مسكين أنت أيها الوطن

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
مسكين أنت أيها الوطن




الوطن العربي الكبير
وكلٌ لديه وطن عربي صغير , كلٌ وطنه على قدره .
كل فضائية تفتح بأخبار الوطن وتنتهي بالدعاء للوطن
والأرضية أولى ثم أولى فهي على تراب الوطن
نحيا من أجل الوطن ونموت من أجل الوطن
آلمني رأسي ولم أفهم ما هو الوطن
فهل من جهبذ يشرح لي ما الوطن


دعوني أولا أحاول بقواي الشخصية الوطنية , أبحث عن هذا الذي من المفروض أن أحبه , ولكن أين أبحث ؟ على الأرصفة أم أنتظر الأقدار قد تقذفه في مساري .
هل الوطن تراب وحجارة , أشجار وأنهار داخل شريط شائك سُمي اعتباطا حدود .
ولنفرض جدلا أنه كذلك , فما الفرق بين الوطن وباقي أراضي الدنيا ؟ أترابه مقدس أم أِشجاره بها الخير والبركة , وهل أحجاره من الزمرديات ؟ اهه , ربما لأنها الأرض الوحيدة في العالم التي تستطيع أن تتسكع بها سارحا دون جواز سفر , فهل من أجل هذا جعلوا رؤوسنا تلف وتدور ؟ لا أعتقد .
إذا فالوطن مخلوقات بشرية من ذكور وإناث من جميع الأعمار , إذا فالوطن هم أولئك المخلوقات التي تعيش داخل الشريط الشائك ( من الفقرة السابقة ) بغض النظر والطرف عن مدى صلاحهم وفسادهم . هل من المعقول أن يكون الوطن هكذا ؟ هذا من غير الممكن إنها مصيبة ! بناءا على هذا التعريف , وبما أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم أمرانا أن نحب كل مسلم في الله , فيصبح الوطن هو جميع المسلمين في جميع أقطاب الأرض . ما هذا الهراء .إذن فأين الوطن ؟
ابحث عن مجرد تعريف يمكنني من ممارسه أو محاولة ممارسة حب الوطن , لأنني في الأشهر الأخيرة أسمع نقدا عن طريقة ممارستنا الحب للوطن والدعوة للممارسة الفعلية في حب الوطن .
بحثت في كتب التعاريف الجيولوجية والبيولوجية والزيولوجية وكل الـ يولوجيات في العالم وانتقلت لكت التاريخ والكيمياء والفيزياء, اها , هذا التعريف الفيزيائي هو الأقرب للمنطق , الوطن هو رمز , يحوي مجموع الأرض وما ومن عليها بشر وتراب وحجر وخبز ودجاج , وما فيها من الأنظمة والقوانين والتاريخ , القليل منه ينفع , وهذا القليل ينفعنا في تمهيد ومدّ الشريط الشائك , هل تذكرونه إنه في الأعلى . ولكن ما حاجتنا لهذا الرمز ؟ هو دافع ذاتي لضبط السلوك العام للمجتمع ومراقبة تطبيقها , فيصبح توفّر الدافع الذاتي " وإشعاله " في النفوس معوّضا للنقص في عملية الضبط . وهذا الرمز هو أداة ضاغطة , فقط عند الحاجة على المجتمع معنويا و .... فقط لتقديم التضحيات دون مقابل , لذا ترى هذا الوطن الرمز يضيء ويخبو,
ولست أقصد يضيء على سلوك الناس الذين يحاصرهم ذلك الشريط الشائك , ولكن تضيء على الدعوة لارتكاب الوطنية في أوقات حرب مع عدو أو عند عجز النظام في محاربة مشكلة " اجتماعية أو أمنية" . فهل أستطيع القول بان الوطن ليس مهما بحد ذاته أو ذاتها ككلمة , فالمهم أن نجد رمزا نحاول أن نبثّ الروح فيه ليشكل دافعا ذاتيا لممارسة كل شيء جميل , وكلمة جميل هذه فيها نظر وأقوال , لن نتعرض لها أو نعترضها الآن .
أينما تنظر بالوطن ترى أسئلة , التقط سؤالا وأقرأه , هل نجح الوطن فيما وُضِع له ؟ فهناك من يجتهد ويفسّر أو يفتي بأن ظواهر اجتماعية جيدة هي بدافع حب الوطن . وهذا خطأ ومفخخ , فإن أي محاولة لاختزال المظاهر وقولبتها في حب الوطن وفرض الإقناع على البشرية بأن هذه الظاهر هي حراك ناتج عن حب الوطن وتهميش الدوافع والنزعات الأخرى . فكثير من الدوافع والنزعات ليس للوطن وحبه ناقة ولا جمل ولا حتى عنز , ومن ثم سيدفعون جزاء تهميش الدوافع والنزعات الأخرى وكل ذلك يأتي على حساب الوطن . ولكن الوطن يعتمد عليه كدافع ذاتي يفتقر لأبرز عوامل البقاء وأهمها وهو غياب الحافز العاجل أو الآجل والمضمون الذي يعود عليك بمقدار ما قدمته . هذه هي الفيزياء وهذا هو القانون الثالث لنيوتن .
ولإزالة أي غموض قد يربض بين الكلمات نضرب مثلا دون إيلامه , طالب طب درس واجتهد تفوق بدراسته , فتح عيادته الخاصة ويتابع كل الأبحاث الطبية .فلنذهب ونسأله, هل كان حب الوطن يعيش معه ويرافقه في لحظات كفاحه ؟ إن كان صادقا سيقول : أكذب عليك لو قلت نعم , إنما هي أمور أخرى وبضمنها الخبز
فهل الخبز جزء من الوطن .
أليس هناك شيء آخر غير حب الوطن للتعويل عليه , أين الأفكار والمحفزات المتجددة لواضعي ألأنظمة والدساتير , أليس التعويل على ورقة حب الوطن تعويل على ورقة خاسرة , كتعيين موظف بوزارة التعليم يبعد مكان العمل عن بيته مئات الكيلومترات والتشدق بأن ذلك من الواجب الوطني . إذاً , تبدّل حب الوطن من دافع ذاتي لتبرير الإلزام والإجبار بين ليلة وضحاها , وليس على هذا الموظف المسكين إلا الذهاب سواء أحب الوطن أم لم يسمع به . والأمثلة كثيرة حدث ولا حرج كتهريب المخدرات وقضية العمالة الأجنبية المستشرية الفوضى ولكنني مللت الكلام .
ألا ترون معي بأن هذا الوطن الرمز, فيزيائيا كان أو غيره ما هو إلا أداة للتسول لقيادة الوطن ؟

 

المرفقات

  • 258.jpg
    258.jpg
    17.2 KB · المشاهدات: 1
أعلى