موسوعة خصائص النبي عليه الصلاة والسلام

المارد

بيلساني عميد

إنضم
Dec 3, 2008
المشاركات
3,270
مستوى التفاعل
34
المطرح
سوريا
بسم الله الرحمن الرحيم
اختصَّ رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بكثيرٍ من الخصائصِ والأحكامِ دُونَ أمتِهِ؛ تكريماً له وتبجيلاً،وقد شاركه في بعضِها الأنبياءُ -عليهم الصلاةُ والسلامُ-، وإننا في هذا السياقِ سنذكرُ جُملةً من خصائصِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- التي اختصَّ بها دُونَ سائرِ أُمَّتِهِ، فمنها:
1- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بجوازِ الوِصالِ في الصَّومِ:
فعن أنس-رَضيَ اللهُ عنهُ- عن النَّبيِّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-, قال:" لا تواصلوا. قالوا: إنّك تُواصل. قال: لستُ كأحدٍ منكم، إني أُطعم وأُسقى. أو إني أبيت أُطعم وأُسقى".

البُخاريّ- الفتح (4/238) رقم (1961) كتاب الصوم باب الوصال.
قال الحافظ ابن حجر-رَحِمهُ اللهُ-: "واستُدل بمجموع هذه الأحاديث على أن الوصال من خصائصه- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وعلى أن غيره ممنوعٌ منه إلا ما وقع فيه الترخيص من الأذن فيه إلى السَحر". فتح الباري (4/240).
2- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالجمعِ بين أكثرِ من أربعِ نِسوةٍ:

فعن أنس بن مالك قال: كان النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- يَدورُ على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهُنَّ إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أو كان يُطيقه؟ قال: كنّا نتحدث أنه أُعطي قوة ثلاثين. وقال سعيدٌ عن قتادة إنّ أنساً حدّثهم: تسعُ نسوة).
البُخاريّ الفتح (1/449) رقم (268) كتاب الغسل باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحدٍ.
قال الشافعي -رَحِمهُ اللهُ-: "وقد دلَّت سنةُ رسولِ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-المبينة عن الله أنَّه لا يجوزُ لأحدٍ غير رسولِ الله- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أن يجمعَ بين أكثر من أربع نسوة". قال ابن كثير-رَحِمهُ اللهُ- : "وهذا الذي قاله الشافعيُّ مجمعٌ عليه بين العلماءِ". تفسير ابن كثير (1/460).
3- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بأنَّ عينَهُ تنامُ ولا ينامُ قَلبُهُ:

عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-: كيف كانت صلاة رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- في رمضان؟ قالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصلِّي أربعَ ركعات فلا تسألْ عن حُسنهن وطولهن. ثم يُصلِّي ثلاثاً. فقلتُ: يا رسولَ الله تنامُ قبل أن تُوتر؟ قال:" تنامُ عيني ولا ينام قلبي".
البُخاريّ الفتح (6/670) رقم (3569) كتاب المناقب. باب كان النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-تنام عينه ولا ينام قلبه.
وفي رواية أنس بن مالك: (والنَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-نائمةٌ عيناه ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياءُ تنام أعينُهم ولا تنام قلوبُهم) البُخاريّ الفتح (6/670) رقم (3570) كتاب الغسل باب إذا جامع ثم عاد, ومَن دار على نسائه في غسلٍ واحدٍ.
4- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الكذبَ عليه ليسَ كالكذبِ على غيرِهِ:
عن أنس-رَضيَ اللهُ عنهُ- قال: (إنه ليمنعني أن أُحدِّثكم حديثاً كثيراً أن النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ --قال:"مَن تعمَّد عليَّ كذباً فليتبوأ مقعده من النار".

البُخاريُّ- الفتح (1/243) رقم (108) كتاب العلم, باب إثم من كذب على النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- .
وعن عليٍّ,قال:قال النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:(لا تكذبُوا عليَّ، فإنّه مَنْ كَذَبَ عَليَّ فليلجِ النَّارَ) البُخاريُّ- الفتح (1/241) رقم الحديث (106) كتاب العلم ,باب إثم مَنْ كَذَبَ على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - .
وقال- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:"إنَّ كَذِباً عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ، فمَنْ كَذَبَ عليَّ مُتعمِّداً فليتبوأ مقعدَهُ من النَّارِ".
رواه البُخاريُّ الفتح ( 3/ 191) رقم ( 1291. كتاب الجنائز باب ما يُكره من النِّياحةِ على الميِّتِ.
5- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بوجوبِ محبتِهِ:

قالَ اللهُتعالى-: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(24) سورة التوبة.
قال القرطبي-رَحِمهُ اللهُ تعالى-:( وفي الآية دليل على وجوب حبِّ الله ورسوله، ولا خلافَ في ذلك بين الأمة وأنَّ ذلك مقدَّمٌ على كل محبوب) الجامع لأحكام القرآن (8/95).
وعن أبي هُرَيْرة-رَضيَ اللهُ عنهُ-: أن رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- قال: (فوالذي نفسي بيده لا يُؤمنُ أحدُكم حَتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ)) البُخاريُّ الفتح (1/74-75) رقم (14) كتاب الإيمان باب: حُبُّ الرَّسُول-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -من الإيمان.
وعن أنسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُ-,قالَ: قالَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:" لا يُؤمنُ أحدُكم حَتَّى أكونَ أحبَّ إليه من والدِهِ وولدِهِ والنَّاسِ أجمعينَ". المصدر السابق رقم (15).

6- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بإسلامِ قرينِهِ:
عن عبد الله بن مسعود-رَضيَ اللهُ عنهُ- قال: قالَ رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (ما منكم من أحدٍ إلا وقد وُكِّلَ به قرينُهُ من الجِنِّ) قالوا: وإيَّاكَ يا رسولَ اللهِ؟, قال:( وإيَّاي إلا أنَّ الله قد أعانني عليه فأسلمَُ، فلا يأمرني إلا بخيرٍ)
صحيح مسلم (4/2168) رقم الحديث (2814).

7- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الشَّيطانَ لا يتمثَّلُ به،وأنَّ مَنْ رآهُ في المنامِ فقدْ رآهُ حَقَّاً:
عن أنسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُ-,قال: قال النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (مَنْ رآني في المنامِ فقد رآني، فإنَّ الشَّيطانَ لا يتمثَّلُ بي، ورُؤيا المؤمنِ جُزءٌ من ستةٍ وأربعينَ جُزءاً من النُّبوَّةِ). البُخاريُّ الفتح (12/399-400) رقم (6994) كتاب التعبير باب مَنْ رَأَى النَّبيَّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-في المنامِ.
8- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ يَرَى مِنْ وراءِ ظَهْرِهِ كما يَرَى مِنْ أَمَامِهِ:
عن أنسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُ-,قالَ: (أُقيمتِ الصَّلاةُ,فأقبلَ علينا رسولُ اللهِ بوجهِهِ,فقالَ: "أقيمُوا صفوفَكم وتراصوا، فإنِّي أراكُمْ مِنْ وراءِ ظهري".

البُخاريُّ الفتح (2/243) رقم الحديث (719) كتاب الأذان- باب إقبال الإمام على النَّاس.
وعن أبي هُرَيْرة-رَضيَ اللهُ عنهُ-,قال: (صلَّى بنا رسولُ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-يوماً ثمّ انصرفَ، فقالَ: "يا فلانُ, ألا تُحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلِّي إذا صلَّى كيفَ يُصلِّي، فإنما يُصلِّي لنفسه، إني والله لأبصرُ مِن ورائي, كما أبصر من بين يديَّ".

صحيح مسلم (1/319), رقم الحديث (423), كتاب الصلاة- باب الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها.
وعن أبي هُرَيْرة-رَضيَ اللهُ عنهُ- أنَّ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-,قالَ:"هل ترون قبلتي هاهنا؟ فو الله! ما يخفى عليَّ رُكوعُكم ولا سجودُكم؛ إني لأراكم مِنْ وراءِ ظهري". المصدر السابق رقم (424).

9- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ يسمعُ ما لا يسمعُهُ النَّاسُ:
عن أبي ذرٍّ-رَضيَ اللهُ عنهُ-,قالَ: قالَ رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-:"إني أرى ما لا ترون ,وأسمعُ ما لا تسمعون. إنَّ السَّماءَ أطَّت وحقَّ لها أنْ تئطَّ؛ ما فيها موضعُ أربع أصابع إلا ومَلَكٌ واضعٌ جبهتَهُ ساجِداً لله. والله لو تعلمون ما أعلمُ لضحكتُمْ قليلاً, ولبكيتُم كثيراً. وما تلذذتم بالنِّساءِ على الفُرُشات, ولخرجتُم إلى الصعدات تجأرون إلى اللهِ".

الحديث رواه أحمد في مسنده، والتِّرمذيُّ، وابن ماجه واللفظُ له.وقال الشيخُ الألبانيُّ-رَحِمهُ اللهُ- في" صحيح ابن ماجه" :الحديث حسن.راجع: (صحيح ابن ماجه) (2/407-408) (3387).
10- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بتخييرِهِ قبلَ قبضِهِ بينَ الدُّنيا والآخرةِ:
عن عائشة -رَضيَ اللهُ عنهُا- قالت: (سمعتُ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-,يقولُ: " ما من نبيٍّ يمرضُ إلا خُيِّر بين الدُّنيا والآخرة"، وكان في شكواه الذي قُبض فيه أخذته بُحَّةٌ شديدةٌ، فسمعتُهُ يقول: "مع الذين أنعم الله عليهم؛ من النَّبيّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين"، فعلمتُ أنه خُيِّر) البُخاريُّ الفتح (8/103) رقم الحديث (4586). كتاب التفسير باب (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النَّبيِّين).
11- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّ الأرضَ لا تأكلُ جسدَهُ الشَّريفَ، وعرضُ صلاةِ أمتِهِ عليه في قبرِهِ:
عن أوس بن أوس عن النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-,قالَ: "إنّ أفضلَ أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِقَ آدمُ-عليه السلام-, وفيه قُبِضَ، وفيه النَّفخةُ، وفيه الصَّعقةُ، فأكثِروا عليَّ من الصَّلاةِ، فإنَّ صلاتَكُم معروضةٌ عليَّ". قالوا :يا رسولَ الله! وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليكَ، وقد أَرِمتَ؟ أي يقولون قد بَلِيتَ. قال: "إنَّ الله-عَزَّ وجَلَّ- قد حرَّم على الأرضِ أنْ تأكلَ أجسادَ الأنبياءِ- عليهم السلام-".
النَّسائيُّ :باب: إكثار الصَّلاةِ على الرَّسُولِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- يوم الجمعة (3/75),وقالَ الإمامُ ابنُ كثير-رَحِمهُ اللهُ-:"وقد صححه بعضُ الأئمةِ"( الفصول في سيرة الرَّسُول)( ص315)
12- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بطيبِ عَرَقِهِ, ولِيْنِ مَسِّهِ:

عن أنس بن مالك-رَضيَ اللهُ عنهُ-,قالَ: (دخل علينا النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فقالَ(أي:نام القيلولة) عندنا، فعرقَ، وجاءت أُمِّي بقارورةٍ, فجعلتْ تسلتُ العَرَقَ فيها, فاستيقظَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-,فقالَ: "يا أُمَّ سُليم, ما هذا الذي تصنعينَ؟!" قالت: هذا عَرقُك نجعلُهُ في طيبنا, وهو أطيبُ الطِّيبِ) صحيح مسلم (4/1814) رقم الحديث (2331) كتاب الفضائل- باب طيب عرق النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
وعن أنسٍ, قال: "كان رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-أزهرَ اللَّونِ,كأنَّ عَرَقَهُ اللؤلؤ, إذا مشى تكفَّأَ ولا مسستُ ديباجةً ولا حريرةً ألينَ مِن كفِّ رسولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-,ولا شممتُ مِسْكةً ولا عَنْبرةً أطيبَ من رائحةِ رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-).صحيح مسلم (4/1814), رقم (2330) كتاب الفضائل باب طيب رائحة الرَّسُول-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ.

13- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ يُدْفنُ في المكانِ الذي قُبِضَ فيهِ:
عن عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-,قالت: (لمَّا قُبِضَ رسولُ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- اختلفُوا في دفنِهِ، فقال أبو بكر: سمعتُ من رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-شيئاً ما نَسيتُهُ, قال: "ما قَبَضَ اللهُ نبيَّاً إلا في الموضعِ الذي يُحِبُّ أنْ يُدفَنَ فيه" فدفنُوه في موضعِ فراشِهِ). صحيح التِّرمذيِّ للألباني (1/298), وانظر:" أحكام الجنائز" للألباني (ص137 -138).
14- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الله تعالى-عَصَمَهُ من النَّاسِ:
قالَ اللهُ-تعالى-:{يَا أَيُّهَا الرَّسُول بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس} (67) سورة المائدة. قال القرطبيُّ-رَحِمهُ اللهُ-: "معناه ما أظهِر التبليغ، لأنه كان في أوَّلِ الإسلام يخفيه خوفاً من المشركين، ثم أُمر بإظهاره في هذه الآية، وأعلمه الله أنه يعصمه من النَّاس".الجامع لأحكام القرآن (6/242). وعن جابرِ بن عبدِ اللهِ-رَضيَ اللهُ عنهُما-,قال: (غزونا مع رسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- غزوةً قبل نجد، فأدركنا رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- في وادٍ كثيرِ العِضاة، فنزل رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- تحتَ شجرةٍ, فعلَّق سيفَهُ بغُصنٍ من أغصانِها، وتفرَّقَ النَّاسُ في الوادي يستظلون بالشَّجرِ، قال: فقالَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: "إنَّ رجلاً أتاني-وأنا نائم- فأخذَ السَّيفَ، فاستيقظتُ وهو قائمٌ على رأسي, فلم أشعر إلا والسيف صلتاً في يده, فقال لي: مَنْ يمنعُكَ منِّي؟ قلتُ: الله. قال: فشام السَّيفَ, فها هو ذا جالسٌ," ثم لم يعرضْ له رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-). صحيح مسلم (4/1786) رقم الحديث (843) كتاب الفضائل: باب توكله على الله تعالى-، وعصمة الله له من النَّاس. قال ابنُ حجر في "الفتح": ((ويُؤخَذُ من مُراجعةِ الأعرابيِّ له في الكلام أنَّ الله -سبحانه وتعالى- مَنَعَ نبيَّهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-منه، وإلا فما أحوجه إلى مراجعتِهِ مع احتياجِهِ إلى الحظوة عند قومِهِ بقتلِهِ،وفي قول النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -في جوابِهِ ((الله)),أي يمنعني منك, إشارةٌ إلى ذلك) فتح الباري (7/492).
15- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بالزَّواجِ مِنْ غيرِ وليٍّ ولا شُهُودٍ:

عن عائشةَ-رَضيَ اللهُ عنهُا-,قالتْ: قالَ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا نِكاحَ إلا بوليٍّ وشاهدينِ). قال الألباني: صحيح (إرواء الغليل) (6/258).
وقد انفرد رسولُ الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- عن أمتِهِ في هذينِ الحُكمينِ، فأباح اللهُتعالى- له الزَّواجَ بغيرِ وليٍّ ,ولا شهودٍ تشريفاً وتكريماً له, لعدمِ الحاجةِ إلى ذلكَ في حقِّه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
قال العلماءُ: ((إنما اعتُبِرَ الوليُّ في نكاحِ الأُمَّةِ للمحافظةِ على الكفاءةِ،وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فوقَ الأَكْفَاءِ، وإنّما اعتُبِرَ الشُّهودُ لأمنِ الجُحُودِ,وهو-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- لا يجحدُ)). نضرة النعيم (1/508).
وبُرهانُ هذا الحكمِ في حَقِّهِ في حديثِ زينب بنت جحش-رَضيَ اللهُ عنهُا- أنها كانت تفخرُ على أزواجِ النَّبيِّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وتقولُ:(زوجكن أهليكن, وزوَّجني اللهُ- تعالى- مِن فوق سبع سماوات) البُخاريُّ مع الفتح, رقم الحديث (7420) ( 13/ 415),كتاب التوحيد باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم .
16- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّ مَنِ استهانَ بهِ كَفَرَ:
تضافرتِ الأدلةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ وإجماع الأمة مُوضِّحة، ومجلية ما يجبُ لرسول الله-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- من الحقوقِ وما يتعيَّنُ له مِنْ برٍّ وتوقيرٍ وإكرامٍ وتعظيمٍ, ومن أجلِ هذا حَرَّم اللهُ-تبارك وتعالى- أذاه في كتابِهِ وأجمعتِ الأُمَّةُ على قتلِ منتقصِهِ وسابِّه.قالَ اللهُ-تعالى-:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا}(57) سورة الأحزاب.
وقالتعالى-:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (61) سورة التوبة.
فكلُّ مَنِ استهانَ برسولِ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أو سبَّهُ أو عابَهُ أو ألحق به نقصاً في نفسه أو نسبه أو دينه أو خصلة من خصاله أوعرَّضَ به أو شبَّهه بشيءٍ على طريق السَّبِّ له, أو الإزراءِ عليه, أو التصغير لشأنه, أو الغضِّ منه والعيب له, فإنه يُقتلُ كُفراً(1 )، والدَّليلُ على ذلك:

%ما روى أبو داود والنَّسائيّ عن ابن عَبَّاسٍ-رَضيَ اللهُ عنهُما- أنَّ أعْمَى كانت له أمُّ ولدٍ، تشتم النَّبيَّ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، ويزجرها فلا تنزجر. قال: فلمَّا كانتْ ذات ليلةٍ جعلت تقعُ في النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-وتشتمُهُ, فأخذ المِغْوَلَ (وهو السَّيفُ القصير) فوضعه في بطنِها، واتَّكأ عليها فقتلها، فوقع بين رجليها طِفلٌ، فلطخت ما هنالك بالدَّمِ، فلمَّا أصبح ذُكِرَ ذلك لرسولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- فجمع النَّاسَ, فقال: "أنشدُ الله رجلاً فعلَ ما فعلَ، لي عليه حقٌّ، إلا قام فقام" الأعمى يتخطَّى النَّاسَ،- وهو يتزلزلُ- حَتَّى قعدَ بين يديِّ النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-, فقال: يا رسولَ اللهِ, أنا صاحبُها، كانت تشتمك وتقعُ فيك, فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، ولي منها ابنانِ مثلُ اللؤلؤتين، وكانت بي رفيقةً، فلمَّا كانت البارحة جعلت تشتمك وتقعُ فيك، فأخذتُ المِغْوَلَ فوضعتُهُ في بطنِها، واتكأت عليها حَتَّى قتلتها، فقال النَّبيُّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (ألا اشهدوا أنَّ دَمَهَا هَدَرٌ) سنن أبي داود (4361) والنَّسائيُّ (7/107-108), صحيح أبي داود" رقم (3666).
وقد وردَ عن أبي برزة الأسلميِّ، قال: أغلظَ رجلٌ لأبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، قالَ: فقال: أبُو بَرَزة: ألا أضربُ عُنقَهُ؟ قال: فانتهرَهُ أبو بكر، وقال: ما هي لأحدٍ بعدَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
رواه أحمد,وصححه أحمد شاكر, المسند (1/55).
17- اختصاصُهُ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ لا يُوْرَثُ ,وما تركَهُ صدقةٌ:
الأنبياء عليهم الصلاة والسلام-سفراءُ الله إلى عبادِهِ، وحَمَلةُ وحيه، مهمتهم إبلاغُ رسالاتِ اللهِ إلى عبادِهِ, والدَّعوة إلى اللهِ وإصلاحِ النفوس وتزكيتها، وتقويم الفكر المنحرفِ والعقائد الزائفة، وإقامة الحجة وسياسة الأمَّة ,فلم تكن وظيفتُهم اختزانَ الأموالِ ولا توريث التُّراثِ، وإنما ورَّثوا عِلْماً وشرعاً، وبلاغاً للنَّاسِ, فذلك ميراثُهم, وهو خيرُ ميراثٍ(2).ودليل ذلك قولُ الرَّسُول-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: (لا نُورثُ , ما تركناه صدقة) البُخاريُّ مع الفتح, برقم (6730) ( 12/ 8 ) كتاب الفرائض باب قول النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - لا نورث ,ما تركنا صدقة.
وهذا مهم من خصائصه -صلوات الله وسلامه عليه-، وكذلك الأنبياء -عليهم السلام- , وهذا اختصَّ به دُونَ أمتِهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-من أنه لا يُورث, وأنَّ ما تركه صدقةٌ.نضرة النعيم (1/516).

18- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بإخراجِ حظِّ الشَّيطانِ منه:
عن أنس بن مالك" أنَّ رسولَ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أتاه جبريلُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- وهو يلعبُ مع الغِلمان، فأخذه فصرعه فشقَّ عن قلبِهِ، فاستخرج القلبَ فاستخرج منه علقةً. فقال: هذا حظُّ الشَّيطانِ منك. ثم غسله في طستٍ من ذهب بماءِ زمزم، ثم لأَمَهُ (أي جمع وضمَّ بعضَه إلى بعضٍ) ثم أعاده في مكانِهِ, وجاء الغلمانُ يسعون إلى أمِّهِ (يعني ظئره) وهي المرضعة, فقالوا: إنَّ مُحمَّداً قد قُتِلَ. فاستقبلوه وهو مُنتقع اللون قال أنس: وقد كنتُ أرى أثرَ ذلك المخيطِ في صدرِهِ". صحيح مسلم، كتاب الإيمان, باب الإسراء برسولِ اللهِ- صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-, رقم الحديث (162) ( 1/ 145)
19- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -بأنه لا ينبغي أنْ تكون له خائنةُ أعينٍ:
وعن أنس بن مالك في حديث طويل قال: يا أبا حمزة، غزوت مع رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ؟ قال: نعم، غزوت معه حنيناً، فخرج المشركون فحملوا علينا حَتَّى رأينا خيلنا وراء ظهورها وفي القوم رجلٌ يحمل علينا فيدقمنا ويحطمنا، فهزمهم الله، وجعل يجاء بهم فيُبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب النَّبيّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: (إن عليَّ نذراً إن جاء الله بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه، فسكت رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -وجيء بالرجل، فلما رأى رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ، قال: يا رسول الله، تبت إلى الله، فأمسك رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -لا يُبايعه ليفي الآخر بنذره قال: فجعل الرجل يتصدَّى لرسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -ليأمره بقتله، وجعل يهاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أن يقتله، فلما رأى رسول الله -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -أنه لا يصنع شيئاً بايعه، فقال الرجل: يا رسول الله نذري، فقال: "إني لم أُمسك عنه منذ اليوم إلا لتُوفي بنذرك" فقال: يا رسول الله ألا أومضتَ إليَّ؟ فقال النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: "إنه ليس لنبي أن يُومض" أي الرمز بالعين والإيماء بها-. رواه أبو داود في سننه كتاب الجنائز. باب أن يقوم الإمام من الميت إذا صلّى عليه. رقم (3194) وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/301).
20- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ مَنْ سَبَّهُ رسولُ اللهِ؛ فإنَّ ذلكَ يكونُ قُربةً له:

فعن أبي هُرَيْرة -رَضيَ اللهُ عنهُ- أنه سمع النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-, يقولُ:"اللهم فأيما مؤمن سببته, فاجعلْ ذلك له قُربةً إليكَ يومَ القيامةِ" البُخاريُّ الفتح (11/175) رقم (6361) كتاب الدعوات باب قول النَّبيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ من آذيته,فاجعله له زكاةً ورحمةً .
21- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بأنَّ الصَّدقةَ مُحرَّمةٌ عليهِ وعلى آلِهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
عن أبي هُرَيْرة-رَضيَ اللهُ عنهُ-, قال: (أخذ الحسنُ بن علي -رَضيَ اللهُ عنهُما- تمرةً من تمرِ الصَّدَقةِ فجعلها في فيهِ، فقالَ النَّبيُّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: "كِخْ، كخ"، ليَطرحها, ثم قال:" أَمَا شَعرتَ أنّا لا نأكلُ الصَّدقةَ؟" البُخاريُّ مع الفتح (3/414), رقم الحديث (1491), كتاب الزكاة, باب ما يُذكر في الصَّدقةِ.
22- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنه لا يأكلُ البصلَ أو الثَّومَ أو البُقُولَ التي تُثيرُ رائحةً مكروهة:

قال البُخاريّ حدثنا سعيد بن عفير قال حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب زعم عطاءُ أن جابر بن عبد الله زعم أن النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- قال: ( "من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا." أو قال: "فليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته"، وأن النَّبيّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- أتي بقدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحاً، فسأل فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قرِّبوها إلى بعض أصحابه كان معه- فلما رآه كره أكلها قال: "كل، فإني أُناجي من لا تناجي". البُخاريّ- الفتح (2/395) رقم (855) كتاب الأذان. باب ما جاء في الثوم والبصل..
23- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- بأنَّهُ لا يجوزُ التزوجُ بنسائِهِ بعدَ موتِهِ.

قالَ اللهُتعالى-:{وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ, وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً, إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا} (53) سورة الأحزاب.
ولقوله-تعالى-: {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } (6) سورة الأحزاب. فلا يجوزُ لرجلٍ أنْ ينكحَ أُمَّهُ, والعلم عند الله. راجع:كتاب "كشف الغمة ببيان خصائص رسول الله والأمة": تأليف/أبي الحسن المأربي, ص318..
24- اختصاصُهُ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-بجوازِ التبركِ بشعرِهِ وريقِهِ الشَّريفِ.
فعن أنس -رَضيَ اللهُ عنهُ- قال: لما رمى رسولُ اللهِ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- الجمرةَ، ونَحَرَ نُسكَهُ ,وحَلَقَ, ناول الحالق شقَّهُ الأيمن فحلقه، ثم دعى أبا طلحة الأنصاري، فأعطاه إيَّاهُ, ثم ناوله الشقَّ الأيسرَ، فقالَ: (احلقْ) فحلقَهُ، فأعطاه أبا طلحة، فقالَ: "اقسمْهُ بين النَّاسِ" البُخاريُّ( 1/ 328)كتاب الوضوءباب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان . (170-171),ومسلم (1305) ( 2/ 947 ) كتاب الحج باب بيان أنَّ السنة يوم النحر أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق ولا يبدأ في الحلق بالجانب الأيمن من رأس المحلوق.

 

المارد

بيلساني عميد

إنضم
Dec 3, 2008
المشاركات
3,270
مستوى التفاعل
34
المطرح
سوريا
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الله - عَزَّ وجَلَّ - خصَّ هذه الأمة المسلمةَ بخصائصَ عظيمةٍ وجليلةٍ عن سائرِ الأُمم، وإنَّ الله أفردَها وميزَّها عن بقيةِ الأُممِ، فالمتأمِّلُ لهذه الأمةِ, وما خَصَّها اللهُ - عَزَّ وجَلَّ - به من الخصائصِ يجد العَجَبَ العُجَابَ؛ لما حباه اللهُ لهذه الأمة عن غيرِها فكانت من أفضلِ الأُممِ، وكان رسولهُا أفضلَ الرُّسلِ, ودينُها أحسنَ الأديانِ، فهي أمةٌ مخصوصةٌ ومصطفاه، وإننا في هذا السياق سنذكر ما تيسَّر ذكرُهُ من الخصائص التي خصَّها الله - عَزَّ وجَلَّ - لهذه الأمة عن غيرِها من الأُممِ السَّابقةِ، وإليك هذه الخصائصَ:
1 - اختصاصها بالخيرية:
قالَ اللهُ - عَزَّ وجَلَّ -: {كنتم خير أمةٍ أخرجت للناس} آل عمران 110.
وعن بَهْزِ بنِ حَكِيمٍ عن أبيه عن جَدِّه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (نُكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها وخيرُها) رواه ابن ماجه (4288), وصححه الألباني ي "صحيح سنن ابن ماجه" (2/2426/1433) رقم 4287.
2 - اختصاصها بأنها لا تجُمع على ضلالة
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضيَ اللهُ عنهُ - مرفوعاً: أنَّ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبداً, ويدُ اللهِ على الجماعةِ) الحاكم في المستدرك (1/116).
وعن ابن عمر مرفوعاً: (لا يجمعُ اللهُ هذه الأمةَ على ضلالةٍ، ويدُ اللهِ مع الجماعةِ، وعليكم بالسَّوادِ الأعظمِ, ومَنْ شَذَّ شَذَّ في النَّارِ) أخرجه الحاكم (1/115).
وقد ثبت عن أبي مسعود أنه قال: ( عليكم بالجماعة فإنه الله لا يجمع أمةَ مُحمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - على ضلالة) أخرجه ابن أبي عاصم في كتاب السنة (1/41 - 42) .
3 - اختصاصها أنها أول الأمم دخولاً الجَنَّة:
عن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أول زمرة تلج الجَنَّة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يتمخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذّهب، أمشاطهم من الذهب والفضة، ومجامرهم الألوة، ورشحهم المسك، ولكل واحدٍ منهم زوجتان يُرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم قلب واحدٌ، يسبحون الله بكرةً وعشياً) البُخاريُّ - الفتح (6/367) رقم الحديث (3245) كتاب بدء الخلق, باب ما جاء في صفة الجَنَّة وأنها مخلوقة.
وعن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجَنَّة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له (قال يوم الجمعة) فاليوم لنا، وغداً لليهود، وبعد غدٍ للنّصارى) صحيح مسلم (2/585 - 586) رقم (855), كتاب الجمعة, باب هداية هذه الأمة ليوم الجمعة.
4 - اختصاصها بالوسطية والشهادة على النَّاس:
قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاس} (143) سورة البقرة
وعن أبي سعيدٍ - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (يجيء نوحُ وأمته، فيقول الله - تعالى-: هل بلغت؟ فيقول: نعم، أي ربِّ!! فيقول لأمته: هل بلّغكم؟ فيقولون: لا، ما جاءنا من نبيّ!! فيقولُ لنوح: من شهد لك؟ فيقول: مُحمَّد - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - وأمته، فنشهد أنه قد بلغ، وهو قوله - جَلَّ ذكره -: (وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على النَّاس)(143: البقرة)، البُخاريُّ الفتح (6/427) رقم (3339) كتاب الأنبياء قول الله : (ولقد أرسلنا نوحاً...) الآية.
5 - اختصاصها بأنها أكثر الأمم دخولاً الجَنَّة:
عن عبد الله بن مسعود - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: (كنا مع النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - في قبة فقال: أترضون أن تكونوا رُبع أهل الجَنَّة؟ قلنا: نعم، قال: أترضون أن تكونوا شطر أهل الجَنَّة؟ قلنا: نعم، قال: والذي نفس مُحمَّد بيده إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجَنَّة، وذلك أن الجَنَّة لا يدخُلها إلا نفسٌ مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر) البُخاريّ الفتح (11/385) رقم (6528) كتاب الرقاق باب الحشر.
وعن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (أهل الجَنَّة عشرون ومئة صف؛ ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم) رواه ابن ماجه (2/1433 - 1434) و تحفة الأحوذي (7/254 - 255) وهو صحيح لطرقه.
6 - اختصاصها أن مرض الطاعون شهادة لها:
عن عائشة - رَضيَ اللهُ عنهُا - زوجِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قالت: سألتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - عن الطاعون، فأخبرني أنه عذابٌ يبعثه اللهُ على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحدٍ يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لا يُصيبه إلا ما كتب اللهُ له إلا كان له مثل أجر شهيد. البُخاريُّ - الفتح (6/593) رقم (3474) كتاب الأنبياء.
وعن أنس بن مالك - رَضيَ اللهُ عنهُ - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (الطاعون شهادة لكل مسلم) البُخاريّ مع الفتح رقم (2830) كتاب الأنبياء، باب الشهادة سبع سوى القتل.
وعن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: (بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوكٍ على الطريق فأخَّره، فشكر الله له، فغفر له) ثم قال: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله) البُخاريُّ الفتح (652 - 653) كتاب الأذان ( 2/ 163) باب فضل التهجير إلى الظهر.
7 - اختصاصها بأن صفوفها كصفوف الملائكة
عن حذيفة - رَضيَ اللهُ عنهُ - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (فُضِّلنا على النَّاس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض مسجداً وتربتها طهوراً، وأعطيت آخر سورة البقرة فهن من كنز تحت العرش) صحيح مسلم (1/371) رقم (522) كتاب المساجد.
8 - اختصاصها بأن سبعين ألفاً منها يدخلون الجَنَّة بغير حساب:
عن عمران بن حصين - رَضيَ اللهُ عنه - قال: (لا رقية إلا من عين أو حُمةٍ) فذكرته لسعيد بن جبير فقال: حدثنا ابن عَبَّاسٍ قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - : (عُرضت عليّ الأمم، فجعل النَّبيّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ والأنبياء يمرون معهم الرهط، والنَّبيّ ليس معه أحد، حَتَّى رُفع لي سواد عظيم، قلت: ما هذا؟ أمتي هذه؟ قيل: بل هذا موسى وقومه، قيل: انظر إلى الأفق، فإذا سواد يملأ الأفق!! ثم قيل لي: انظر هاهنا وهاهنا - في آفاق السماء - فإذا سواد قد ملأ الأفق قيل: هذه أمتك، ويدخل الجَنَّة من هؤلاء سبعون ألفاً بغير حساب...) الحديث. البُخاريُّ الفتح (10/164) رقم (5705) كتاب الطب باب من اكتوى أو كوى غيره , وفضل من لم يكتو.
وعن سهل بن سعد - رَضيَ اللهُ عنهُ - أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (ليدخُلنَّ الجَنَّة من أمتي سبعون ألفاً، أو سبعمائة ألفٍ - لا يدري أبو حازم أيهما قال - متماسكون، آخذُ بعضهم بعضاً، لا يدخل أولهم حَتَّى يدخل آخرهم، ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر) صحيح مسلم :(1/198 - 199) رقم (219) كتاب الأيمان, باب موالاة المؤمنين, ومقاطعة غيرهم, والبراء منهم.
9 - اختصاصها بأنها كالغيث لا يدري أوله خير أم آخره:
عن أنس - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: ( مثل أمتي مثل المطر لا يُدرى أوله خير أم آخره) أخرجه التِّرمذيُّ، وقال: حسن (2869)، وقال الشيخ الألباني - في المشكاة -: صحيح لطرقه (المشكاة 6277).
10 - اختصاصها بصلاة العشاء:
عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: أبقينا النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - في صلاة العَتَمَة فأخرى حَتَّى ظنَّ الظان أنه ليس بخارج والقائل منّا يقول: صلّى، فإنّا لكذلك حَتَّى خرج النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - ، فقالوا له كما قالوا، فقال: (أَعتِموا بهذه الصلاة، فإنكم قد فُضِّلتُم بها على سائر الأمم، ولم تُصلِّها أمةٌ قبلكم) صححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1/85) رقم (421).
11 - اختصاصها بأن الله جعل لها الأرض مسجداً وطهوراً:
عن جابر بن عبد الله - رَضيَ اللهُ عنهما - قال: (أُعطيتُ خمساً لم يُعطهن أحدٌ قبلي: نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجلٍ من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ..) الحديث, البُخاريُّ - الفتح (11/519) رقم (335) كتاب التيمم.
وفي رواية أخرى عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - عام غزوة تبوك قام يصلي، فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه، حَتَّى إذا صلى انصرف إليهم فقال لهم: (لقد أعطيت خمساً ما أعْطيهنّ أحد قبلي - وذكر منها -: وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً...) الحديث. مسند أحمد مع شرح أحمد شاكر (12/25 - 26) رقم (7068) وقال: إسناده صحيح.
12 - اختصاصها أن الله جعل لها التيمم عند عدم الماء:
خصَّ اللهِ - عَزَّ وجَلَّ - هذه الأمة بهذا الأمر، وإنْ دل فإنما يدل على تفضيل الله لهذه الأمة على من سبقها؛ لأنه لم يُشرع في حقهم التيمم، وهذا يدل على سعة رحمة الله بهذه الأمة، وأنه ما شرع لهم إلا الخير والبركة واليُسر، ولم يشدد عليهم كما شدد على بني إسرائيل وغيرهم من الأمم السابقة المتمردة كما قال - سبحانه -: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} الآية. راجع القول الأحمد في خصائص أمة مُحمَّد.
وعن أبي ذر - رَضيَ اللهُ عنهُ - مرفوعاً فيه ذكر طهور المسلم: (إن الصَّعيد الطيب وضوء المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليَمسَّه بشرته فإن ذلك خير) رواه أبو داود رقم (332)، وقال حسن صحيح كتاب الطهارة، صحيح أبي دواود (صحيح) والله أعلم.
13 - اختصاصُها بأنها تأتي يوم القيامة وهُمْ غرٌّ من السجود مُحجَّلُون من الوضوء:
عن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (ترد عليّ أمتي الحوض، وأنا أذود النَّاس عنه كما يذود الرّجل إبل الرّجل عن إبله) قالوا: يا نبي الله! أتعرفنا؟ قال: ( نعم، لكم سيما ليست لأحدٍ غيركم، تردون عليّ غرّاً محجَّلين من آثار الوضوء...) الحديث. صحيح مسلم (1/217) رقم (247) كتاب الطهارة باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء.
وكذلك حديث: (ما من أحدٍ مِنْ أُمَّتي إلا وأنا أعرفه يومَ القيامة)، قالوا: كيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق؟ قال: (أرأيت لو دخلت صبرة فيها خيل دُهم بُهم، وفيها فرس أغر مجمل، أما كنت تعرفه منها؟ قال: بلى، قال: فإن أمتي يومئذٍ غر من السجود مُحجَّلُون من الوضوء) أخرجه أحمد بسند صحيح, والتِّرمذيُّ
14 - اختصاصها بأنَّ عيسى - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - يُصلِّي وراء ولي من هذه الأمة:
عن جابر بن عبد الله - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - يقولُ: (لا تزال طائفةٌ من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال فينزل عيسى ابن مريم - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - فيقول أميرهم: تعال صَلِّ لنا!! فيقولُ: لا إن بعضكم على بعضٍ أمراءٌ تكرمة الله هذه الأمة) صحيح مسلم ( 3/ 1524) رقم 1037 كتاب الإمارة باب قوله - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم - لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم.
15 - اختصاصها بيوم الجمعة:
عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبعٌ لنا يوم القيامة، ونحن الآخرون من أهل الدُّنيا والأولون يوم القيامة، المقضيُّ لهم قبل الخلائق) راجع : كتاب"صحيح الترغيب والترهيب" (ص701).
وعن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - أنه سمَع رسولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - يقول: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، ثمَّ هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله، فالنَّاس لنا فيه تبعُ: اليهود غداً، والنصارى بعدَ غدٍ) البُخاريُّ - الفتح (2/412) رقم (876) كتاب الجمعة باب فرض الجمعة.
16 - اختصاصها بأن الله أحلَّ لها الغنائم:
عن جابر - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: ( أُعطيت خمساً لم يُعطهن أحد من الأنبياء: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي الغنائم ولم تحلّ لأحد قبلي، وأُعطيت الشفاعة، وكان النَّبيّ يبُعث إلى قومه خاصَّة وبُعثت إلى النَّاس عامة) البُخاريُّ - الفتح (1/519), رقم الحديث 335 كتاب التيمم.
وعن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قال النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (غزا نبيٌّ من الأنبياء فقال لقومه: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأةً وهو يريد أن يبني بها ولمّا يبنِ بها، ولا أحد بنى بيوتاً ولم يرفع سقوفها، ولا آخر اشترى غنماً أو خلفات وهو ينتظر ولدها، فغزا فدنا من القرية صلاة العصر أو قريباً من ذلك فقال للشمس: إنَّك مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علينا، فحُبست حَتَّى فتح الله عليهم، فجمع الغنائم، فجاءت يعني النار لتأكلها فلم تطعمها، فقال: إن فيكم غلولاً فليبايعني من كل قبيلة رجل، فلزقت يد رجل بيده، فقال: فيكم الغلول، فجاءُوا برأس بقرة من الذهب فوضعها، فجاءت النار فأكلتها، ثم أحل الله لنا الغنائم، رأى ضعفنا وعجزنا فأحلَّها لنا) البُخاريُّ - الفتح (6/254) رقم (3124) كتاب الخمس, باب قول النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: أحلت لكم الغنائم.
17 - اختصاصها بأن الله أحلَّ لها بعضَ الأطعمة:
فعن ابن عمر - رَضيَ اللهُ عنهما - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (أُحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال) رواه أحمدُ (2/92) وابن ماجه (3314) .
18 - اختصاصها بأن قُبض رسولها - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قبلها:
عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (إن الله - عَزَّ وجَلَّ - إذا أراد رحمة أمةٍ من عباده قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطاً (أي المتقدم إلى الماء ليهيء السقى)، وسلفاً بين يديها، وإذا أراد هلكة أمةٍ عذَّبها ونبيها حيّ، فأهلكها وهو ينظرْ، فأقرَّ عينهُ بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره) صحيح مسلم رقم (2288) (4/1792) كتاب الفضائل باب إذا أراد الله رحمة أمة قبض نبيها قبلها.
وهذا من خصائص أمة مُحمَّد - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -، فإنه ما من نبي من الأنبياء إلا رأى عذاب قومه بعينه، أو حصل لهم عذاب وهو حي بين ظهرانيهم ابتداء من نوح - عليه السلام - وقد دعا على قومه، فاستجاب الله له فأهلكهم جميعاً حَتَّى ابنه، وكذلك قوم لوط حَتَّى امرأته كانت من الغابرين، وقوم شعيب أخذتهم الرجفة، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - أن كل نبي تعجل دعوته على قومه في الدُّنيا إلا النَّبيّ مُحمَّد - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قد خبأ دعوته لأمته إلى يوم القيامة، وغيرها من الأحاديث التي تدل على هذه الخصيصة من خصائص أمة مُحمَّد. أ.هـ. نقلاً من "القول الأحمد في خصائص أمة مُحمَّد" بتصرف (85 - 87).
19 - اختصاصها بكثرة أنواع الشهادة:
امتن الله على هذه الأمة بأن جعل أنواع الشهداء فيها كثير بعد أن كان الشهيد في الأمم السابقة هو الذي استشهد في المعركة فقط، ويدل على ذلك ما رواه مسلم عن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنه - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (ما تعدون الشهيد فيكم؟) قالوا: يا رسول الله! من قتل في سبيل الله فهو شهيد!! قال: (إنَّ شهداء أمتي إذاً لقليل)!! قالوا: فمن هم يا رسول الله؟! قال: (من قُتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، وفي لفظ (والغريق شهيد) صحيح مسلم (3/1521) رقم (1915) كتاب الإمارة باب بيان الشهداء.
وفي هذا الحديث قرينه تدل على أن الأمم السابقة لم يعطهم الله - جل وعلا - أنواع الشهادة التي مرت خلا القتل في سبيل الله، والقرينة هي كلمة (أمتي) فهي مشعرة باختصاص هذه الأمة بهذه الأنواع من الشهادات. القول الأحمد ص95.
20 - اختصاصها بأنها أمة أقل عملاً وأكثر أجراً:
عن ابن عمر - رَضيَ اللهُ عنهُما - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (مثلكم ومثلُ أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أُجراءَ فقال: مَن يعمل لي من غدوة إلى نصف النَّهار على قيراطٍ؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النّهار إلى صلاة العصر على قيراطٍ؟ فعملت النصارى، ثم قال من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمسُ على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى فقالوا: ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاءً؟ قال: هل نقصتكم من حقكم؟ قالوا: لا، قال: فذلك فضلى أوتيه من أشاء) البُخاريُّ الفتح ( 4/ 521) (2268) كتاب الإجارة باب الإجارة إلى نصف النهار.
ومن ذلك حديث البراء - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: ( أتى النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - رجلٌ مقنَّع بالحديد فقال: يا رسول الله أقاتل أو أسلم؟ قال: أسلم، ثم قاتل!! فأسلم ثمّ قاتل فقُتل، فقالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: عمل قليلاً وأجر كثيراً) البُخاريُّ مع الفتح رقم (2808) كتاب الجهاد والسير ( 6/ 30 ) باب عمل صالح قبل القتال.
21 - اختصاصها بأنهم شهداء الله في الأرض:
وهذه خاصية عظيمة انفردت بها أمة مُحمَّد - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - من دون الأمم بفضل ربها - سبحانه وتعالى -. القول الأحمد (ص127).
ويوضح هذه الخاصية حديث عبد العزيز بن صهيب قال: سمعتُ أنس بن مالك - رَضيَ اللهُ عنهُ - يقول: (مرُّوا بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: وجبتْ!!، ثم مرُّوا بجنازة فأثنوا عليها شراً فقال: وجبتْ!! فقال عمر بن الخطاب - رَضيَ اللهُ عنه -: ما وجبت؟، قال: هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبتْ له الجَنَّة، وهذا أثنيتم عليه شراً فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض) البُخاريُّ - الفتح (1367)، كتاب الجنائز ( 3 : 270 ) باب ثناء النَّاس على الميت.
22 - اختصاصها بالعذر بالإكراه

العذر بالإكراه من خصائص أمة مُحمَّد - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -، فقد وضع الله - سبحانه وتعالى - عن هذه الأمة ما أُكرهت وأُجبرت على فعله، وأسقط عنها - جلَّ وعلا - الإثمَ والحرج بذلك، فلم يؤاخذها على الفعل. القول الأحمد (ص133).
يشهد لهذا حديث ابن عَبَّاسٍ - رَضيَ اللهُ عنهُما - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه) صحيح ابن ماجه رقم (2045) (1/348) وقال الألباني: صحيح.
وعن أبي هُرَيْرة - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (إنَّ الله تجاوز لأمتي عمّا توسوس به صدورُها ما لم تعمل به، أو تتكلم به، وما استُكرهوا عليه) صحيح ابن ماجه رقم (2044) المصدر السابق.
23 - اختصاصها بأنها أول الأمم إجازة على الصراط:
وقد أكرم الله هذه الأمة بأن تمر على الصراط قبل الأمم جميعاً، وفي الحديث الطويل عن أبي هُرَيْرة - رضي الله عنه -: (... ويضرب الصراط بين ظهري جهنم فأكون أنا وأمتي أوّل من يجيز، ولا يتكلم يومئذٍ إلا الرسل... الحديث) صحيح مسلم رقم (182) (1/163 - 164) كتاب الإيمان.
24 - اختصاصها بأنها أول من تحاسب:
ومما خصَّ اللهُ - سبحانه وتعالى - أُمَّةَ مُحمَّد - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - وفضَّلها به على غيرِها من الأُممِ أنَّ الله - جَلَّ وعَلا - جعلها أول مَن يُحاسبُها ويُقدِّمها على غيرِها على الرغمِ مِن أنها آخرُ الأُممِ التي أخرجَها اللهُ للنَّاسِ. القول الأحمد ص185.
ويدلُّ على ذلكَ حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضيَ اللهُ عنهُما - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (نحن آخرُ الأمم، وأول مَن يُحاسب، يُقال: أين الأمة الأميةُ ونبيها؟ فنحن الآخرون الأولون) صحيح ابن ماجه للألباني رقم (4290) وقال: صحيح، وانظر:" السلسلة الصحيحة" (2374)
25 - اختصاصها بأن الكافر فداء للمسلم يوم القيامة:
ومما أكرم اللهُ - جَلَّ وعَلَا - به هذه الأمةَ وخصَّها يومَ القيامةَ أنْ جعلَ كلَّ كافرٍ فداءً لكلِّ مُسلمٍ من النَّارِ. القول الأحمد (209).
فعن أنسِ بن مالكٍ - رضي الله عنه - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (إنَّ هذه الأمة مرحومةٌ، عذابها بأيديها، فإذا كان يوم القيامةِ دُفِعَ إلى كلِّ رجلٍ من المسلمين رجلٌ من المشركين فيُقالُ: هذا فِداؤك من النَّارِ) صحيح ابن ماجه رقم (4292) وقال الألباني :صحيح. انظر السلسلة الصحيحة رقم (959 و 1381).
26 - اختصاصها بالسلام والتأمين:
ومن خصائص هذه الأمة أنْ خصّها اللهُ - جَلَّ وعَلَا - بخصيصتين: السلام, والتأمين؛ من دون الأمم. القول الأحمد (ص35).
فعن عائشة - رَضيَ اللهُ عنهُا - عن النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ - قال: (ما حسدتكم اليهودُ على شيءٍ ما حسدتكم على السَّلامِ والتأمين) صحيح ابن ماجه رقم (856)، والسلسلة الصحيحة رقم (691).
27 - اختصاصها بأنها أمةٌ محفوظةٌ من الهلاكِ والاستئصالِ:
فعن ثوبان - رَضيَ اللهُ عنهُ - قال: قالَ رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ -: (إنَّ الله زَوَى لي الأرضَ فرأيتُ مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكُها ما زُوي لي منها، وأُعطيت الكنزين الأحمر والأبيض, وإني سألت ربي لأمتي أن لا يُهلكها بسنةٍ عامةٍ، وأن لا يُسلِّط عليهم عدواً من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإنَّ ربي قال: يا مُحمَّدُ إني إذا قضيتُ قضاءً فإنَّهُ لا يُردُّ، وإني أعطيتُك لأمتك أنْ لا أهلكهم بسنةٍ عامةٍ, وأنْ لا أسلطَ عليهم عدواً مِن سوى أنفسِهم يستبيحُ بيضتَهم ولو اجتمعَ عليهم مَن بأقطارِها حَتَّى يكونَ بعضُهم يُهلك بعضاً، ويسبي بعضُهم بعضاً) رواه مسلم رقم (2889).
والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ يتبع ان شاء الله
 

§ أبو المر §

بيلساني فعال

إنضم
Jun 28, 2008
المشاركات
110
مستوى التفاعل
87
المطرح
مع احلى قمر بلبلد
مجهود رائع أخي المارد جزاك الله كل خير :24:

:8::8::8::8::8::8::8::8::8:
:8::8::8::8::8::8::8::8:
 

البحر الهائج

بيلساني لواء

إنضم
Feb 18, 2009
المشاركات
4,842
مستوى التفاعل
38
المطرح
في بحر الجميلات هائج
الله يعطيك العافية ويجزيك كل الخير خيو :24::24:
 
أعلى