وطنٌ يسجنُ العصافير!

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
دعتنى جمعيّة «الوفاق الوطنى» بالبحرين لحضور فعاليات مؤتمر «شباب الربيع العربى» الأول بالمنامة، فى ملتقى «ثورى» عربى يجتمع فيه كثير من رموز الثورات العربيّة باختلاف مواطنها لتبادل الرؤى والأفكار حول موقع الثورة البحرينيّة من ثورات الربيع العربى، ورؤية الشباب لمستقبل الحراك هناك، ورغم أننى أعلم أن موقفى من الثورة البحرينيّة يغضب الكثيرين، فإن «الحقّ أحقّ أن يتّبع»، فأنا أؤمن بأن النضال لأجل الحريّة لا يقتصر على أبناء جنسٍ ولا لونٍ، ولا عقيدة واحدة، فكون أغلبيّة السكان البحرينيّة ينتمون إلى المذهب الشيعى، ليس مبرّراً على الإطلاق لجعلنا نقبل بقتلهم وقمعهم على يد العصابة الحاكمة هناك، والمدعومة من أنظمة الاستبداد فى دول الخليج، والمعروفين بعدائهم الشديد لكل ما يمتّ للتغيير بصلة، كونهم يحاولون الحفاظ على بلداننا العربيّة كـ«عزب» ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، ولا عزاء للشعوب.

على ذكر البحرين وما يجرى فيها أظن أنه يعرف كلّ المتابعين لشأن ثورات الربيع العربى اسم «عبدالهادى الخواجة» الناشط الحقوقى المناضل ومؤسس مركز البحرين لحقوق الإنسان، وأحد أهم مشعلى شرارات الثورة البحرينيّة، «الخواجة» الذى حُبس وعذّب وسُحِلَ لأجل عيون الحريّة، ولأجل كرامة الشعب البحرينى طيلة سنين، حكم عليه بالسجن المؤبّد على خلفيّة نشاطاته المعارضة، لكنّ الأمر لم يكن كافياً بالنسبة للعصابة الحاكمة هناك، فقرّروا إلحاق ابنته به فى محبسه وقد فعلوا، فقد حكم منذ يومين على الناشطة «زينب الخواجة» ابنة «عبدالهادى» بالسجن لمدّة شهرين بتهمة إتلاف منقولات مملوكة لوزارة الداخلية وهى «صورة للملك حمد بن خليفة»، على الرغم من احتجازها منذ شهر أغسطس لمشاركتها فى أحداث الثورة وعقاباً لها على «الصداع» التى أحدثته فى رأس السلطة المستبدّة القمعيّة التى تقتل وتُجرم فى حقّ الشعب البحرينى ليل نهار.

«زينب الخواجة» لم تكن مجرّد ابنة عاديّة ولا مواطنة من هؤلاء الذين يتخذون الصمت سبيلاً للحياة، إنّما كانت بحقّ رمزا من رموز الثورة بامتياز، فقد كانت من أهمّ المشاركات فى التحرّكات الاحتجاجيّة بالبحرين، ودخلت فى إضراب عن الطعام احتجاجاً على اعتقال السلطات لوالدها وزوجها لكنها سرعان ما أنهته قائلة: «لن يخدم عائلتى أن أظل صامتة صمت المقابر غير قادرة على الحديث»، واستكملت مسيرة والدها فى الدفاع عن حقوق الإنسان ومحاربة الظلم والاستبداد فتعرّضت فى سبيل ذلك للاعتقال والغرامة أكثر من مرّة!!

العجيب فى الأمر أن «سلطتنا الحاكمة» -الهمامة- لم يفوتها أن تخذلنا وتهين ثورتنا كالعادة، فقد منعت السلطات المصريّة فى وقتٍ لاحقٍ «زينب» من دخول الأراضى المصريّة مجاملةً لعيون العصابات الحاكمة فى دول الخليج -حتى لا يغضبوا عليهم فيمنعوا العطايا التى لا تنقطع- من باب «اطعم الفمّ.. تستحى العين»!!، ولا أظن أننا سنجد هذا غريباً فى ضوء قراءة موقف الإخوان المسلمين من الثورة «المصريّة» ولا جمعيّة «المنبر الإسلامى» البحرينيّة التابعة للإخوان المسلمين والتى هادنت النظام وعادت الثوّار، ولا أى «فرع» من فروع الإخوان فى أى بلدٍ آخر، مما يجعلنا نوقن أنّ القاعدة عنهم هى معاداة الشعوب لصالح الأنظمة!!

ما حدث مع «زينب» ووالدها «عبدالهادى الخواجة» ويحدث مع عشرات البحرينيين المدافعين عن حقّهم فى الحياة، والمحاولين انتزاع الحريّة مهما كانت الأثمان والتضحيات، دليلٌ جليل على أن الشعوب قامت ولن تعود لثباتها ثانيةً، فمن تونس إلى ليبيا وسوريا واليمن والبحرين يسير قطار الربيع العربىّ وهو على يقين بأنه سيصل، وسننتصر.
بانتظار ذهابى للبحرين خلال أيّام وسأقدّم فور وصولى طلباً للسلطات البحرينيّة لزيارة زينب وأبيها فى السجن لأقول لهم: من مصر وثوّارها كل التحايا والدعم، وقريباً سنحتفل بوطنٍ عربيّ بدون سجين رأى واحد!!
 
أعلى