{*B*A*T*M*A*N*}
مشرف
- إنضم
- Sep 21, 2011
- المشاركات
- 23,222
- مستوى التفاعل
- 80
- المطرح
- دمشق
الوضع لا يطمئن بالنسبة إلى إيران، فالريال الإيراني تتدهور قيمته بشكل ملحوظ، والرئيس محمود أحمدي نجاد اعترف بأن بلاده تواجه صعوبة في تسويق نفطها. وهذا لم يمنعها من محاولة تحقيق «الصفقة الكبرى»، فقد نقلت وكالة «أخبار الطلبة» الإيرانية ما قاله وزير النفط الإيراني رستم قاسمي من أن بلاده تجري محادثات مع مصر حول بيعها النفط الخام، واكتفى الناطق باسم وزارة النفط المصرية بعدم التعليق ورد السؤال إلى الحكومة الإيرانية.
ثم إن الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو كرر يوم الاثنين الماضي موقفه بالنسبة إلى عدم تعاون إيران، وكان قبل صدور التقرير الدولي حول النشاط النووي الإيراني في نهاية الشهر الماضي قال تقريبا الكلام نفسه من أنه غير متفائل بشأن المحادثات مع إيران، وحدث ذلك قبل بروز الأخبار بأن إيران تواصل تحدي المجتمع الدولي. كرر أمانو بأن الوكالة استثمرت جهودا كبيرة في محاولة صياغة اتفاق لكن الجهود لم تثمر، وليس هناك من دلائل على تغيير الوضع في الأيام المقبلة، خصوصا أن إيران غير مستعدة للتعاون.
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن إيران مستمرة في تطوير بنيتها التحتية النووية، فإن ذلك يعني توسيع قدراتها في المنشأة المحصنة في قم. وكانت آخر المعلومات أشارت إلى أن إيران قامت بتركيب المئات من أجهزة الطرد المركزي الجديدة لاستكمال حالة التخصيب، وبالتالي يمكن لإيران إنتاج 20% من اليورانيوم المخصب بطريقة أسرع من أي وقت مضى، وهذا يضعها على بعد مسافة قصيرة جدا من التمكن بالقدرات لتصنيع الأسلحة النووية. وبالتالي يقوض تماما المقترحات الدولية التي قدمت إليها خلال مفاوضات بغداد وموسكو في شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين.
في لقاء مغلق بداية هذا الشهر، قال مسؤول أميركي إن الدول الخمس زائد واحد قدمت اقتراحا لطهران في اجتماع بغداد مايو بأن توقف إنتاج 20% من اليورانيوم المخصب، وأن تصدر مخزونها من هذا اليورانيوم، وتوقف كل نشاطها في منشأة «فاردو»، ومقابل هذه الإجراءات لبناء الثقة، فإن الدول الخمس زائد واحد على استعداد لأن تقدم الوقود لمفاعل الأبحاث في طهران، وتساهم في بناء مفاعل جديد للمياه الخفيفة، ورفع العقوبات الأميركية لتوفير قطع الغيار لطائرات البوينغ التي لدى إيران. لكنّ الإيرانيين ردوا بأن هذه الاقتراحات «لا تستأهل التفكير بها» وأصروا على رفع جميع أنواع العقوبات مقابل أن لا تزيد إيران من تخصيب اليورانيوم على مستوى 20%.
يعتقد المسؤول الأميركي أن الدوافع لتصرفات إيران المتشنجة سببها «مفاهيم خاطئة»، وأن الإيرانيين يعتقدون أن العقوبات النفطية «ردع ذاتي» للغرب، لأن الطلب العالمي على النفط يحتاج إلى الصادرات النفطية الإيرانية، وأنه يمكنهم التحمل لأنهم مروا بظروف أصعب من هذه خلال الحرب العراقية الإيرانية، وأنهم يحظون بدعم عالمي، وأن إدارة أوباما غير مستعدة لإبرام اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية. وأكد المسؤول الأميركي أن كل هذه التخمينات غير صحيحة، وأن المشكلة الحقيقية هي في كيفية إقناع «رجل عجوز واحد»، المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بأنه «لا بد له من شرب كأس من السم» كما فعل سلفه (الخميني) لإنهاء الحرب بين إيران والعراق. وأضاف أن خامنئي، على ما يبدو، يرى أن موقف الغرب بالنسبة إلى المسألة النووية الإيرانية هو تحضير لتغيير النظام، وقاوم مستشاريه الذين نصحوا بالمرونة لأن العقوبات أثرت بشكل متزايد على الحياة الإيرانية اليومية. ومع تكراره بأن إدارة أوباما تترك كل الخيارات أمامها مفتوحة، بما فيها الخيار العسكري، إلا أنه قال إن نافذة الحل السياسي لن تبقى مفتوحة إلى ما لا نهاية.
وكان أمانو أشار إلى أن صور الأقمار الصناعية دلت على محاولات أخرى من جانب إيران لـ«تنظيف» و«تطهير» موقع «بارشين»، حيث كانت تجري تجارب على الأسلحة النووية (هي بالطبع تنفي ذلك). الطريقة التي تحاول بها إيران تطهير الموقع لها هدفها، وهي منع الوكالة الدولية من التحقق من الادعاءات الإيرانية.
في الواقع، إن الإيرانيين في الزاوية في ما يتعلق بهذا الأمر، فإذا لم ينظفوا الموقع فإنه يمكن القبض عليهم بالجرم المشهود. وبتنظيفه يظهرون أنهم متورطون بالتغطية. وحسب مصدر إيراني مطلع فإن قرارا اتخذ على أعلى مستويات القيادة بأن ثمن التغطية يجب دفعه، لأنه يبقى أقل من التكلفة التي ستترتب على إيران في ما لو سمحت للمفتشين الدوليين بالدخول إلى منشأة «بارشين» من دون إخفاء الأنشطة العسكرية التي تمت تجربتها فيه. من جهته، كرر أمانو أن الأبعاد العسكرية للبرنامج النووي الإيراني تحتاج إلى توضيح في سياق المفاوضات.
ما يجري في «بارشين» مثير للقلق لأن التاريخ يعيد نفسه. إذ بعد أن أجرت إيران دراسات نووية سرية في الماضي جردت غابة كاملة في شهر فبراير (شباط) 2006 في حي لاويزان في طهران، وكان هذا لمنع الوكالة الدولية من جمع عينات، كان يمكن اعتبارها «الدليل الدامغ» على برنامج إيران للأسلحة النووية.
ما بين 10 و14 من الشهر الحالي يجتمع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإصدار تقريرهم الفصلي الجديد، ومن المؤكد أن التركيز الدولي سيعود إلى النووي الإيراني وما يرافقه من أنشطة، وقد تكون هناك دعوة لمحادثات دبلوماسية أشمل. لكن في اجتماع وزراء خارجية الدول الأوروبية في قبرص الأسبوع الماضي، كان هناك ما يشبه الاتفاق على المزيد من العقوبات المكبلة لإيران. وقد تكون هذه المواقف الغربية المتشددة ضرورية، لتجنب نشوب حرب إسرائيلية إيرانية. كما أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وعد بتحديد «الخط الأحمر» الذي لا يمكن لإيران تجاوزه كي لا تتسبب في «ضربة» عسكرية أميركية.
وبينما تسعى الولايات المتحدة لتجنب الحرب، ولمنع إسرائيل من شن غارات على إيران، نلاحظ أن الإيرانيين يعيشون في واقع مختلف. فعلي أكبر سلطانية سفير إيران لدى الوكالة الدولية قال إنه متفائل في إحراز تقدم عبر المزيد من المفاوضات، ويستمر فريدون عباسي رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية في التأكيد على أن إيران تتعاون بشكل كامل مع الوكالة الدولية!
وفي الوقت الذي يبدو فيه الدبلوماسيون الإيرانيون في حالة إنكار لحقيقة الوضع، فإن الشخصيات العسكرية الإيرانية يشيرون إلى أنهم على استعداد لأي سيناريو محتمل، وكان وزير الدفاع السابق علي شمخاني قال إن إيران «لن توجه الضربة الأولى»، لكنها سترد بقوة إذا ما هوجمت. وكرر وزير الدفاع الحالي أحمد وحيدي بأنه لا ينبغي أن تكون هناك أي شكوك حول القدرات الدفاعية الإيرانية.
من الواضح جدا أن الإيرانيين لا يتصرفون على أساس العمل «الدفاعي» فقط، إذ يجري استخدام «الحرس الثوري» و«قوات القدس» بشكل مبالغ فيه لإظهار أن إيران سوف تقاوم كل محاولة لليّ ذراعها. نشرت قسما منهم في سوريا لحماية النظام هناك. ولأنها تعرف اهتمام العالم بتجنيب لبنان آثار ما يجري في سوريا، قالت إن حزب الله سيرد على إسرائيل إذا ما هاجمت إيران، فنسفت بذلك كل ما يردده الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، بأن صواريخ الحزب لن تقصف إسرائيل إلا إذا هاجمت لبنان. لقد وضعته التصريحات الإيرانية الأخيرة على المحك.
أيضا لجأت إيران إلى فضائية «الميادين»، حيث بثت برنامجا عن «الحرب الإسرائيلية على إيران»، ظهر وكأنه «بروباغندا»، أثار ردود فعل ساخرة بدل أن يزرع الرعب كما كان مقصودا.
كل هذه التطورات جاءت بعد إعلان خامنئي مؤخرا أن إيران لن تقبل التدخل الغربي في مصالحها في سوريا أو في المنطقة. وكأن العقوبات الدولية والعمليات السرية ليست تدخلا!