نظرة على أحد فلاسفة الإسلام


إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما

0311200860121.jpg

نظرة على الفلسفة في الإسلام






بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد:
كانت العقيدة السائدة لدى مؤرخي الفلسفة والمعنيين بها أن مسيرة الفكر الفلسفي توقفت في المشرق بوفاة الإمام أبي حامد الغزالي وفي المغرب بوفاة أبو الوليد بن رشد,غير أننا ندرك ونعلم أن الفلسفة لم تتوقف عن مسيرتها مادام الإنسان لم ينقطع عن التفكير والتأمل بل يسير جاهدا"إلى الأمام بخطوات حينا" وبقفزات حينا"آخر ليحل مشاكل الكون الكبرى لأن الفلسفة ليست سوى التفكير والتأمل بل إنها منبعثة منهما وأما مااصطلح على تسميته في هذا العصر بالفلسفةالإسلامية ليس من الإسلام إلا الأسم ذلك لأنها لاتستحق حقيقة هذا الأسم حتى تلتزم بأصول رسالة الإسلام لأن رسالتها كانت تسويق الفكراليوناني بين المسلمين وحاولت التوفيق بين هذا الفكر وبين الإسلام ودائما" كان الإسلام هو الذي يخضع للتأويل والتحوير لينسجم مع الفكر اليوناني وهذا حال الفلسفة البحثية أما الفلسفة الذوقية وهي الفلسفة الصوفية فقد انفتحت على كل الأفكار من شتى المصادر ففقدت بذلك الصفاء الإسلامي الذي جاء الوحي الإلهي به ولا أدل على تعكرالفلسفة الصوفية بسبب تنوع مواردها من الإصطلاحات الصوفية المستعملة بينهم بل أحدثوا لغة خاصةبهم هي أقرب إلى اللغة الرمزية وعلى سبيل المثال ما استخدمه الشيخ السهروردي في بعض كتبه من رموز مثل(ثعابين الظلمة,هورخش,قاهر الغسق,رئيس السماء,النير الأصغر)لأدركنا أن التزام هذه الفلسفة بأصول رسالة الإسلام واه.
ومماسبق نستخلص من دراسة هذه الفلسفات على أنها فلسفة للإسلام فيه ظلم مزدوج ظلم للإسلام بأن نحمله جرائرهذه الفلسفات وظلم لهذه الفلسفات بإلزامها مالم تلتزم.
ولو استعرضنا بعض فلاسفةالإسلام الذين أتوا بعد أبي حامد الغزالي لوجدنا أن الشيخ أبو الفتوح السهروردي هو متصدر هؤلاء الفلاسفة.
_من هو أبو الفتوح السهروردي؟
هو أبو الفتوح شهاب الدين يحيى بن حبش بن ايرك السهروردي, ولد الشيخ شهاب الدين يحيى بن حبش السهرودي في عام549/هجرية الموافق 1155للميلاد في مدينة سهرورد الواقعة في الشمال الغربي من أيران,وقد درس في حداثته الباكرة في مراغة بأذربيجان ثم قدم أصبهان ثم مضى إلى الأناضول بتركيا حيث أمضى فيها بضع سنوات ومن الأناضول اتجه نحو سوريا التي لم يعد منها أبدا".
وقدجاء ذكر السهروردي بصورة مفصلة في طبقات الأطباء لأبن أبي أصيبعة ويعتبر الكتاب من أوثق المصادر التي تحدثت عن الشيخ أبو الفتوح السهروردي فقد جاء ذكره في الكتاب بالصورة التالية:
كان أوحد زمانه في العلوم الحكمية جامعا"للفنون الفلسفية بارعا"في الأصول الفلكية مفرط الذكاء جيد الفطرة فصيح العبارة لم يناظر أحدا" إلاغلبه وكان علمه أكثر من عقله وكان صديقا" للشيخ فخر الدين المارديني الذي قال فيه ماأذكى هذا الشاب وأفصحه ولم أجد أحدا"مثله في زماني إلاأني أخشى عليه تهوره وقلة تحفظه أن يكون سببا" لهلاكه, وقد جمع شيخنا السهروردي بين الحكمتين الذوقية والبحثية أما الذوقيةفيشهد له بالتبريز فيها كل من سلك سبيل الله عز وجل فقد روّض نفسه بالأفكار المتوالية والمجاهدات المتتالية طالبا" بهمته العالية مشاهدة العالم الروحاني فإذا استقر قراره ظفر بمعرفة نفسه ونظر بعقله إلى ربه ثم وقف بعد هذا على كلامه فعلم أنه حينئذ في المكاشفات الربانية آيـة والمشاهدات الروحانية نهاية لا يعرف غوره إلا الأقلون ولا ينال شأنه إلا الراسخون.
أما الحكمة البحثية فإنه أحكم بنيانها وشيد أركانها وأتقنها إتقانا" لا غاية وراءه ولا سيما في كتابه المعروف (بالمشارع والمطارحات) فإنه استوفى فيه بحوث المتقدمين والمتأخرين ونقض فيه أصول مذاهب المشّائين.
واعلموا أن فهم كلامه ومعرفة أسراره صعب جدا" على من لا يسلك طريقته ولا يتبع خلقه وعاداته لأنه بنى حكمته على أصول كشفية وعلوم ذوقية وبالجملة فمعرفة كلامه وجل كتبه ومرموزاته متوقف على معرفة النفس ولأجل هذا لمّا عجزوا عن فهم كلامه طعنوا فيه وذموا واتهموه بالزندقه والبعد عن الدين واعلم أنه لم يتيسر لأحد من الحكماء والعلماء والأولياء ما تيسر لهذا الشيخ من إتقان الحكمتين المذكورتين, وللسهروردي كتب عديدة وأهمها على الإطلاق هو (حكمة الإشراق )الذي يتكلم فيه عن الحكمة اللّدنية التي يشكل الإشراق أصلها باعتبار أنها فعل الوجدان الذي يكشف الحقائق ومن مؤلفاته أيضا"(المطارحات,اللمحات,الألواح العمادية,الهياكل النورية,اعتقاد الحكماء).وهناك مؤلفات عديدة يصعب حصرها وقد كان رحمه الله غاية في التجرد في رفض الدنيا يحب المقام بديار بكر والشام.
أما وفاته فقد قيل أنه لما خرج من الروم إلى الشام دخل حلب وصاحبها يومئذ الملك الظاهر إبن صلاح الدين يوسف ملك مصر والشام وكان محبا" للشيخ ويعتقد فيه وكان جمع من العلماء بحلب يجتمعون به ويسمعون كلامه وكان يصرح في البحوث بعقائد الحكماء ويدافع عنها ويسفّه مخالفيها ويناظرهم ويفوقهم في العلم في المجالس فاجتمعت كلمتهم على تكفيره وقتله حسدا" ونسبوا إليه العظائم واتهموه بالكفر وحرضوا السلطان على قتله وقالوا إن بقي أفسد الدين فقتله السلطان ,فقد قيل أنه وضع في السجن ومنع من الطعام حتى مات عن عمر يناهز الستة والثلاثين عاما"رحم الله شيخنا السهروردي ونفعنا الله بعلمه وحكمته اللهم آمين والحمدلله رب العالمين.
 

المارد

بيلساني عميد

إنضم
Dec 3, 2008
المشاركات
3,270
مستوى التفاعل
34
المطرح
سوريا
شهاب الدين أبو الفتوح السهروردي

كان فقيهاً شافعي المذهب أصولياً أديباً شاعراً حكيماً، متفنناً مناظراً لم يناظره أحد إلا أفحمه، قرأ بالمراغة على الشيخ الإمام مجد الدين الجيلي الفقيه الأصولي المتكلم ولازمه مدة، ثم تنقل في البلاد على قدم التجرد، ولقي بماردين الشيخ فخر الدين المارديني وصحبه، وكان يثني عليه كثيراً ويقول:
لم أر في زماني أحدا مثله ولكني أخشى عليه من شدة حدته وقلة تحفظه.

ثم رحل أبو الفتوح إلى حلب فدخلها في زمن الظاهر غازي بن أيوب سنة تسع وسبعين وخمسمائة ونزل في المدرسة الحلاوية، وحضر درس شيخها الشريف افتخار الدين وبحث مع الفقهاء من تلاميذه وغيرهم، وناظرهم في عدة مسائل فلم يجاره أحد منهم وظهر عليهم وظهر فضله للشيخ افتخار الدين فقرب مجلسه وأدناه وعرف مكانه في الناس، ومن ذلك الحين تألب عليه الفقهاء وكثر تشنيعهم عليه، فاستحضره الملك الظاهر وقدم له مجلساً من الفقهاء والمتكلمين فباحثوه وناظروه، فظهر عليهم بحججه وبراهينه وأدلته، وظهر فضله للملك الظاهر فقربه وأقبل عليه وتخصص به، فازداد تغيظ المناظرين عليه ورموه بالإلحاد والزندقة، وكتبوا بذلك إلى الملك الناصر صلاح الدين وحذروه من فساد عقيدة ابنه الظاهر بصحبته للشهاب السهروردي وفساد عقائد الناس إذا أبقى عليه، فكتب صلاح الدين إلى ابنه الظاهر يأمره بقتله وشدد عليه بذلك وأكد، وأفتى فقهاء حلب بقتله فبلغ ذلك الشهاب فطلب من الظاهر أن يُحبس في مكان ويمنع من الأكل والشرب إلى أن يموت ففعل به ذلك، وقيل بل أمر الظاهر بخنقه في السجن فخنق سنة سبع وثمانين وخمسمائة وقد قارب الأربعين.وجزاك الله خيرا


 
أعلى