قمر فلسطين
مشـــرفة ســـابقة
- إنضم
- Jul 16, 2008
- المشاركات
- 425
- مستوى التفاعل
- 2
فلسطين من رام الله لمحمود درويش : نم يا حبيبي
وصل طائر الحديد سالما دون نار ولا ذخيرة قاتلة ، طائر الحديد يبكي على من حمل وعلى شعب سيكون بعد اليوم دون محمود درويش ، الرئيس محمود عباس بلباسه الحزين ودمعة عينه الواقفة عند بوابة الفضاء تخجل النزول الى فخامة اللحظة ، وثمانية جند من حملة العرش الشاعري الكبير يتقدمون به الى قصره الرملي حيث رخامة ستكتب جامع قصائده باختصار بعد أن أحسن ظن العدم فسلمه ما أراد ، وترك الانسانية بأكملها لقصائده في الوطن والمنفى والبحر واللوز والغياب وغيرها ، غيرها ، غيرها ...
ياسر عبد ربه حضر على كرسي متحرك بعد حادث سير كأنه كان يسارع الضوء ليسحب من تابوت درويش قبساًً ليعود الى أهله غير ضاحكاً بحزن على من ترك الحصان وحيداً وترجل.
حنان عشراوي بكته بصوتها وستذكره مبدعا لا يعوض وكذلك جاءت كلمة الرئيس عباس ليحمد الله على هذا المصاب الجلل وينعي للانسانية والشعب الفلسطيني الشاعر الفارس محمود درويش ، الورد على العرش والعلم الوطني لباس نوم الشاعر الأخير .
الرئيس عباس لم يتكلم سياسة بل بلاغة اختار لغته بحذر شديد وإنسانية عالية لانه يعرف أن من أمامه إمام اللغة وصاحب البلاغة وإن كان غافياً وصامتاً وراحلاً ، واعترف الرئيس للشاعر بكثير من العطايا والانجازات والتضحيات حتى وصفه بجدار الوطن وحامي الهوية ، ورسول الانسانية ، وصاحب الرسالة لوحدة الوطن ، فالشاعر ما اختلف على فلسطينية أحد ولم يتنكر لأي فلسطيني غرق بالاحتلال والجرح فالكل عنده في قصيدة الوطن سيان ، يجروهم في سطوره نحو الحرية والحياة دون غاصب ولا ظالم ولا مستبد.
محمود الرئيس رثى محمود الشاعر بالكثير من الألم والآسى والمرارة ، والعزاء في اللحظة أن ياسر عرفات الرمز والشهيد سبقه الى عرش الرمل ويستقبله اليوم في حضرة الغياب ، ففلسطين الأم التي ولدت الرموز وفية لبعد من رحلوا وأمينة على رحمها الأخضر لتأتي بمن هم على وزن الشهيد الرئيس والشاعر الشهيد .
ووضع الرئيس عباس الأمانة في سلال مبدعي فلسطين حتى لا يشعر الشعب وتشعر القضية بعد درويش باليتم والحرمان ، حتى لا تضعف الذاكرة وتبتعد القصائد عن درويشها كثيراً فيشتكي الوطن المسلوب غياب الحضور وتيه الاسماء عن الحارات والبيادر .
شكر الرئيس الامارات العربية التي نقلت عرش الشاعر والأردن الساحة التي احتضنت الفارس الشاعر.
والصديق الشاعر سميح القاسم قال في صاحب الحضرة الذي غاب لأول مرة أن يركب طائرة دون جواز سفر ، ولم ينعته بغير الأخ ولأم أمه التي لم تلده معه ، واستفز القاسم منع المستوطنين المحتلين منعهم لعرش الشاعر أن يصل الى البروة حيث أراد فالطارئين على شعب فلسطين يخافون القصيدة والنشيد ، واستسلم لمكان الوداع الأخير في رام الله برضى نسبي لما احتوته رام الله لقائد الثورة ومؤسس الدولة ياسر عرفات.
القاسم الذي عزى الحضور رئاسة وساسة ومثقفين ومبدعين وعادين ترك الدمعة البعيدة معين بسيسو في بئر المنفى ليقول كم نحن ضعفاء ، استرضى القدر متحديا الاحتلال ، ولكن المتحدي بكى واعترف بأن الفاتحة أبلغ ما يكون في الخاتمة.
أحمد درويش الشقيق والكاتب سبقته الدمعة واضعفته اللحظة وطلب أن يعفى من الكلام ولكنه واصل البكاء واللغة يجهش بمشاعره حتى بكى من خلفه الرئيس عباس والشاعر سميح القاسم والسياسي أحمد الطيبي ، أكمل أحمد لشقيقه محمود المسجى أمامه بالورد والعلم الوطني ليشكر من جاء ويعزى من يسمع ويرى ويحزن على رحيل شاعر الوطن وأبعد .
ويحيى يخلف الصديق والروائي عرفّ بالمتكلمين وشكرهم بكامل حزنه ومرارته وطلب من الشيخ محمد حسين الصلاة على روح الشاعر فكانت الصلاة لجموع من حضر .
الشيخ الذي قدم للصلاة بكلمة وداع مؤثرة ، كبرّ الاربع على روح الشاعر وطلب من الله للغائب الرحمة والمغفرة وحسن الجوار الابدي.
في اللحظة الأخيرة نظرة الوداع من ذويه ومحبية ، وجمع يلم قواه أمام الراحل الكبير ، كأننا نرى النشيد الوطني يبكي في حضرته وكأن العصور بكت ايضاً .
وداعاً يا صاحب الفخامة .. وداعا يا صاحب قصيدة الحياة .. فما تركته لنا من أمانة برحيلك كثير وكثير وكثير، ولكنك ذهبت الى ما تريد لنكون دونك دون أن نريد.
البرزخ .. المثوى ..الضريح .. أو القبر ، ونسميه لأجلك القصر .. قصر الثقافة .. قصر البلاغة قصر الصهوة الأخيرة ، فقصر الثقافة من بعدك سيحمل أسمك والرجاء كله أن يكون مثلك أو أن يشبهك.
الجنازة اللغوية الكبيرة التي مشت شوارع رام الله لتودع العابرة ، الحارات ،ميدان الإرسال ،مقاهي النرجيلة والثرثرة والمحبة ، دور السينما ، المسارح الهادئة ، الحدائق العامة ، النوادي المغلقة وشرفة العاشقة ، وداع لا يشبهه غير وداع الشهداء والنبلاء والفضلاء والشعراء العظماء، حتى الصبية الصغار تركوا منازلهم وركضوا خلف العرش المحمول الى نهايته ، معهم الكثير من الأماني أن يكونوا كمن ترجّل وتركهم صغار بعمر 'سجل أنا عربي'.
رام الله التي فرشت صورة كبيرة للشاعر وهو يرفع يديه مسلما في لحظة علو على ضفة الحياة ومستسلما في هذه اللحظة للوداع ' العدم' أخفت السماء زهرة حزنها لتكمل الجنازة القيثارة عزفها للديار و لمناديل الدامعة ، كأن قطرات من دماء الشهداء فاحت برائحة العود خلف هذا الوداع الكبير.
على مقربة من 'قصر محمود درويش الثقافي' حطت الجنازة وأخذت تطلع الى عرش الرمل 'خطوة ..خطوة .. وحملة العرش يقتربون مع موسيقا الوداع وقلوب مائلة نحو الريح المتعبة ، خطوة على عشب وندى وتحت شمس رؤوفة يصل الشاعر بكبرياء النبلاء ليعانق تراب 'البروة' مسقط الرأس وغبار اصابعه الصغيرة ، فلم ينس الاصدقاء حب محمود للبروة ولأن الأعداء ،أعداء أحضر الاصدقاء تراباً من 'البروة' القرية المحتلة والنازفة من جرح الغياب ، عفوا لكل ما دون هذا التراب في 'بروة درويش' قد يأتي الغد ليحمل إليكم ما فقدتم ، دون غزاة.
نام الشاعر ، استراح الشاعر ، عانق الشاعر ترابه الأبدي ، ليبكي الرخام الشاهد على قصره ، من ألم في قلوب من تركوه وحيدا دون قهوة ولا رغيف خبز ولا قصيدة ، شاهدٌ حفرتْ شرايينه بكلمات للراحل .. الغائب .. 'على هذه الأرض .. في هذه الأرض ما يستحق الحياة' الشاعر الكبير محمود درويش ليدلنا عليه كلما ضاعت العناوين أو أخذتنا العاصفة للغرباء .
نم محمود فأول مرة تنام باختيار سواك
لكنك تحب هذا المكان ..كما قالت قصائدك
نم ايها النجم دون سماء
نم ليحرسك الفضاء
نم .. ليغطيك ورد الاصدقاء
وصل طائر الحديد سالما دون نار ولا ذخيرة قاتلة ، طائر الحديد يبكي على من حمل وعلى شعب سيكون بعد اليوم دون محمود درويش ، الرئيس محمود عباس بلباسه الحزين ودمعة عينه الواقفة عند بوابة الفضاء تخجل النزول الى فخامة اللحظة ، وثمانية جند من حملة العرش الشاعري الكبير يتقدمون به الى قصره الرملي حيث رخامة ستكتب جامع قصائده باختصار بعد أن أحسن ظن العدم فسلمه ما أراد ، وترك الانسانية بأكملها لقصائده في الوطن والمنفى والبحر واللوز والغياب وغيرها ، غيرها ، غيرها ...
ياسر عبد ربه حضر على كرسي متحرك بعد حادث سير كأنه كان يسارع الضوء ليسحب من تابوت درويش قبساًً ليعود الى أهله غير ضاحكاً بحزن على من ترك الحصان وحيداً وترجل.
حنان عشراوي بكته بصوتها وستذكره مبدعا لا يعوض وكذلك جاءت كلمة الرئيس عباس ليحمد الله على هذا المصاب الجلل وينعي للانسانية والشعب الفلسطيني الشاعر الفارس محمود درويش ، الورد على العرش والعلم الوطني لباس نوم الشاعر الأخير .
الرئيس عباس لم يتكلم سياسة بل بلاغة اختار لغته بحذر شديد وإنسانية عالية لانه يعرف أن من أمامه إمام اللغة وصاحب البلاغة وإن كان غافياً وصامتاً وراحلاً ، واعترف الرئيس للشاعر بكثير من العطايا والانجازات والتضحيات حتى وصفه بجدار الوطن وحامي الهوية ، ورسول الانسانية ، وصاحب الرسالة لوحدة الوطن ، فالشاعر ما اختلف على فلسطينية أحد ولم يتنكر لأي فلسطيني غرق بالاحتلال والجرح فالكل عنده في قصيدة الوطن سيان ، يجروهم في سطوره نحو الحرية والحياة دون غاصب ولا ظالم ولا مستبد.
محمود الرئيس رثى محمود الشاعر بالكثير من الألم والآسى والمرارة ، والعزاء في اللحظة أن ياسر عرفات الرمز والشهيد سبقه الى عرش الرمل ويستقبله اليوم في حضرة الغياب ، ففلسطين الأم التي ولدت الرموز وفية لبعد من رحلوا وأمينة على رحمها الأخضر لتأتي بمن هم على وزن الشهيد الرئيس والشاعر الشهيد .
ووضع الرئيس عباس الأمانة في سلال مبدعي فلسطين حتى لا يشعر الشعب وتشعر القضية بعد درويش باليتم والحرمان ، حتى لا تضعف الذاكرة وتبتعد القصائد عن درويشها كثيراً فيشتكي الوطن المسلوب غياب الحضور وتيه الاسماء عن الحارات والبيادر .
شكر الرئيس الامارات العربية التي نقلت عرش الشاعر والأردن الساحة التي احتضنت الفارس الشاعر.
والصديق الشاعر سميح القاسم قال في صاحب الحضرة الذي غاب لأول مرة أن يركب طائرة دون جواز سفر ، ولم ينعته بغير الأخ ولأم أمه التي لم تلده معه ، واستفز القاسم منع المستوطنين المحتلين منعهم لعرش الشاعر أن يصل الى البروة حيث أراد فالطارئين على شعب فلسطين يخافون القصيدة والنشيد ، واستسلم لمكان الوداع الأخير في رام الله برضى نسبي لما احتوته رام الله لقائد الثورة ومؤسس الدولة ياسر عرفات.
القاسم الذي عزى الحضور رئاسة وساسة ومثقفين ومبدعين وعادين ترك الدمعة البعيدة معين بسيسو في بئر المنفى ليقول كم نحن ضعفاء ، استرضى القدر متحديا الاحتلال ، ولكن المتحدي بكى واعترف بأن الفاتحة أبلغ ما يكون في الخاتمة.
أحمد درويش الشقيق والكاتب سبقته الدمعة واضعفته اللحظة وطلب أن يعفى من الكلام ولكنه واصل البكاء واللغة يجهش بمشاعره حتى بكى من خلفه الرئيس عباس والشاعر سميح القاسم والسياسي أحمد الطيبي ، أكمل أحمد لشقيقه محمود المسجى أمامه بالورد والعلم الوطني ليشكر من جاء ويعزى من يسمع ويرى ويحزن على رحيل شاعر الوطن وأبعد .
ويحيى يخلف الصديق والروائي عرفّ بالمتكلمين وشكرهم بكامل حزنه ومرارته وطلب من الشيخ محمد حسين الصلاة على روح الشاعر فكانت الصلاة لجموع من حضر .
الشيخ الذي قدم للصلاة بكلمة وداع مؤثرة ، كبرّ الاربع على روح الشاعر وطلب من الله للغائب الرحمة والمغفرة وحسن الجوار الابدي.
في اللحظة الأخيرة نظرة الوداع من ذويه ومحبية ، وجمع يلم قواه أمام الراحل الكبير ، كأننا نرى النشيد الوطني يبكي في حضرته وكأن العصور بكت ايضاً .
وداعاً يا صاحب الفخامة .. وداعا يا صاحب قصيدة الحياة .. فما تركته لنا من أمانة برحيلك كثير وكثير وكثير، ولكنك ذهبت الى ما تريد لنكون دونك دون أن نريد.
البرزخ .. المثوى ..الضريح .. أو القبر ، ونسميه لأجلك القصر .. قصر الثقافة .. قصر البلاغة قصر الصهوة الأخيرة ، فقصر الثقافة من بعدك سيحمل أسمك والرجاء كله أن يكون مثلك أو أن يشبهك.
الجنازة اللغوية الكبيرة التي مشت شوارع رام الله لتودع العابرة ، الحارات ،ميدان الإرسال ،مقاهي النرجيلة والثرثرة والمحبة ، دور السينما ، المسارح الهادئة ، الحدائق العامة ، النوادي المغلقة وشرفة العاشقة ، وداع لا يشبهه غير وداع الشهداء والنبلاء والفضلاء والشعراء العظماء، حتى الصبية الصغار تركوا منازلهم وركضوا خلف العرش المحمول الى نهايته ، معهم الكثير من الأماني أن يكونوا كمن ترجّل وتركهم صغار بعمر 'سجل أنا عربي'.
رام الله التي فرشت صورة كبيرة للشاعر وهو يرفع يديه مسلما في لحظة علو على ضفة الحياة ومستسلما في هذه اللحظة للوداع ' العدم' أخفت السماء زهرة حزنها لتكمل الجنازة القيثارة عزفها للديار و لمناديل الدامعة ، كأن قطرات من دماء الشهداء فاحت برائحة العود خلف هذا الوداع الكبير.
على مقربة من 'قصر محمود درويش الثقافي' حطت الجنازة وأخذت تطلع الى عرش الرمل 'خطوة ..خطوة .. وحملة العرش يقتربون مع موسيقا الوداع وقلوب مائلة نحو الريح المتعبة ، خطوة على عشب وندى وتحت شمس رؤوفة يصل الشاعر بكبرياء النبلاء ليعانق تراب 'البروة' مسقط الرأس وغبار اصابعه الصغيرة ، فلم ينس الاصدقاء حب محمود للبروة ولأن الأعداء ،أعداء أحضر الاصدقاء تراباً من 'البروة' القرية المحتلة والنازفة من جرح الغياب ، عفوا لكل ما دون هذا التراب في 'بروة درويش' قد يأتي الغد ليحمل إليكم ما فقدتم ، دون غزاة.
نام الشاعر ، استراح الشاعر ، عانق الشاعر ترابه الأبدي ، ليبكي الرخام الشاهد على قصره ، من ألم في قلوب من تركوه وحيدا دون قهوة ولا رغيف خبز ولا قصيدة ، شاهدٌ حفرتْ شرايينه بكلمات للراحل .. الغائب .. 'على هذه الأرض .. في هذه الأرض ما يستحق الحياة' الشاعر الكبير محمود درويش ليدلنا عليه كلما ضاعت العناوين أو أخذتنا العاصفة للغرباء .
نم محمود فأول مرة تنام باختيار سواك
لكنك تحب هذا المكان ..كما قالت قصائدك
نم ايها النجم دون سماء
نم ليحرسك الفضاء
نم .. ليغطيك ورد الاصدقاء