ليلة القدر ليلة قرارات التحول والتغيير

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
ليلة القدر


ليلة قرارات التحول والتغيير




يصف اللَّه تعالى ليلة القدر بأنها ﴿ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ ﴾ وأنها ليلة التقدير ﴿ فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيمٍ ﴾ حيث تتقرر الأحداث والأقدار والقضايا المصيرية , التي ترتبط بالإنسان والحياة , في هذه الليلة , من قبل اللَّه تعالى . فليلة القدر إذاً ليلة التقدير الإلهي , لما يجري على الناس في عامهم القادم , وليلة القرارات الإلهية الكبيرة , فلتكن إذا هذه الليلة ليلة القرارات الحاسمة عند الإنسان . فكم يكون التوافق مباركاً , وذا قيمة عظيمة , أن يوقت الإنسان لنفسه , اتخاذ قراراته المصيرية والرئيسية , في تلك الليلة المباركة , التي جعلها اللَّه تعالى موعداً وميقاتاً لقدره الذي يقدّره على الناس . ثم تأتي الأجواء الروحية العظيمة التي تكتنف هذه الليلة , لتزيد من حظوظ الإنسان في اتخاذ قرارات مصيرية صائبة موفقة . وليس من شك أن دائرة قرارات الإنسان في هذه الليلة المباركة , ينبغي أن تتسع بحيث تشمل كل ما له دور وتأثير في استقامته وصلاحه , وأن تشمل طموحات الإنسان الدنيوية والأخروية , فيضع لنفسه مخططاً وبرنامجاً عملياً وسلوكياً يسير عليه في سنته القادمة , ثم يعاهد اللَّه تعالى في تلك الليلة , بل وفي كل الليالي المحتملة ليلة القدر بها , على أن يستمر في تطبيق ذلك البرنامج , ويطلب من اللَّه تعالى المدد والعون , وأن يجعل قضاءه وقدره جل وعلا موافقاً لأمنياته وطموحاته الخيرة . فلسفة الاستغفار :إن واحداً من أهم الأعمال في هذه الليلة هو الاستغفار . إن الاستغفار الحقيقي ليس هو مجرد قول : " استغفر اللَّه " وتحريك اللسان بهذه الألفاظ , بل إن هذه الألفاظ ينبغي أن تكون شعاراً ظاهراً , لقرار عميق الجذور في نفس المستغفر . إن مصداقية الاستغفار مرهونة باشتماله على خطوتين رئيسيتين هامتين : الأولى : اكتشاف الخطأ , والإقرار بوجوده , وأنه خطأ لا يجوز الاستمرار عليه . الثانية : التصميم على الإقلاع عنه والتخلص منه وعدم العودة إليه . فإذا ما عرفت الخطأ وشخصّته , ثم صمّمت على تجاوزه والإقلاع عنه , فتعلن حينئذ عن قرارك القلبي , بلسانك وتقول : " أستغفر اللَّه العظيم وأتوب إليه " . إن الاستغفار بهذا المعنى يتحول من ذِكرٍ مجرد , إلى نقلة نوعية نحو واقع أفضل وأصوَب , ويصبح دواءً لأمراض الإنسان وعلله . أما إذا كان الاستغفار مجرد تحريك اللسان , ولا يكشف عن أي تصميم داخلي للإقلاع عن الذنب , فإنه - والحال هذه - يتحول إلى ذنب يؤاخذ عليه الإنسان , ذلك أن هذا الاستغفار عبارة عن وعد قولي قاطع , مع عزم داخلي على عدم الوفاء به, واللَّه تعالى مطلع على ما في نفسك . إن كل إنسان معرض للخطأ ولا ينجو من الوقوع فيه إلا من عصم اللَّه , يقول تعالى: ﴿ وَمَا أُبَرِّئُ نَفسِي إِنَّ النَّفسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوِء إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ والتوفيق هو أن يتنبه الإنسان لنفسه أنه يسير على خطأ ما , أو أنه لم يتوفق بعد للوصول إلى كمال من الكمالات السامية , وهذه هي بداية التوفيق الإلهي , حيث هي نقطة التحول نحو الهداية : " إن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " . والاستغفار تصميم على تغيير السلوكيات الخاطئة , وإن تحولت إلى عادة ألفها الإنسان فترة طويلة . ولعل في الأمر شيئاً من الصعوبة , ولكن ما أعطاه اللَّه تعالى للإنسان من إرادة وعزم , وعقل وقدرة على الاختيار , كل ذلك يتيح للإنسان التغلب على نواقصه وأخطائه ومجاهدة نفسه . لقد استخدم المسلمون الأوائل إرادتهم , وتخلصوا من الشرك , واعتنقوا الإسلام , رغم أن عادات الشرك كانت قد تحكمت فيهم , وأصبحت جزءاً لا ينفك ولا ينفصل من حياتهم . وهؤلاء الذين يدخلون الإسلام حديثاً كيف يستطيعون أن يتخلصوا من عاداتهم المشابهة ؟! وقد نُقل عن خواطر بعض المسلمين الذين أسلموا حديثاً , مِثْل السفير الألماني السابق الدكتور مراد هوفمان أنه كان مولعاً بشرب الخمر , وكان خبيراً بأنواعه المختلفة , وكان يتصور أن من الصعب عليه جداً أن يترك الخمر , وأنه لن يستطيع أن ينام جيداً دون جرعة من الخمر , ولكنه حينما اقتنع بالإسلام والتزم بأوامره , تسلح بالإرادة وتغلب على تلك العادة الخاطئة المتأصلة في حياته . والأدعية المأثورة التي يقرأها المؤمن في هذا الشهر الكريم ليست هي بذاتها - كما يظن البعض - العلة التامة لحصول المغفرة , بل إنها وسيلة لتذكير الإنسان , وصرخة لدفعه , وأرضية روحية تهيئه للتغيير والتحوّل , فإن كان ثمة خطأ يحتاج إلى تغيير فليكن قرارك بتغييره الآن. عليك أن تتحلى بالشجاعة لاتخاذ قرارات التغيير والتحوّل تجاهها . إن تلاوة القرآن وقراءة الأدعية المأثورة , والوعي بقيمة الزمن المبارك كليلة القدر , كل ذلك يحفز إرادة الإنسان , ويستنهض شجاعته , ويستثير ثقته بنفسه , ليتخذ القرارات الصعبة التي يغيّر بها الخطأ في عاداته وممارساته . كما أن للأجواء المحيطة بالإنسان , إن كانت صالحة أثرا في مساعدته على التحّول إلى الخير والصلاح . وعلى العكس من ذلك لو كان ضمن أجواء سلبية فاسدة . فليكن قراره الأول هو مغادرتها والتخلص منها . إن البعض قد يقرر ولكنه يضعف ويتراجع عند التنفيذ , والبعض يلتزم بقراره لفترة ثم يتساهل ويميّع قراره , وهذا يكشف أنه لا يحترم نفسه , ولا يقدّر التزاماته تجاهها . نرجو أن يوفق اللَّه تعالى الجميع لاغتنام فرصة هذه الليالي المباركة لاتخاذ القرارات التغييرية نحو الأفضل , ولو اتخذ كل إنسان منا ولو قراراً واحداً صالحاً , والتزم به طوال السنة لأدركنا خيراً كثيراً.
 

The Hero

الأســــــــــــــطورة

إنضم
Jun 29, 2008
المشاركات
20,104
مستوى التفاعل
69
المطرح
في ضحكة عيون حبيبي
رسايل :

شكرًا للأشواك علَّمتني الكثيرَ

كل سنة منحييا بالمالكي والله يجيرنا هي السنة
وشكرا ع الشي الرائع صديقي
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

الله يعينا على قيامها واحيائها

جزاك الله خيرا ً وردة*

 

Chantal

ياسمين شامنا

إنضم
Jan 5, 2010
المشاركات
2,252
مستوى التفاعل
65
المطرح
في عذب القصيد

كل أيام الشهرالمبارك جديرة بإن نُحييها بالعبادات
ولكن ليلة القدر لهاالحظ الأوفرمن الجزاء العظيم من المولى عزوجل
ليتنا ندرك الفرص ونستنهض الهمم والعزائم
ليتنا نصحو من تلك الغفلة
ونسارع للطاعات وإدراك الأوقات الفضيلة وإغتنامها قبل الفوات
وعدم التسويف لأنه من الشيطان
ليتنا نحاسب انفسنا قبل أن نُحاسب
ونحدد مسارنا الصحيح والقويم الموصل إلى الله
نسأل الله جلَّ في علاه أن يوفقناإلى الأعمال الصالحة والمداومة عليها
في رمضان وبعد رمضان
وان يرزقنا القبول ويختم لناجميعاً شهررمضان بالرحمة والمغفرة
والعتق من النار ... آمين
يعطيك العافية يارب أستاذنا الفاضل على التذكيروالإفادة
دمت بخير :24:
 
أعلى