نماذج من بلاغة القرآن الكريم

الحسواني

بيلساني سنة أولى

إنضم
Nov 1, 2008
المشاركات
475
مستوى التفاعل
0
المطرح
السعودية
- نقرأ في وصف المنافقين, وفي وصف الكافرين, هاتين الآيتين من

سورة البقرة ﴿صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾[البقرة:18]﴿ صُمٌّ

بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ﴾[البقرة:171] وتقديم الصم, هنا جاء في

غاية الإحكام, لأن بداية ضلال أولئك الأقوام حينما أصاخوا

بسمعهم عن آيات الله التي تتلى عليهم .


ونقرأ في مشهد من مشاهد يوم القيامة عن أولئك الذين ضلوا

سواء السبيل ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً

وَصُمّا﴾[الإسراء:97]لقد تغيرت الصورة هنا. لذلك تغير معها نسق

القول, ذلك لأن السماع لم ينفع أولئك الناس يوم القيامة شيئاً ولا

يعود عليهم بخير, ثم إن العمى من أشد الأمور مشقة وأكثرها صعوبة

عليهم في ذلك اليوم [1](15).


2- تحدث القرآن الكريم في آيات كثيرة عن الجن والإنس, ولكن الذي يلفت

الانتباه, ما نجده في النظم القرآني البديع, من تقديم الجن تارة, وتقديم الإنس

أخرى, وهذا ما يستدعيه السياق, وتوجيه الحكمة البيانية, ففي سياق التحدي

بالقرآن الكريم, يقدم الإنس على الجن, لأن الإنس هم المقصودون بالتحدي

أولاً وقبل كل شيء, قال تعالى:﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن

يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرا

[الإسراء:88]


أما في سياق التحدي بالنفوذ من أقطار السموات والأرض, فلقد قدم

الجن؛ لأنهم أقدر على الحركة من الإنس. قال تعالى:﴿ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ

إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لا تَنفُذُونَ إِلَّا

بِسُلْطَانٍ﴾[الرحمن:33] والدليل على أن الجن أقدر من الإنس في مجال الحركة

هو قوله تعالى في سورة الجن :﴿ وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً

شَدِيداً وَشُهُباً* وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ

شِهَاباً رَّصَداً﴾[الجن 8 ـ 9].

أما قوله سبحانه ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُون﴾[الذاريات:

56] فلقد قدم الجن على الإنس؛ لأنه قد روعي السبق الزمني, فإن

الجن مخلوقون قبل الإنس[2](16).


قلت: والدليل على أن الجن مخلوقون قبل الإنس قوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا

الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ*وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ



السَّمُومِ﴾[الحجر:26,27]


3 - تقديم لفظ الضرر على النفع وبالعكس: حيث تقدم النفع على الضر

فلتقدم ما يتضمن النفع. قال تعالى:﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا

شَاء اللّه﴾[الأعراف:188] فقدم النفع على الضرر وذلك لأنه تقدمه قوله:﴿

مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾[الأعراف:

178] فقدم الهداية على الضلال وبعد ذلك قال:﴿ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ

لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ

[الأعراف:188] فقدم الخير على السوء ولذا قدم النفع على الضرر إذ هو

المناسب للسياق.


وقال تعالى:﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَاء اللّه


[يونس:49] فقدم الضرر على النفع وقد قال قبل هذه الآية :﴿ وَلَوْ يُعَجِّلُ

اللّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُم بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ

لِقَاءنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾[يونس:11] وقال:﴿ وَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ الضُّرُّ

دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ

مَّسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾[يونس:12] فقدم الضر على

النفع في الآيتين. ويأتي بعد هذه الآية قوله:﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ

نَهَاراً مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُون ﴾[يونس:50]فكان المناسب تقديم الضرر

على النفع ههنا.


وقال:﴿ قُلِ اللّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً

[الرعد:16]فقدّم النفع على الضرر، قالوا: وذلك لتقدم قوله تعالى:﴿ وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن

فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ ﴾ [الرعد:15] فقدم

الطوع على الكره. وقال:﴿ فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلَا ضَرّا ﴾ [سبأ:42]


فقدم النفع على الضر قالوا: وذلك لتقدم قوله:﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ

عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِين﴾ [سبأ:39] فقدم

البسط. وغير ذلك من مواضع هاتين اللفظتين

http://www.albailassan.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=67#_ftnref1

http://www.albailassan.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=67#_ftnref2
 
أعلى