عمر رزوق
بيلساني مجند
- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45
كل عام وأنتم بخير
تعود يا عيد ... تزرع في نفوسنا فرح القدوم وقد ظمئت فينا العروق.
تعود يا عيد ... تعلن أن الصفاء لا يولد إلا في القلوب البيضاء وأن المحبة لا تنبت إلا في نقاء .
تعود يا عيد ... تهزّ في أعماقنا الأحاسيس التي ماتت تجاه ذلك الشيخ وتلك الأرملة المسنّة والطفل اليتيم , وقد انطفأت على قسمات وجوههم الشاحبة بسمة الدنيا , وهي تضحك للبعض وتبكي للبعض الآخر .
تعود يا عيد ... تعلن أن الحجر الصغير , تحوّل بيد الطفل إلى رصاصة , وأن الأيمان الصامد التهب حمماً في وجه أعداء دين الله وقد عاثوا في مقدساتنا وأراضينا الفساد.
تعود يا عيد ... لتقول لنا أن الكراهية الحاقدة تتشعّب داخل النفوس المريضة , وأن الجفاء يباعد القلوب وأن الحسد البغيض يقتل المروءة .
وتعود يا عيد ... لتؤكد لنا أن العقوق خِسّة , وأن الغرور عيب , وأن التعالي نقيصة .
تعود يا عيد ... لترسم أمامنا المعاني الجميلة , للحياة الجميلة , تقول لكل المكابرين . أن التواضع تاج رفيع فوق رؤوس الشرفاء . وأن الخُلُق طوق يزين أعناق الناس , وأن التسامح وسام فخار لكل المثاليين .
تعود يا عيد ... بهيّاً أراك في عيون الأطفال براءة أخّاذة , وأراك في عيون المسنين الأخيار , صدى حاكيا لسني العمر المليئة بالشقاء والكدّ والعرق والطّين .
وتعود يا عيد ... تغسل من قلوبنا صدأ الحقد , وتزيل من نفوسنا الضغينة والبغضاء , وتمسح من خواطرنا وباء الجفاء .
تعود يا عيد ... ثوبا أبيضا ناصعا بالحب مشرقا بالتسامح معطّرا بالمودّة .
تعود يا عيد ... فيك أمر يتجدد , ننسى معه كل أحزاننا وآلامنا , نترحّم على من فقدناهم , ونواسي من يتجرعون آلام المرض وأنين الأوجاع .
تعود يا عيد ... تُعلمنا أن في أموال الأغنياء حقا معلوما للسائل والمحروم , وأن الصدقة جارية لا تنقطع جزاءً وثوابا عن صاحبها حتى بعد مماته , وأن جناح الذل ينخفض من الرحمة للوالدين , تحثنا على الخير وتدفعنا إلى الإحسان لكل البائسين والضعفاء والمساكين , نفُكّ دَيْنا ونحلّ عُسرا ونزيل فاقة ونقضي عَوَزا ونعين حاجة ونخفف فقرا .
تعود يا عيد ... بما مضى فيك , أم لأمر فيك تجديد , حقا , إني أسأل : بأي حال عدت يا عيد ؟
كل عام وأنتم بخير