طبعة مزيدة لرواية "مجنون الحكم.. فى مصر القهر والنكتة"

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
صدر حديثًا عن دار الشروق للنشر، طبعة جديدة لرواية "مجنون الحكم" للمفكر والروائى المغربى بنسالم حميش، وزير الثقافة السابق، وهى طبعة مزيدة ومنقحة، وقدم الترجمة الإسبانية لها الروائى الإسبانى البكير خوان غويتيسولو، المعروف بقضاياه لمناصرة الإسلام والمسلمين والقضية الفلسطينية.

ويقول "غويتيسولو" إن الرواية المكتوبة بالعربية قد دخلت فى تقديرى طور البحث عن أشكال جديدة، ففى حين أن الرواية الفرنسية أو الإيطالية ونقصر التمثيل عليهما تجنبًا لإثارة حساسيات أكثر قربًا تعرف نوعًا من التراجع البطىء بفعل فقدانها للشهية ومعارضتها للجدة، فإن الرواية المكتوبة من طرف جيراننا فى الضفة الأخرى، تتخلص شيئًا فشيئًا من محاكاتها للنماذج الأوروبية، وتتمثل حتى من دون أن تعرفها كلمات كَاودى "Gaudi" النيرة النبوئية: "إن الأصالة تكمن فى العودة إلى الأصل".

ويضيف: وعلى غرار بعض كبار كّتاب القرن العشرين من جويس إلى أن أرنو شميث الذين ترتبط كتاباتهم قصديا بشفوية نصوص العهد الوسيط الأدبية و"موها الوراثى" فإن جيلا من الكتاب فى العالم العربى يكشفون حداثة مفقودة فى الحوليات التاريخية وأدب الرحلات وفى قطيعات وتحولات الزمان والمكان المدوخة عند ابن عربى وأقطاب صوفيين آخرين.

"مجنون الحكم" للكاتب المغربى بنسالم حميش، تشكل الدليل الساطع على هذه "المعاصرة اللازمنية". إن هذه الرواية كـ"الزينى بركات" أو تحف فوينتس ورووا باسطوس، بعيدة حقًا عن أن تكون رواية تاريخية عادية، ولو أنها مبنية على شخصية تاريخية، وهو أبو على منصور "ولقبه الحاكم بأمر الله"، أحد خلفاء الدولة الفاطمية التى حكمت مصر من سنة 973 إلى 1171م، ويرجع إليها عمل تشييد القاهرة الفاتنة، المخترقة حتى هذا العهد بزقاق المعز لدين الله، المتآكلة المنهدمة البئيسة الجميلة.

إن رواية "حميش" قائمة على اللاخطية المجانية للتطور الدرامى، الميسرة لعملية تشكيل وتفكيك الشخصية المركزية. الحكى عنده يبحر بضربات مجدافية ويستبطن تناقضات المستبد "الحاكم" حتى يحولها إلى محور أو قطب رحى انسجاميته الداخلية وهى انسجامية بين نص مفصل وشخصية متقلبة.

ويقول "غويتيسولو" إن "مجنون الحكم" هى إذن دفاع تنويهى عن حقيقة الخيال ضد ثغرات وافتراءات وبياضات مصنفات التاريخ المسخرة من طرف أقطاب الدوغمائية الرسمية ومحررى برامجهم المذهبية، وفى فصول الرواية تتناوب الإخبارية والباروديا عبر سرود تخيلية، ولكنها متأصلة فى التراث الأدبى والشعبى العربى.

ويقول المترجم الأمريكى "روجر آلن" أستاذ الأدب العربى والأدب المقارن بجامعة بنسلفانيا، فى شهادته عن رواية "مجنون الحكم"، أنها رواية تنم عن ثقافة عالية ودراية بتقنيات الكتابة والروائية الفائقة، دفعته إلى ترجمتها للغة الإنجليزية، موضحًا أن هذه الطبعة الجديدة المنقحة والمزيدة تأتى فى وقت جد مناسب لتصل الماضى بالحاضر، من حيث أن طاقة الرواية التشريحية لجينيالوجيا الاستبداد "الحاكم بأمر الله الفاطمى، أو بالأحرى بأمره نموذجًا" تسرى، مع فروق وتلوينات لا تغير فى الجوهر شيئًا، على كل الحكام الطغاة الذين عج بهم التاريخ العربى سالفًا وحاضرًا.

ويعتبر "روجر آلن" رواية "مجنون الحكم" من الروايات العربية الوازنة التى أسهمت فى نشر الوعى بوجوب إسقاط الأنظمة الطغيانية، كما حدث خلال سنة واحدة 2011، ومن هذا المنحى تكتسى "مجنون الحكم" راهنية مثيرة مُثلى.
 
أعلى