mr_ops
بيلساني محترف
- إنضم
- Jan 12, 2010
- المشاركات
- 2,777
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- شامي
من منا لم يشاهد فلما في نهايته يموت شخصا اثر مرض خبيث؟ ولكن هل تصورتم كيف ستكون نهاية كل انسان ؟ كيف ستكون آخر لحظاته ؟ وكيف سوف يموت ؟ وماذا زرع في دنياه ليحصده في آخرته؟
أتمنى ان تعيدوا التفكير في انفسكم وكيف ستكون آخرتكم .. اعتذر عن هذا الكلام ولكن يجب التفكير في آخرتنا كيف ستكون ...
هذه مقدمة بسيطة لما سوف تقرؤون من قصة حزينة .. تعلمنا ان نفكر في آخرتنا .. وهذه القصة واقعية الاحداث دارت احداثها في الامارات ... أتمنى لكم قراءة ممتعة ...
أتمنى ان تعيدوا التفكير في انفسكم وكيف ستكون آخرتكم .. اعتذر عن هذا الكلام ولكن يجب التفكير في آخرتنا كيف ستكون ...
هذه مقدمة بسيطة لما سوف تقرؤون من قصة حزينة .. تعلمنا ان نفكر في آخرتنا .. وهذه القصة واقعية الاحداث دارت احداثها في الامارات ... أتمنى لكم قراءة ممتعة ...
كنت أتصور أن الإنسان منا يعرف ساعة موته أي الدقائق الأخيرة من دنو أجله، فقد كنت أرى بالأفلام أنهم يجلسون في أسرتهم وينتظرون أن يجتمع كل أحبائهم حولهم، يقولون الذي يجب أن يقال وعندما ينتهون من ذلك يغمضون أعينهم ويسلمون الروح، بالطبع كان البعض منهم يكملون كلامهم حتى النهاية والبعض الآخر يحاولون النطق بالكلمة فلا تخرج ويموتون قبل أن يكملوا . كنت جالسة في سريري أحاول أن أخطط لساعة موتي التي أصبحت قريبة كما قال الأطباء منذ عام تقريباً، لكنني قاومت المرض الخبيث بضراوة وعشت عاماً كاملاً بعد أن قدروا بأنني لن أعيش سوى شهر أو اثنين، لكن الآن وبعد أن غلبني ذاك المرض البغيض قررت أن أستسلم وأموت بسلام دون أدوية ولا علاجات كيميائية ولا توابعها، فبعد كل علاج كنت أشعر بآلام لا تطاق بكل أنحاء جسدي، كنت أرجّع كل لقمة آكلها وكل قطرة ماء أشربها هذا عدا عن شكلي الذي تبدل فأصبحت كالهيكل العظمي بالضبط أسنان بارزة من فكي عيون جاحظة بضعة شعيرات في رأسي لا يميزني عنه سوى طبقة رقيقة من الجلد تغطي عظامي البارزة هذا في أواخر العلاج وقبل الانتفاضة التي قمت بها على كل شيء من الأطباء إلى الأدوية والعلاجات خرجت من ذلك المستشفى الكريه وممرضاته البائسات من دون أن التفت خلفي وقررت العيش بما تبقى لي من وقت مع صغاري الذين بدأوا ينسون أن لديهم أم بعد أن نسوا أن لديهم أباً، فزوجي بارك الله به يئس مني ومن علاجي ومن انتظاره لموتي بعد أن قال له الأطباء ذلك فجلس بقربي في البداية لشهر واحد أصبح بعدها يزورني كل يوم لساعات ثم انحسرت لتصبح ساعة في الأسبوع وبعدها باي باي مع السلامة، أتت شقيقته لتخبرني بأنه تزوج وأخذ الصغار إلى والدتي لأن زوجته الجديدة والصغيرة أيضاً لم تطق وجودهم معها، وهكذا أصبحت وحيدة في المستشفى مقطوعة من شجرة والدتي المسكينة بالكاد ترعى صغاري والدي توفاه الله، وباقي أقربائنا كخالاتي وأخوالي وأعمامي وعماتي فهم يعيشون جميعهم في عمان مسقط رأسنا، أما نحن فقد ولدنا في الإمارات لأن والدي كان يعمل هنا وعمله جيد جداً ولم يفكر في العودة، كنا نزورهم في المناسبات وهم أيضاً إلى أن كبرنا، عندها قرر شقيقي الاستقرار هناك خاصة بعد تعلقه بابنة عمي فقدم أوراقه للالتحاق في سلك الشرطة، حيث دخل برتبة ضابط فقد كان ناجحاً بدراسته متفوقاً على الآخرين، كان حلمه الأكبر أن يصبح ضابطاً، وهكذا صار وبقي هناك، حيث تزوج بحبيبة قلبه الطيبة الجميلة وهكذا فعلت شقيقتي التي تزوجت من شقيقها ويعيشون جميعاً في منزلين كبيرين متجاورين كأنهما منزل واحد أما انا فقد كان نصيبي أن أتزوج شاباً من هنا وأنجب منه ولدين وبنتاً كانت والدتي تقسم وقتها بين منزلنا هنا لأشهر ثم تعود وتذهب إلى مسقط للبقاء قليلاً مع شقيقتي وشقيقي ثم تعود لأجلي، وعندما توفي والدي قررت أن تبيع كل شيء وتعود إلى بلدها لكن مرضي بدل كل شيء فقد أصبحت مسؤولة عن تربية أولادي والبقاء قريبة مني . صحيح أنني أخفيت عنها طبيعة مرضي لكنها كانت تشعر بأن الموضوع أكبر من الذي أقوله لها، لكنها كما أعتقد لم تكن لتتصور أنني على شفير الموت فلم تكلمني يوماً إلا عن التفاؤل والثقة بالله عز وجل بل تقول: اتكلي على الله يا ابنتي فهو الشافي المعافي وليس الأطباء ولا الدواء، كنت قد منعت الأطباء من قول أي شيء لها في حال سألتهم، فقط زوجي المحترم كان يعلم بكل شيء وبالرغم من دقة الموقف وحساسيته بالنسبة لي فهذا لم يوقفه عما قرر عمله فقد دق آخر مسمار في نعشي، وبعد مرور شهر ونصف الشهر على زواجه أتى إلى المستشفى وهو لا يعلم أنني عرفت بزواجه، فقد صدم حين واجهته قائلة حرام عليك يا رجل ألا تستطيع الانتظار حتى أموت؟ صمت قليلا ثم أجابني أنت غائبة عني منذ ما يقارب ثلاثة أشهر وأنا خفت أن أقع في التجربة لذلك قلت أتزوج أفضل، مشكور يا بو عيالي ما قصرت يالغالي، والآن تذكرتني بعد أن انتهيت من رحلة شهر العسل وأنا هنا أصارع للبقاء على قيد الحياة من أجلك ومن أجل صغاري، ألم تفكر بي ولو للحظة؟ كيف هانت عليك العشرة على كل حال لا تزعج نفسك بالمجيء ثانية لتراني أو تطمئن علي أريد فقط منك أن تطلقني، فأنا لا أريد أن أموت وأنا على أسمك، إنه طلبي الأخير وأرجو أن تحققه لي وإلا فلن أسامحك أبداً، فرمى علي اليمين وخرج، أتذكر جيداً هذا اليوم إذ إنني لم أذرف دمعة واحدة عليه لأنه لا يستحق، فلو كان هو مكاني هل كنت تركته حتى لو دام مرضه سنوات وسنوات، وعذره كان أقبح من ذنبه؟ على كل حال سامحه الله فأنا لا أريد أن أموت وأنا حاقدة على أحد حتى عائلته أنا أعلم أنهم لا يحبونني لكنه السرطان، إنه الموت المحتم ولا أحد منهم إلا ومعرض للمرض ماذا جرى للناس أنا لا أفهم، دخلت علي الممرضة لتعطيني الدواء فقلت لها: من فضلك ألا يزال الطبيب هنا في الطابق؟ أجابت نعم إنه في الخارج يتكلم مع الممرضة المسؤولة، قلت: ناده لو سمحت . أتى الطبيب فقلت له: أرجوك أريد إذن خروج الآن: قال بدهشة: ماذا جرى لك يا فاطمة؟ قبل قليل كنت معك وكنت متجاوبة قلت لدي أشياء مهمة جداً علي أن أنجزها ثم أعود قال ولكن العلاج، أوقفته بحركة من يدي قائلة: دعنا لا نكذب على بعضنا فأنت تعلم أكثر مني أن أيامي معدودة وأولادي بحاجة إلى كل دقيقة أكون فيها معهم وأنتم تحتجزونني هنا، بالله عليك هل هذا عدل بحقي؟ قال لا لكن الألم سيزيد جداً إلى درجة أنك لن تستطيعي احتماله ثم ستنتقلين من حالة الوعي إلى الغيبوبة، ويجب عندها أن تكوني هنا . أجبت أنت قلت سأكون بغيبوبة أي أنني لن أشعر بما يحصل والى أن يحين هذا الوقت أعطني مخففاً قوياً للألم وسرحني أرجوك بحق من تحب، وما هي إلا ساعات وأصبحت بين أمي وصغاري أحضنهم وأبكي وهم ينظرون إلي وكأنهم يتساءلون من هذه لم يعرفوني في البداية، فقد تبدل شكلي جداً فقلت لهم إنني كنت مريضة لكنني سأكون بخير ولن أتركهم مرة ثانية، فرحوا جداً وجلسوا يخبروني عن المدرسة ورفاقهم المدرّسات والمدرسة أتوا بكتبهم وواجباتهم وكلما أهنئهم يفرحون فأعود وأقبلهم، نمنا كلنا على سرير واحد نحضن بعضنا، صدقوني لم أذق طعم النوم في تلك الليلة إذ إن الفرحة لم تكن تسعني، كنت أنظر إليهم وهم نائمون كالملائكة أتنشق رائحتهم أمسك بأصابعهم الصغيرة أقبل أقدامهم أمرر يدي بشعرهم رأيت البسمة على وجوههم فهم مساكين أصبحوا فجأة بلا أم ولا أب مع أن الاثنين على قيد الحياة، كان كثيراً عليهم أن يفهموا لماذا أصبحوا يعيشون مع جدتهم وخارج منزلهم لا يرون أياً منا، المهم أنني معهم الآن ولن اتركهم إلا عندما يقرر الله عز وجل أن يأخذ أمانته، قمت باكراً من الفراش وذهبت إلى المطبخ أعد لهم الطعام الذي يحبوه ثم قصدت غرفة والدتي الحبيبة لأندس قربها واشعر بدفئها وحنانها، فقبلتني قائلة أنا مشتاقة لك قدر اشتياقك لصغارك آه يا حبيبتي كم ارتحت لأنك هنا فالآن فقط صدقت أنك بخير، تدحرجت دمعة على خدي مسحتها بسرعة قبل أن تراها أو تشعر بها قلت معك حق يا غاليتي فأنت كنت دائماً تقولين لي دعي اتكالك على الله وهو الشافي، هذا ما فعلته، المهم أنني معكم يا أمي فأنت وأولادي أهم وأغلى ما عندي عندها تداركت وقالت: على فكرة أين زوجك؟ لماذا لم يأت معك؟ قلت بعد تردد لقد طلقني . صرخت قائلة ماذا؟ طلقك وأنت في المستشفى إنه لنذل حقاً حسبي الله ونعم الوكيل أجبتها لا بأس يا أمي أنا من طلبت منه ذلك أنت تعلمين طبعاً أنه تزوج فصرخت مرة أخرى ماذا تقولين؟ كيف لي أن أعلم يا ابنتي لقد أتى بالصغار قائلاً: أنه لا يستطيع أن يتركهم وحدهم وهو طوال اليوم في عمله وكان يأتي من وقت لآخر لرؤيتهم وهو محمل بالألعاب، يعطيني المال لاحتياجاتهم ثم يغيب وأنت لم تذكري لي شيئاً عن الموضوع منذ متى تعلمين أجبتها منذ شهر ونصف الشهر تقريباً لكنه اليوم فقط مر ليراني عندها طلبت الطلاق، ضمتني إلى صدرها وقبلتني قائلة لا بأس يا ابنتي إنها الحياة بحلوها ومرها وأن شاء الله سوف تتعافين وتعيشين حياة جديدة مع من يستحقك ضحكت بحرقة وقلت لها كله بأمر الله هيا قومي لنوقظ الصغار ونفطر سوياً ثم نخرج ونتفسح، والمدرسة يا ابنتي؟ قلت لا مدرسة اليوم ولا غداً إنها إجازة طويلة يا أمي أريد أن أعوض ما فاتني معكم .
تحاملت على نفسي وارتديت ملابسي أخذت الدواء المسكن للألم لأبدأ يوماً طويلاً وحافلاً مع الصغار ووالدتي فذهبنا إلى مدينة الملاهي وأكلنا في مطعم من اختيارهم ثم عدنا إلى الألعاب ووالدتي جالسة تراقبنا والفرحة تغمرها فقد رأتني قد استعدت عافيتي وألعب معهم كما لم أفعل من قبل شعرت كم من الوقت نضيعه بأشياء تافهة ولا نقدّر الأشياء الثمينة التي نملكها وأولها الصحة والسعادة، كنت أصرخ على أولادي عند أقل هفوة أو شيء يفعلونه إن كسروا شيئاً أؤنبهم واقاصصهم لم أقض الوقت الكافي معهم، فنحن وللأسف نعيش يومنا ولا نفكر في الموت نقول الأيام القادمة طويلة وما أدرانا بالآتي وقد أعطاني الله الفرصة لأعيش عدة أيام من السعادة مع من أحب قبل أن أفارقهم إلى الأبد لم أعرف طعم النوم إلا لساعات معدودة كنت أقول سأنام نوماً أبدياً بعد وقت قصير فنصف أيامنا تذهب هباء في النوم يجب أن أستغل الوقت، يجب أن أستمتع بكل شيء كنت أجلس قربهم أراقبهم وهم نيام ثم آخذ الكاميرا، أجلس قبالتها وأتكلم مع أولادي أخبر كل واحد منهم من يوم عرفت بأنني حامل فيهم إلى يوم ولادتهم خطواتهم الأولى بروز أسنانهم، كلامهم، ملابسهم لم أنس أي شيء حتى السخيفة منها كيف كانوا وماذا فعلوا كيف كانوا يتشاجرون ويتصالحون، أوصيتهم بأن يحب كل واحد منهم الآخر من كل قلبه وكل كيانه طلبت منهم ألا يحزنوا لأنني لن أكون معهم في نجاحهم لن أشاركهم أفراحهم وأحزانهم لن أكون معهم يوم زفافهم وخاصة ابنتي الصغيرة فلن أساعدها بارتداء فستان فرحها وأقوم بتبخيرها وتعطيرها، لكن سيكون من حولهم الكثير من الأشخاص الذين يحبونهم كجدتهم أطال الله بعمرها وخالتهم خالهم وعماتهم والدهم وطبعاً أشقاء جدد لهم أوصيتهم بأن يتقربوا من والدهم بالرغم من بعده عنهم، طلبت منهم أن يقفوا دائماً بقربه ويسامحوه حتى لو اخطأ معهم وأن يذكروني دائماً في صلواتهم .
ثلاث نسخ من هذا الفيلم الذي صورته في أيامي المعدودة جهزتها وضمنها صور أخذتها لنا في نزهاتنا وأخرى قديمة كما جهزت ألبوما لكل واحد مع أول ملابس ارتداها وأول حذاء ثم كتبت رسائل لكل واحد منهم وطلبت من والدتي أن تعطيهم إياها يوم زفافهم، كما أوصيت شقيقتي وشقيقي أيضاً فالأفلام عندما يبلغ الكبير منهم الثامنة عشرة والرسائل ليوم فرحهم هذه كانت وصيتي احتفظت بها وحدها برسالة حرصت أن تراها والدتي بعد وفاتي، وفي يوم استيقظت على ألم فظيع فاتصلت بالطبيب الذي نصحني بالتوجه إلى المستشفى فرفضت بشدة قائلة لن أموت إلا بفراشي قرب أولادي قال: الدواء لن يعطيك نتيجة . يجب أن تأخذي حقناً فهي أقوى شكرته وأقفلت الخط ثم قمت أصلي صلاتي الأخيرة إلى الله وطلبت منه ألا يدعني أتعذب أمام صغاري حتى لا يخافوا، طلبت منه أن أموت بهدوء وعندما انتهيت ذهبت إلى غرفة والدتي أقبل يديها ثم توجهت إلى غرفة أولادي . اقبلهم واحضنهم واحد تلو الآخر إلى أن شعرت بشيء كأنه دوي انفجار في رأسي زحفت إلى غرفتي تمددت على سريري الرسالة الخاصة بوالدتي في يدي وأغمضت عيني في انتظار الموت كالأفلام التي كنت أشاهدها ولم أتوقع يوما أن أكون بطلتها .
منقول من الكاتبة مريم راشد بجريدة الخليج الشباب