mr_ops
بيلساني محترف
- إنضم
- Jan 12, 2010
- المشاركات
- 2,777
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- شامي
بتمنى تعجبكم هي القصة لما فيها من عبرة وموعظة
كان حمود قد أنهى دراسته في الخارج عندما عاد إلى البلاد وهو يتأبط ذراع عروسه الإنجليزية التي تتكلم العربية فقد تعرف إليها في الجامعة عندما كان يأخذ دروساً خصوصية باللغة الإنجليزية وهي تأخذ بالمكان نفسه دروساً في اللغة العربية، التي كما تقول: شدتها وأحبتها من خلال زياراتها مع أهلها في صغرها إلى مصر والأردن ولبنان فقد أحبت العرب من خلال طيبتهم واستقبالهم للضيف وكرمهم وضحكتهم أحبت دفئهم الذي هو بعيد جداً عن برودة الإنجليز وبعدهم عن الناس، تقبل أهله الموضوع لكن بعد صدمتهم به وبفعلته وكيف أنه أخفى الموضوع عنهم كل هذا الوقت لكنهم أحبوها في ما بعد خاصة بعدما أخبرهم بأنها اعتنقت الإسلام عن قناعة وهي طلبت منه أن تأخذ دروساً في الدين وأن يتم زواجهما عند الشيخ بعد زواجهما المدني لأجل الحلال والحرام، كما أخبرها، فقد كان له الدور الأكبر في حبها لدينهم أما أهلها فلم يمانعوا بالطبع لأنهم لم يكونوا متدينين وطبعاً هناك يحترمون قرار أولادهم ويدعمونهم فلهم حرية التصرف في قراراتهم الشخصية، فقط شقيقها هو الذي كان ممانعاً لهذا الزواج لأنها قررت السفر معه إلى بلده فخاف أن يسجنها ويعذبها أو يضربها أو يهينها، فهو كان دائماً ما يقول لها: ستجدين عدة زوجات عنده في المنزل حيث يقمن بخدمته فالنساء لسن سوى جاريات عندهم هكذا نرى في الأفلام، فكانت شقيقته تضحك وتحاول أن تشرح له عن حياتها الجديدة وتدعوه ليأتي أية ساعة يشاء ليزورها ويرى بلده الرائع كما أن هناك الكثير من أصدقائها الذين يعيشون في الإمارات، حيث كانوا يخبرونها عن روعة ذاك المكان والحرية التي يتمتعون بها والحياة التي يعيشونها، بدأ شقيقها يحب حمود شيئاً فشيئاً عندما تعرف إليه عن كثب وأصبح يزورهما دائماً إلى أن قررا السفر، ودعها أهلها على أمل زيارتها قريباً وحين وصلت إلى المطار كانت ترتدي العباءة والشيلة اللتين أرسلتهما له شقيقته عندما طلب منها ذلك على أساس أنه يريد إهداءهما إلى والدة صديقه التي أحبت الزّي من صور شقيقاته ووالدته، أقامت (ماريا) التي اختارت اسم مريم عندما أشهرت إسلامها في منزل أهل زوجها كما هي العادات وكانت فرحة جداً بلمتهم ومحبتهم لبعضهم بعضاً بتعاملهم معها واهتمامهم الكبير بها بكرمهم الذي لم تتعود أن ترى مثله من قبل، فقد أهدوها الذهب والملابس والعطور والبخور وأقاموا لهما فرحاً كبيراً دعوا إليه كل أقاربهم وجيرانهم ومعارفهم وأصدقائهم كانت تتخيل نفسها أميرة من أميرات ألف ليلة وليلة كانت تختال بثوبها الأبيض وهي غير مصدقة ما يحصل كانت الفتيات والسيدات ينظرن إليها بإعجاب لما تتمتع به من جمال ونعومة فهي كعارضات الأزياء اللواتي يشاهدنهن على الشاشات وفي المجلات بطولها الفارع وبشرتها البيضاء وعينيها الزرقاوين كزرقة البحر وشعرها الأشقر الناعم المنسدل على كتفيها وضحكتها التي لا تفارق شفتيها وكن يضحكن عندما تتكلم معهن بالعربية فهن كن يكلمنها بلغتها فترد عليهن بالعربية المكسرة وكانت تطلب منهن ألا يكلمنها إلا بلغتهن حتى تصبح أفضل، أحبتها النساء وغارت منها بعض الفتيات اللواتي ثرثرن مع بعضهن وهن يتأملنها (فيخّمسن) على وجوههن ويقلن خيبة علينا وعلى أشكالنا وعلى حظنا ثم يبدأن بانتقاد شبابنا قائلاً: لم نعد نعجبهم فهم يذهبون إلى الخارج ويتزوجون من فتيات لا يعرفون أصلهن ولا فصلهن فقط لأنهن بيضاوات شقراوات وتخرجن معهم أينما كان دون رادع ودون حواجز، لكن شقيقات المعرس كن لهن بالمرصاد وعرفن كيف يسكتهن، بالطبع أتى أهلها إلى حفل الزفاف وكانوا مصدومين بما يرون وما حصلت عليه ابنتهم من هدايا ثمينة، دهشوا بالفندق الذي أقيم فيه الفرح وبغرفهم الفخمة، وكان أهل حمود قد أرسلوا لهم التذاكر وحجزوا لهم في الفندق ذي الخمس نجوم فسألوه هل أنت أمير؟ فضحك، وقال: أبداً أنا من عامة الشعب لكن هذه هي عاداتنا وتقاليدنا في أفراحنا بقي أهلها في البلد حوالي خمسة عشر يوماً أخذهم خلالها حمود إلى كافة الإمارات لم يدع مكاناً إلا وزاروه كانوا فرحين جداً بما يرون لا بل مشدوهين ثم عادوا إلى بلادهم محملين بالهدايا على أمل العودة القريبة بعد أن اطمأنوا إلى ابنتهم وسافروا، هنا بدأت حياة مريم الفعلية، فقالت لحمود: عندما اختليا في غرفتهما الجديدة الكبيرة: حسناً يا (همود) الآن فرحنا وتزوجنا ونعيش مع أهلك والكل مرتاح وسعيد يجب أن نبدأ بالبحث عن عمل قال لها نبدأ ؟ أجابت: نعم، فنحن لن نعيش عالة على والديك فهما قد تكلفا الكثير لغاية الآن علينا ويجب أن نعيد لهما كل درهم صرفاه علينا، ضحك قائلاً: نحن لا نفكر هكذا يا مريوم فهذه الأشياء بالنسبة لنا مسلم بها فكل الأهل يفعلون كما فعلوا هم حتى إن والدي كما تعلمين أهداني سيارة بمناسبة تخرجي وزواجي كما أننا والحمد لله نعيش بنعمة والمال لا يشكل أية مشكلة بالنسبة له أجابت لا أنا لا أقبل بهذا يجب أن نعمل ونتكل على أنفسنا ولا أحب أن يعطيك والدك مصروفك، قال لها: أنا لدي حساب مصرفي كبير باسمي منذ أن أصبحت في الثامنة عشرة لا أريدك أن تقلقي من الأمور المادية ثم إنني لن أقبل أن تعملي فأنا الرجل وأنا أعمل وأعيلك، صرخت قائلة: ماذا؟ أتريدني أن آخذ منك المال وأنا جالسة في المنزل ماذا سأفعل طوال اليوم هنا، قال: سأبتاع لك سيارة عندما تعرفين التنقل في المدينة وتحفظين شوارعها تذهبين إلى المراكز وتبتاعين ما تشائين كما أن شقيقاتي معك فهن يهتممن بك وبتسليتك، قالت: أبدا لن أبقى دون عمل فأنا لست معتادة على هذه الحياة ثم لماذا درست وتعبت، هل لأحصل على الشهادة وأعلقها على الحائط؟ لا لن أقبل، يجب أن أعمل وسأبدأ من الغد في البحث عن فرص عمل بواسطة الانترنت، قال: حسناً اسمعيني انتظري قليلاً اعتبري نفسك في إجازة، فأنت لم يمض على وجودك هنا شهر ومنذ مراهقتك وأنت لا تفعلين شيئاً سوى العمل والدراسة وبعدها أعدك بأن نتحدث في الموضوع مجدداً، صمتت مريم، وقالت: حسنا إنما ليس لفترة طويلة، بدأ حمود عمله في الشركة مع والده وشقيقه فكان يخرج في الصباح ويعود ظهراً ليتناول الغداء ينام قليلاً ثم يعود إلى الشركة قليلاً ليعود بعدها ويخرجان لتناول طعام العشاء في أحد المطاعم، بدأ يشعر بأنها لم تعد كالسابق مرحة ضحوكة أصبحت شبه صامتة إن لم يكلمها لا تتكلم كانت لا تعطي رأيها في شيء كما كانت تفعل من قبل عادت برودة بلدها تؤثر فيها أصبحت باردة في تصرفاتها وكلامها حتى أهله شعروا بهذا الشيء فسألوه عن الأمر، قال: إنها تريد أن تعمل وأنا لم أقبل معها، فقالت له شقيقته: لماذا يا أخي فجميع الفتيات يعملن الآن حتى لو كن متزوجات، ما بالك وكأنك تعيش في العصر الحجري؟ لا تنس أنها ليست من هنا وأفكارها مختلفة كلياً عن أفكارنا حياتها مختلفة عن حياتنا كل شيء بدلته من أجلك بين ليلة وأخرى من طريقة لبسها إلى طعامها واستقلاليتها وحتى كلامها فلا تزد عليها وتسجنها بين أربعة جدران وتطلب منها أن تكون سعيدة وألا تتبدل فهذا ظلم بحقها، قال: أنا لم أقصد هذا الشيء فأنت تعرفينني جيداً أنا لست هكذا أنا منفتح جداً لكنني من كثرة حبي لها أريدها أن تكون مرتاحة وسعيدة أجابته إنها ليست كذلك، إذا، يجب أن تفعل شيئاً تحبه هي وإن كانت تجد سعادتها في العمل دعها تعمل كما أن شهادتها في غاية الأهمية وتتمنى أية شركة أن تعمل معها فهي أولاً أجنبية وتتكلم العربية، وسيكون راتبها محترماً، وهي ربما تريد أن تساعد أهلها مادياً، وهذا حقها ولو لم يكن هكذا حتى، فيجب أن تحترم رغبتها، قال: معك حق في كل كلمة قلتها لكنني أخاف عليها فهي جميلة جداً وطيبة أخاف أن . . قاطعته قائلة: تخاف أن تفقدها؟ ألا تثق بها؟ ألا تثق بحبها لك؟ إنها ليست من هذا النوع من النساء وأنت تعرفها أكثر مني، فهي تحبك جداً وقد تركت كل حياتها في بلدها لتكون معك ألا يكفيك هذا؟ ثم إن الإغراء المادي لا يهمها كل همها هو أن تكون معك دون أن تشعر أنها مسجونة ولا تنس أنها معتادة على العمل وهذا شيء عادي عندها، قال: معك حق، عندها تدخل والده، ليقول له: اسمعني يا ولدي إن المرأة السيئة تكون سيئة بغض النظر عن جنسيتها ودينها، وزوجتك امرأة صالحة وتحبك فاذهب إليها وحاول أن تطيب خاطرها، وتقول لها: إنها تستطيع أن تخرج إلى العمل وان تفعل ما تريد دع الضحكة تعود إلى وجهها الجميل فنحن نرثى لحالها مع أنها لم تظهر لنا شيئاً لكننا نشعر بأنها حزينة، شكرهم حمود على دعمهم ومحبتهم لها وصعد إلى غرفته ليجدها جالسة قرب النافذة تنظر إلى الأفق، فقال: ما بها جميلتي؟ أجابت لا شيء، قال: هل اشتقت إلى وطنك، قالت: لا ليس بعد، فقال: تعالي اجلسي بقربي قليلاً، أريد أن أقول لك شيئاً: فعلت ما طلبه منها، وقال: أنت تعلمين يا حبيبتي أنك أغلى إنسانة في حياتي وإنني مستعد أن أفعل أي شيء من أجل أن أراك سعيدة، لذلك أنا لا أمانع أن تعملي لو أردت ولن أتدخل في اختيارك لا المكان ولا نوعية العمل لك حرية الاختيار قفزت من مكانها وهي تقول: أتتكلم جدياً حبيبي، قال: بالطبع فأنا قلت لك ارتاحي قليلاً وبعدها تعملين والآن يكفي كسلا فقد ارتحت بما فيه الكفاية حضنته، وقالت: أنا أشكرك لأنك تفهمت وضعي لقد جعلتني اسعد إنسانة في العالم وأنا أحبك جداً، ضحك وقال: لو كنت أعلم بأنك ستقولين لي كل هذا الكلام الجميل لفعلتها قبلاً، قالت: لكن قل لي الحقيقة كيف بدلت رأيك فأنا شعرت بأنك لن تسمح لي بالعمل؟ أجابها: أنا يا مريم أحبك جداً وأخاف من أن أفقدك أو أن يأخذك أحد مني فأنت رائعة الخلق والأخلاق والكل يحسدني عليك وبالطبع سيحاول أحدهم أن يسلبني إياك، قالت: أفا عليك يا ريلي! ضحك كثيراً قائلاً: ها أصبحت تتكلمين مثلنا تماماً، قالت: أنت تعرف مدى حبي لك ولعائلتك وأنا لن أجد في حياتي من يحبني ويسعدني أكثر منك ثم ما الذي سيقدمه لي الآخر ولا تقدمه لي أنت؟ ثم أين ثقتك بحبنا؟ قال: إنه مجرد خوف عاشق، قالت: أنا من يجب أن تغار عليك فأنت أجمل شاب رأته عيناي وحولك مجموعة من الجميلات السمراوات الجذابات أنا التي أخاف أن تأخذك إحداهن مني، خاصة أن دينك يجيز لك الزواج من عدة نساء، ضحك، وقال: أنت عندي بجميع نساء العالم فلا تقلقي، هيا الآن دعينا ننام وغدا سيكون يوماً جديداً .
عملت مريم في شركة رائدة كخبيرة اقتصادية كان الجميع يحترمها ويحبها لما تتمتع به من أخلاق عالية وأدب وحب لعملها، أصبح لديها الكثير من الصديقات من بلدها الأم ومن الإمارات كانت تخرج معهن وتدعوهن إلى منزلها ليتعرفن إلى ماما وبابا كما كانت تناديهما رفضت أن يكون لديها منزل خاص بهما فهي تريد البقاء مع العائلة في المنزل الكبير، أصبحت وكأنها واحدة منهم لم تسافر إلى بلدها خلال العطلة لكنها وعدتهم بأن تذهب إليهم في فصل الصيف وهكذا كان حيث سافرت هي وزوجها وأصرت على أن يذهب أهله جميعهم معهما لقضاء شهر في ربوع بريطانيا، لكنها كانت لا تصدق متى يحين موعد عودتها إلى الإمارات فقالت لزوجه: اشتقت إلى بلدي ومنزلي اشتقت إلى حياتي هناك هيا يكفي دعنا نعود أرجوك، وعندما عادوا أخبرته بأنها حامل وتريد للطفل أن يولد في الإمارات بين العائلة الكبيرة، أنجبت مريم البنات والبنين الذين ملأوا المنزل بهجة وسعادة، كان أهله يحبونها كل يوم أكثر من الذي سبقه كانوا يعتبرونها ابنتهم وأعز فبناتهم قد تزوجن وتركن المنزل وشقيقه استقل في منزله الخاص مع زوجته التي لم تتفق معهم يوماً، حيث كانت تحاول فرض سيطرتها على الجميع وخاصة مريم، فأوقفها عمها عند حدها، وقال لها: اسمعيني جيداً إن حاولت إزعاج مريم بكلمة سأكون لك بالمرصاد لن أسمح لك قالت له: أتفضلها علي يا عمي فأنا ابنة شقيقك قال: ولو كنت ابنتي فأنا لا أسمح لأحد بالاقتراب منها أو إزعاجها بكلمة فهي أمضت معنا أعواماً لم تزعجنا خلالها بكلمة لم تحاول أن تؤثر في زوجها كي ينتقلا وتستقل في منزل خاص بها أصرت على البقاء معنا مع أنها إن فعلت لن ألومها فهي أجنبية أما أنت يا ابنة أخي فلم تطيقي البقاء هنا وبقيت تصرين على زوجك حتى أبعدته عنا أنت حرة لكن أن تأتي وتحاولي إزعاج مريم فهذا ما لن أسمح به إن أردت زيارتنا فأهلاً وسهلاً بك أما إن كنت تأتين لتفتعلي المشاكل فاخرجي ولا تعودي إلى هنا قالت: حسناً يا عمي طالما تعتبرني راعية مشاكل فأنت لن تراني أبداً قال: الباب يفوت جمل . . مع السلامة وإن أراد زوجك أن يفعل مثلك فالله معه، اتصل ابنه في المساء ليعاتبه قائلاً: هكذا تطرد زوجتي من منزلك من أجل واحدة غريبة، قال: توقف عندك هذه ليست فقط زوجة شقيقك إنها ابنتي التي لم أنجبها هذه التي تتكلم عنها تعاملنا أفضل مما كانت شقيقاتك يعاملننا فهي في حياتها لم تنادني إلا أبي عندما أمرض أو تمرض أمك تترك أولادها وزوجها وتنام على الكنبة قرب سريرنا لا تتركنا لحظة هذه الغريبة هي التي تركت كل شيء من بلدها إلى أهلها لتجلس هنا وتهتم بنا وتراعينا أما زوجتك التي هي من دمي فانظر ماذا فعلت تركت المنزل لتكون قرب أهلها بعيدة عنا لا تزورنا إلا في المناسبات . .
إنها قصة واقعية مئة في المئة أعرف أصحابها لا أقصد من خلالها أن أشجع شبابنا على الارتباط بأجنبيات لكن العبرة منها أن الإنسان الجيد يكون جيداً مهما كان عرقه ولونه ودينه أو انتماؤه كما أنه النصيب يا إما يصيب أو يخيب، والذين صدموا بولدهم عندما تزوجها أصبحت سندهم وفرحتهم عكازهم ورفيقة آخرتهم والتي فرحوا بها لولدهم الثاني كانت لتعاستهم .
منقولة من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد ...
كان حمود قد أنهى دراسته في الخارج عندما عاد إلى البلاد وهو يتأبط ذراع عروسه الإنجليزية التي تتكلم العربية فقد تعرف إليها في الجامعة عندما كان يأخذ دروساً خصوصية باللغة الإنجليزية وهي تأخذ بالمكان نفسه دروساً في اللغة العربية، التي كما تقول: شدتها وأحبتها من خلال زياراتها مع أهلها في صغرها إلى مصر والأردن ولبنان فقد أحبت العرب من خلال طيبتهم واستقبالهم للضيف وكرمهم وضحكتهم أحبت دفئهم الذي هو بعيد جداً عن برودة الإنجليز وبعدهم عن الناس، تقبل أهله الموضوع لكن بعد صدمتهم به وبفعلته وكيف أنه أخفى الموضوع عنهم كل هذا الوقت لكنهم أحبوها في ما بعد خاصة بعدما أخبرهم بأنها اعتنقت الإسلام عن قناعة وهي طلبت منه أن تأخذ دروساً في الدين وأن يتم زواجهما عند الشيخ بعد زواجهما المدني لأجل الحلال والحرام، كما أخبرها، فقد كان له الدور الأكبر في حبها لدينهم أما أهلها فلم يمانعوا بالطبع لأنهم لم يكونوا متدينين وطبعاً هناك يحترمون قرار أولادهم ويدعمونهم فلهم حرية التصرف في قراراتهم الشخصية، فقط شقيقها هو الذي كان ممانعاً لهذا الزواج لأنها قررت السفر معه إلى بلده فخاف أن يسجنها ويعذبها أو يضربها أو يهينها، فهو كان دائماً ما يقول لها: ستجدين عدة زوجات عنده في المنزل حيث يقمن بخدمته فالنساء لسن سوى جاريات عندهم هكذا نرى في الأفلام، فكانت شقيقته تضحك وتحاول أن تشرح له عن حياتها الجديدة وتدعوه ليأتي أية ساعة يشاء ليزورها ويرى بلده الرائع كما أن هناك الكثير من أصدقائها الذين يعيشون في الإمارات، حيث كانوا يخبرونها عن روعة ذاك المكان والحرية التي يتمتعون بها والحياة التي يعيشونها، بدأ شقيقها يحب حمود شيئاً فشيئاً عندما تعرف إليه عن كثب وأصبح يزورهما دائماً إلى أن قررا السفر، ودعها أهلها على أمل زيارتها قريباً وحين وصلت إلى المطار كانت ترتدي العباءة والشيلة اللتين أرسلتهما له شقيقته عندما طلب منها ذلك على أساس أنه يريد إهداءهما إلى والدة صديقه التي أحبت الزّي من صور شقيقاته ووالدته، أقامت (ماريا) التي اختارت اسم مريم عندما أشهرت إسلامها في منزل أهل زوجها كما هي العادات وكانت فرحة جداً بلمتهم ومحبتهم لبعضهم بعضاً بتعاملهم معها واهتمامهم الكبير بها بكرمهم الذي لم تتعود أن ترى مثله من قبل، فقد أهدوها الذهب والملابس والعطور والبخور وأقاموا لهما فرحاً كبيراً دعوا إليه كل أقاربهم وجيرانهم ومعارفهم وأصدقائهم كانت تتخيل نفسها أميرة من أميرات ألف ليلة وليلة كانت تختال بثوبها الأبيض وهي غير مصدقة ما يحصل كانت الفتيات والسيدات ينظرن إليها بإعجاب لما تتمتع به من جمال ونعومة فهي كعارضات الأزياء اللواتي يشاهدنهن على الشاشات وفي المجلات بطولها الفارع وبشرتها البيضاء وعينيها الزرقاوين كزرقة البحر وشعرها الأشقر الناعم المنسدل على كتفيها وضحكتها التي لا تفارق شفتيها وكن يضحكن عندما تتكلم معهن بالعربية فهن كن يكلمنها بلغتها فترد عليهن بالعربية المكسرة وكانت تطلب منهن ألا يكلمنها إلا بلغتهن حتى تصبح أفضل، أحبتها النساء وغارت منها بعض الفتيات اللواتي ثرثرن مع بعضهن وهن يتأملنها (فيخّمسن) على وجوههن ويقلن خيبة علينا وعلى أشكالنا وعلى حظنا ثم يبدأن بانتقاد شبابنا قائلاً: لم نعد نعجبهم فهم يذهبون إلى الخارج ويتزوجون من فتيات لا يعرفون أصلهن ولا فصلهن فقط لأنهن بيضاوات شقراوات وتخرجن معهم أينما كان دون رادع ودون حواجز، لكن شقيقات المعرس كن لهن بالمرصاد وعرفن كيف يسكتهن، بالطبع أتى أهلها إلى حفل الزفاف وكانوا مصدومين بما يرون وما حصلت عليه ابنتهم من هدايا ثمينة، دهشوا بالفندق الذي أقيم فيه الفرح وبغرفهم الفخمة، وكان أهل حمود قد أرسلوا لهم التذاكر وحجزوا لهم في الفندق ذي الخمس نجوم فسألوه هل أنت أمير؟ فضحك، وقال: أبداً أنا من عامة الشعب لكن هذه هي عاداتنا وتقاليدنا في أفراحنا بقي أهلها في البلد حوالي خمسة عشر يوماً أخذهم خلالها حمود إلى كافة الإمارات لم يدع مكاناً إلا وزاروه كانوا فرحين جداً بما يرون لا بل مشدوهين ثم عادوا إلى بلادهم محملين بالهدايا على أمل العودة القريبة بعد أن اطمأنوا إلى ابنتهم وسافروا، هنا بدأت حياة مريم الفعلية، فقالت لحمود: عندما اختليا في غرفتهما الجديدة الكبيرة: حسناً يا (همود) الآن فرحنا وتزوجنا ونعيش مع أهلك والكل مرتاح وسعيد يجب أن نبدأ بالبحث عن عمل قال لها نبدأ ؟ أجابت: نعم، فنحن لن نعيش عالة على والديك فهما قد تكلفا الكثير لغاية الآن علينا ويجب أن نعيد لهما كل درهم صرفاه علينا، ضحك قائلاً: نحن لا نفكر هكذا يا مريوم فهذه الأشياء بالنسبة لنا مسلم بها فكل الأهل يفعلون كما فعلوا هم حتى إن والدي كما تعلمين أهداني سيارة بمناسبة تخرجي وزواجي كما أننا والحمد لله نعيش بنعمة والمال لا يشكل أية مشكلة بالنسبة له أجابت لا أنا لا أقبل بهذا يجب أن نعمل ونتكل على أنفسنا ولا أحب أن يعطيك والدك مصروفك، قال لها: أنا لدي حساب مصرفي كبير باسمي منذ أن أصبحت في الثامنة عشرة لا أريدك أن تقلقي من الأمور المادية ثم إنني لن أقبل أن تعملي فأنا الرجل وأنا أعمل وأعيلك، صرخت قائلة: ماذا؟ أتريدني أن آخذ منك المال وأنا جالسة في المنزل ماذا سأفعل طوال اليوم هنا، قال: سأبتاع لك سيارة عندما تعرفين التنقل في المدينة وتحفظين شوارعها تذهبين إلى المراكز وتبتاعين ما تشائين كما أن شقيقاتي معك فهن يهتممن بك وبتسليتك، قالت: أبدا لن أبقى دون عمل فأنا لست معتادة على هذه الحياة ثم لماذا درست وتعبت، هل لأحصل على الشهادة وأعلقها على الحائط؟ لا لن أقبل، يجب أن أعمل وسأبدأ من الغد في البحث عن فرص عمل بواسطة الانترنت، قال: حسناً اسمعيني انتظري قليلاً اعتبري نفسك في إجازة، فأنت لم يمض على وجودك هنا شهر ومنذ مراهقتك وأنت لا تفعلين شيئاً سوى العمل والدراسة وبعدها أعدك بأن نتحدث في الموضوع مجدداً، صمتت مريم، وقالت: حسنا إنما ليس لفترة طويلة، بدأ حمود عمله في الشركة مع والده وشقيقه فكان يخرج في الصباح ويعود ظهراً ليتناول الغداء ينام قليلاً ثم يعود إلى الشركة قليلاً ليعود بعدها ويخرجان لتناول طعام العشاء في أحد المطاعم، بدأ يشعر بأنها لم تعد كالسابق مرحة ضحوكة أصبحت شبه صامتة إن لم يكلمها لا تتكلم كانت لا تعطي رأيها في شيء كما كانت تفعل من قبل عادت برودة بلدها تؤثر فيها أصبحت باردة في تصرفاتها وكلامها حتى أهله شعروا بهذا الشيء فسألوه عن الأمر، قال: إنها تريد أن تعمل وأنا لم أقبل معها، فقالت له شقيقته: لماذا يا أخي فجميع الفتيات يعملن الآن حتى لو كن متزوجات، ما بالك وكأنك تعيش في العصر الحجري؟ لا تنس أنها ليست من هنا وأفكارها مختلفة كلياً عن أفكارنا حياتها مختلفة عن حياتنا كل شيء بدلته من أجلك بين ليلة وأخرى من طريقة لبسها إلى طعامها واستقلاليتها وحتى كلامها فلا تزد عليها وتسجنها بين أربعة جدران وتطلب منها أن تكون سعيدة وألا تتبدل فهذا ظلم بحقها، قال: أنا لم أقصد هذا الشيء فأنت تعرفينني جيداً أنا لست هكذا أنا منفتح جداً لكنني من كثرة حبي لها أريدها أن تكون مرتاحة وسعيدة أجابته إنها ليست كذلك، إذا، يجب أن تفعل شيئاً تحبه هي وإن كانت تجد سعادتها في العمل دعها تعمل كما أن شهادتها في غاية الأهمية وتتمنى أية شركة أن تعمل معها فهي أولاً أجنبية وتتكلم العربية، وسيكون راتبها محترماً، وهي ربما تريد أن تساعد أهلها مادياً، وهذا حقها ولو لم يكن هكذا حتى، فيجب أن تحترم رغبتها، قال: معك حق في كل كلمة قلتها لكنني أخاف عليها فهي جميلة جداً وطيبة أخاف أن . . قاطعته قائلة: تخاف أن تفقدها؟ ألا تثق بها؟ ألا تثق بحبها لك؟ إنها ليست من هذا النوع من النساء وأنت تعرفها أكثر مني، فهي تحبك جداً وقد تركت كل حياتها في بلدها لتكون معك ألا يكفيك هذا؟ ثم إن الإغراء المادي لا يهمها كل همها هو أن تكون معك دون أن تشعر أنها مسجونة ولا تنس أنها معتادة على العمل وهذا شيء عادي عندها، قال: معك حق، عندها تدخل والده، ليقول له: اسمعني يا ولدي إن المرأة السيئة تكون سيئة بغض النظر عن جنسيتها ودينها، وزوجتك امرأة صالحة وتحبك فاذهب إليها وحاول أن تطيب خاطرها، وتقول لها: إنها تستطيع أن تخرج إلى العمل وان تفعل ما تريد دع الضحكة تعود إلى وجهها الجميل فنحن نرثى لحالها مع أنها لم تظهر لنا شيئاً لكننا نشعر بأنها حزينة، شكرهم حمود على دعمهم ومحبتهم لها وصعد إلى غرفته ليجدها جالسة قرب النافذة تنظر إلى الأفق، فقال: ما بها جميلتي؟ أجابت لا شيء، قال: هل اشتقت إلى وطنك، قالت: لا ليس بعد، فقال: تعالي اجلسي بقربي قليلاً، أريد أن أقول لك شيئاً: فعلت ما طلبه منها، وقال: أنت تعلمين يا حبيبتي أنك أغلى إنسانة في حياتي وإنني مستعد أن أفعل أي شيء من أجل أن أراك سعيدة، لذلك أنا لا أمانع أن تعملي لو أردت ولن أتدخل في اختيارك لا المكان ولا نوعية العمل لك حرية الاختيار قفزت من مكانها وهي تقول: أتتكلم جدياً حبيبي، قال: بالطبع فأنا قلت لك ارتاحي قليلاً وبعدها تعملين والآن يكفي كسلا فقد ارتحت بما فيه الكفاية حضنته، وقالت: أنا أشكرك لأنك تفهمت وضعي لقد جعلتني اسعد إنسانة في العالم وأنا أحبك جداً، ضحك وقال: لو كنت أعلم بأنك ستقولين لي كل هذا الكلام الجميل لفعلتها قبلاً، قالت: لكن قل لي الحقيقة كيف بدلت رأيك فأنا شعرت بأنك لن تسمح لي بالعمل؟ أجابها: أنا يا مريم أحبك جداً وأخاف من أن أفقدك أو أن يأخذك أحد مني فأنت رائعة الخلق والأخلاق والكل يحسدني عليك وبالطبع سيحاول أحدهم أن يسلبني إياك، قالت: أفا عليك يا ريلي! ضحك كثيراً قائلاً: ها أصبحت تتكلمين مثلنا تماماً، قالت: أنت تعرف مدى حبي لك ولعائلتك وأنا لن أجد في حياتي من يحبني ويسعدني أكثر منك ثم ما الذي سيقدمه لي الآخر ولا تقدمه لي أنت؟ ثم أين ثقتك بحبنا؟ قال: إنه مجرد خوف عاشق، قالت: أنا من يجب أن تغار عليك فأنت أجمل شاب رأته عيناي وحولك مجموعة من الجميلات السمراوات الجذابات أنا التي أخاف أن تأخذك إحداهن مني، خاصة أن دينك يجيز لك الزواج من عدة نساء، ضحك، وقال: أنت عندي بجميع نساء العالم فلا تقلقي، هيا الآن دعينا ننام وغدا سيكون يوماً جديداً .
عملت مريم في شركة رائدة كخبيرة اقتصادية كان الجميع يحترمها ويحبها لما تتمتع به من أخلاق عالية وأدب وحب لعملها، أصبح لديها الكثير من الصديقات من بلدها الأم ومن الإمارات كانت تخرج معهن وتدعوهن إلى منزلها ليتعرفن إلى ماما وبابا كما كانت تناديهما رفضت أن يكون لديها منزل خاص بهما فهي تريد البقاء مع العائلة في المنزل الكبير، أصبحت وكأنها واحدة منهم لم تسافر إلى بلدها خلال العطلة لكنها وعدتهم بأن تذهب إليهم في فصل الصيف وهكذا كان حيث سافرت هي وزوجها وأصرت على أن يذهب أهله جميعهم معهما لقضاء شهر في ربوع بريطانيا، لكنها كانت لا تصدق متى يحين موعد عودتها إلى الإمارات فقالت لزوجه: اشتقت إلى بلدي ومنزلي اشتقت إلى حياتي هناك هيا يكفي دعنا نعود أرجوك، وعندما عادوا أخبرته بأنها حامل وتريد للطفل أن يولد في الإمارات بين العائلة الكبيرة، أنجبت مريم البنات والبنين الذين ملأوا المنزل بهجة وسعادة، كان أهله يحبونها كل يوم أكثر من الذي سبقه كانوا يعتبرونها ابنتهم وأعز فبناتهم قد تزوجن وتركن المنزل وشقيقه استقل في منزله الخاص مع زوجته التي لم تتفق معهم يوماً، حيث كانت تحاول فرض سيطرتها على الجميع وخاصة مريم، فأوقفها عمها عند حدها، وقال لها: اسمعيني جيداً إن حاولت إزعاج مريم بكلمة سأكون لك بالمرصاد لن أسمح لك قالت له: أتفضلها علي يا عمي فأنا ابنة شقيقك قال: ولو كنت ابنتي فأنا لا أسمح لأحد بالاقتراب منها أو إزعاجها بكلمة فهي أمضت معنا أعواماً لم تزعجنا خلالها بكلمة لم تحاول أن تؤثر في زوجها كي ينتقلا وتستقل في منزل خاص بها أصرت على البقاء معنا مع أنها إن فعلت لن ألومها فهي أجنبية أما أنت يا ابنة أخي فلم تطيقي البقاء هنا وبقيت تصرين على زوجك حتى أبعدته عنا أنت حرة لكن أن تأتي وتحاولي إزعاج مريم فهذا ما لن أسمح به إن أردت زيارتنا فأهلاً وسهلاً بك أما إن كنت تأتين لتفتعلي المشاكل فاخرجي ولا تعودي إلى هنا قالت: حسناً يا عمي طالما تعتبرني راعية مشاكل فأنت لن تراني أبداً قال: الباب يفوت جمل . . مع السلامة وإن أراد زوجك أن يفعل مثلك فالله معه، اتصل ابنه في المساء ليعاتبه قائلاً: هكذا تطرد زوجتي من منزلك من أجل واحدة غريبة، قال: توقف عندك هذه ليست فقط زوجة شقيقك إنها ابنتي التي لم أنجبها هذه التي تتكلم عنها تعاملنا أفضل مما كانت شقيقاتك يعاملننا فهي في حياتها لم تنادني إلا أبي عندما أمرض أو تمرض أمك تترك أولادها وزوجها وتنام على الكنبة قرب سريرنا لا تتركنا لحظة هذه الغريبة هي التي تركت كل شيء من بلدها إلى أهلها لتجلس هنا وتهتم بنا وتراعينا أما زوجتك التي هي من دمي فانظر ماذا فعلت تركت المنزل لتكون قرب أهلها بعيدة عنا لا تزورنا إلا في المناسبات . .
إنها قصة واقعية مئة في المئة أعرف أصحابها لا أقصد من خلالها أن أشجع شبابنا على الارتباط بأجنبيات لكن العبرة منها أن الإنسان الجيد يكون جيداً مهما كان عرقه ولونه ودينه أو انتماؤه كما أنه النصيب يا إما يصيب أو يخيب، والذين صدموا بولدهم عندما تزوجها أصبحت سندهم وفرحتهم عكازهم ورفيقة آخرتهم والتي فرحوا بها لولدهم الثاني كانت لتعاستهم .
منقولة من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد ...
التعديل الأخير بواسطة المشرف: