DE$!GNER
بيلساني محترف





- إنضم
- Apr 4, 2011
- المشاركات
- 2,637
- مستوى التفاعل
- 44
- المطرح
- بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم



في تكذيب مباشر لنفي قناة الجزيرة أكد الإعلامي العربي غسان بن جدو لإحدى الفضائيات السورية, أن استقالته من قناة الجزيرة أمرٌ لا رجعة عنه, فيما تلتزم القناة سياسة التعتيم والنفي. والسؤال الكبير لماذا استقال إعلامي كبير مثل بن جدو من قناة كبيرة كالجزيرة؟. كلما بدأت بسطر في محاولة توصيف ما فعله هذا الإعلامي العربي أجد نفسي أكتب خطابا في مدح الرجل, فأعود أدراجي للبداية لأنني أعرف أنه لا يحب المدح..
أولاً غسان بن جدو مهني بامتياز, يعرف كيف يختار حواراته ومواده الإعلامية ويعرف كيف يدير هذه الحوارات, لغة عربية فصيحة متوازنة وسلسة, جذابة على لسانه تستثير ضيق وحسد وحنق أولئك الإعلاميين الصغار الذين لا يتقنون لغتهم العربية, حضور طبيعي هادئ متواضع غير متكلف جذاب بصرف النظر عن موضوع الحوار.. ومهنية بن جدو مشهود لها من الاعداء (المهنيين) قبل الاصدقاء.
ما سبق كله هو على صعيد الشكل, وهو ليس مدحاً كما تلاحظون فهذا هو بن جدو تماماً كما تعلمون, ولا يصح أن نستخدم الضوء لنشير إلى موقع القمر مثلا كما أن ما سبق لا يفسر سبب استقالة بن جدو, فهذه المهنية التي يملكها الرجل تدفع قناة كالجزيرة على التمسك به, في معظم الأحوال.
لعل التفسير إذاً يكمن في المضمون, فغسان بن جدو عربي قومي وإن لم يقل ذلك, هو عربي عابر للأقطار والأديان والملل, فوق الأحزاب والتحزب ضد العصبيات والتعصب يعتز بانتمائه الأساس وبكل التفاصيل الكثيرة التي تكون هويته وشخصيته, هو وسطي تصالحي إلا فيما يستهدف الأمتين العربية والإسلامية ويهدد هويتيهما, وهنا هو مقاوم يدافع عن الماضي والحاضر والمستقبل العربي, هو ضد أعداء الأمة من الداخل والخارج, كل هذا مكثف في شخصية مثقف عربي من طراز رفيع.
يقول الدكتور الباحث طيب تيزيني في أحد تعريفاته المختصرة للمثقف: إن (المثقف الحقيقي هو الذي يمارس ما يقول), ولأن بن جدو مثقف عربي حقيقي وجب عليه الاستقالة من قناة كالجزيرة تحولت إلى منبر مكشوف لبث الفوضى والتخريب في الشارع العربي عموماً والشارع السوري خصوصاً باعتمادها سياسات تحريضية لا مهنية, مستغلة الأوضاع التاريخية التي تمر فيها المنطقة العربية برمتها.
إن الإعلامي بن جدو الذي يناصر التحركات القائمة في الشارع السوري خصوصاً والشارع العربي عموماً من أجل الحرية والإصلاح, يناصر في الوقت نفسه ويقف علناً إلى جانب المشروع القومي والوطني الكبير لسورية, ومن هذه الرؤية من المؤكد أن يختلف تعاطيه مع الشأن السوري عن تعاطي الجزيرة الذي يخلط عمداً القمح بالزيوان ويخلط الحقائق ويشوهها بل ويخلق أخرى مزيفة كليا, وإضافة إلى ذلك كله هناك منطلق أخلاقي لاستقالة بن جدو, تتعلق كما نقلت بعض المصادر بالتعاطي الكثيف والمضخم مع ما يجري في ليبيا واليمن وسورية مقابل, عدم الإشارة من قريب أو بعيد إلى ما يحصل في البحرين, على الرغم من الدماء التي تسيل هناك, وهو تعاط مخز يضع كل ما نسجته (الجزيرة) بعرق أبنائها في الساحات والميادين, محل شك واستفهام كبيرين ليس من إعلامي كبير مثل بن جدو بل من ملايين العرب والمسلمين, الذين فجعوا بسقوط حلم جميل كان اسمه الجزيرة.