غـــــــــــرفة عمـــــليات..."بقلمي"

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!




كلما تذكر نفسها في ذاك الوضع المرهب بتلك الغرفة المكتظة بفوضى طبية
من الآلات وشاشات وأجهزة قناني أوكسجين وأنابيب المصل والدم غرفة عمليات كأنها ورشة تصليح سيارات معطلة
تمقت تلك الذكرى كلما دبت في زيارة طبيب حتى كرهت حضور المستشفيات ورائحة بخور الأدوية
التي تعج بها الممرضات وخاصة عطر البنج تميزه عن بقية الروائح الطبية عندما تتذكر ذاك المشهد
وهن يدفعونها لغرفة العمليات كانت مغطاة من قاع رأسها حتى أخمص قدميها بوشاح أبيض وكأنها بكفن ميت !
يومها شعرت بشعور غريب قد تكون مشاعر الخوف من الموت كان وضعها مشابه له تماماً
أصبحت تتخيل بينها وبين نفسها وهي على ذاك السرير المتحرك
يا ترى لو خرجت بعد العملية على مثل هذا الوضع المشئوم ...هل سيكون شعوري مثل هذا الشعور ؟
مزيج من الخوف والرهبة ..أم شعور البائس اليأس الحزين من مصير محتوم ..أم سعيدة وراضية بحكم الرحيم على عبـــادة
في الأخيــــر ابتسمت ابتســــامة رضا عندما رأت الممرضات حولها بلباسهم الأبيض دب في نفسها الصفاء والنقاء
وكأنهن ملائكة الرحمان وعندما وصلن بها لغرفة صغيرة جداً.. يقطع حبل أفكارها دخول الطبيب
ليسألها تلك الأسئلة التي تكررت معها ألف مرة
فمنذ دخولها للمستشفى لا يسألون أسئلة غيرها للتـــــــــــأكد فقط حتى أصابها الملل
تشجعت أن تكسر حاجز صمت الخجل فتسأل الطبيب : هل وصلنا ؟
أبتسم ابتسامة خفيفة : نعم وصلنا وأنتي بغرفة الانتظار الآن
كانت ستسمر في أسئلتها الطفولية ..لما هذا الانتظار ؟
لكن وكأن الجدران تسمع ولها أذني تنصت ما يخالج نفسها من فضول
تجيبها صفعات الكف الممزوجة مع تهافت أصواتهم وهن يرددون لها : هيا استيقظي يا أماني لقد انتهت العملية بنجاح ..
اه لقد تذكرت أماني التي تشاركني بغرفة التمريض

يزداد صوت الصفعات أكثر من قبل مكررين عبارتهم :استيقظي يا أماني ...وكأنهم يحاولن أيقاظ ميت!
وما زالت تسترق السمع وتنتظر بترقب ردة فعل أمـــاني ولم تسمع منها غير الآهات
فزاد قلقلها وتوترها وكأن مشاعرها في تلك اللحظة تشنجت
يسارع نبضات قلبها ليخرج من أنفاسها اضطرابات خــــوف من المجهـــول
لاحظ الطبيب بريق توتر عينيها : لا داعي للخوف عمليتك بسيطة جداً وأسهل بكثير من زميلتك أمـــــاني
فسألته: هل أنت من ستعمل العملية ؟
فضحك ضحكة طفيفة وكأنه ساخراً من سؤالها
فيجيبها بكل ثقة وهو يقلب صفحات تقريرها الطبي : لا أنا طبيب التخدير أخدرك في البداية وباقي المهمة يتولها بقية طاقم العمليات الجراحية

ليته لم يجاوبها أو ليتها لم تسأله لأنه زاد من توترها ولم يحد خوفها
أدخولها أخيراً للمقصد ونقلوها من السرير المتحرك لوضعية سرير العملية
لمحت سريعاً شريكتها أمــــاني وهم يخرجونها بنفس اللحظة التي أدخلة بها للغرفة
تخرج من مخرج آخر غير المدخل الذي أدخلوها منه
لتنقل أمـــاني لغرفة التمريض مرة أخرى لكن بعدما تخلصوا منها هُنا بكل نجاح
في إيقاظها بصفعات مستمرة على الوجه !
لا أعتقد شعرت بها بسبب تأثير البنج لكن معاملتهم الجلفة تلك أنطبع لديها انطباع سيء تجاه ما ستواجه هي الأخرى
صخب قلقها أكثر عندما فوجئت أن الغرفة مليئة بالممرضين والممرضات والأطباء والطبيبات
عددهم أكثر مما كانت تتوقع كانوا بمختلف الجنسيات ولجميع الطبقات
وكأنه اجتماع امة محمد على مجلس القمة العربية
اصطفوا أولاً الممرضات حولها بثيابهم تلك التي جعلتهم متشابهين ولا تستطيع أن تميز أحداهم رغم اختلاف جنسياتهم
كانوا كالكائنات الغريبة من كوكب آخر وهن يثرثرن مع بعضهن بطلاسم طبية
أمسكت أحداهن قدمها وترفعها أمام الملا دون أن تدرك شعورها أنها لم تعتاد على هكذا وضع
إلا يكفي لباس العملية الذي أرغموها على لباسه... خجلها الشديد صعب لديهم المسألة أكثر
لا إراديا ...لم تلب طلب الممرضة لتكمل إجراءات العملية
فحاولت تهدئتها وتحدثها بروية
وأخيراً... نطقت أحداهن بعدما كانوا في سكون مزعج مع أنفسهم فقط غير مبالين بها
تحدثت معها بجمل عربية مكسرة الحروف بالكاد تفهم أو تفقه منها شيء وعندما وجدتها فشلت بالمحاولة
جعلتها في استسلام تــــــام تتم ما بدأته وهي تحركها كالدمية وتلصق بها أوراق دائرية الشكل متصلة بها أسلاك رفيعة لا تعلم إلى أين ستنتهي ..
أنها تشبه أسلاك تخطيط القلب التي يضعونها في صدر الممثل عندما يلعب دور مشهد المريض
يا للسخرية ثقافة المسلسلات التركية أفادتها وهي تعيش في أشد لحظات الرعب بالنسبة لها
فسخرت من نفسها بضحكة برئيه..... رأتها أحدى الممرضات ولم تبالي هي وصديقاتها مكرسين همهم الوحيد
بتعجيل مهمتهم التي تراها بنفاذ صبر في أعينهم وبكل شغف لإنهائها في أسرع وقت
عكس شعور الملل الذي كان يراودها في غرفة الانتظار من قبل ..تتمنى الآن لو يتريثون قليلاً لتستوعب الأمر بجدية أكثر مثلهم
لكن لم تحن لها حتى فرصة أن يسرح فكرها لو مضغة لحظات وكيف سيصبح حالها بعد العملية ...
أقترب منها طبيب التخدير الذي تعرفت عليه أول مره وأشار من جفنية إلى الممرضة التي تقف بجواره
لتحيط برأسها دائرة بلاستيكية على شكل نصف فاكهة تطبقها على فمها فيبعث منه هواء بارد استصعبت أن تتقبل برودته ليخمد شحنات توترها..!
فلم تستنشقه وكتمت أنفاسها ..!
الخوف دعها تتصرف بغرابة فبرودة المخدر يذكرها بثلاجة الموتى !!!
أستكشفها سريعاً طبيب التخدير فعلتها الخبيثة ..
ثم طلب منها مرة أخرى ولأخر مره : عليك ِ تستنشقه بعمق
فشعرت بعدها بلحظات الخدر يدب بجسدها وثقلت جفون عينيها حتى غدت ترى وجه الطبيب يختفي كخسوف القمر بخلف سحابة بيضاء شفافة ..
ألتفت إلى يسارها بثقل باحثة عن جهاز تخطيط القلب هذا ..!
كان تراودها بتلك اللحظة فكرة لا تخطر على بال أحد غير المجانين
تريد أن ترى جهاز تخطيط القلب : أحقاً قلبي ينبض !؟








"كانت عملية بسيطة وانتهت بنجاح
لم تحتاج كل هذا السيناور المرعب
لكن بالنسبة لبطلة القصة
تجربة جديدة وتغيير مهم في حياتها
بتاريخ / 26-5-2010 "
 

إلهام

بيلساني لواء

إنضم
Jul 20, 2010
المشاركات
4,850
مستوى التفاعل
97
المطرح
على مد البصر اتواجد
رسايل :

كان بعض مني ..... بعض من افكاري ...... بعض من حنيني ...... واصبح بعض من ذاكرتي المشوشة ....

صياغه جميلة جدا
وسرد يحاكي سناريو طبيعي
راقتني صمت الورود وحدثتني عن الكثير من الدوران بداخلي
ابداعك يزداد كل يوم
بتوفيق
 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

ألهام .. كم أشتقتك كثيراً
شكراً لكِ على التشجيع , وبأذن الواحد الأحد
سأكمل ما بدأته ..!!
اتمنى تكوني بخير يا من افتقدها
كونِ بخير اينما كنتِ
 
أعلى