ميلو الكروتوني .. الأساطير المؤلمة للأبطال الأولمبيين القدماء

B.A.R.C.A

مشرف

إنضم
Mar 17, 2011
المشاركات
14,481
مستوى التفاعل
73
المطرح
.: U . A . E :.
كما هو الحال مع كارل لويس أو مارك سبيتز أو إميل زاتوبيك .. كان في العصور القديمة أبطال رياضيين ارتبطت إنجازاتهم الباعثة للفخر بالأسطورة الأبدية للألعاب الأولمبية.

وبالتدريج ذهبت أسماء هؤلاء الأبطال طي النسيان وحلت مكانها أسماء جديدة. ولكن الحقيقة هي أنه قبل قرون طويلة كان هناك أبطال يسعون بشغف كبير وراء الفوز ، أبطال استثمروا كل أنفاسهم من أجل النصر ورجال أقوياء سعوا وراء الشهرة في مجال الرياضة.

كان ميلو الكروتوني من أكثر الرجال احتراما وإعجابا في عصره. وبإحرازه ستة ألقاب أولمبية ، أصبح نجما استثنائيا في المصارعة التي تم إدراجها بالألعاب الأولمبية في عام 706 قبل الميلاد وأصبح لها وزنا كبيرا لاحقا في المنافسات الأولمبية مثل ألعاب القوى وسباقات عربات الخيول.

وسرعان ما تميز ميلو المولود في كروتون ، مستعمرة يونانية بجنوب إيطاليا ، في فنون المصارعة وفاز بالنسخة الشبابية للألعاب في عام 540 قبل الميلاد. وبعدها أحرز ميلو لقب مسابقة المصارعة خمس مرات متتالية على مستوى أولمبياد الكبار فيما بين عامي 532 و516 قبل الميلاد قبل أن يخسر اللقب لمصلحة مصارع شاب بعد أربعة أعوام عندما كان عمره يتجاوز الأربعين عاما على الأرجح.

ومن الواضح أن ميلو كان يحب استعراض قوته. فهناك على سبيل المثال القصة الشهيرة التي تحكي أنه في مرة ما أمسك بثمرة رمان في إحدى يديه ثم دعا أصدقاءه لمحاولة انتزاعها من يده. فلم يتمكن أحد من انتزاع الثمرة التي لم تتعرض لأي أعطاب رغم أن ميلو لم يفلتها من يده على الإطلاق.

وتقول الأساطير الإغريقية ، إن ميلو قاد كروتون للانتصار على جيرانها في ميدان المعركة واضعا تيجانه الأولمبية على رأسه ومرتديا جلد أسد مثل هرقل.

أما رياضة البانكراتيون ، وهي مزيج من الملاكمة والمصارعة ، فقد كانت لا تقل شراسة عن ساحة المعركة. وتم إدراج هذه اللعبة ضمن الألعاب الأولمبية في عام 648 قبل الميلاد وكانت قائمة المحظورات فيها مقتصرة على العض والخدش. أما الضرب والركل والخنق فقد كانوا من أبرز الأدوات المستخدمة في نزال البانكراتيون والذي لم يكن ينتهي سوى باستسلام أحد المصارعين.

وفي عام 564 قبل الميلاد ، اكتسب أريخيون القادم من مدينة فيجاليا مكانة شرفية لنفسه بين الأساطير الأولمبية ودفع حياته نفسها ثمنا لها. فقد تمكن المصارع البطل من إجبار منافسه على الاستسلام عن طريق كسر أحد أصابع قدمه ولكنه نفسه اختنق حتى الموت في هذه الأثناء.

ولم تكن الألعاب الأولمبية القديمة تعني كثيرا بالقيم التي سعى الفرنسي بيير دو كوبرتين لنشرها عندما أعاد تقديم الحدث الرياضي الهائل من جديد في عام 1896 .

وكانت سباقات العربات التي تجرها الخيول من أبرز معالم الألعاب الأولمبية القديمة وفرصة النساء الوحيدة آنذاك للفوز بلقب أولمبي باعتبار أن جوائز هذه السباقات كانت تذهب لمالكي الخيول. كما أنها كانت الرياضة الأكثر عرضة لتدخلات وانتهاكات الحكام الساعين لتحقيق المجد.

فقد فاز الإمبراطور الروماني تيبريوس بهذه المسابقة في العام الرابع قبل الميلاد ، أما الإمبراطور الروماني الشهير نيرون فقد قدم دورة أولمبية زائفة في عام 67 ميلاديا حيث أحرز ستة ألقاب أولمبية في سباقات الخيول وغيرها. والطريف أن نيرون أحرز أيضا لقب سباق عربات الخيول المرموق رغم سقوطه من فوق عربته خلال السباق.

وفي هذا العصر ،كما فى الفترة ما بين عامي 600 و400 قبل الميلاد ، كانت الألعاب الأولمبية حدثا مهما اجتمعت عليه اليونان كلها وبعدها الرومانيون أيضا.

وتم تمديد فترة الدورة الأولمبية الواحدة عبر القرون بداية من يوم واحد إلى خمسة أيام ، وكانت الهدنة الأولمبية تسمح للمتسابقين والجماهير على حد سواء بالسفر من وإلى مدينة أولمبيا في أمان.

وجلبت الطبيعة الأولمبية الأخاذة معها بالتأكيد أولى محاولات تقديم الرشى في القرن الرابع قبل الميلاد. وبعدها ، أصبح العديد من اللاعبين الرياضيين محترفين حيث بدأ الأبطال الأولمبيون يتقاضون مبالغ مالية نظير مشاركتهم في بطولات أخرى بناء على الشهرة التي حققوها من المنافسة في الأولمبياد.

وأقيمت أول دورة أولمبية ، والتي تم إهداؤها إلى آلهة جبل أوليمبوس ، عام 776 قبل الميلاد على الأراضي المنبسطة لمدينة أولمبيا حيث توجد معابد الإلهين زيوس وهيرا.

وكان على الرياضيين الإغريق الأوائل ، الذين كانوا يمثلون مدنهم ويتنافسون فقط من أجل تحقيق المجد والفوز بغصن زيتون ، أن يمروا على عملية اختيار صارمة. حيث كان المرشحون للمشاركة في الأولمبياد يلتقون في مدينة أولمبيا ويتدربون لمدة عشرة أشهر قبل أن تقرر لجنة تحكيم أيهم يستحق المشاركة في الأولمبياد. ولم تكن القدرات البدنية هي المعيار الوحيد لاختيار الرياضيين الأولمبيين حيث كانت عوامل أخرى مثل الأسرة والشخصية تؤخذ بعين الاعتبار.

وتضمنت النسخة الأولى من الألعاب الأولمبية سباقا واحدا يمتد لمسافة 600 قدم (192 مترا) عبر الاستاد. ويقول المؤرخون إن هذه المسافة تم تحديدها بعدما قطعها هرقل ، إله القوة البدنية عند الإغريق ، في إيماءة واحدة. وأحرز لقب هذا السباق العداء كورويبوس من إليس الذي احتاج بالتأكيد لبذل جهد أكبر من مجرد إيماءة لتجاوز خط النهاية.

واستغرق الأمر سنوات طويلة وصولا إلى النسخة 14 من الأولمبياد ليرى الناس سباقا آخرا بخلاف سباق العدو في الاستاد ، وغطى هذا السباق طول الاستاد مرتين بما أن شكل الاستاد لم يكن بيضاويا.

وفي نسخ لاحقة من الأولمبياد ، تم تقديم سباق طويل بمسافة 20 استادا (8ر3 كيلومترا). وتضمن برنامج الألعاب الأولمبية كذلك مسابقتي رمي الرمح ورمي القرص إلى جانب مسابقة الخماسي (البنتاثلون) التي اشتملت على مساقبات رمي الرمح ورمي القرص والوثب الطويل والعدو والمصارعة ، كل في مسابقة واحدة.

ورغم وجود دلالات على استمرار إقامة الألعاب الأولمبية حتى القرن الخامس الميلادي ، فمن المعروف أن الإمبراطور الروماني تيودوسيوس قرر حظر إقامتها منذ عام 393 ميلاديا بعدما رأى أنها "شعائر وثنية".
 
أعلى