عمر رزوق
بيلساني مجند
- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45
لباس من الجوع وسكن من الخوف
ونقص من الثمرات والأنفس
وذات حرب .....
قضيتان مهمتان تجتمعان وتتلازمان وتجمعان ما بين الأمن السياسي والأمن الاجتماعي , تجمعان ما بين العمل على تأمين لقمة العيش والخشية على العيش نفسه , فإن الجوع والخوف هما أخطر وأسوأ ما يبتلي الله تعالى به فردا أو أمّة .
تخوض الدول والأمم الحروب مما تخوضها بسبب تعاظم مشكلة " الخوف من الآخر" وقدى ترى نشوب حرب لأسباب اقتصادية ترتبط بالخوف من الجوع و لذا تكون الحرب بالغالب وبكل أشكالها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن وجود وتفاقم حالتي الجوع والخوف .
وذات سلام .....
ولكن ماذا عن الدول التي لا نقص لديها ولا تخوض أي أنواع الحروب والتي لم تكن ضحية كارثة طبيعية , هل هي محصّنة ضد الجوع والخوف ؟ استعراض بسيط وسريع جدا ترى بأن الكثير من الدول أو الأصح مواطنو تلك الدول يعيشون بين فكي الجوع والخوف . فالجوع والخوف في هذه الدول هما المحصّلة لتغييب العدل الاجتماعي والسياسي ولإتباع اساليب القهر التي تمارسها الأنظمة ضد مواطنيها , عندها يتفشى الفساد والاحتكار وسوء توزيع الثروات الاجتماعية وإن كانت غزيرة غزارة في الإنتاج وسوء في التوزيع - وانعدام التخطيط اقتصاديا واجتماعيا ولطمع وشراسة المستفيدين من المقرّبين من الحاكم الفاسد .
وذات نظام .....
هل انتهاج الديمقراطيّة هي العلاج الناجح لحالتي الجوع والخوف . وهل تأمين العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية والأمن الاجتماعي مرتبط بالضرورة بالديمقراطية ؟ لا أظن . ألا نرى الدول الديمقراطية الغربية , تحرص على النظام الديمقراطي داخل مجتمعاتها , بينما وبنفس الوقت أباحت لنفسها اغتصاب شعوبا اخرى لمصلحتها , بل أكثر من ذلك , هي نفسها غير عادلة في مجتمعاتها , فهذه الديمقراطيات لم تقم أساسا على العدل ال اجتماعي بين الناس حيث ما زال القوي يأكل الضعيف , وهو السياق الطبيعي للترابط بين نظام الحكم السياسي ومقومات الاقتصاد الرأسمالي الذي يقوم على الفرديّة والمنافسة الحرّة .
وذات علوم .....
إن للديمقراطية حصّة بالغة الأهمية لرفاهية العيش والتقدّم التكنولوجي , ولكن هناك أمرين آخرين مفترقان أو مجتمعان :
السيطرة على شعوب أخرى ونهب مقدّراتها .
القدرة الاقتصادية الهائلة التي أوجدها نظام الاتحاد التكاملي .
فالمواطن الأمريكي وكذلك الأوروبي إذا ضاقت به سبل العيش في بلده انتقل لولاية أول دولة أخرى و فتبقى الثروات المادية والكفاءات الفكرية والعلمية داخل المجتمع نفسه , أما في " عالمنا العربي " تهاجر الكفاءات الفكرية والثروات المادية من دول العرب إلى دول الغرب .
وذات قمار .....
راهن البعض على حصان العولمة الخاسر , حيث ظنوا بأن العولمة تمتلك الحلّ السحري لمشكلات العالم الاقتصادية وأنها تساهم في تخفيف معاناة الشعوب , ويا هول ما رأينا فكانت العولمة فيروسا ساعد بتفشّي وباء الجوع والخوف إلى الأماكن التي لم يكن قد وصل إليها بعد .
بعد انهيار النظام الشيوعي في شرق أوروبا خَلِيَتْ الساحة للنظام الرأسمالي ليطرح نموذج سياسي اقتصادي ثقافي متكامل , فإما أن يؤخذ كاملا أو يترك كاملا فإن الصيغة السياسية للنظام الليبرالي هي الإطار السياسي لمضمون الاقتصاد الحر .
وبما أن أساس النظرية الرأسمالية هو المنافسة الحرّة كان من الواجب والطبيعي أن تسقط حواجز الحدود واختلاف الثقافات أمم المستشرسين من روّاد الرأسمالية في شتى المجالات , وبما أن ألمنافسة حرة فقد قضي إذا منذ البدء بأن البقاء للأقوى , لذل كان طرح " العولمة " كمستحلب طبيعي من رحم النظام الرأسمالي الذي لا يعترف بخطوط الحدود وأوراق الثقافات , بل إن كل همّها محاولة السيطرة على القوى الداخلية لكي تأمين مزيد من اسواق الاستهلاك ومزيد من الثروات للاستيلاء عليها .
وذات تحرّر .....
لقد كان همّ الدول العربية والتي هي جزء أساسي من العالم الثالث هو التحرر الوطني كن الاستعمار الغربي المباشر والذي ميّز القرن التاسع عشر متوغلا حتى الستينيات من القرن العشرين .
إن الديمقراطية الصحيحة والعدالة الاجتماعية لا شك أنهما أساس البناء المجتمعات داخليا , فلا بدّ أن يتحرر الداخل من سيطرة الخارج , فإذا لم تحرر فإن مفاهيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ستكون فقط بما يتناسب مع مصالح المستعمر أو المحتلّ أو المسيطر ولا يؤدّي بصورة من الصور أو شكلا من الأشكال إلى التحرر منه أو التملّص من نفوذه .
وذات عرب ....
فإن الحرّية التي تحتاجها الأمة العربية , بمفهومها الواسع الشامل , الحرّية التي ترتبط فيها قضية التحرر من سيطرة الخارج والتحرر من الاستبداد الداخلي والأنظمة والحكومات الفاسدة . حرّية انسجام وتوافق كامل بين تطبيق الديمقراطية سياسيا والعدالة الاجتماعية وذلك في كل دولة عربية حتى تستطيع الآمة العربية أن تتوافق لاحق في تكتّل كبير ذو تأثير سياسي واقتصادي ضخم وعلى أساس ديمقراطي سليم , هو الضمانة الوحيدة لتخرج الآمة من منطقة الخطر , بعد أن ذاقت الأمة العربية ويلات لباس الجوع والخوف بصنيعة وتفنن حكامهم .
عمر رزوق
ابوسنان