mr_ops
بيلساني محترف
- إنضم
- Jan 12, 2010
- المشاركات
- 2,777
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- شامي
نصف رجل
تقول في بداية حديثها: بدءاً أحب أن أوضح أنني لا أطرح مشكلة، انما هي تجربة عشتها . . تناوشتني صراعاتها وكشفت لي خبايا نفوس لم أكن أتوقعها . . كنت كأي فتاة تبشر بخطبتها، غير أن قلبي كان يحمل جرحاً دفيناً من قصة حب فشلت قبل أن تبدأ ماذا سأطلب أكثر؟ انسان رائع متفهم . . صريح . . ورومانسي لأبعد الحدود بدأنا تأسيس حياتنا على الصدق والصراحة .
الغريب أن قصة الخطبة كانت طريفة في البداية . . لكنها في ما بعد رسمت النهاية بما أننا أقرباء فقد بدأ الموضوع بين الحريم وتمت الموافقة على أن يكتمل الفرح بالتقدم الرسمي واتفاق الرجال كل هذا وهو لا يعلم فاجأه أبوه بالخبر خطبنا لك، والبنت وافقت، واليوم نتقدم بشكل رسمي طبعا لثقتهم بابنهم وأنه (مش راعي خرابيط) لم يصدقوا عذره الواهي بأنه يحب فتاة أخرى ولن يتزوج غيرها، لأنه كلما فتحوا معه موضوع الزواج تهرب منه فقرروا وضعه أمام الأمر الواقع و(كلبشته) المهم أنه اقتنع أخيرا (حتى لا يجرح بنت الناس ويحرج أهله) . . وتم كل شيء سألته عنها . . قال لي: هل صدقتِ؟ كنت أبحث عن عذر لأنفذ بجلدي فالحرية لا تعوض .
سبع سنوات مرت كالحلم . . وأنا أسكن قلبه أحس بأنني أميرة عالمي . . مررنا بصعاب وتخطيناها، ورزقنا الله بأروع ملاكين أذكر أنه سألني بعد انجاب طفلي الأول: أينا تفضلين؟ أجبته بأنني لا أستطيع أن أحب أحدهما أكثر من الآخر، أما هو فقال لي: أحبكِ أنتِ أكثر لو فقدته . . فأنت معي تنجبين لي غيره، أما لو فقدتك فلن يعوضني هو أو غيره جزءا من حنانك سبع سنوات . . . وأحمل للمرة الثالثة ولكن بصعوبات عديدة حلمي يتحقق، وأحمل توأما مع انذار سقوط ونصائح مشددة بالراحة النفسية قبل الجسدية .
قبل عيد زواجنا بأسبوع وأنا بهذا الوضع أراه شاردا حائرا لم يعودني الصمت أو يخفِ عني سراً . . بعد يومين من الصراع مع نفسه صارحني . . بأنه كان فعلا يحب أخرى سبع سنين ولم يستطع أن ينساها . . أحبني، لكنها كانت تشاركني قلبه واذا به يكتشف الآن أنها هي أيضا تحبه، وكل منهما كان يظن أنه العاشق الوحيد ليكتشفا . . أنهما ضحية صمت، كما كنت أنا ضحية خطة أهله ليزوجوه .
قال لي إنه كلمها عبر المحادثات الالكترونية (المسنجر) ثرت بوجهه واتهمتها بتخريب البيوت . . . من هي لتكلم الرجال وتلعب بالعقول، قلت له وما يدريك كم غيرك تحادث قال لي . . . لو كنت تعرفينها لما قلت كل هذا تأكدت أنها احدى قريباته، ولكنه أنكر أخذت أستفزه ليثور ويخبرني من هي كل ما باح به أنها تختلف عني بشكل كبير، وأني أفوقها في كثير من الأمور من ناحية الجمال والهدوء . . وأكثر من ذلك، ولكنه يحبها ولا يستطيع نسيانها حاولت أن أحتوي جرحي وأحاوره بحيادية . . . ذكرته بحياتنا الرائعة وقلبي يعتصر ألماً لا لما فعله بي، بل لأنه أحس بأني أمن عليه بحبي، طلب مني أن نؤجل النقاش في هذا الموضوع حتى أتخطى مرحلة الخطر في حملي ولكن كيف بي وأنا أحس بأن حياتي تتهشم أمام عيني هذا الرجل هو محور حياتي . . . تخليت عن الكثير لأجله وحين يقال لي إن الرجل لا يستحق كل هذه التضحيات كانت اجابتي التي ما زالت فكرة أؤمن بها إنك حين تحب لا تعد التخلي عن شيء تضحية . . التضحية هي أن تتخلى عما تحب، وأنا، لا أحب سواه .
بدأت أعتصر ذاكرتي علني أصل لشيء يطفئ لهيباً أشعل فتيله ثم تجاهله تذكرت كلماته التي كان يرددها كل مرة يذكرون فيها أحدا ترك زوجته من أجل أخرى، كان يقول: عندما أفكر بالثانية فعروستي الحبيبة هي من ستخطب لي، وستكون سعيدة لسعادتي كنت حينها آخذ كلامه على محمل المداعبات السمجة التي اشتهر بها، وأرد عليه: بأنني بالطبع سأخطب له، ولكن بشرط واحد أن يذكرني بشيء واحد قصرت فيه . . . . عندها سيكون الحق معه وكان يرد ضاحكاً: لا . . بدأنا بالطلبات التعجيزية الآن أدركت أنه كان يخطط لهذه اللحظة، وربما كان يحاول تعويدي على الفكرة أي جنون هذا الذي أفكر فيه، أفكاري تمزقني ورأسي يكاد ينفجر أم تراه عالمي السحري . . الذي بدأ عده التنازلي للحظة الانفجار؟
بقيت على جمر . . أتمنى أن تنتهي معاناتي حتى لو فقدت قطعة مني، احتضنتها في أحشائي .
وبقدرة قادر . أجد الحقائق بين يدي سجل المحادثات . . غيرة أنثى وحرقة قلب، جعلتني أفتح ما لا حق لي به وكانت هي . . آخر من أتوقعها بعيدة عنه، لكنها بقلبه قريبة لنا تسكن بلادا بعيدة، نلتقيها مرة بالسنة، أعرف أنهما يتحادثان وهي تراسلني كصديقة كانت كلماتهما عادية الى أن وصلت الى منحى الذكريات والهدايا، فقال كل منهما إنه يحتفظ بهدية الآخر وتفتحت قلوبهما وجروحي في لحظة جنون رميت بالجهاز بعيداً، ليتحطم كقلبي في ذلك اليوم قررت أن أتخذ موقفا مختلفا أن ألبس جلد الأسد لأوهم نفسي بأني لست الدجاجة التي طالما تندر من حولي بسيطرته علي وسلبه تفكيري . . اتصلت بها للمرة الأولى في حياتي مع أني أحتفظ برقمها منذ سنين كنت قد جهزت ديباجة شتائم لم أتلفظ بها يوما، بل وأشمئز ممن يقولها، لكنني ظننت أن غيرتي كفيلة بحل عقدة لساني لكنها ( ولا أدري لحسن الحظ أم سوئه) لم ترد . . عاد زوجي من عمله وأخبرته أن الجهاز المحمول لم يعد يعمل وقلت له أنني سأخبره بالسبب في وقت لاحق، لأننا كنا نجلس مع أهله رن هاتفي . . ألقيت نظرة عليه، ونطقت باسمها وأنا أرمقه خفية حين رددت عليها اكتشفت أن الجلد لم يجعلني أسدا تصرفت بطبيعتي كلمتها بهدوء وسألتها عن أهلها ودراستها وأنهيت المكالمة . .عرفت أنني كنت في الحقيقة أريد فقط أن أعرف ما الذي استحوذ على مشاعره ما المختلف بها أردت أيضا أن أكرهها لأني حتى الآن لم أستطع أن أحس بالحقد عليها .
بعد أن انتهت السهرة، واتجهنا لشقتنا في الطابق العلوي يخنقنا جو من الصمت والترقب أعتقد أنه لم يعرف كيف يفتح معي الموضوع فسألني عن الكمبيوتر، ولأننا اعتدنا الصراحة سردت له كل شيء، قال لي إنها في نفس اليوم كلمته وسألها ان كانت تقبل أن تكون الثانية فأجابته بأنها لا تريد تحطيم حياتي وأنني ان قبلت بها أختا فستقبل هي ولعلمه بمدى عشقي له وتحقيقي لكل رغباته لم يتوقع ردة فعلي قلت له هل لك أن تختار؟ أطال النظر لي باستغراب لم يتكلم واذا برسالة تصل الى هاتفه بما معنى محتواها (زوجتك انسانة رائعة وطيبة كلمتني اليوم ولا أستطيع حتى التفكير بايذائها انتهى كل شيء، أتمنى لكما حياة سعيدة) قال لي وعبرته تخنقه أرأيتِ تضحيتها؟ تضحيتها!! ماذا عني؟ هي ضحت بسنوات لم تعشها معك أتريدني أن أرضى بشريك في قلبك . وكلمات كانت مفترق طرق في حياتنا لأول مرة أراه بهذه الحالة لأول مرة أرى دموعه أحسست أن عالمي ينهار، فبعد حبه كيف أعيش . . ماذا أكون وقد حطمت قلبه رمى بهواتفه فكسرها، وأخذ مفاتيح سيارته حلفت عليه ألا يخرج وهو بهذه الحالة، فاحساسي الذي لا يخطئ يقول إنه ان خرج فلن يعود لي ولا لها . . دخل ليغسل وجهه ما زال نشيج روحه ونزيف قلبه مستمرا . . أغمضت عيني وحاولت أن أهدأ تذكرت دورة في فن حل المشكلات كنت حضرتها منذ زمن اذا أردت أن تحكم بحيادية ضع نفسك مكان الطرف الآخر بكل ظروفه تقمص شخصيته وانظر للموضوع من وجهة نظره، ثم كن أنت وفكر به ثانية وفي النهاية كن متفرجا يحكم دون انجذاب عاطفي لأحد الطرفين لو كنت هو لبكيت ضياع حبي مرتين ولو كنت هي لتمسكت بحب طفولتي ولو كنت محايدة لقلت من حقه كرجل أن يتزوج ومن حقي ألا يظلمني .
اتخذت خطوة جريئة وأرسلت لها أني أعرف بالموضوع وأنه سيخرج ثائرا ونفقده اتصلت مباشرة لتعتذر مني على دخولها حياتي بهذا الشكل وطلبت أن تكلمه . كانت نظرته التي لن أنساها ما حييت حين خرج وأنا أمد له الهاتف . . انها على الخط لا أدري أكانت تعجبا أم امتناناً لا، بل كانت حباً، نظرته وحدها كانت كفيلة بتغيير رأيي الى الجهة المعاكسة ماذا لو فقدته تلك الليلة؟ أليس فقد نصفه . . أهون؟ ألا يكفي أني فقدت فيها حلمي وأسقطت حملي؟
تدهورت نفسيتي وأنا عاجزة عن فعل شيء لمنع هذه الخسارة عندها لجأت لكتاب الله أحسست بأني بدأت أتقبل الأمر بهدوء أحسست بسلام نفسي عجيب لعله كان مقدرا وربما كانت القسمة والنصيب لكن بقيت خطوة واحدة لأنهي سيمفونية جراحي، اذاً يا حبيب الروح خذني لغريمتي لأقتنع بأنني لم أخطئ وسافرت لها بعد العملية بيومين، أخبرت أهلي أن نفسيتي متعبة بعد الاجهاض واخترعت اسم بلد آخر، قريب لوجهتي، ساعات عذبني تباطؤ ثوانيها وأنا على طريق يقودني لمجهول رسمته بيدي والتقينا . . وكان الصمت سيد الموقف طلبت منها ألا تخبر أهلها بوجودنا حتى لا يتطور الموقف بشكل سيئ حاولت مرة أخرى أن أجد ما يكرهني بها حاولت أن أغار منها لكنني كسابقتها أخفقت وأحببتها أكثر حتى أبنائي تعلقوا بها . أما زوجي فكان أسعد انسان في الدنيا أحسست بأنه أصبح يحبني أكثر ويقدر موقفي معه لأني اخترت سعادته هذه الفتاة لو قابلتها بظروف مختلفة، لكانت توأم روحي تعرفت اليها أكثر فاكتشفت أنها نسخة أخرى مني نتشارك الهوايات والأفكار حتى آراؤنا متقاربة . . سألته يوما لو كنت تعرف بمشاعرها هل كنت ستصر على الرفض آراؤنا أو لو بقيت على موقفي هل كنت ستختار؟ أتراك تمنيت لو أنك لم تتزوجني وكانت هي مكاني، وكعهدي به ما كانت اجابته الا بلسما قال لي إن حياته معي لا تعوض ولو أن الزمن عاد به لكان تزوجني مرة أخرى لأنه الآن يعرف أنه لا يستطيع الاستغناء عني ولا عنها .
بعد فترة جاءت ساعة الحقيقة وردة الفعل من الأهل هجوماً مكثفاً علي أنا، أكثر منه هو . . . لأنه سيتزوج على امرأة لم تسئ له يوما وأنا، ويا للعجب لأني رضيت، أو بمصطلحهم ( جعلته يذلني وأنا سعيدة بهذا الذل ) وبدأت الحرب الأهلية أهلي يكرهونها، لأنها (تريد خطف الرجل من زوجته واستقراره) وأهلها يردون عليهم بأني (لو كنت مريحة زوجي ما فكر في بنتهم) كل هذا ونحن عائلة واحدة . . اليوم هي خطيبته وأختي وصديقة أبنائي وما زالت الحرب خارج حدود عشنا الدافئ مستمرة قصتي هذه نقطة في بحر العجائب فعالمنا يزخر بقصص أكثر غرابة، لكنني أحببت نشرها لألفت النظر الى نقاط مهمة في حياتنا الحب يبدأ بالمصارحة واحترام الشريك ومحاورته بعيدا عن الانفعالات والعصبية، اذا أحسست بأن الدنيا ضاقت بك فلا تيأس واصبر وأحسن الظن بالناس وثق أن من خلقك لن يتركك لهمك، اذا أردت أن تكون سعيدا فأسعد من حولك وافتح قلبك ومن رضي بما قسم الله له فهو أغنى الناس وقد ترى أمرا على أنه هلاكك، مع أنه خير لك .
منقول من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد