قصة موت في حلب بطلاها قنّاص... وطفلة


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

دمشق - سي ان ان - كانت الطفلة السورية رينا تلهو في صالة منزلها، آمنة في حضن والدتها، عندما مزقت رصاصة خدها، وأطلقت صرختها باكية بحرقة نحو أمها، ولكن ليس طويلا، قبل أن تصمت ويمتلئ فمها الصغير بالدماء.
انهمر الرصاص من كل مكان على منزلها، وخرق زجاج النوافذ من على الشرفة، ووصل الى خدها وحطم أسنانها، ومزق عائلتها، لتبدأ محنة جديدة لهم في حلب، تتمثل في العثور على المساعدة الطبية، وبسرعة.
هرع أحد جيران عائلة رينا البالغة من العمر 4 سنوات بها الى الشارع، يحملها راكضا بسرعة، وعلى تلك الحالة شاهده فريق «سي ان ان» وسط دمار حلب وفظائع القتال فيها يوميا.
أوقف الرجل سيارة شحن وبدأ السباق نحو المستشفى، وتبعهم فريق «سي ان ان» دون معرفة ما سيحدث، وبعد دقيقة واحدة، لاحظ الرجل وجود الفريق ورأى أن سيارته تتحرك من خلال الشارع بشكل أسرع، فأوقف الشاحنة ونزل وركض نحو فريق «سي ان ان»، وصرخ طالبا النجدة.
ألقى بالطفلة رينا على المقعد الخلفي لسيارة الفريق وطلب منهم أن يسرعوا الى المستشفى، وقال: «يا جماعة، انها تختنق».
هرعت السيارة وسط الشارع وأطلقت أبواقها عالية، غير أن صوت رينا وهي تتنفس بصعوبة كان أكثر وضوحا، اذ كانت تغرغر وتتحشرج، والدم يتدفق من خديها، وحاول الرجل الذي أتى بها أن يصرخ ليبعد السيارات الأخرى، وبعد دقيقة بدت دهرا، وصلت السيارة الى المستشفى.
العاملون في مستشفى دار الشفاء يرون الصدمات والمآسي كل ساعة في أشكال كثيرة، ولكن طفلة مصابة بعيار ناري في وجهها، لا يزال مشهدا يهز الأطباء.
هرع الأطباء برينا الى غرفة الطوارئ وبدأوا يعالجون وجهها، ليروا أن الرصاصة دخلت فمها محدثة فتحة صغيرة فقط، لكنها خرجت من الجانب الآخر وقد مزقته تماما.
وسرعان ما أصبح واضحا على الأطباء بأنها سوف تنجو، اذ أصبحت تتنفس بشكل أفضل.
ولكن مشكلة واحدة بقيت، وهي أن مستشفى دار الشفاء يقع في مناطق مقاتلي المعارضة، حيث الامدادات الطبية استنفدت ويصعب ايجاد المزيد منها، والقرارات التي يتخذها الأطباء يوميا تتحدى المنطق.
وفي حالة رينا تجرأ الأطباء على التفكير بما لا يعقل، اذ أنها كانت بحاجة لجراحة عاجلة في وجهها، فأرسلوها عبر جبهة القتال الى مستشفى حكومي أفضل تجهيزا، في شاحنة توارت قليلا فقليلا في الشارع.
وفي هذه الأثناء كانت والدتها وجدتها وجارتهما ما زلن في المنزل يحاولن استيعاب ما حدث، وعلى السلالم التي تقود الى البيت كانت دماء رينا، وداخل الشقة تناثرت أسنانها المحطمة، وفي النافذة ثقب صغير حيث دخلت الرصاصة.
ووفقا لتقييم مستشار أمني كان يرافق فريق «سي ان ان» للحفاظ على سلامته، فان الثقب تسببت به رصاصة، كان من الواضح أنها أطلقت من احدى العمارات السكنية العالية المقابلة لمكان منزل رينا.
وهذه المباني هي داخل مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة، ولكن يعتقد أن القناصة التابعين لـ «الشبيحة» يعملون داخل تلك المناطق ايضا. كما لا يمكن تفسير قيام الجيش السوري الحر باطلاق النار على الناس بمناطق متعاطفة معه.
ساد الهدوء في ذلك الوقت بين أفراد الأسرة، اذ اعتبروا أن رينا الآن تحصل على أفضل رعاية طبية، لكنهم بدأوا يعدون العدة لرحلتهم الخطرة الى المستشفى الحكومي لرؤيتها.
وفي صباح اليوم التالي عاد فريق «سي ان ان» الى المنطقة، وأخبره السكان المحليون على نحو مفاجئ بأن رينا توفيت.
ورفضت الأسرة التحدث الى فريق الشبكة في البداية، وقيل لهم ان الأب كان غاضبا لأنهم دخلوا المنزل، ذلك أنه كان يخشى من انتقام القوات الحكومية.
وبعد نحو ساعة، وافق أحد أقارب العائلة على مقابلة فريق «سي ان ان» ولكن خارج المنزل، وقال ان رينا أخدت الى مستشفيين حكوميين، وفي كل منهما حاول الأطباء مساعدتها، وفشلوا في كل مرة، اذ يبدو أن الرصاصة، التي لم يجدوها داخل فمها، استقرت في حلقها.
 
أعلى