محمود دعـدوش..أول فنان تجـريـدي ســوري

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
[h=3]أحب الفنان التشكيلي محمود دعدوش الفن والحياة بتطرف، وزرع في كل مكان حلّ فيه واحة تشكيلية شديدة التميّز والإبداع، وانطوت مرحلة بكاملها من عمره محاولاً إنشاء سوق متوازنة للفن التشكيلي في سورية تجمع بين العمل التجاري والعمق الثقافي. [/h] [h=3]ولد محمود دعدوش في دمشق عام 1934، ودرس في أكاديمية الفنون الجميلة في روما حائزاً منها على الدبلوم، ثم تابع دراسته في الأكاديمية نفسها في المعهد الحر مدة خمس سنوات وتخرّج باختصاص عمارة داخلية، وعمل في مجال التصوير الزيتي والنحت. ومثلت حياة التنقل بين إيطاليا وسورية ثراء لا حد له، وقد انعكس على تطوره الفني، لدرجة أنه ما من لوحة من لوحاته الفنية يمكن أن يكون فيها فراغاً، وهو أمر له دلالات عميقة خاصة لما فيه إبداع لعالم شعري يتجسد عبر فسيفساء لونية مدهشة، ترسم أسلوبه وجماليته وحيوية إبداعه، بين سريالية وتجريدية احتلت مساحة واسعة من خياله ووحي أحلامه، فقد كان أول من قدّم الفن التجريدي في سورية، الذي لم يكن معروفاً آنذاك، ولم يكن أي فنان يعمل فيه فالمعروف كان الفن الانطباعي والكلاسيكي، وعند بدء المدرسة التجريدية بدا الاستغراب والاندهاش لدى صحف كثيرة، التي شرحته بنوع من الاستهزاء, ومع الوقت دخل عقولهم وبعدها ترك الكثير من الفنانين الانطباعية وعملوا في التجريدية.[/h] [h=3]أقام الفنان محمود دعدوش في دمشق مجموعة من المعارض الفردية، أشهرها معرض عام1960 الذي افتتحه في العشرين من تشرين الأول في "صالة أورنينا للفن الحديث العالمي" لتكون أول صالة للفن التشكيلي تشرّع أبوابها لآخر تطورات الحداثة وربط الإنتاج المحلي بالسوق العالمية، فقد لعبت الصالة دور النادي النشيط فشجعت الحركة التشكيلية بالعرض والبيع والندوات والمحاضرات وربطت أجهزة الإعلام بالعروض الفنية وربّت مجموعة من الفنانين والنقاد، وجيلاً من المثقفين تشكيلياً ونشرت الكتاب الحديث والثقافي والفني والفكري وخلقت حياة اجتماعية راقية. [/h] [h=3]انعكست طاقة دعدوش الداخلية بوضوح في سياق حركته الفنية فقد كانت طاقة مليئة بالبوح والنجوى والشكوى والميل نحو تصريف مكنونات روحه من خلال اللون، واعتلاء موجة المغامرة عبر التصوير مستخدماً أوسع فيض ممكن، فهو يبدأ من التسليم بلانهائية التشكيل اللوني المفضي إلى الجوهر لينتهي بلانهائية مساحة اللوحة، وهو بذلك لا يتجه نحو عتبة الفراغ في فهم ماهية الشكل الطبيعي وهواجسه في التعامل معه، هذا التعامل الذي ينطلق من العلاقة بين الأشياء المرسومة والكائن البشري ورؤيته.[/h] [h=3] رسم الفنان محمود دعدوش موضوعات شرقية مستوحاة من ألف ليلة وليلة، وبيوت دمشقية ومنتدياتها، وتأثر بالفن التجريدي التعبيري ردحاً من الزمن، إلا أنه ظل بعيداًً عن أية تبعية ثقافية وهذا ما جعل جمهوراً واسعاً قادراً على تذوق ما قدمه لهم، حيث ظلوا وظل هو على تناغم وحوار لوني في جو مشبع بالمتعة، معيداً خلق عناصره من منطلق إبداعي لا تكراري. كانت أعماله موجودة في متحف دمشق الوطني، ومعرض دمشق الدولي، والمتاحف الأوروبية، والمجموعات الإيطالية والبرازيلية، ونال ميداليتين فضيتين من إيطاليا وأخرى ذهبية من أكاديمية "تبرينا" في روما، كما حاز على شهادتي تقدير من لندن وروما، ومنح لقب فارس الجمهورية الإيطالية سنة 1974، وجائزة تاركا من أوروبا عام 1981، وكان ممثل متحف "تمبل" للفنون في نيويورك، ونائب الرئيس في الشرق الأوسط ، وعضو مؤسس في نقابة الفنون الجميلة في سورية وعضو ممثل في المؤسسة العالمية للفنانين وجامعي اللوحات في العالم.‏ [/h] [h=3]توفي الفنان محمود دعدوش عام 2008 ونال شرف ألقاب وتسميات ما لم ينله أي فنان سوري آخر، وبرحيله فقدت الحركة التشكيلية السورية واحداً من أبرز رياديي الحداثة فيها، برع في رؤيته لها وأبدع فجاءت تلك الرؤية منسجمة مع روح تمرده الفني للدرجة التي حيرت النقاد في تصنيف ووضع هذه الروح، التي تسامت إلى الدرجة التي كانت ترى أن العالم يتعذر تبسيطه أو اختزاله إلى واقع، في إطار مدرسي أو اتجاه فني.[/h]
 
أعلى