أحمد التايب يكتب: التعليم فى مصر بين الواقع والمأمول

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
العملية التعليمية فى مصر ومن واقع أقوال المعلمين وخبراء التعليم أنفسهم، تحتاج إلى إعادة هيكلة من جديد، فنجد فيها ما فيها من سوء التخبط فى القرارات، والاهتمام بالروتين والأوراق، دون الاهتمام بجوهر وقيمة العملية التعليمية نفسها.

إن النظام التعليمى فى مصر يحتاج إلى إصلاح وتأهيل المعلم أولا، والمدرسة، والإدارة، والوسائل التعليمية، والمناهج الدراسية، وهذا لا يتأتى إلا بعد أن نسأل أنفسنا عن هدفنا من التعليم، ثم نبحث عن الطرق والوسائل التى نحقق بها هذا الهدف المرجو.

والسؤال: ما ميزانية التعليم عندنا فى مصر مقارنة بميزانية التعليم فى أى من الدول المتقدمة؟ وما النظم المتبعة فى الإنفاق على التعليم؟ وما طرق التعليم؟ وما مدى إيجابية هذه الطرق؟ وما مدى فاعلية التعليم فى حياتنا المعاصرة؟ وما أنواع التعليم لدينا؟

فنحن لدينا فى مصر على الأقل ثلاثة أنواع من التعليم، فلدينا التعليم العام المجانى، والتعليم الأزهرى، والتعليم الخاص، وللأسف الشديد النظام التعليمى للأنواع الثلاثة يهتم بصفة عامة بسياسة الحفظ والتلقين، وهى مهمة، لكن الذى يحدث هو أن التعليم عندنا لا يهتم بغير هذه السياسة التعليمية، وهذا هو الخطأ الأكبر.

ولهذا فقد استعد المعلمون بالاختراعات والمذكرات، وقاموا بتصميمها وعمل إجابات نموذجية، وقاموا فى تدريسهم بالتركيز على الأسئلة المكرر ثبوتها فى الامتحانات.

ولم تسلم الوزارة نفسها من الاهتمام بالامتحانات، فأعدت نماذج الامتحانات المتعددة من قبل خبراء فى الوزارة، والكتب الخارجية أيضا شاركت فى الجريمة؛ فالكل اهتم بالامتحانات، وتحول الأستاذ من معلم يبنى شخصية الطالب العلمية والفكرية، إلى فنى الحصول على الدرجات، فانتشرت الدروس الخصوصية، وتحولت مجانية التعليم إلى سراب، وتسابقت الأسر إلى حجز الدروس الخصوصية عند المعلمين المشهورين، وصارت الدروس الخصوصية مرضا من الأمراض المتوطنة فى بلدنا، وعجزت كل الجهود عن أن تجد علاجا لهذا المرض العضال، ولم تفكر الحكومات المتوالية فى السبب فى انتشار هذه الظاهرة أو هذا المرض.

كذلك نحن أمام تعليم خاص لا يختلف عن المجانى كثيرا فى سياسة الحفظ والتلقين ولكنه ازداد خطره عندما همش بعض المواد مثل التاريخ والدين واللغة العربية واهتم بالنظم التعليمية الغربية ووسائله وثقافته فخرج ويخرج نشئا بدون هوية وانتماء للوطن وأصبح السبب فى هذا الأمراض هو عملية التعليم نفسها، وأن التعليم ليس لديه أفكار عن التطوير والابتكار، وهو فى مجمله بعيدا عن تنمية المهارات والقدرات واكتشاف المواهب وتبنى المنهج العملى التطبيقى.

وإذا أرادت الوزارات الإصلاح والتطوير فى التعليم، فتقوم بتغيير المقررات الدراسية التى تركز على الحفظ فى معظم أحوالها إلى مقررات دراسية أخرى تركز على الحفظ أيضا، وتصرف المكافآت وتغير بعض النظم المتبعة، وتعيدها مرة ثانية، فليس هناك جديد غير أن نحذف مثلا قصيدة لشاعر، أو موضوع ونأتى فى مقابلها بقصيدة مختلفة لشاعر آخر أو موضوع آخر، ويبقى الأمر على ما هو عليه، وتبقى العملية التعليمية فى الانحدار فلا متعلم كفئا ولا معلم مؤهلا ولا إدارة تعليمية قادرة على التغيير والتطوير.

فإذا أرادت مصر التقدم بعد ثورة عظيمة جاءت على دماء الشهداء من فلذات أكبادها، عليها أولا بالنظر إلى المنظومة والعملية التعليمية، لأن بدون إصلاح التعليم تكون كل الجهود المبذولة فى محاولات التقدم غير مجدية وغير مفيدة، ولأن التعليم هو السبيل الوحيد للخروج من عنق الزجاجة وأن تخرج مصر من كبوتها.
 
أعلى