كيف تصبح سعيداً؟


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

قبل أكثر من ألفي سنة عرَّف أرسطو السعادة بأنها نشاط الروح بالتوافق مع التميُّز في العمل، وأنها تعتمد على زراعة الفضيلة لأنها الهدف المركزي للحياة البشرية. ومن بعده أجمع كثيرون على أن السعادة تتوقف علينا أكثر من أي شخص آخر، فهي هدف كبير يمكن السيطرة عليه وليست مجرد «ضربة حظ»!
يقول فلاسفة إن السعادة هي الشعور بالبهجة والاستمتاع منصهرين سوياً، هي حالة تجعل المرء يتصور أن حياته جميلة ومستقرة وخالية من الآلام والمنغصات والضغوط.
السعادة شعور، تماماً مثل الحزن والحب والكراهية والاطمئنان.. مثل حب الفضول والإثارة والغيرة والنفور والاشمئزاز.. مثل الاكتئاب والقلق والخوف والشعور بالإثم.. فكل هذه المشاعر لا بد لها من سبب يمكن فهمه وبالتالي السيطرة عليه.
السعادة لا يمكن تحقيقها بالأهواء والنزوات، فهذه في الحقيقة عقبة كأداء في طريق تحقيقها.. لأن السعادة الحقيقية هي الشعور المستمر بالرضا.. أن تحب الحياة كما هي.. أن تشعر بالرضا عن إنجازاتك في العديد من المجالات مثل العمل والحب والأسرة والصداقة والهوايات.
من أجل تحقيق السعادة لا بد من تحكيم العقل وبذل الجهد أيضاً، وحين يكتسب المرء الثقة بالنفس.. الثقة بالقدرة على التعامل مع متغيرات الحياة في إطار المثاليات، تتحقق السعادة. وفي ما يلي بعض الأفكار عن طرق تحقيقها:

الاعتراف بالمشكلة
لا بد لمن يريد أن يصبح سعيداً من الاعتراف بأنه ليس على ما يرام. فالمريض لا يمكن أن يشفى إذا لم يعترف أصلاً بأنه مريض، وكذلك الحال بالنسبة للمدمن الذي لن يتمكن من الخلاص من إدمانه ما لم يعترف بأنه مدمن.. أما إذا أصر المريض على أنه في صحة جيدة فشفاؤه مستحيل.. وإذا أصر المدمن على إنكار إدمانه فلن يتخلص من هذه الآفة.
من أجل أن نصبح سعداء لا بد أولاً من الاعتراف بأننا نعاني الاكتئاب أو مشكلة ما، وأن ندرك حقيقة أن الاكتئاب أو المشاكل ليست بالضرورة تجارب لا تمحى، وهي ليست حقائق ثابتة.. تخلص قدر الإمكان من الاكتئاب ومن المشاكل الآنية الأخرى.
الخطأ الأكبر الذي يقع فيه معظمنا هو عدم الاعتراف بالحقائق، فحين نُسأل عن أحوالنا نسارع للرد بأن كل شيء على ما يرام.. فلماذا نكذب على أنفسنا وعلى الآخرين؟ ولماذا لا نعترف بأننا لسنا على ما يرام إذا كنا بالفعل وليس بالقول فقط، نريد أن نكون على ما يرام؟
في علوم الفيزياء، لا بد من أن نلقي الكرة على الأرض بقوة إذا كنا نريد لها أن ترتد إلى الأعلى.. وكلما كانت عملية القذف قوية كان ارتدادها أكثر ارتفاعاً.
الفكرة من هذا المثال هي تبيان أن السماح لنفسك بالوصول إلى القاع يجعلك ترى الأمور بصورة أكثر وضوحاً حين ترتفع.. حين تتخلص من الأسباب التي تمنعك من الاستمتاع بالسعادة، وكلما غصت في القاع كان إحساسك بالسعادة أكبر حين ترتد صعوداً.

لا نتائج بلا عمل
يعاني المرء حالة ركود نفسي حين يمر في حالة اكتئاب، لأن السعادة تأتي من الشعور بالارتياح من النتائج المتحققة بسبب العمل، فإذا لم نعمل لن تكون هناك نتائج.
المهم أن نعمل، حتى ولو واجهنا المخاطر، إذا كنا راغبين فعلاً في تدريب أنفسنا على تحمل مسؤولية أعمالنا.. فالعقل الذي لا يعرف الخوف قادر على تحقيق السعادة.
الاكتئاب كما سبق أن قلنا، ليس حالة أبدية، فأنت مكتئب أو حزين لأنك خائف من أن تفعل شيئاً، في حين أن أي عمل تقوم به عن قناعة، حتى لو كان بسيطاً للغاية، سيحقق لك الشعور بالسعادة التي تريدها.. المهم أن تكسر بالعمل الجاد دوامة الاكتئاب أو الحزن أو الخوف.
وتطبيقاً لما سبق فالسعادة تتحقق بالعمل والحركة، أما الاكتئاب فمن الواضح أنه نتيجة قرار واعٍ أكثر مما هو حتمي من الناحية النفسية، كما أن السعادة التي يتمناها كل منا ليست بعيدة المنال، فإذا كنت تريدها فعلاً ما عليك سوى أن تقرر وتحزم أمرك بالعمل الجاد لتحقيقها.

اجترار الذكريات
اترك الماضي خلفك.. ارمه وراء ظهرك.. إذ يمكن القول إن السبب الرئيسي للاكتئاب يكمن في الذاكرة التي تصر بصورة دائمة على اجترار ذكريات الفشل ومراراته، وبالتالي الخشية من عواقب هذا الفشل وكأنه لعنة ستلاحقنا طوال العمر.
الماضي هو الماضي.. بإمكاننا أن نمنعه من العودة.. إنها ليست مجرد كلمات بل هي حقيقة واقعة، فإذا كنا نخاف أن يتكرر الفشل أو إذا توقعنا الفشل قبل أن نعمل فهذا معناه أننا تركنا، بإرادة مشلولة، منطق الفشل والهزيمة يسيطران علينا.

الهواية ضرورية
كل إنسان في هذا العالم لا بد أن يسعده القيام بنشاط أو بعمل يعبر فيه عن ميوله.. قد يتعلق الأمر بالقراءة أو الكتابة أو الاعتناء بالحديقة.. بالتمثيل أو الموسيقى أو الغناء.. بالسفر أو ممارسة رياضة معينة.. أن تكون له هواية محببة يمارسها وقت فراغه أو حين تسمح الظروف.
ليس مهماً طبيعة هذه الهواية، المهم أن تكون هناك هواية ما تسمح لنا أن نستمتع بشيء ما خارج روتين العمل وضرورات الحياة اليومية.
كذلك فالهواية تضمن السعادة لصاحبها من دون خوف من النتائج أو من الفشل، كما أنها تؤمن شعوراً بالسعادة بعيداً عن ضغوط العمل وروتين الحياة خاصة في الأوقات الصعبة.

المواقع الاجتماعية
يقول علماء النفس إن مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت تصيب من يدمن على متابعتها بالاكتئاب، لأنه غالباً ما يقضي وقتاً طويلاً وهو يتابع أخبار الأصدقاء والمعارف ونشاطهم، ما يفعلون وما يقولون، مما يؤثر سلباً على الدماغ وعلى العواطف أيضاً ويسبب القلق والاكتئاب.
ينصح المتخصصون بالامتناع ليوم كامل عن متابعة هذه المواقع، وإذا كان في الإمكان تمديد الفترة ليومين أو ثلاثة أو حتى أسبوع، فالنتائج ستكون أفضل بكثير. والسؤال: هل سينتهي العالم إذا لم نواظب على متابعة أخبار فلان ونشاطات فليتان؟
حين تتوقف عن التفكير في ما يفعله الآخرون، والقلق على ما يفعلون أو يقولون، سيكون لديك وقت كاف لتركيز تفكيرك على نفسك وعلى الطرق الممكنة لتوفير سعادتك.

خلوة مع النفس
بعد هذه الجولة السريعة، وبعد أن تكون قد مررت على كل المحطات التي ذكرناها، ما رأيك في إيجاد مكان تستطيع فيه أن تخلو لنفسك بين الحين والاخر ولو لفترة بسيطة.. أي مكان بعيد عن الناس والضوضاء.. مكان تستطيع فيه التفكير بهدوء لأنك إذا لم تكن سعيداً ومرتاح البال وأنت وحيد مع نفسك فلن يكون في إمكانك الشعور بالسعادة وراحة البال وأنت مع الآخرين.


التشاؤم مرض معدٍ
تقول القاعدة القديمة: قل لي من تعاشر أقل لك من أنت.. هذه القاعدة تسري على موضوعنا أيضاً.. فمن المعروف أن الإنسان مخلوق اجتماعي يتصرف ويفكر، بطريقة أو بأخرى، بالطريقة التي يتصرف بها أو يفكر بها الناس المحيطون به.. فإذا كانوا من النوع الذي يسيطر التشاؤم على تفكيرهم فمن المؤكد أنه سيصبح مثلهم.
إذا كنت تريد أن تصبح سعيداً، ابتعد عن هذه النوعية من الناس فالتشاؤم مرض معدٍ، لأنهم سيأخذونك إلى القاع بتصرفاتهم وأفكارهم ولن تستطيع تحقيق السعادة ما لم تبعدهم عن طريقك وتبتعد عن طريقهم.
إذا لم يكن هؤلاء يمثلون أي قيمة إيجابية بالنسبة لك فلماذا لا تسأل نفسك عما إذا كانوا أصدقاء حقيقيين.. هل يستحقون أن يكونوا في خانة الأصدقاء؟


الإنسان مخلوق اجتماعي
آخر الأرقام الرسمية تقول إن عدد سكان العالم بات يفوق السبعة مليارات، فهل يعقل أن تعيش وحيداً.. ألم تسمع أن الإنسان مخلوق اجتماعي؟
اخرج من عزلتك.. التق الناس حتى الغرباء منهم، فالتحدث مع الآخرين يزيدك خبرة ومعرفة، حتى لو كانت هذه الخبرة بعيدة عن مجال تخصصك.. المعرفة قوة توسع الأفق أمامنا وتكسبه رونقاً محبباً. تأكد أن الانخراط مع الآخرين في الشارع أو في النادي، في الحي أو مكان العمل، يصقل تجاربك في الحياة بصورة تفوق كل توقعاتك، ويعمل على إسعادك ويشعرك بطعم الحياة الحلوة.
 
أعلى