هل تشكل مصر وتركيا تحالفا إستراتيجيا؟

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
مع زيارة رئيس الوزراء التركي القاهرة، تدخل العلاقات المصرية التركية مرحلة جديدة تشهد خلالها طفرة نوعية في العلاقات الثنائية، الأمر الذي دفع البعض للحديث عن محور مصري تركي جديد يقود الشرق الأوسط.

وشهدت العلاقات المصرية التركية قفزة نوعية بعد زيارة الرئيس التركي عبد الله غل ليكون أول مسؤول على هذا المستوى يزور مصر بعد الثورة، وزيارة الرئيس المصري محمد مرسي لتركيا، ثم الزيارات المتعددة المتبادلة لوزيري خارجية البلدين، وصولا للزيارة الحالية لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، بما يصل إلى فتح صفحة جديدة من التعاون الإستراتيجي الواسع النطاق بين البلدين الكبيرين في المنطقة.

وتنتظر مصر وتركيا مهام كبيرة في هذه الفترة الحرجة التي تمر بها المنطقة، أهمها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية.

وفي حين يعمل أردوغان على تقديم ديمقراطية تركيا نموذجا للحكومات العربية، يسعى مرسي لاستعادة مكانة مصر بعد سنوات من الغياب في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

مجالات متعددة
والعلاقات المصرية التركية الآخذة في النمو لا تقتصر على مجال بعينه، بل تتسع لتشمل مجالات عدة، فالبلدان أجريا في الآونة الأخيرة تدريبات بحرية في البحر المتوسط، في حين يزور أردوغان القاهرة على رأس وفد يضم 12 وزيرا و150 رجل أعمال، وفي جعبته وعود بتقديم مساعدات تبلغ ملياري دولار، كما سيتم توقيع 27 اتفاقية تغطي مختلف أوجه التعاون بين البلدين.

أردوغان من جانبه قال في تصريحات صحفية سبقت زيارته للقاهرة إن 'التعاون في المجالات الاقتصادية والإنتاجية مفهوم، وثمة علاقات إيجابية بين رجال الأعمال المصريين والأتراك'.

وفي ما يتعلق بالسياحة، فإن تنشيطاً حقق تقدماً خلال الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعدما نظمت الخطوط الجوية التركية رحلات مباشرة مع المدن الساحلية على البحر الأحمر. أما في مجال الدفاع، فالمفهوم أن ثمة تعاوناً عسكرياً بين البلدين، لكننا بصدد تنشيط الصناعات العسكرية الدفاعية، وإذا ما تحقق ذلك التعاون فبوسع البلدين أن يدخلا إلى مجال تصدير السلاح.

كما أكد وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو على أهمية الاتصال بين الشعبين، ومن هنا جاء الإعلان عن تنظيم عام مصر في تركيا في عام 2014 وعام تركيا في مصر عام 2015.

نظام إقليمي
التقارب المصري التركي دفع صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية للقول إنه يوحي بصعود نظام إقليمي جديد يخبو فيه النفوذ الأميركي بشكل تدريجي مقابل الأصوات الإسلامية التي لم تعد تخضع للجيوش والحكام المستبدين الموالين للغرب.

وأشارت إلى أن كل بلد لديه رؤية واضحة تجاه 'الإسلام السياسي'، غير أن تركيا التي تفصل آسيا عن أوروبا، ومصر -التي تعتبر القلب التقليدي للعالم العربي- صارتا تكملان بعضهما بعضا.

فالاقتصاد التركي القوي ربما يساعد في إنقاذ الأزمة المالية المصرية، في حين أن القاهرة ربما تعزز طموح أنقرة في الصعود كقوة في أوساط الحكومات المدعومة إسلاميا. وتشير الصحيفة إلى أن الاندماج بين أنقرة والقاهرة يأتي في جزء منه بسبب نفوذ الإخوان المسلمين في مصر لدى الجماعات الإسلامية في المنطقة، بما فيها حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه أردوغان.

وترجح الصحيفة أن يؤثر هذا التحالف على ما سيتمخض عنه سفك الدماء في سوريا، ونفوذ الدول النفطية في الخليج العربي، والسياسات المستقبلية تجاه إسرائيل.

مخاوف
على الجانب الآخر، فإن التقارب المصري التركي ولّد مخاوف لدى عدة قوى إقليمية، في مقدمتها إسرائيل التي خسرت الحليفين الإستراتيجيين الكبيرين في الآونة الأخيرة.

فتركيا قطعت علاقتها الدبلوماسية بإسرائيل بعد الهجوم الإسرائيلي على سفينة مرمرة التي كانت تسعى لكسر الحصار عن غزة عام 2010، في حين فقدت إسرائيل 'كنزا إستراتيجيا' في مصر بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك ووصول الرئيس محمد مرسي إلى سدة الحكم. ومما يزيد المخاوف الإسرائيلية تطابق موقف البلدين من التصعيد الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

من جهة أخرى، هناك انزعاج إيراني من توطيد العلاقات المصرية التركية وسعيهما للتربع على عرش زعامة المنطقة العربية والشرق الأوسط بما يعني تهميشها، ويدعم هذا الانزعاج الضعف الحاصل في محور إيران سوريا مع اشتداد الثورة السورية في الوقت الذي تقوم فيه كل من مصر وتركيا بمطالبة إيران بالكف عن دعم النظام السوري الذي تطالبانه بالرحيل.

من جانبه رفض رئيس تحرير مجلة الديمقراطية بشير عبد الفتاح أن يكون هناك اتجاه مصري تركي لإقامة تحالف أو محور بين البلدين لأنهما يتجنبان إنشاء تحالف يثير غضب قوى إقليمية أخرى كإيران وإسرائيل، ولكنه تقارب وتفاهم ومصالح مشتركة بين البلدين.

وأشار عبد الفتاح للجزيرة نت إلى أن البلدين يسعيان إلى إعادة هيكلة العلاقات الإقليمية وموازين القوى في المنطقة، فالتفاهم بينهما يؤدي إلى تقليل الفجوة الإستراتيجية الحاصلة لصالح إسرائيل. كما أن تقاربهما قد يكون تقاربا ظرفيا لأن حكومة العدالة والتنمية تميل للتقارب مع الدول العربية والإسلامية بعد إخفاق مساعيها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهذا بمثابة برنامج حكومة لا توجه دولة، وهو يرتبط بالتوتر الحاصل مع إسرائيل وغلق الأبواب الأوروبية أمامها، قد يتغير بتغير هذه المعطيات، بالإضافة إلى أن مصر لم تتخلص كلية من إرث مبارك الذي كان يخشى تنامي الدور الإقليمي لتركيا.

ولفت إلى أن تركيا تتجه إلى القاهرة باعتبارها بوابة تستطيع الدخول منها إلى أفريقيا، كما أن تركيا تفتح لمصر آفاقا إلى أوروبا.
 
أعلى