DE$!GNER
بيلساني محترف





- إنضم
- Apr 4, 2011
- المشاركات
- 2,637
- مستوى التفاعل
- 44
- المطرح
- بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم



حضارة قدمت للبشرية شكل الدولة وشكل أول هوية، قدمت الأبجدية وشكل النوتة الموسيقية، وأول ملحمة عرفتها البشرية حكايات عن جلجامش وماري وزنوبيا وأسطورة الحياة والموت ومعنى الخلود وطريقه... إنها سورية.
عندما أريد أن ألتقي هذه (السورية) بجمالها وفرحها ومجدها... أجدها في مكان يحمل روح البلد لاتتعدى أبعاده بضعة أمتار داخل سوق الأعمال اليدوية في التكية السليمانية.. وصاحبه يعمل على تشكيل فخار يحاكي الأصل من مخرجات الحضارة السورية، ليعيد تكوينها بقوالب أقرب للتحف الفنية.
كلما اقترب من إحدى القطع المعروضة يسرد عليَّ السيد (بدر) صاحب المكان تاريخها ومخرجها، استمع قائلة في نفسي: «نعم كم جميل أني من نتاج هذه الحضارة (إني سورية)»...
لم أنس يوم روى لي حكاية جلجامش ورحلة الخلود وسره، أو تلك اللحظة التي اكتشفت فيها أني أحمل مسكبة للدمع وهي عبارة عن جرة صغيرة بحجم اصبع اليد حيث كان أهالي تدمر يحتفظون بدموعهم المسكوبة فيها لحظة الفراق وعند موت الأحبة ككناية عن غلاوة الدمع... آخر مرة تعرفت على لوحة صغيرة مطبوعة عليها أشكال مضحكة لأدرك أنها بطاقة تعريف للعائلة، وهي أول بطاقة وهوية عرفتها البشرية.
تمتزج مشاعري كلما دخلت ذاك المكان رهبة وفرحاً, غصة وألماً... وأما الألم فمرده لتلك الصور المعلقة على الحائط الخلفي للمكان, صور تشهد ما اقترفته الصهيونية من جرائم في حق الطفل والشجر وحتى الحجر... وكأن الراوي صاحب المكان يريد أن نشهد تلك المفارقات، وعندما استأذنته ليدلي لي بشهادة خاصة رفض قائلاً: «لست هنا بغية الدعاية وأفتخر أنني سوري من القدس».. وكم نحن بحاجة اليوم لذاك الذي يعلي تراب الوطن عن كل أصل.
