ليتني كنت مفتيا

[ταℓα syяɪα]

لم يخطر ببالي مرة أن أتمنى أن أكون مفتياً وبما أني إمراة تحرّم عليها هذه الميزة فكان لابد من اقتران هذه الأمنية بأمنية أخرى وهي أن أكون رجلاً..
أما لماذا هذه الأمنية فلأن الفتوى والمناصب التي تخول لإصدار الفتاوى وتفصيلها على مقاس المصالح السياسية صارت أشبه بمصباح علاء الدين السحري
فلا يحتاج المفتي إلا لقليل من الجرأة كي يقرر باسم الدين مصير الشعوب و العباد ..
في حرب تموز يخرج علينا أحد مشايخ السعودية ليفتي بعدم جواز الدعاء لحسن نصر الله وللمقاومة الشريفة وكأنهم كانوا يحاربون الدين الإسلامي وليس من عادوا الإسلام على مرّ القرون ..
بالأمس القريب تظهر فتوى إرضاع المرأة العاملة لزملائها بحجة حماية الدين والمسلمة من الحرام وكأن الفتوى بممارستها ليست من المحرمات ...
هو لعب بعقول الناس ..وتجرأ على الدين والمتاجرة باسمه لتسيس الدين بكل وضوح ودون إذن أحد ..متجاوزين عقول جاهدت في سبيل العلم والمعرفة ..
هل يعقل أن تصل الفتاوى إلى حد أن يفتى بجلد كل من يعارض مبارك..وكأن من يعارضه صار يهدد الدين الإسلامي ..وربما يتهم بالكفر بفتوى لاحقة..
وأعود إلى أمنياتي التي لن تتحقق أبداً
إذن ليتني رجلاً وليتني مفتياً لأفتي بتحريم مصافحة كل اسرائيلي أمر بقتل أطفالنا ..
وسأفتي بتحريم وجود العلم الإسرائيلي على أي مبنى في وطننا العربي..وسأفتي بتحريم وجود سفارات للكيان الصهيوني..
سأفتي بجلد كل من يرجم روح المقاومة وينشر روح الهزيمة والخنوع ..
سأفتي بإحراق كل معاهدات السلام المزيفة التي لم تعيد وطناً بل قسمته إلى طوائف ومذاهب وأحزاب متصارعة..
سأفتي بتحريم كل الاستثمارات الصهيونية في بلاد العرب..وبتحريم البضائع الأمريكية والانكليزية وهم يقتلون كل يوم عربياً دون شفقة ..
سأفتي أيضاً بتحريم مشاهدة قنوات الابتذال وتحريم المسجات وشبيهاتها التي تكرّس ثقافة تغييب وتخدير جيل بأكمله وسأجيّر منصبي لمحاربتها وإنشاء محطات هادفة تجعل الجيل يحسّ بانتمائه إلى تاريخ عربي مجيد محطات تثير به الحماس وتنشر الوعي وتعلمه ثقافة حبّ الوطن من جديد
سأضيف إلى مناهج التعليم قاموساً خاصاً يعرّف معنى العميل ومعنى المقاوم ومعنى الوطن وواجب الدفاع عن الوطن من أي خطر يهدده داخلاً أم خارجاً ..
و سأفتي أخيراً بتحريم الفتاوى الفردية ..فالإسلام رغم فتحه باب الاجتهادات ..لكن هناك من المسلمين من يحرر الفكر العربي ويطورّه وهو ملتزم بنهج الإسلام ..هناك عقول مختصة لو سمح لها بالتصرف لكانت أمتنا خير أمة أخرجت للناس قولاً وفعلاً..
هل باتت كلّ مشكلة سياسية تنتظر فتوى تخرجها من أزمتها..؟؟
هل صار الدين العظيم يختصر بمصالح ضيقة لا تناسب إلا طبقة ضئيلة؟؟؟
هذا الدين الذي جعله الله رحمة للناس و انتشر في العالم باسم المحبة واحترام العقل والعلم ..هكذا يغدو ببساطة كسوط بيد السياسيين والمشايخ يجلدوا بها ظهر من يخالف مصالحهم ..
إذاً هل سننتظر ذات يوم أن يفتوا بتحريم كل من يعادي إسرائيل مثلاً..؟؟
أو فتوى لتجديد البيعة أو التوريث لمن يشاؤون ؟؟
إذا ليتني كنت مفتياً لأغيّر وجه التاريخ ..
​