- إنضم
- Jun 23, 2008
- المشاركات
- 4,718
- مستوى التفاعل
- 114
- المطرح
- In Your Eyes
قدمت مجلة " الضاد " الحلبية بعددها رقم 3و 4 الصادر عام 1952 تعريفاً بكتاب كان سيصدر حينها بعد فترة للباحث صبحي الصواف بعنوان
" أقدم ما عرف عن تاريخ حلب "
بدعم من مجلس مدينة حلب ، فقد كانت العادة ان يدعم مجلس المدينة هذا النوع من الانتاج الفكري .أثار الكتاب عندما صدر ضجة كبيرة بما فيه من معلومات و أبحاث كانت تعتبر ثورية حينها .
نقدم لكم ما جاء في المقالة المتعلقة بالكتاب :
الأستاذ صبحي صواف ، له خبرة وافرة في شؤون الأثار والعاديات ، وإلمام واسع بالتاريخ السوري ، ولا سيما حلب ، كما تشهد بذلك مقالاته العلمية الشائقة التي وضعها عن المدينة العزيزة .
وقد أكب الأستاذ صواف على طباعة كتابه المسمى " أقدم ما عرف عن حلب " .
و الكتاب كما يتضح من عنوانه ، يشتمل على مباحث دقيقة ، تكشف النقاب ، عن أمور علمية تاريخية ، وهي على جانب عظيم من الأهمية .
فيما يلي مقتطفات من ذلك الكتاب تتضمن ابحاث المؤلف حول مصدر تسمية " حلب " و هل الامر له علاقة فعلية بإبراهيم الخليل عليه السلام و بقرته ، و أين سكن الحلبيون في البداية :
مصدر التسمية " حلب "
عرفت حلب في منتصف الألف الثالثة ق.م باسم ( أرمان Arman ) و ( َحلْبأبا Hal-ba-a-ba وحلب Halab ) لدى الأكاديين ، و( حلب Hallab) و ( حلابا Ha-la-a-ba) لدى السومريين .
وكان الحثيون والميتانيون يسمونها ( َحلْبا Halpa)و (َحلْباسَ Halpas)، والمصريون ( حرب Hrb )، والأشوريون ( حلوان Halwan )وكل هذه الأسماء سامية .
نشأة المدينة
يتعذر علينا أن نبحث عن أول نشأتها ، لأنه يضيع في ليل العصور الغابرة ، ولا صحة للأسطورة التي ترجع أول العهد بها ، إلى زمن إبراهيم الخليل ، الذي كان يحلب بقرته الشهباء على مرتفع فيها ، فيأتيه السكان المجاورون صارخين " حلب الشهباء " مشيرين بذلك إلى لون البقرة ثم شيدوا المدينة في مكان مكوث الخليل وسموها حلب الشهباء ، وذلك لأن تجوال الخليل كان تقريباً في السنة الألفين ق.م حين غادر مدينة أور Ur متجهاً إلى حران Harran فحلب ومنها بلاد الكنعانيين أي فلسطين الحالية ، مع أن حلب Halab ذكرت في رقم أور ، ولكاش lagash وكيش Kish ثم في رقم ماري Mari كعاصمة كبيرة ذات قدرة وشأن عظيم لمملكة يمحاض Iamhad وذلك في الألف الثالثة ق.م أي قبل نزوح إبراهيم الخليل عن أور .
وذُكرت في هذه الرقم أسماء عديدة لملوك حلب مع ألقابهم .
موقعها
ومما يحملنا على ألا نشك بموقع حلب المذكورة في تلك الرقم الاثرية ، هو ما ورد عن رحلة تجارية قام بها بعض التجار الماريين فصعدوا إلى كركميش Karkemish وحلب ، ومنها اتجهوا إلى كانس Kanes وأوغاريت Ougarit .
فيكون إذاً اتجاه السير نحو حلب من ماري Mari صعداً نحو الشمال .
كما أنه وجد رقيم موجه من المللك شمشي أدد Shamsi Adad الأول الأشوري ، إلى يشماه أدد Iashmah Adad ملك ماري يقول فيها
" إن بلاد يمحاض كائنة في الطرف الثاني للفرات " .
وبما أن شمشي أدد وجه رقيمه من شوباط انليل Shoubat Inlil و هي مدينة أشور المعروفة الواقعة في الجهة الشرقية من الفرات في أراضي ما بين النهرين ، فيتحتم علينا إذاً أن نقول أن حلب عاصمة يمحاض التي تقع شمالي ماري وغربي نهر الفرات والتي ذكرت في رقيم آخر أنها واقعة بين كركميش ( جرابلس ) وأوكاريت ( رأس شمرا ) هي بدون شك حلب الحالية لا غيرها .
وكان يأتي حلب أناس كثيرون من ملوك وسفراء وغيرهم أولاً للتقدمة لإله المدينة الشهير حدد Hadad ولقرينته هيبت Hepit أو عشتار Ishtart ثم لكسب عطف ملوكها واستمالتهم ، كيف لا وحلب واقعة على مفترق الطريق المؤدية شمالاً إلى جميع مدن الأناضول وخاصة مدينة كانس Kanesالتي اشتهرت وقتئذ بتجارة الذهب والفضة وغيرها من المعادن المستخرجة من مناجم الأناضول وشرقاً إلى كركميش وبلاد ما بين النهرين ، وغرباً إلى مدينة أوكاريت ومنها إلى جزر بحر ايجة كقبرص chypre واقريطش Crete وغيرها التي كانت معروفة بتجارتها الواسعة مع جميع البلاد الشرقية ، وجنوباً إلى جميع البلاد السورية وبلاد الأموريين والكنعانيين والسومريين .
حلب في العصر الحجري
هل سكنت حلب في العصر الحجري أي في عصور ما فبل التاريخ ؟
أنها سكنت حتماً وقد اتسعت حينذاك كثيراً والمساكن الأولية في حلب كانت في المغاور الكبيرة الموجودة تحت المرتفع الصخري .
ويقع معظمها جنوبي حلب الحالية ، ويشاهد لها الأن مداخل عدة بالقرب من باب المقام ، في الحي المسمى بالمغاير .
كما أنه يشاهد كثير منها أيضاً في شمالي غربي المدينة في المكان المسمى بمغارة الخناقية .
وهذه المغور متسعة الآرجاء وفي داخلها ، كما يقول الذين دخلوا بعض أقسامها ، تشاهد المقاعد المنحوتة في الصخر الحواري والخلوات الشبيهة بالغرف والتي تتسع لإيواء عدد من الأشخاص ، مما يدل دلالة قاطعة على أنها سكنت وأنها كانت مأوى ومسكناً للحلبيين القدماء الذين اختاروها لكونها قريبة من الماء .
فإذا اهتم علماء الأثار بها وأجريت فيها بعض الأبحاث الدقيقة فقد يظهر على جدرانها ما وجد في مثيلاتها الأوربية من نقوش و تصاوير تعود لعصور ما قبل التاريخ .
يشار الى ان المغاور المذكورة في المقال و التي تقع في منطقة تلة السودا قرب الكلاسة لم تجري ( منذ ذلك الوقت و حتى الآن ) أية عمليات مسح أثري داخلها و قد اغلقت أغلب ابوابها ببناء جدران أمامها .انتهت المقالة
حتما سوف يقوم مشروع تحويل تلك المنطقة الى حديقة عامة ( المنوي البدء به قريبا) بالتأثير على تلك المغارات التاريخية دون الالتفات الى أهميتها و دون الاهتمام بابراز عناصرها الاثرية و التاريخية ضمن ذلك المشروع .
منطقة تلة السودا بعدما هدمت مؤخرا الابنية التي كانت فوقها
و تقبع تحت تلك الساحة المغارات الأثرية
على الرغم من أن هناك روايات تنقل عن السكان بوجود رسوم قديمة على جدرانها ربما تعود للعصور الحجرية ، و بالعثور قديما على عدة لقى أثرية .علما ان مثل هذه المغارات تلقى اهتماماً عالمياً أينما كانت ، و تعتبر مقصدا مهماً للسياح .
المحامي علاء السيد - عكس السير