الوعد السوري
أنا بتنفس حرية
- إنضم
- Jan 5, 2009
- المشاركات
- 3,838
- مستوى التفاعل
- 124
- المطرح
- مدينة المآذن والشهداء .... دوما
تجاوزت الساعةُ الواحدةَ ظهراً بربع ساعة... بدأ عمار يشعر بالقلق رويداً رويداً , فليس من عادتها أن تتأخرَ عن مواعيدهما , نظر يميناً ويساراً دون جدوى , ابتعد عن مقعدهما الدائم في الحديقة ثم مالبث أن عاد إليه مسرعاً, أخرج جواله.. حاولَ الاتصالَ بها ولكن الصوت الذي اعتاد سماعه لم يردَّ عليه هذه المرة بل كان الجواب : الهاتفُ مغلق أو خارج نطاق التغطية , عشراتُ الأفكار راودته وأخذته بعيداً وقريباً.., مالذي حصل معها؟
لماذا تأخرت؟ مالسبب؟ هل تقصد ؟؟ لا لا بالتأكيد لاتقصد كان يتحدث مع نفسه والتوتر يزداد داخله, وكانت الغيوم الداكنة تضفي على المشهد مسحةً من الحزن والكآبة
كـــيـــف حــالــك حبيبي ؟ قطع الصوتُ الملائكي صمتَهُ المطبق .. رفع رأسه بسرعة تزاحمت بداخله كتلةٌ كبيرة من المشاعر , نظر إليها بتأنٍ ثم قال : حبيبتي لقد انشغل بالي عليكِ كثيراً... مالذي جرى؟؟ ولماذا هذا التأخير وأمطرها بوابل من الأسئلة المتلاحقة
كانت تنظر إليه وترتسم على محياها ابتسامة تخفي أمواجاً من الحب والشوق , هل خفتَ عليّ ياحبيبي؟ , لقد اضطررنا أن نأخذ درساً اضافياً على غير العادة لأن معلمتنا ستسافر مدة أسبوع إلى مدينتها, وبمجرد خروجي من المدرسة طرتُ مع رياح الشوق قادمةً إليك حتى أنني نسيت أن أفتح موبايلي المقفل , هنا طأطئ راسه قليلاً وظهر عليه شيءٌ من الحزن بدا واضحاً رغم محاولاته الحثيثة لإخفائه ولكنه بدا واضحاً لها
فلغة العيون أبلغ تعبيراً أحياناً من لغة الشفاه , قال: ربما لا أعرف بماذا سأخبركِ يا ريما؟ وكيف؟؟ ...... ثم صمت
قالت له:بالله عليك مالذي يجري لك أخبرني لاتصمت ؟؟ ماذا أردت أن تقول ؟ لِمَ كل هذا الخوف الممزوج بالحزن!!
رد عمار : تعلمين أنه بقي لامتحان البكالوريا شهران وأنا مضطر للذهاب إلى قريتي للتركيز في الدراسة بعيداً عن ضوضاء المدينة
جاء الخبر كوقع الصاعقة على العاشقة الفتية : شهران كيف سأمضيهما دون رؤيتك ؟ وتابعت وملامح البراءة الطفولية ترتسم عليها : حبيبي قل غير هذا الكلام , هنا سقطت أولى دمعاتها , حاولت اخفاءها ولكنها فشلت , قال لها : أنا مضطر للذهاب وقد حجزتُ على الحافلة المتجهة إلى القرية بعد ساعة من الآن , ولكن قبل الذهاب أريد أن أهمس في أذنكِ سراً
حينها بدأ المطر بالهطول وأخذ صوت ارتطامِ قطراته بالأرض يحدث صوتاً شاعرياً مثيراً لاتضاهيه كل سيمفونيات البشر
أخذ يدنو منها شيئاً فشيئاً وهي تشعر بالفضول لتعرف السر
ولكنه أدهشها بقبلةٍ دافئةٍ جداً لخصت عامين من الحب الجنوني
كان وقعها كالزلزال .................
شعرت بالخوف والفرح مختلطين مع بعضهما , ثم رمقته بنظرة عتابٍ تخفي وراءها سراً كبيراً , شعر بالذنب لاحراجها اعتذر منها فوراً
أخفضت رأسها دليلاً على الموافقة على اعتذار عمار..
ولكنها كانت تقول في نفسها وبكبرياء أنثوي لاتريد الافصاح عنه
ليتك أطلت من مدة جريمتك ياعمار
نظر إلى ساعته وقال : لقد بقي ربع ساعة لموعد الحافلة وعليّ الانطلاق .. أخرجَ من جيبه علبةً صغيرة أعطاها إياها .. وقال بحزنٍ ظلل كلماته: وداعاً حبيبتي , وانطلق مسرعاً لأنه لا يريد رؤية دموعها ,
وبعد لحظات من البكاء نظرت إلى علبته الصغيرة .... فتحتها بشغفٍ
نظرت لما بداخلها وإذ بها تجد سلسالاً صغيراً يتلأ لأ داخل العلبة وبجانبه ورقةٌ صغيرةٌ على شكل قلبٍ جميلٍ
تناولت الورقة ... فتحتها ... وقرأت :
اذكريني كلّ ما حلّ المساء
سيظلّ قلبي ينبض بحبكِ
طالما بقيت فوق الأرضِ سماء
وطالما بقي شوقنا مستمراً
وخالداً خلود البقاء