mr_ops
بيلساني محترف
- إنضم
- Jan 12, 2010
- المشاركات
- 2,777
- مستوى التفاعل
- 38
- المطرح
- شامي
تقول كاتبة وناقلة القصة
منقول من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد
تطرقت إلى كثير من المواضيع، كتبت الكثير من القصص لكن، هناك قصص لم أتجرأ على التطرق إليها لما تحمله من قهر وقسوة . . من عيب وحرام ومن محاولة الأشخاص إخفاءها كي لا يكونوا حديث الناس ويصبحوا منبوذين منهم، لكنني هذه المرة قررت أن أكتب عنها بجرأة ولأن الصامت عن الحق شيطان أخرس، والسبب الأهم كان أولئك النسوة اللواتي حضرن إلي يشكين الظلم الذي لحق بأبنائهن، هن ثلاث نساء جئن للشكوى والتي هي لغير الله مذلة، لكنهن أردن أن تكون قصصهن عبرة لغيرهن من النساء وبما أن قصصي هادفة وليست للتسلية وهدفي الأول والأخير هو التوعية والعبرة فقد أحببت أن أنشر قصتهن التي سمعت عنها الكثير من هنا وهناك لكنني لم أكن أعرف التفاصيل الدقيقة ولا الأشخاص الذين عايشوها، فكنت أتأثر جداً لا بل أجن لكن أين أجد من يتكلم؟ لا شك في أن بعضا منكم قد حصلت معه لكنه أخفاها للأسباب الآنف ذكرها لن أطيل أكثر عليكم وسأبدأ في سرد القصص كما جاءت على ألسنتهن من دون زيادة أو نقصان ولا تقولوا يجب أن نخفي القصة عن أبنائنا بل يجب أن يعرفوا بها بطريقة ما حتى يتيقظوا .
ثلاث نساء منقبات أتين لزيارتي لا أرى سوى أعين دامعة تنظر إلي . طلبت منهن خلع النقاب قائلة لهن سأقفل الباب بالمفتاح ولن يدخل أحد إلى الغرفة فرفضن بأدب لم أصر عليهن وطلبت منهن البدء في الحديث الذي كما أشرن لي على الهاتف هو مهم جداً، تكلمت واحدة منهن قائلة نحن نمر تقريباً بالمأساة نفسها، تعرفنا إلى بعضنا بعضاً عند الطبيبة النفسية، وبعد عدة مرات وبما أننا كنا منقبات لم نخجل بالبوح بما نفعله هناك، وحين كنا ننتظر أبناءنا في الصالة المخصصة لنا كنساء، كان هناك آباء ينتظرون أيضاً في الغرفة الثانية لكنهم لم يتكلموا في الأمر مثلنا، علمت ذلك من زوجي الذي كان معي وثار عندما أخبرته بأننا تكلمنا عما نفعله في العيادة قال: أنت تريدين أن تفضحينا يا امرأة هل جننت؟ قلت: لماذا؟ فهن لا يعرفن شكلي ولا اسمي وأنا أيضا ثم لماذا نختبئ خلف إصبعنا، نحن الضحية ولسنا المجرمين، قلت: حسناً هلا تدخلين مباشرة في الموضوع فأنا لغاية الآن لا أفهم ما المشكلة، أنت تواربين لأنك تخجلين من البوح بما جئت من أجله وأنا أفهمك لكن يجب أن تتكلمي، صمتت ودمعت عيناها ثم تنهدت تنهيدة نابعة من قلبها وقالت ولدي الذي يبلغ التاسعة من عمره تم التحرش به بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ واعذريني إذ لا أستطيع قول الكلمة المناسبة لوضعه فأنا لا أستطيع أن أنطق بها، ومن قبل من؟ ناظر المدرسة التي يدرس فيها . صدمت وقلت وكيف عرفت بالأمر؟ أجابتني عندما اقترب منه والده ليداعبه ويقبله دفعه بقوة وأسرع يركض إلى غرفته اعتقدنا في البداية أنه يتدلل أو لأنه لم يشتر له الهدية التي كان قد وعده بها من قبل، فقد كان متفوقاً في دراسته يتسابق مع زملائه للجلوس بقربه حتى يساعدهم وفجأة تدهورت درجاته حتى كاد يرسب، فهدده والده بمنعه من اللعب وقطع عنه الهدايا إن لم يعد مثلما كان ويجتهد، من أين لنا أن نعرف ما يعانيه صغيرنا، فقد كنا نهدده بقطع المصروف عنه ومنعه من مشاهدة التلفاز لكن كل ذلك لم يفدنا في شيء إلى أن قررت أن أكلمه وكأنه شاب فدخلت إلى غرفته لأراه ممدداً على سريره يمسك قلماً في يده يلفه وينظر إليه لم يشعر بدخولي ناديت عليه مرات عدة لكنه كان كأنه في عالم آخر . الحزن والخوف باديان واضحان في عينيه . جلست قربه قائلة: محمد ولدي أريد أن أكلمك قليلاً نظر إلي ولم يرد فحملته ووضعته في حضني كما كنت أفعل قبل سنوات، فصرخ من الألم قائلا آه وقام عني، ذعرت وقلت أنا لم افعل شيئا يؤلمك يا بني قل لي أين الألم الذي تشعر به؟ فصمت ووضع رأسه بين يديه وقال لا شيء أنا بخير شعرت بأنه يكذب فعدت أجره من يده وأضعه في حضني من جديد فعدت ورأيت النظرة نفسها في عينيه إنه يتألم قلت: هناك شيء يؤلمك هيا بنا سنذهب إلى المستشفى فصرخ لا أرجوك يا أمي لا! قلت لماذا يا حبيبي فأنت تتألم من شيء ما وتأبى أن تقول فشرع في البكاء وأخذ يقول كلاماً لا أفهمه سيؤذيني أكثر سيقتلني سيخبر رفاقي قلت تمهل عمن تتكلم ولماذا سيؤذيك قل لي يا ولدي ولا تخف أنا هنا لأحميك هل يضربك أحد من رفاقك في المدرسة تردد ثم قال نعم . . علمت أنه يكذب فقلت من هو وما اسمه؟ صمت وقال لا داعي يا أمي لقد تصالحنا الآن قلت لكنك تتألم دعني أرى جسمك أردت أن اخلع عنه كندورته فلم يقبل لكنني فعلت ما أردت لأرى ذراعيه زرقاوين وآثار أصابع تبدو عليهما فولدي أبيض وأقل ضربة تصبح زرقاء اللون، فهو أيضا صغير وجلده طري كما كان هناك بعض الازرقاق على خاصرته أخذ يبكي ورمى نفسه بين ذراعي قائلاً: أنا لا ذنب لي، لم أفعل شيئاً يا أمي صدقيني هو أخذني إلى مكتبه رفع ملابسي فصرت أقول له: لا ماذا تريد مني ظننت أنه يريد ضربي لأنه وضعني على المكتب ثم فعل شيئا آلمني كثيرا، صرخت بقوة فسد فمي بيده أخذت أرفسه وأضربه لكنه لم يتوقف إلا عندما وقعت أرضا ولم أشعر إلا وهو يسقيني ماء ثم قال لي هذا قصاص لك لأنك ضربت زميلك لكني أحذرك إن أخبرت أحدا بما جرى فسيكون الألم أقسى وأقوى في المرة المقبلة هل فهمت؟ إياك أن تتكلم عما جرى لأحد خاصة والديك فسأقول إنك كاذب وسأطردك من المدرسة ويضحك منك الجميع وبعد أيام عدة عاد وفعل الشيء نفسه وهو يقول إنه سمع بأنني أخبرت أحدهم عن الموضوع فحلفت له بأنني لم أخبر أحدا لكنه لم يصدقني وكان بالفعل الألم أقوى وأكبر تلك المرة صدقيني يا أمي أنا لم أخبر أحدا بالأمر، كنت أنظر إليه وأنا لا أصدق ما أسمع شعرت بأن الدم جف في شراييني شعرت بهزة تعتريني شعرت بالبرودة تسري في جسدي أخذت أرتجف كالورقة لم أستطع البكاء أمامه حتى لا أخيفه لملمت ما تبقى لي من قوة وقلت بصوت هادئ وأنا أحضنه اهدأ يا حبيبي حسناً فعلت بإخباري، لا أريدك أن تخاف من شيء طالما أنا ووالدك على قيد الحياة فنحن سنحميك من أي أحد أنت لم تخطئ في شيء، أريدك أن تهدأ يا عمري وتلعب أي لعب تريد على الكمبيوتر، دقائق وأعود إليك، لكنني معاقب أجاب، قلت له وأنا أبتسم: لم تعد كذلك هيا افعل ما تريد يا حبيبي وسوف أعود لن أتأخر عليك، خرجت من غرفته وأقفلت الباب خلفي وقفت على الحائط لدقائق قبل أن أشعر بأن قدمي لا تقويان على حملي فجلست أرضاً أضرب بيدي على وجهي كالمجنونة ابكي بكاء مراً لكنه مكتوما ثم استجمعت قوتي وتوجهت إلى غرفتي حيث كان زوجي نائما وضعت يدي على كتفه أهزه وأقول قم يا بو محمد نظر إلي وفوجئ بشكلي ودموعي المتساقطة قال بخوف ما الأمر قلت له مصيبة، مصيبة لا أعرف ماذا أقول ومن أين أبدأ . قال: تكلمي بحق الله ماذا هناك أخبرته بالأمر وأنا أبكي وأضرب على رجلي وأقول: لا اصدق أن هذا الشيء قد جرى مع صغيري . جن جنون زوجي انهار وقفز من فراشه ليذهب إلى غرفة محمد لكنني أوقفته قلت ماذا تفعل؟ إياك أن تذهب إليه وأنت هكذا ثائر وغاضب فسوف تخيفه يجب أن نعالج الموضوع بحكمة مع الولد وإلا سنفقده لا تدعه يراك هكذا يجب أن تهدأ وتعرف كيف تكلمه أخذ يدور في الغرفة وهو يردد كلمة واحدة فقط سأقتله هذا الحقير السافل، سأقتله بيدي ولو سأسجن كل حياتي، يجب أن أقتل هذا الذئب المفترس لقد أذى ولدي . . صغيري البريء لا أصدق يجب أن أقطعه بأسناني لقد قتلني أنت لا تفهمين يجب أن أنتقم لصغيري يا الله ساعدني يجب أن أمنعه من أن يؤذي آخرين يجب أن أخلص الناس من شره، قلت اهدأ نحن لا نعيش في غابة فهناك شرطة وقضاء يأخذ لنا حقنا اهدأ وفكر في الذي سنفعله بداية مع الصغير، فهو يتألم وخائف نكلمه ثم نتوجه إلى مركز الشرطة .
هذه قصتي ومثلها قصة صديقتي الثانية التفاصيل نفسها لكن الذئب كان حارس المدرسة الذي يهابه الجميع بدءاً من الصغار وصولا إلى الكبار أما صديقتنا الثالثة فمشكلتها أسوأ إذ إن الأمر طال صغيرتها التي كانت عائدة مع السائق تلعب بدميتها فأوقف السيارة في مكان ناء وفعل ما فعله ثم ترك السيارة وهرب، بعد أن فقدت الصغيرة المسكينة وعيها من الألم، فاعتقد أنها ماتت وبعد وقت لا نعرف كم هو بالضبط مرت دورية للشرطة واستغربوا وجود السيارة هناك في هذا المكان ولا أحد داخلها فاقتربوا أكثر ليجدوا المفتاح في مكانه ونظروا إلى المقعد الخلفي فوجدوا الصغيرة والدماء تغطي ساقيها اعتقدوا أنها ميتة لأن نبضها كان خفيفا جدا بسبب ما فقدت من الدماء وعندما شعروا به وعرفوا أنها لا تزال على قيد الحياة لم ينتظروا وصول سيارة الإسعاف بل حملوها وأسرعوا إلى أقرب مستشفى ثم اتصلوا بأهلها بعد أن عرفوا اسم والدها من رقم السيارة ودفترها فاتصلوا بالمرور وحصلوا على الرقم، لن أخبرك ماذا فعل والداها، لك أن تتخيلي ذلك نظرت إلى والدتها لأرى دموعها الغزيرة ورجفة يديها وضعت يدي على رأسي وصمت أمام النسوة . . بكيت معهن طلبت الشاي للجميع وجلست أحاول تهدئة نفسي وتقويتهن فقلت لا أدري ما هو الكلام المناسب الذي يجب علي قوله لكنّ حسبي الله ونعم الوكيل فيهم أين هم الآن، هل تم توقيفهم؟ أجابتني أم محمد طبعا، الناظر والحارس موجودان في السجن في انتظار محاكمتهما بعد أن تم التحقيق معهما بالطبع وثبتت التهمة عليهما عندها تقدم عدد من أولياء الأمور ليعترفوا بأن أولادهم أيضا تعرضوا للموقف نفسه لغاية الآن لا نعلم بماذا سيحكم عليهما، هل بالسجن المؤبد والترحيل بعد انقضاء المدة أم الإعدام، فنحن ننتظر والمهم أنهما في مكان حيث لا يستطيعان فيه أذية أحد، أما السائق الآسيوي فالبحث لا يزال جارياً عنه لغاية الآن، وبإذن الله سيجدونه، حسناً فعلتن قلت لهن لم تخفن من الفضيحة كما فعلت غيركن صرخت أم محمد لا يهمني شيء غير ابني المسكين فزوجي أراد قتله لولا أنني أقنعته بالذهاب إلى الشرطة فقال لن يشفى غليلي يا امرأة إن لم أقتله بيدي وأعلقه في الساحة العامة ليكون عبرة لغيره لكنه اقتنع مني بعد جهد جهيد خاصة أنه ليس رجلا عنيفاً .
الطبيبة النفسية التي تعالج الأولاد تقول: إن مسألتهم طويلة ومعقدة نوعا ما لكنهم بمشيئة الله وعونه سيشفون منها من دون ذيول وهنأتنا على وعينا بأننا أتينا بهم إليها حالما علمنا بالأمر فمن يتأخر أو لا يذهب أبدا إلى العيادة يتوجب عليه أن يفكر في أنه يربي وحشاً من دون أن يدري .
أما طيف فهي لا تزال تخضع لعمليات جراحية بسبب كسر في حوضها وقدميها أما عذريتها فسيتم التعامل معها لاحقا عندما تصبح في الثامنة عشرة من عمرها لكن همّ أهلها الأوحد الآن هو أن تتكلم مجددا وتعود إلى ما كانت عليه سابقا فتاة جميلة مملوءة حياة وبهجة . الطبيبة طمأنتها بأنها بدأت تهدأ وبين يوم وآخر ستتكلم ولن تصمت، فالقصة قصة وقت فهو كالجرح يحتاج إلى أسابيع أو أشهر ليندمل ثم يختفي وتختفي آثاره إن تمت معالجته بطريقة جيدة . هذه هي قصتنا ولقد اتفقنا أن نخبرك بها آملين بأن تنشريها فأبناؤنا قد عانوا الكثير وعانينا معهم ومنذ عدة أيام قال لي محمد لماذا يا أمي أرى نفسي قد تبدلت عندما أنظر إلى المرآة فلم أعد كالسابق قلت لقد أصبحت أوسم وأكبر بسبب شجاعتك وصراحتك معي لذلك ترى نفسك قد تبدلت . هل أقول له: إن مرآتك انكسرت يا صغيري؟ والآن نريد أن نطلب من الأهل أن يفهموا صغارهم كيف يكونون حريصين في هذه الأمور، وأنه يجب اتباع الصراحة بين الأبناء وأهلهم يجب تنبيههم إلى أن يخبروا الوالدين بأي شيء يحصل معهم وألا يخافوا مهما كانت التهديدات من الفاعل خاصة عندما يقول: سأقتل والديك أو أشقاءك دعوهم يفهمون بأن لديهم من يحميهم بدءاً منكم وصولاً إلى الشرطة التي يجب أن يحفظوا رقمها ورقم أحد الوالدين فتلك الأشياء تحمي أبناءكم، اطلبوا منهم الصراخ في حال اقترب أحد منهم وحاول أخذهم إلى أماكن مخفية دعوهم يخافون من الغرباء خاصة من يكونون لطفاء ويقولون لهم إنهم يريدون شراء الحلويات والشيبسي لهم أو إعطاءهم المال، اطلبوا منهم أن يصرخوا ويهربوا .
شكرت للنسوة حضورهن وشجاعتهن وتمنيت لهن راحة البال والصبر على ما ابتلين به واعدة إياهن بنقل ما سمعته حرفياً، فقط سأقوم بتغيير الأسماء ضحكن وقلن إنها أساساً أسماء مستعارة واعتذرن مني قائلات: إنه ليس موضوع ثقة أم لا لكنه الحرص، نشكرك على تعاطفك معنا ونعتذر منك مجدداً لأننا جعلناك تبكين، في أمان الله، لن أعلق على الموضوع أولا لأنني لا أجد الكلام المناسب وثانياً لأنني رأيت وسمعت ما يكفي لأبقى مصدومة لأيام .
ثلاث نساء منقبات أتين لزيارتي لا أرى سوى أعين دامعة تنظر إلي . طلبت منهن خلع النقاب قائلة لهن سأقفل الباب بالمفتاح ولن يدخل أحد إلى الغرفة فرفضن بأدب لم أصر عليهن وطلبت منهن البدء في الحديث الذي كما أشرن لي على الهاتف هو مهم جداً، تكلمت واحدة منهن قائلة نحن نمر تقريباً بالمأساة نفسها، تعرفنا إلى بعضنا بعضاً عند الطبيبة النفسية، وبعد عدة مرات وبما أننا كنا منقبات لم نخجل بالبوح بما نفعله هناك، وحين كنا ننتظر أبناءنا في الصالة المخصصة لنا كنساء، كان هناك آباء ينتظرون أيضاً في الغرفة الثانية لكنهم لم يتكلموا في الأمر مثلنا، علمت ذلك من زوجي الذي كان معي وثار عندما أخبرته بأننا تكلمنا عما نفعله في العيادة قال: أنت تريدين أن تفضحينا يا امرأة هل جننت؟ قلت: لماذا؟ فهن لا يعرفن شكلي ولا اسمي وأنا أيضا ثم لماذا نختبئ خلف إصبعنا، نحن الضحية ولسنا المجرمين، قلت: حسناً هلا تدخلين مباشرة في الموضوع فأنا لغاية الآن لا أفهم ما المشكلة، أنت تواربين لأنك تخجلين من البوح بما جئت من أجله وأنا أفهمك لكن يجب أن تتكلمي، صمتت ودمعت عيناها ثم تنهدت تنهيدة نابعة من قلبها وقالت ولدي الذي يبلغ التاسعة من عمره تم التحرش به بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ واعذريني إذ لا أستطيع قول الكلمة المناسبة لوضعه فأنا لا أستطيع أن أنطق بها، ومن قبل من؟ ناظر المدرسة التي يدرس فيها . صدمت وقلت وكيف عرفت بالأمر؟ أجابتني عندما اقترب منه والده ليداعبه ويقبله دفعه بقوة وأسرع يركض إلى غرفته اعتقدنا في البداية أنه يتدلل أو لأنه لم يشتر له الهدية التي كان قد وعده بها من قبل، فقد كان متفوقاً في دراسته يتسابق مع زملائه للجلوس بقربه حتى يساعدهم وفجأة تدهورت درجاته حتى كاد يرسب، فهدده والده بمنعه من اللعب وقطع عنه الهدايا إن لم يعد مثلما كان ويجتهد، من أين لنا أن نعرف ما يعانيه صغيرنا، فقد كنا نهدده بقطع المصروف عنه ومنعه من مشاهدة التلفاز لكن كل ذلك لم يفدنا في شيء إلى أن قررت أن أكلمه وكأنه شاب فدخلت إلى غرفته لأراه ممدداً على سريره يمسك قلماً في يده يلفه وينظر إليه لم يشعر بدخولي ناديت عليه مرات عدة لكنه كان كأنه في عالم آخر . الحزن والخوف باديان واضحان في عينيه . جلست قربه قائلة: محمد ولدي أريد أن أكلمك قليلاً نظر إلي ولم يرد فحملته ووضعته في حضني كما كنت أفعل قبل سنوات، فصرخ من الألم قائلا آه وقام عني، ذعرت وقلت أنا لم افعل شيئا يؤلمك يا بني قل لي أين الألم الذي تشعر به؟ فصمت ووضع رأسه بين يديه وقال لا شيء أنا بخير شعرت بأنه يكذب فعدت أجره من يده وأضعه في حضني من جديد فعدت ورأيت النظرة نفسها في عينيه إنه يتألم قلت: هناك شيء يؤلمك هيا بنا سنذهب إلى المستشفى فصرخ لا أرجوك يا أمي لا! قلت لماذا يا حبيبي فأنت تتألم من شيء ما وتأبى أن تقول فشرع في البكاء وأخذ يقول كلاماً لا أفهمه سيؤذيني أكثر سيقتلني سيخبر رفاقي قلت تمهل عمن تتكلم ولماذا سيؤذيك قل لي يا ولدي ولا تخف أنا هنا لأحميك هل يضربك أحد من رفاقك في المدرسة تردد ثم قال نعم . . علمت أنه يكذب فقلت من هو وما اسمه؟ صمت وقال لا داعي يا أمي لقد تصالحنا الآن قلت لكنك تتألم دعني أرى جسمك أردت أن اخلع عنه كندورته فلم يقبل لكنني فعلت ما أردت لأرى ذراعيه زرقاوين وآثار أصابع تبدو عليهما فولدي أبيض وأقل ضربة تصبح زرقاء اللون، فهو أيضا صغير وجلده طري كما كان هناك بعض الازرقاق على خاصرته أخذ يبكي ورمى نفسه بين ذراعي قائلاً: أنا لا ذنب لي، لم أفعل شيئاً يا أمي صدقيني هو أخذني إلى مكتبه رفع ملابسي فصرت أقول له: لا ماذا تريد مني ظننت أنه يريد ضربي لأنه وضعني على المكتب ثم فعل شيئا آلمني كثيرا، صرخت بقوة فسد فمي بيده أخذت أرفسه وأضربه لكنه لم يتوقف إلا عندما وقعت أرضا ولم أشعر إلا وهو يسقيني ماء ثم قال لي هذا قصاص لك لأنك ضربت زميلك لكني أحذرك إن أخبرت أحدا بما جرى فسيكون الألم أقسى وأقوى في المرة المقبلة هل فهمت؟ إياك أن تتكلم عما جرى لأحد خاصة والديك فسأقول إنك كاذب وسأطردك من المدرسة ويضحك منك الجميع وبعد أيام عدة عاد وفعل الشيء نفسه وهو يقول إنه سمع بأنني أخبرت أحدهم عن الموضوع فحلفت له بأنني لم أخبر أحدا لكنه لم يصدقني وكان بالفعل الألم أقوى وأكبر تلك المرة صدقيني يا أمي أنا لم أخبر أحدا بالأمر، كنت أنظر إليه وأنا لا أصدق ما أسمع شعرت بأن الدم جف في شراييني شعرت بهزة تعتريني شعرت بالبرودة تسري في جسدي أخذت أرتجف كالورقة لم أستطع البكاء أمامه حتى لا أخيفه لملمت ما تبقى لي من قوة وقلت بصوت هادئ وأنا أحضنه اهدأ يا حبيبي حسناً فعلت بإخباري، لا أريدك أن تخاف من شيء طالما أنا ووالدك على قيد الحياة فنحن سنحميك من أي أحد أنت لم تخطئ في شيء، أريدك أن تهدأ يا عمري وتلعب أي لعب تريد على الكمبيوتر، دقائق وأعود إليك، لكنني معاقب أجاب، قلت له وأنا أبتسم: لم تعد كذلك هيا افعل ما تريد يا حبيبي وسوف أعود لن أتأخر عليك، خرجت من غرفته وأقفلت الباب خلفي وقفت على الحائط لدقائق قبل أن أشعر بأن قدمي لا تقويان على حملي فجلست أرضاً أضرب بيدي على وجهي كالمجنونة ابكي بكاء مراً لكنه مكتوما ثم استجمعت قوتي وتوجهت إلى غرفتي حيث كان زوجي نائما وضعت يدي على كتفه أهزه وأقول قم يا بو محمد نظر إلي وفوجئ بشكلي ودموعي المتساقطة قال بخوف ما الأمر قلت له مصيبة، مصيبة لا أعرف ماذا أقول ومن أين أبدأ . قال: تكلمي بحق الله ماذا هناك أخبرته بالأمر وأنا أبكي وأضرب على رجلي وأقول: لا اصدق أن هذا الشيء قد جرى مع صغيري . جن جنون زوجي انهار وقفز من فراشه ليذهب إلى غرفة محمد لكنني أوقفته قلت ماذا تفعل؟ إياك أن تذهب إليه وأنت هكذا ثائر وغاضب فسوف تخيفه يجب أن نعالج الموضوع بحكمة مع الولد وإلا سنفقده لا تدعه يراك هكذا يجب أن تهدأ وتعرف كيف تكلمه أخذ يدور في الغرفة وهو يردد كلمة واحدة فقط سأقتله هذا الحقير السافل، سأقتله بيدي ولو سأسجن كل حياتي، يجب أن أقتل هذا الذئب المفترس لقد أذى ولدي . . صغيري البريء لا أصدق يجب أن أقطعه بأسناني لقد قتلني أنت لا تفهمين يجب أن أنتقم لصغيري يا الله ساعدني يجب أن أمنعه من أن يؤذي آخرين يجب أن أخلص الناس من شره، قلت اهدأ نحن لا نعيش في غابة فهناك شرطة وقضاء يأخذ لنا حقنا اهدأ وفكر في الذي سنفعله بداية مع الصغير، فهو يتألم وخائف نكلمه ثم نتوجه إلى مركز الشرطة .
هذه قصتي ومثلها قصة صديقتي الثانية التفاصيل نفسها لكن الذئب كان حارس المدرسة الذي يهابه الجميع بدءاً من الصغار وصولا إلى الكبار أما صديقتنا الثالثة فمشكلتها أسوأ إذ إن الأمر طال صغيرتها التي كانت عائدة مع السائق تلعب بدميتها فأوقف السيارة في مكان ناء وفعل ما فعله ثم ترك السيارة وهرب، بعد أن فقدت الصغيرة المسكينة وعيها من الألم، فاعتقد أنها ماتت وبعد وقت لا نعرف كم هو بالضبط مرت دورية للشرطة واستغربوا وجود السيارة هناك في هذا المكان ولا أحد داخلها فاقتربوا أكثر ليجدوا المفتاح في مكانه ونظروا إلى المقعد الخلفي فوجدوا الصغيرة والدماء تغطي ساقيها اعتقدوا أنها ميتة لأن نبضها كان خفيفا جدا بسبب ما فقدت من الدماء وعندما شعروا به وعرفوا أنها لا تزال على قيد الحياة لم ينتظروا وصول سيارة الإسعاف بل حملوها وأسرعوا إلى أقرب مستشفى ثم اتصلوا بأهلها بعد أن عرفوا اسم والدها من رقم السيارة ودفترها فاتصلوا بالمرور وحصلوا على الرقم، لن أخبرك ماذا فعل والداها، لك أن تتخيلي ذلك نظرت إلى والدتها لأرى دموعها الغزيرة ورجفة يديها وضعت يدي على رأسي وصمت أمام النسوة . . بكيت معهن طلبت الشاي للجميع وجلست أحاول تهدئة نفسي وتقويتهن فقلت لا أدري ما هو الكلام المناسب الذي يجب علي قوله لكنّ حسبي الله ونعم الوكيل فيهم أين هم الآن، هل تم توقيفهم؟ أجابتني أم محمد طبعا، الناظر والحارس موجودان في السجن في انتظار محاكمتهما بعد أن تم التحقيق معهما بالطبع وثبتت التهمة عليهما عندها تقدم عدد من أولياء الأمور ليعترفوا بأن أولادهم أيضا تعرضوا للموقف نفسه لغاية الآن لا نعلم بماذا سيحكم عليهما، هل بالسجن المؤبد والترحيل بعد انقضاء المدة أم الإعدام، فنحن ننتظر والمهم أنهما في مكان حيث لا يستطيعان فيه أذية أحد، أما السائق الآسيوي فالبحث لا يزال جارياً عنه لغاية الآن، وبإذن الله سيجدونه، حسناً فعلتن قلت لهن لم تخفن من الفضيحة كما فعلت غيركن صرخت أم محمد لا يهمني شيء غير ابني المسكين فزوجي أراد قتله لولا أنني أقنعته بالذهاب إلى الشرطة فقال لن يشفى غليلي يا امرأة إن لم أقتله بيدي وأعلقه في الساحة العامة ليكون عبرة لغيره لكنه اقتنع مني بعد جهد جهيد خاصة أنه ليس رجلا عنيفاً .
الطبيبة النفسية التي تعالج الأولاد تقول: إن مسألتهم طويلة ومعقدة نوعا ما لكنهم بمشيئة الله وعونه سيشفون منها من دون ذيول وهنأتنا على وعينا بأننا أتينا بهم إليها حالما علمنا بالأمر فمن يتأخر أو لا يذهب أبدا إلى العيادة يتوجب عليه أن يفكر في أنه يربي وحشاً من دون أن يدري .
أما طيف فهي لا تزال تخضع لعمليات جراحية بسبب كسر في حوضها وقدميها أما عذريتها فسيتم التعامل معها لاحقا عندما تصبح في الثامنة عشرة من عمرها لكن همّ أهلها الأوحد الآن هو أن تتكلم مجددا وتعود إلى ما كانت عليه سابقا فتاة جميلة مملوءة حياة وبهجة . الطبيبة طمأنتها بأنها بدأت تهدأ وبين يوم وآخر ستتكلم ولن تصمت، فالقصة قصة وقت فهو كالجرح يحتاج إلى أسابيع أو أشهر ليندمل ثم يختفي وتختفي آثاره إن تمت معالجته بطريقة جيدة . هذه هي قصتنا ولقد اتفقنا أن نخبرك بها آملين بأن تنشريها فأبناؤنا قد عانوا الكثير وعانينا معهم ومنذ عدة أيام قال لي محمد لماذا يا أمي أرى نفسي قد تبدلت عندما أنظر إلى المرآة فلم أعد كالسابق قلت لقد أصبحت أوسم وأكبر بسبب شجاعتك وصراحتك معي لذلك ترى نفسك قد تبدلت . هل أقول له: إن مرآتك انكسرت يا صغيري؟ والآن نريد أن نطلب من الأهل أن يفهموا صغارهم كيف يكونون حريصين في هذه الأمور، وأنه يجب اتباع الصراحة بين الأبناء وأهلهم يجب تنبيههم إلى أن يخبروا الوالدين بأي شيء يحصل معهم وألا يخافوا مهما كانت التهديدات من الفاعل خاصة عندما يقول: سأقتل والديك أو أشقاءك دعوهم يفهمون بأن لديهم من يحميهم بدءاً منكم وصولاً إلى الشرطة التي يجب أن يحفظوا رقمها ورقم أحد الوالدين فتلك الأشياء تحمي أبناءكم، اطلبوا منهم الصراخ في حال اقترب أحد منهم وحاول أخذهم إلى أماكن مخفية دعوهم يخافون من الغرباء خاصة من يكونون لطفاء ويقولون لهم إنهم يريدون شراء الحلويات والشيبسي لهم أو إعطاءهم المال، اطلبوا منهم أن يصرخوا ويهربوا .
شكرت للنسوة حضورهن وشجاعتهن وتمنيت لهن راحة البال والصبر على ما ابتلين به واعدة إياهن بنقل ما سمعته حرفياً، فقط سأقوم بتغيير الأسماء ضحكن وقلن إنها أساساً أسماء مستعارة واعتذرن مني قائلات: إنه ليس موضوع ثقة أم لا لكنه الحرص، نشكرك على تعاطفك معنا ونعتذر منك مجدداً لأننا جعلناك تبكين، في أمان الله، لن أعلق على الموضوع أولا لأنني لا أجد الكلام المناسب وثانياً لأنني رأيت وسمعت ما يكفي لأبقى مصدومة لأيام .
منقول من جريدة الخليج الشباب للكاتبة مريم راشد