في ذكرى ياسمينة الشعر

DE$!GNER

بيلساني محترف

إنضم
Apr 4, 2011
المشاركات
2,637
مستوى التفاعل
44
المطرح
بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
مثل نجمة تشقّ عتمة الليل لتضيء قلوب عشاق أنهكهم الهرب من العيون المفتوحة على الأذى.. وكما عصفور يغرد حريته بعد خلاصه من صياد أحمق يتربص به.. هكذا أشرقت الشاعرة الراحلة سنية صالح في فضاء الشعر، ولوّنته بظلال من الصدق والحب اللذين افتقدناهما في زمن كثرت فيه الأقنعة، وتلاشت الوجوه.. أبحرت في مراكب القصيدة ترسم ملامح أكوان غادرتنا في زحمة لهاثنا وركضنا خلف السراب المختبئ في غيوم الأمل تفصل للوجوه المتغضنة بالتعب وشاحاً من مروج خضراء مزينة بألوان قوس قزحية.. كانت رقيقة ووادعة تغزل للحياة قصائد ملونة بأزهار الربيع..
تذكر خالدة سعيد أن سنيّة كانت في طفولتها صامتة دائماً، لكن ما تبيّن لاحقاً أنها كانت تكتب أحاسيسها على كراساتها المدرسية بوصفها مجرد "خربشة"، وفي بيروت أواخر الخمسينيات، لفتت انتباهها في مجلة "شعر" أولاً قصيدة سان جون بيرس "ضيقة هي المراكب" التي ترجمها أدونيس، ما يعطي فكرة عن حساسيتها المختلفة عمّا كان يُكتب من شعر. وفي حوار أجري معها بعد فوزها بجائزة جريدة النهار، قالت: "أنا أعجز أن أغيّر العالم أو أجمّله أو أهدمه أو أبنيه. أحسّ أنني كمن يتكلم في الحلم. ماذا يؤثر في "العالم الكلام في الحلم".
وقد عبّرت عن تماهيها مع الشعر ورؤيتها له في المقدمة التي كتبتها لديوانها الأخير "ذكر الورد" إذ تقول: "عندما تحضر الحمّى الشعرية أخفف من حدة يقظتي، وأستسلم، ألغي مقاومتي لأعماقي إلى أقصى حد ممكن، تلي ذلك عملية تدفق داخلية، ترافقها عملية استسلام في الإرادة والحواس، ثم أدوّن ما أحصل عليه في مرحلة الهذيان هذه". لقد اختزلت في هذا الديوان رحلتها مع المرض حيث كتبت قصائده في باريس أثناء علاجها من مرضها الذي أودى بحياتها فتقول في قصيدة "امرأة من الطباشير": "كيف يدخل الربيع والحب إلى جسد تحكمه الخسارة"؟!.
وفي تقديمه لحوار أجراه معها زوجها الشاعر الراحل محمد الماغوط ونُشر في مجلة "مواقف" عام 1970 تحت عنوان "حين تكون الضحية أكثر إشعاعاً من النجوم"، يكتب بنوع من طلب الغفران والاعتراف: "في كل قصائدها تبدو زهرة عارية إلا من عطرها وعمرها القصير، تبحث وسط عري الكتب والأشخاص والأيام عن ربيع ما، ربيع ضائع قد لا يأتي أبداً، تبدو قصائدها وسط اللطخ الفكرية والسياسية والاجتماعية التي تغطي العالم العربي بيضاء ناصعة كثياب الراهبات".
هذه هي سنية صالح.. شاعرة من شغف وحنين حملت في روحها شفافية الحياة وعبقها لتهديهما للقابعين وراء صخرة اليأس ليتزنروا بانطلاقة جديدة في الحياة التي لا تنتظر، وهي التي لم تمهلها الحياة فرصة أن تعيش كل ما تحلم به فرحلت في ريعان ربيعها، إنسانة فيها من الحقيقة الكثير فكم نحتاجها في صقيع صباحاتنا الغائمة بالتعب.
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

يا لها من شاعرة رقيقة شفافة جميلة

ليتنا نجد مثلها وردة*

 

ندى القلب

المحاربين القدماء

إنضم
Jul 14, 2009
المشاركات
16,493
مستوى التفاعل
151
رسايل :

كالسجناء نلتقي وعيوننا معلقة على الزمن الهارب _ العائم مثل طائرة ورقية يلهو بها طفل لا مبال

لم اكن اعرف عنهاا شيئاا وقد شووقتني لاقرا مماكتبت


وجدت بعض القصائد وهي بالفعل كتابات مميزه وممتعه


....


ولدتِ من الضوء يا امرأة العاصفة
وإليه عدتِ
ونسيتِ سوطك على الوجه
***
كانت للريح أهداب السكارى
أسلمنا قيادنا ورحلنا وعصافير المدينة
خلعنا حيوان الفرح ورميناه فوق الأزهار
الجراذين الصغيرة تجمعت لتحية الموكب
الهارب...
من الزمان الضيق
***
لأنه حزين
ارتدى الأجراس الملونة
قناعاً للفرح
أوثق نوادره على طرف لسانه
كي لا تخونه في اللحظة المناسبة
وسار بخفيه المرصعين
وحيداً كالليل
ولانجوم بانتظاره
سوى عيني.
أيها الطائر المحلق عبر الآفاق
تذكر أن الرصاص في كل مكان، تذكرني
أنا المسافرة الأبدية.
طول حياتي أغذ السير
وما تجاوزت حدود قبري
***
ماذا تفعل في الحرب
أهرب
أغني مثل غراب
أمرض
ربما أموت
وأنت؟
ألتصق أكثر وأكثر بمن أحب
***
في معركة الربح والخسارة
فتح الليل ذراعه للملهوفين
للفارين من نيران الموت

كانت القارات تقضم بعضها بعضاً
حين حمله ملك الرغبات
وأغراه بتفتح الربيع.
... لكن الفارس عاد مدحوراً
فأي شيء يطفئ النيران المتأججة في الرأس
والساعات الراعبة بين وجهين غاضبين.
***
إنه الليل المنطوي على نفسه
والخيام مزامير للريح والوجوم
والهزيمة صارت سرج الفارس
وعنان جواده
والغابات، لا تزال ترسل نسيمها وشمسها،
خمراً لأحلامه
من حبر الإعدام
***
نمتِ في جوفي عصوراً
استمعتِ إلى ضجيج الأحشاء
وهدير الدماء
حجبتكِ طويلاً... طويلاً
ريثما ينهي التاريخ حزنه
ريثما ينهي المحاربون العظماء حروبهم
والجلادون جلد ضحاياهم
ريثما يأتي عصر من نور
فيخرج واحدنا من جوف الآخر
***
يا أحواض القار يا قلبي
أيها المنفي في الجحور والأنفاق
من يعلم كيف تشق الطيور المذعورة طريقها
وسط الرصاص؟
أقوام يخرجون من الجسد الفاني
والنقمة تزمجر في عيونهم
أولئك المتمردون هم شهود شقائي
بعد أن ضاع صوتي في صحراء الحرية
أقوام لا حصر لها تعسكر على أبواب الروح
تقرر حصتي اليومية من الحياة
وتطعم كلابها الضارية.
***
من ديوانها قصائد



إنك من الزرنيخ يا سيدي
أفتحُ فمي كل صباح وأبتلعُ جزءاً منك
ولم تنته.
قلت سيأتي يوم أتوحش فيه
وأفترسك
ثم أستريح.
***
شدي جََزَعكِ إلى جَزَعي
أدخلي عظامك في نفق عظامي
ثم اسحبي ما تبقى من جسدك واعبري.
ستكون أمامك ممرات طويلة ضيقة
والحقيقة تكمن في أشدها ضيقاً
حاذري أن تنسي أنك ذاهبة
لتصرخي
وترفضي
لا لتنحني.
***
يهتف الغابرون:
أرواحنا اغتصبت
ودفعت إلى صدور أخرى
بوثائق مزورة
كان الطوفان يلدهم كما الأنثى
لكنهم ليسوا أبناء تلك الغابات الشبقة
التي نامت في سريره مئات الأعوام
ولم تنجب.
***
سأصنع نفقاً من الحب
وأفرّ
لعلني أسبق اللصوص والطغاة
والقتلة
الذين من بصاقهم حبر التاريخ
المقدس،
به تُدون الأشواق الباردة
والأفكار الميتة،
ترهات الزمن وحضيض الذاكرة.
فأين نفرغ تلك الحمولة أيها السادة؟
***
ها جسدي يحاصره غزاة من الأشباح
في فرز متوحش للأيام والنقود
يستأصلون الشتاء العذري من دمي،
أنا الأرض وأحلامها،
يضعون بيوضهم في الأغوار
فتطلق جنيناً شرهاً
يقرض الخصب والجسد
ويذيب ملح حماستنا
***
أيها التاريخ المتعفن
يحقنون كبدك بمصل الحياة
وأنت في باطن الأرض
حيث الفضلات والذكريات
صفارات إنذارك أخرستها طبول القيصر
يقذف البِيض والحُمْرُ أشلاءهم على مجاريك
لايدفنون الموتى، ولايقيمون الجنائز
ومجاريك صاعدة هابطة ومتشعبة
من خلف الحرائق العظمى نطل عليك
وفي زمن الصمت نتحدث
عن جمر يلد العظماء
وجمر لايترك غير الرماد
***
أنا المرأة الرهينة
السلف يطالب بي والخلف،
وأنا أنتزع نفسي من فم الفراغين،
أحلم بآخر الكون،
لعلّ المجد البشري يشهد النهاية
ينتظر طويلاً حتى تنتهي الحضارات
العشاق والشعوب
أو، ربما، تهاجر
وتبقى الأرض لي
لي وحدي
لأكون حواء الرائعة
لكنني صحوت
فوجدت الحراب تطوقني...
***
أهدابي يتراكم عليها صدأ العزلة
وزرنيخ المنفى
أطلق سراحنا
فتحت لساني مصنف مليء بالإهانات،
بذلٍّ يكفي لنسيان جميع الحريات.
***
الوحدة
أن تشتري باباً ونافذة
ومرحاضاً بمئة قفل
أن تختبئ في أضيق الجحور،
ثم تزفر دخان حبك المحترق
***
أيها الشتاء ياسيدي
أي شيء تريد أن تنتزعه من فمي؟
أية بلاغات تريد أن تدونها
عن طحالب وأشنات نمت على جسدي
عن جراد البوتاسيوم الذي شبع منها وتجشأ؟
لاتخرجني من وكري عنوة أيها الشتاء
لاتخرجني من وكري عنوة
فقبل أن أنحني لك
تكون قد طعنتني
ولن يبقى في داخلي إلا ممر طويل للنفايات
يعبره العالم الخارجي
لذا أسوق باطني بعصاي
وأعود إلى نقطة لاتطالها الجهات.
 
أعلى