{*B*A*T*M*A*N*}
مشرف
- إنضم
- Sep 21, 2011
- المشاركات
- 23,222
- مستوى التفاعل
- 80
- المطرح
- دمشق
(كاتب المقال هو جوزيه جرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة
الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) والآراء الواردة في هذا
المقال هي آراؤه الشخصية)
من جوزيه جرازيانو دا سيلفا
روما 9 أكتوبر تشرين الأول (رويترز) - إن تحقيق أول أهداف
الألفية الإنمائية بتقليص انتشار الجوع في العالم إلى النصف بحلول
عام 2015 ما زال ممكنا لكن هناك حاجة لتسريع الجهود بشكل قوي
ومستدام. فالتقدم الذي تحقق في مكافحة الفقر منذ منتصف العقد
الماضي فقد الزخم وحان الوقت لاستعادته.
وتراجع عدد من يعانون من جوع مزمن في العالم بمقدار 130 مليون
شخص منذ عام 1990 وبعد أن كان يزيد قليلا عن مليار شخص وصل إلى 868
مليون بينهم 852 مليونا في الدول النامية.
ولم يقتصر التقدم على الأعداد الإجمالية وإنما امتد إلى نسبة
السكان الذين يعانون من نقص في الغذاء. فقد تراجعت النسبة على
مستوى العالم من 18.6 في المئة في عام 1990 إلى 12.5 في المئة
حاليا ومن 23.2 في المئة إلى 14.9 في المئة في الدول النامية.
وهذه أرقام أفضل مما كان لدينا من قبل لكنها مازالت تعني أن
هناك شخصا من بين كل ثمانية أشخاص يعاني من الجوع. ذلك غير مقبول
خاصة وأننا نعيش في عالم يشهد وفرة.
ومما يثير الرعب على وجه الخصوص الوضع في افريقيا حيث ارتفع
عدد الجياع خلال السنوات العشرين الماضية من 175 مليونا في 1990
إلى 239 مليونا.
وهذه الأرقام واردة في تقرير "حالة انعدام الأمن الغذائي في
العالم 2012" وهو تقرير عالمي حول الجوع تنشره منظمة الأمم المتحدة
للأغذية والزراعة (فاو) والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج
الأغذية العالمي. ويستخدم التقرير في نسخته هذا العام بيانات أفضل
ومنهجا محسنا جرى تطويره بمساعدة خبراء من مختلف أنحاء العالم
لتقييم الجوع.
وتظهر الأرقام أن معظم التقدم الذي تحقق في الحد من الجوع حدث
حتى عام 2006 مع استمرار انخفاض أسعار الغذاء. لكن مع ارتفاع أسعار
الغذاء والأزمة الاقتصادية التي تلته تقلص حجم التقدم.
ويؤكد هذا البطء في وتيرة الحد من الجوع أن السبب الرئيسي
للجوع في عالم به غذاء كاف للجميع هو عدم وصول الغذاء لمحتاجيه.
وهناك الملايين في العالم غير قادرين على شراء الغذاء الذي يسد
رمقهم.
وبالنظر لما حدث ندرك الآن أن الآثار المجتمعة لارتفاع أسعار
الغذاء في العالم في عامي 2007 و2008 والأزمة الاقتصادية التي تلت
ذلك لم تكن بالكبر الذي كنا نخشاه آنذاك.
فتحركات الحكومات والأسر للتغلب على المشكلة هدأت فيما يبدو من
الارتفاعات في أسعار الغذاء العالمية كما أن امتداد التباطؤ
الاقتصادي إلى البلدان النامية كان أهدأ مما كان متوقعا في الأصل.
لكن ارتفاع أسعار الغذاء يمكن أن تكون له عواقب أخرى على الأسر
الفقيرة لأنها قد تتحول إلى أغذية تعطي طاقة أعلى لكنها لا توفر
التغذية اللازمة وذلك حتى تحافظ على ما تحصل عليه من سعرات حرارية.
وفي ضوء النمو الاقتصادي غير المؤكد حاليا وأسعار الغذاء
الأعلى والأكثر تقلبا ستكون إعادة تنشيط النمو الاقتصادي على نطاق
واسع حاسمة لاحراز المزيد من التقدم تجاه تحقيق هدف الألفية
الإنمائي الخاص بالجوع.
وسيعتمد الأمر على ما إذا كنا سنمكن الملياري شخص الذين يكسبون
قوتهم من الزراعة ويمثلون معظم فقراء العالم من الاستفادة من النمو
الريفي. ويجب ألا ننسى أن ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية يمكن أن
يكون فرصة للمزارعين الفقراء إذا توفرت الظروف التي تسمح لهم
باقتناص تلك الفرصة.
ويتضمن هذا أمورا من بينها توفير الظروف الملائمة لتنمية
القطاعات الإنتاجية خاصة الزراعات الصغيرة وضمان توزيع منصف
للموارد على الفقراء والنساء على وجه الخصوص ومساعدة الأسر الريفية
الفقيرة على التكيف وتوفير وتمويل وتنفيذ حماية اجتماعية لمن هم
أكثر عرضة للفقر.
وتوفير حكم أفضل يقوم على الشفافية والمشاركة والمحاسبة وسيادة
القانون وحقوق الإنسان ضروري أيضا.
وعلينا من بين الأولويات الأخرى تقليل كمية الغذاء الضخمة التي
تفقد أو تهدر كل عام والتي تقدر بنحو ثلث الإنتاج الإجمالي!
ويجب أيضا أن نولي اهتماما أكبر لا لكمية الغذاء المتوفرة
للناس وحسب بل ولنوعيته. فالعالم يواجه بشكل متزايد عبئا مضاعفا من
سوء التغذية الذي يمثل رسما كاريكاتيريا قاسيا لانعدام المساواة في
العالم اليوم. فنقص الغذاء المزمن يصحبه سوء في التغذية المتصل
بالعناصر الغذائية الضرورية وهو ما يؤثر على أكثر من 1.4 مليار شخص
بالغ في العالم مع ما يعنيه هذا من أمراض لها علاقة بالأنظمة
الغذائية مثل السمنة.
وحتى لو خفضنا عدد الجوعى في العالم إلى النصف بحلول عام 2015
فماذا نقول للنصف الآخر؟ نحن بحاجة للبدء في النظر إلى ما وراء
أهداف الألفية الإنمائية وصوب القضاء على الجوع بالكامل والاستجابة
لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إلى "تقليص الجوع إلى
الصفر" والتي أطلقها خلال قمة ريو + 20 . وتربط الدعوة بين تحقيق
الأمن الغذائي والقضاء على تقزم الأطفال وذلك من خلال الإنتاج
المستدام وزيادة إنتاجية المشروعات الصغيرة.
وهناك حاجة لوضع أهداف جريئة حتى يتمكن المجتمع بأكمله من تبني
هذه القضية من خلال دعم الحكومات ودفعها لتحويل الإرادة السياسية
إلى عمل واسع النطاق على نحو يكفي للقضاء على الجوع.
وعند الحديث عن الجوع فإن الرقم الوحيد الذي يمكن قبوله هو
"صفر".