عصـــر اللاقوطــــة


إنضم
Jun 20, 2011
المشاركات
6
مستوى التفاعل
0
كثيراً ما كان جدّي يمتدح ويثني على اللاقوطة ولطالما شبه الشاي الذي تعده جدتي ببول اللاقوطه .
يعرف تلاميذ الابتدائية أن عصر اللاقوطة كان موجوداً قبل أن يكتشف الانسان الزراعة، فكان الرجل البدائي لا يزرع ولا يسقي ولا يحصد، وكل ما كان يفعله هو إرسال المرأة لتلتقط ما يسقط من الأشجار بفعل النضج أو بفعل الرياح لكي يقتات عليها بينما يكون قابعاً في كهفه الرطب ينتظر عودة اللاقوطة.

حينما تكون الرياح قوية فإن غلة اللاقوطة تكون أكبر لذا كانوا يألهون الرياح ولا يفوتهم الركوع على أقدام اللاقوطة فالرجل لم يكن يبذل أدنى جهد لتوفير الطعام وكان دوره محصوراً في مهمات ذكورية تناسلية بحتة.


ارتبط عصر اللاقوطة بمرحلة ( البغــو) وهي المرحلة التي لم يكن الإنسان فيها قد بدأ في استخدام قواه العقلية، وهي نفس المرحلة التي كان فيها الإنسان غير قادر حتى على مواجهة الضواري والوحوش لأنه لم يكن قادراً على صنع أسلحة للدفاع عن نفسه، فكان يفضل أكل الحيوانات النافقة أو ما يسمى بالجيف على أن يجهد نفسه بصيد يسير و لو كان ضبّ ، نعم إنها مرحلة البغو المرتبطة بقلة العقل والحكمه وبقلة الذوق و قلة الشجاعة أيضا وربما أيضاً قلة الوجدان والمروءة.

في أيامنا العاصفة هذا هو حال الأحزاب السورية فكأنما عادت هذه الأحزاب إلى ما قبل العصر الحجري وأضحت تعيش على ما تجود به الرياح وما تأتي به اللاقوطه وأضحت تعيش على التقاط المكاسب السياسية التي ليس لها أي دور في نضوجها،إنها أحزاب لم تزرع ولم تسق ولم تحصد، فقط كمنت بانتظار هبوب الرياح كي تكون الغلة أوفر والعليقة أدسم وفوق ذلك لا تنفك تشتم الرياح التي وفرت لها كل هذا (الكلأ السياسي)!!.

إن رياح ويكيليكس " الموجهة " وبعدها رياح ما يعرف برياح الربيع العربي " المتوجهة "هي التي وفرت كل هذه المكاسب السياسية لأحزابنا لتلتقطها على (بارد المستريح) وهي ذات الرياح التي ألقت بالحجر في برك الفساد الآسنة ، وبفعلها انطلقت الأصوات وبحت الحناجر الساعية لإسقاط الرؤوس العفنة وسال الكثير من الدماء الطاهرة، وهي ذات الرياح التي سوف تحرك أشياء كثيرة مستقبلا.
إن زعماء هذه الأحزاب وبحسب منطق (لا يموت الديب ولا يفنى الغنم) وأيضا بحسب منطق(زيوان البلد ولا حنطة جلب) والمنطق المعاكس تماماً (زبيب الغريب حلو أكثر) وكي يحافظون على وفرة غلة اللاقوطة تراهم يمالئون الثوار تارة والسلطة تارة ثانية والأجنبي تارة ثالثة ويعرفون أنه لولا رياح التغيير لما امتلأ " شقبان " اللاقوطة و لما عادت الروح إلى جيف تلك الأحزاب العفنة المتفسخة... فسبحان من يحيي الأحزاب وهي رنيـــــم (مقصودة يا فهمان).

ربما لا تشعر هذه الأحزاب بأنها (قليلة حيا) ووقحة لأن من لا ماء في وجهه لا يحمر خجلا، لذلك من الطبيعي أن تحابي وتمالئ من يزيد رياحها وينفخ في كورها وأن تستشيط غضباً في وجه اللاقوطة الغريبة اذا ما سولت لها (همّزتها) نفسها الامبريالية بالاقتراب والتقاط بعض الثمار الساقطة.
 
أعلى