DE$!GNER
بيلساني محترف
- إنضم
- Apr 4, 2011
- المشاركات
- 2,637
- مستوى التفاعل
- 44
- المطرح
- بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
لم تعد الأغلبية الساحقة من أوساط الرأي العام السوري بحاجة إلى البحث في بطون الكتب والدراسات عن الآلية التي يعمل بها الإعلام الصهيوني الأميركي والغربي. في حرب ليست مسبوقة، أرادت اجتياح العقول والنفوس وتغيير القناعات وحرف بوصلة التفكير السليم والمنطقي، وقد أصبحنا على يقين تام بأن استخدام عبارة الإعلام الغربي، تشمل أيضاً ملحقاته التي تحمل مسميات عربية وتصوغ ليل نهار الأكاذيب تارة بدرجة ما من الانسجام الظاهري وتارة أخرى بالكثير من الارتباك، بعد أن قام المواطن السوري أولاً، ووسائل الإعلام الوطنية بفك «شيفرة» ورموز هذا الإعلام، وتفكيك صوره ووسائله، ومضامين خطابه، والأهداف الأولية والنهائية التي يسعى إليها، ورغم ما سلف من المفيد وضع الإصبع على آلية عمل هذا الإعلام والقنابل الثقيلة التي يقصف بها العقول، فقد بدأ الأمر بعملية كان الهدف منها جعل التشويش زاداً يومياً للناس فالذي يحدث على أرض الواقع، ومهما كان واضحاً، هو بحاجة لبرامج معدة سلفاً أولها الإيحاء بان أحداً ما لايعرف إلى أين تتجه الأمور، وما الفرق بين الإصلاح الوطني، ومزامير الفوضى الدامية، وجعل الصعوبة في التمييز قاسماً مشتركاً لدى الرأي العام الذي يحاربونه علناً ويدعونه في الوقت نفسه لأن يجعل الرأس في الأسفل والأقدام مرتفعة في الهواء، عبر عواصف يومية من الأكاذيب المدعومة بصور أشد كذباً وتلفيقاً عبر الشاشات، ومنافذ الشبكة العنكبوتية، والشعار في كل ذلك هو السعي الفعلي لتحقيق الهدف: تحطيم العقول والنفوس والمشاعر، وجعل ملايين الناس يفقدون الثقة بأنفسهم أولاً، وبكل ما يدور من حولهم ثانياً، ولذلك لم يسمع السوريون برامج سياسية اقتصادية ثقافية اجتماعية، لهذه الحملة العربية، لأن طرح مثل هذه البرامج التي يسمونها معارضة، يميت اللثام عن كل ما هو مخفي في هذه اللعبة القذرة، فحتى تقول ماذا تريد، تبحث عن إجابة ويتم الاحتكام للعقل، بينما المطلوب هو تغييب العقل كلياً، بأساليب كثيرة من الإيحاء وترسانة الحروب النفسية لتسيير أوساط الرأي العام والأفكار والقيم والاتجاهات، في الطريق المؤدي إلى الهدف المدبر والمجهز بشكل مسبق، حتى يكاد يكون سيناريوهاً تنفذ حلقاته ويتم إدخال بعض التعديلات عليه، حسبما تقتضيه الحاجة، واتجاه الأحداث، فإذا أصيبت القدرات العقلية للجموع بالدرجة القصوى من التشويش، كما يعتقد ملوك هذه الحرب فإن الخطوة التالية تصبح سهلة للغاية، وهي ان تصبح فوضى الدماء وافتراق النسيج الاجتماعي والتكوين التاريخي، وكأنها جزء حيوي من المشهد وأحد مفرزاته الحتمية في الوقت نفسه، وهذه الحرب لا يفكر قادتها بالخسائر: الدماء التي تسيل في الشوارع، ميثاق الشرف الإعلامي حين تسقط عنه ورقة التوت، الأخلاق والقيم، والثمن المدمر الذي سيدفعه كل الناس، لان المطلوب هو هذا الثمن بالتحديد، فمن يقوم بقصف الأهداف في الحرب، لا يفكر بضحاياه، وربما أصبح هذا واضحاً للغاية في عيون وقلوب وعقول السوريين، لأنهم خاضوا تجاربهم اليومية وقاتلوا بالفعل، بكل ما يملكون من طاقة، في طريق الوصول إلى الاستنتاج الوحيد والصحيح وهو ان حرباً «كونية» تشن ضدهم هدفها تمزيق بلادهم وجعلهم أشلاء وبقايا، والعبث ليس بماضيهم فقط بل بحاضرهم ومستقبلهم وكينونتهم وثقافتهم، ودفعهم لفقدان الوزن والقيمة والمكانة والكرامة والوطن، كل ذلك في وقت واحد فما قيمة ديمقراطية أو إصلاح، دون مجتمع متماسك مستقر، ودولة راعية ومؤسسات قانونية، وحياة طبيعية للأفراد والجماعات وكل مؤسسات المجتمع؟ لقد أرادت وسائل الإعلام المعادية لسورية أن تقول: اذهبوا إلى الجحيم ثم ابحثوا فيما بعد عن الرخاء(!) هذا هو منطقهم بكل دقة وتحديد، وكان منطق ملايين السوريين يقول ولايزال: نحن لسنا ذرات رمال تذروها رياحكم الصفراء، هل الرياح الصفراء وصف للكوليرا فقط أم أنها تصلح للطاعون أيضاً؟!.