأخذ يمشي ذهاباً وإياباً في وسط تلك الغرفة وأنا أتأمله وأفكر بكلامه وبالعوامل والبواعث التي صورت له الجامعة البشرية بخطوط عوجاء وألوان قاتمة، ثم أستوقفه قائلاً : إني أحترم أفكارك ومقاصدك يا سيدي، وأحترم وحدتك وانفرادك، غير أنني أعلم، والعلم مجلبة الأسف، أن هذه الأمة التعسة قد فقدت بتنحيك وابتعادك رجلاً موهوباً قادراً على خدمتها وإيقاظها.

فأجاب هازاً رأسه :
ليست هذه الأمة إلا كالأمم كافة. فالناس من جبلةٍ واحدة وهم لا يختلفون بعضهم عن بعض إلا في الظواهر والمظاهر الخارجية التي لا يعتد بها؛ فتعاسة الأمم الشرقية هي تعاسة الأرض بكاملها؛ وليس ما تحسبه رقيباً في الغرب سوى شبح آخر من أشباح الغرور الفارغ. فالرياء يظل رياء وإن قلم أظافره، والغش يبقى غشاً وإن لانت ملامسه، والكذب لا يصير صدقاً إذا لبس الحرير وسكن القصور، والخداع لا يتحول إلى أمانة إذا ركب القطار أو اعتلى المنطاد، والطمع لا ينقلب قناعة إذ قاس المسافات أو وزن العناصر، والجرائم لا تصبح فضائل وإن سارت بين المعامل والمعاهد. . . أما العبودية : العبودية للحياة، العبودية للماضي، العبودية للتعاليم والعوائد والأزياء، والعبودية الأموات فستبقى عبودية وإن طلت وجهها وغيرت ملابسها. العبودية تظل عبودية حتى إذا دعت نفسها حرية. لا يا أخي ليس الغربي أرقى من الشرقي ولا الشرقي أحط من الغربي، وما الفرق بينهما إلا كالفرق الكائن بين الذئب والضبع. ولقد نظرت فرأيت وراء مظاهر الاجتماع المتباينة ناموساً أولياً عادلاً يفرق التعاسة والعماوة والجهالة على السواء فلا يميز شعباً عن شعب ولا يظلم طائفة دون طائفة.

فقلت وقد بلغ بي الاستغراب حد الالتباس : إذاً فالمدينة باطلة وكل ما فيها باطل.

فأجاب متهيجاً : نعم باطلة هي المدنية وباطل كل شيء فيها. فما الاختراعات والاكتشافات سوى ألاعيب يتسلى بها العقل وهو في حالة الملل والضجر؛ وما تقصير المسافات وتمهيد الجبال والأودية والتغلب على البحار والفضاء غير أثمار غشاشة مملوءة بالدخان لا ترضي العين ولا تغذي القلب ولا ترفع النفس. أما تلك الألغاز والأحاجي التي يدعونها بالمعارف والفنون فهي قيود وسلاسل ذهبية يجرها الإنسان مبتهجاً بلمعانها ورنين حلقاتها؛ بل هي أقفاص ابتدأ الإنسان بتطريق أعمدتها وأسلاكها منذ القدم غير عالم بأنه لا ينتهي من صنعها إلا ويجد نفسه أسيراً مسجوناً في داخلها . . . نعم باطلة هي أعمال الإنسان وباطلة هي تلك المقاصد والمرامي والمنازع والأماني وباطل كل شيء على الأرض. وليس بين أباطيل الحياة سوى أمر واحد خليق بحب النفس وشوقها وهيامها- ليس هناك غير شيء واحد.

فقلت : وما ذلك يا سيدي؟

فوقف دقيقة ساكتاً ثم أغمض أجفانه واضعاً يديه على صدره وقد أشرق وجهه وانبسطت ملامحه، وبصوت عذب مرتعش قال : هي يقظة في النفس، هي يقظة في عمق أعماق النفس. هي فكرة تفاجىء وجدان الإنسان على حين غفلة وتفتح بصيرته فيرى الحياة مكتنفة بالأنغام، محاطة بالهالات، منتصبة كبرج من النور بين الأرض واللانهاية. هي شعلة من شعلات ضمير الوجود تتأجج فجأة في داخل الروح فتحرق ما يحيط بها من الهشيم وتصعد سابحة مرفرفة في الفضاء الواسع. هي عاطفة تهبط على قلب الفرد فيقف مستغرباً مستهجناً كل ما يخالفها، كارهاً كل شيء لا يجاريها، متمرداً على الذين لا يفهمون أسرارها- هي يد خفية قد أزالت الغشاء عن عيني وأنا في وسط الاجتماع بين أهلي وأصحابي ومواطني، فوقفت منذهلاً مدهوشاً قائلاً في نفسي : ما هذه الوجوه وما شأن هؤلاء الناظرين إلي وكيف عرفتهم، وأين لقيتهم، ولماذا أقيم بينهم؛ بل لماذا أجالسهم وأحادثهم؟ هل أنا غريب بينهم، أم هم غرباء في ديار بنتها الحياة لي وأسلمتني مفاتيحها؟

وسكت فجأة كأن الذكرى قد رسمت على حافظته صوراً وأشباحاً لا يريد إظهارها، ثم بسط ذراعيه وقال همساً : هذا ما حل بي منذ أربع سنوات فتركت العالم وجئت هذه البرية الخالية لأعيش في اليقظة متمتعاً بالفكر والعاطفة والسكينة.

ومشى إذ ذاك نحو باب الصومعة ناظراً إلى أعماق الليل ثم هتف كأنه يخاطب العاصفة : هي يقظة في أعماق النفس فمن يعرفها لا يستطيع إظهارها بالكلام ومن لم يعرفها لا ولن يدرك أسرارها.

ومرت ساعة طويلة ممنطقة بهمس الفكر ونداء العاصفة ويوسف الفخري يمشي تارة وسط تلك الحجرة ويقف طوراً في بابها محدقاً إلى الفضاء العابس، أما أنا فبقيت صامتاً شاعراً بتموجات روحه مستظهراً أقواله، مفكراً بحياته وما وراء حياته من لذة الوحدة وآلامها. وعند انقضاء الهزيع الثاني من الليل اقترب مني ونظر طويلاً إلى وجهي كأنه يريد أن يحفظ في ذاكرته رسم الرجل الذي باح له بسر وحدته وانفراده. ثم قال ببطء : أنا ذاهب الآن للتجول في العاصفة، وهي عادة أتمتع بلذتها في الخريف وفي الشتاء . . . هاك إبريق القهوة واللفائف، وإن طلبت نفسك الخمر تجدها في الجرة. وإذا شئت النوم تجد اللحف والمساند في تلك القرنة.

قال هذا والتف بجبة سوداء كثيفة ثم زاد مبتسماً : أرجوك أن توصد باب الصومعة عندما تذهب في الصباح لأنني سأصرف الغد في غابة الأرز.

ثم سار نحو الباب وتناول من جانبه عكازاً طويلاً وقال : إذا فاجأتك العاصفة ثانية وأنت في هذه النواحي فلا تتأخر عن الالتجاء إلى هذه الصومعة. ولكنني أرجو أن تعلم نفسك حب العواصف لا الخوف منها . . . مساء الخير يا أخي.

وخرج إلى الليل مسرعاً.

ولما وقفت في باب الصومعة لأرى وجهته كان الظلام قد أخفاه ولكنني بقيت بضع دقائق أسمع وقع قدميه على حصباء الوادي.

جاء الصباح وقد مرت العاصفة وانقشعت الغيوم وظهرت تلك الصخور والغابات متشحة بنور الشمس، فتركت الصومعة بعد أن أقفلت بابها وفي نفسي شيء من تلك اليقظة المعنوية التي تكلم عنها يوسف الفخري.

ولكنني لم أبلغ منازل الناس وأرى حركاتهم وأسمع أصواتهم حتى وقفت قائلاً في سري : نعم، إن اليقظة الروحية هي أخلق شيء بالإنسان بل هي الغرض من الوجود، ولكن أليست المدنية بما فيها من التلبس والأشكال من دواعي اليقظة الروحية؟ وكيف يا ترى نستطيع إنكار أمر موجود ونفس وجوده دليل على إثبات صلاحيته؟ قد تكون المدنية الحاضرة عرضاً زائلاً ولكن الناموس الأبدي جعل سلماً تنتهي درجاته بالجوهر المطلق.

ولم أجتمع ثانية بيوسف الفخري لأن الحياة أبعدتني عن شمال لبنان في أواخر ذلك الخريف فجئت منفياً إلى بلاد قصية عواصفها داجنة. أما التنسك فيها فضرب من الجنون.





عن كتاب
" العواصف للأديب " جبران "
 

ĻàĎỷ iЙ ŖẼD

ܓܨ أشهق بأسمه ܓܨ

إنضم
Jan 23, 2009
المشاركات
5,503
مستوى التفاعل
87
المطرح
بعيونو
رسايل :

أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي ورائحة أمي

قصه راائعه لكاتب اروع

شكرا ئلك دموع الورد:25:
 
أعلى