عمر رزوق
بيلساني مجند


- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45


رسالة اعتذار
صديقي في حزن شديد يسجنني , وحول معصمي يضع القيود , ويثقل كاهل الضمير لدي , أرسل لك هذه الرسالة بعد أن ضعتُ في تقويم الهواجس بين مبادئ وعقائد , فما الأفضل لنا أو لهم . بين مفهوم الحرب على الإسلام أو حربا على المسلمين . بين حقيقة الأول بأنه محفوظ بأمر الله وحقيقة الثاني بأنهم تراخوا فأذلهم الله . بين تلك الحقيقتين , يطول الخوض في الجدل , ويخيم على أغلبه الدجل , المصالح والمنافع , فلا تعرف لأمرنا متحرك أو قابع , تختلجني مشاعر الغباء لدرجة أنني بدأت أرتاح إليها فأجعلها ديدني حتى تنجلي الأمور , وأعاتب نفسي على جبنها , فأجدني قد أعلنت أنني جبان وفي ذلك شجاعة إفتقدها "المناضلون " بالشعارات والهتافات . أن تهتف ضد أمريكا في أرض والتها وتغض الطرف عن وليّ أمرك فلا تندد به , فيه شيء من السخرية , ولقدر المواطنين دائما , سخرية لا تألو عن جعلي مناصرا للقمع الفكري العقيم .
عندما تتخذ موقفا أو تناصر معسكرا أو تدعو مبتهلا وقانتا لنصرة من تحب على من تكره أو لصاحب حق على مغتصب , تجد نظاما يؤيّد ما تقول وشعب يضطهده ذلك النظام . تحرّك فيك " دعوة الجهاد " أعلى قيَم الفناء حبا في الغنيمة الغائبة , فتنكر أمرا أنت عليه , من حب لصلاح الدنيا بزوال نظام ونشر حق وإبعاد ظلم .
فكيف يحدث هذا !
نرفع " أعلام الحداد " ونبكي حالنا أو نتباكى , فتختلط الدموع وتتميّز, دمعة على خبز أصبح فضلا للمتفضل على الجائع , دمعة تحرق ما في النفس من كبت وعدم جدوى للكلام , دمعة على دماء تتناثر تحت القصف لتثير دماء تتجمد خوفا من قول كلمة حق وإعلائها , دمعة نأمل بها لقاء يجمع الأحباب هناك ودمعة خوف على فراق أحبة لنا .
ماذا نريد ؟ ماذا نبغي ؟
سأشرحها بخطاب الحياد, خطاب يجعلنا مع فلول المحايدين المتأملين المتفائلين , حياد يبعدنا عن فهم حقيقة الإسلام حين حمل الغير ما يحمله الآن ويدعو به , حرية ورخاء وعلم ونور . حياد نرى به ما كنا عليه من نفس الدعوة مع اختلاف الدافع والموجّه , ونتمناه لأنفسنا لنعيش حياة أكثر استقرارا نحقق بها غاية إعمار الأرض وحكم الاستخلاف وصولا للجنة , فنكون بذلك مسلمين يبحثون عن الإسلام .
كل ذلك كان مختلف الدوافع , انتماءات وأرض وعرض وشرف وكرامة , ونسينا أن الحياة هي الوطن فإن استمرت واعتدلت حفظت لنا ما خفنا عليه وثرنا من أجله . ليست حُفَينات من تراب , وليست نظام أو هويّات وجوازات , ليست رواتب أو عائلات , هي كل ذلك إن تحققت به الحياة , حينها يكون لك في نفسك وطن يحتوي من حولك ويضمهم لقربك فيكون رباط الحياة هو وطن يحفظ لنا كرامتنا وشرفنا وعرضتا وفي آخر المطاف , أرضنا فيكون ذلك هو الوطن .
الوطن هو الحياة والمهم هو الإسلام وليس المسلمون . والحق هو ما يلزم لما سبق وليس العدل بالحكم على إعدام ما سبق , فأكون يا عزيزي قد تجاوزت جميع دعوات الجهاد, وخطابات الحياد , وإعلام الحداد , فأجد الصمت لي ملجأ حتى ينتهي هذا الأمر . ولو أطلع الناس على القدر لاختاروا ما هم فيه . أكتب إليك لتعلم ما أعاني وتحس بمعضلة ما أنا فيه , فلقد تيبست الحروف في عقلي وتجمدت الأقلام بين أناملي ولم أعد أحتمل أي اتهام بأي خذلان أو تخاذل ,
لأن الجميع متهم ...
والكل مدان من غير أن تثبت إدانته ...
والكل بريء حتى تثبت إبادته ...
والكل صادق حتى يثبت حد الصدق نفسه ...
تحياتي وإلى اللقاء بعد أن تنتهي الأحداث أو حتى تبدأ الأحداث .