من القاهرة الكتيبة‏654‏ م‏.‏م‏.‏م‏.‏د

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
وأخبرني أن اليوم هو اليوم الذي انتظرناه, وسوف يكون علينا إبلاغ بقية أعضاء الكتيبة في الساعة الواحدة ظهرا, وكان علي منذ هذه اللحظة, بالإضافة إلي واجباتي كرقيب استطلاع مسئول عن المساحة ومراقبة قيام العدو بهجمات بأسلحة الدمار الشامل أن أتولي كتابة كل ما يجري, ليس ساعة بساعة, وإنما دقيقة بدقيقة, لم يكن الأمر كله مفاجأة كاملة فقد كنا ساعتها نقوم بمناورات لم تكن عادية; كما أنني كنت مساعدا لقائد الكتيبة ورئيس العمليات في إعداد الخرائط والمهام التي علي كتيبتنا القيام بها, ومن ثم تصورت المعركة منذ بدايتها فاليوم6 أكتوبر هو( ي) التي طالما انتظرناها, والساعة( س) قد عرفناها الآن في الساعة الثانية بعد الظهر.
ما جري في الساعتين التاليتين كانت فيه مواقف حرجة كثيرة, ولكن كانت هناك مواقف إنسانية لا تزال محفورة في ذهني خاصة من هؤلاء الذين جري استبعادهم وإبقاؤهم في المؤخرة للقيام بواجبات هامة, ولكنها لم تكن في ساحة المعركة, مازلت أذكر ضابط الاحتياط الذي طلب منه البقاء وقد راح يذرف دمعا غزيرا, وهو يصرخ ماذا سيقول لولده' تامر' إذا ما عرف أنه لم يحضر الحرب؟!. قالها بلهجة صعيدية مفعمة بالرجولة والحزن, ولم يكن هناك بد من حضوره المعركة حيث أصيب محافظا علي شرفه.​
أعتقد أن ذلك كان ملخص الموضوع كله حينما كان علي جيل كامل أن يستعيد شرف الأمة أمام أجيالها المقبلة, وفي الساعة الثامنة مساء كانت كتيبتنا قد أصبحت في الطابور الطويل الذي ينتظر لحظة العبور, بعد أن خاضت أول اشتباكاتها من أعلي المصاطب الرملية علي ضفاف القناة, كان الوقت يمر بطيئا, ودخان المدفعية التي تدك الجانب الآخر لا يتوقف, ولم يكن لدينا ما نفعله إلا الانتظار والنداء' الله أكبر' والغناء' بلادي بلادي'; حتي جاءني الرائد محمد عبد الوارث رئيس عمليات الكتيبة لكي يأخذني من يدي قائلا سوف تري مشهدا لن تنساه طول العمر, مشيت معه حتي وصلنا إلي ماء القناة حيث كان هناك الجسر الذي سنعبر عليه وعلي جانبيه كانت قناديل باللونين الأحمر والأزرق, قال أليس أكثر جمالا من كوبري قصر النيل; حكيت هذه القصة من قبل, وفي كل مرة تطفر من العين دمعة ساخنة علي الشهداء!.
 
أعلى