أرض الجحيم

DE$!GNER

بيلساني محترف

إنضم
Apr 4, 2011
المشاركات
2,637
مستوى التفاعل
44
المطرح
بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
هي أرض.. قد تكون للنعيم.. وقد تصبح للجحيم. والسؤال هو أي جحيم هذا الذي سيسكن تلك الأرض؟.. هل سيهبط إليها.. أم أنه سينبع منها.. أم أنه سينتشر فيها بشكل غامض وخفي وكأنه لم يحدث شيء؟
أسئلة أطرحها أو أختصرها في إجابات واضحة وصريحة.. وأخرى مغلفة بالخوف والحزن على مصائر أناس معلومين مجهولين يقعون في دائرة القدر.. ولو أنه من صنع البشر.
وإذ تحيط الأخطار بحياتنا المعاصرة من كل جانب فإن خطراً واحداً يشتمل عليها جميعاً لا يتهددنا في صحة أجسامنا فقط، بل يتعدى مسار حضارتنا الإنسانية أيضاً.. إنه الخطر النووي الذي وإن كان يعبأ في قنبلة أو مفاعل لا فرق، إنما لا يمكن حصر مدى تأثيره السلبي إذا ما خرج عن مساره الطبيعي.
ربما كان ما يحدث الآن من تهديد لسلامة الأجيال القادمة بفعل التسربات الإشعاعية يجعلنا نقف وقفة صدق مع أنفسنا أمام اختياراتنا بين التفوق التكنولوجي والأمان الحياتي.
فهل يضع جميعنا يده فوق قلبه وهو يراقب غضب البراكين والبحار، إذ تثور في وجهنا.. أو يتعذر عليه حصر الآثار المترتبة على الإشعاعات النووية المتسربة من مفاعل متضرر أو آخر متهالك؟..

أرض الجحيم هي تلك الأرض التي انفجر فوقها مفاعل تشيرنوبل في ثمانينات القرن الماضي المفاعل الأشهر بين المفاعلات النووية العديدة في العالم.. وأرض الجحيم الآن هي تلك البقعة من اليابان التي أصبحت مغلفة بالإشعاع النووي. وإذ ترصد البشرية الآثار الكارثية التي ترتبت على ما أصاب مفاعلات فوكوشيما اليابانية فإنها تترقب بخوف وقلق كبيرين ما ستحمله الأيام والأعوام التي ستأتي من خطر يتهدد مناطق وبلدان وجزراً كاملة تسكن المحيط.
وقائع وإن كانت تضعنا من جديد في مواجهة مع الحدث الأول في شيرنوبل بعد مرور خمسة وعشرين عاماً، فإنها في الوقت ذاته ترصد ملامح كارثة إنسانية ثانية تسببت بها الزلازل وأمواج المد البحري.. لتقرع أجراس الإنذار على مسمع من العالم لاستخدامات الذرة ولو كانت لأغراض سلمية.
أحداث إذ تتكرر تتكثف في بؤرة واحدة هي الرعب النووي.. والبشر يدورون في عالم طارئ يختطفهم كلاً نحو قدره.. أما النتائج فهي التي يمكن أن يلمسها أي إنسان في الواقع، أو يتخيلها، أو يتحدث عنها.
وهذا كله يختصر ما حصل وهو أن كارثة قد وقعت وأن بيئة قد تضررت وأن أشخاصاً وصلوا إلى مصائرهم. وإذا كانت الدول تحترم مواثيقها وعهودها ومعاهداتها، فإن الإشعاعات الذرية المنفلتة لا تعرف احتراماً لحدود أو لدول وهي ترسي كوارثها البيئية على أرض غير الأرض.. وتحت سماء غير السماء.
منظمات خضراء أو حمراء أو بكل ألوان الطيف تنبثق للسلامة هنا وهناك لتهدئ من الروع النووي.. لكن جهودها مهما كثفت فإنها تسقط أمام منطقة محظورة تسكنها نسب الإشعاع العالية التي تتهدد كل مظاهر الحياة فيها.
الطبيعة سخية علينا، ولكننا نجرحها أحياناً أو نخالف قوانينها فنقع في فخ غضبها وإذا بالحياة تتأرجح بين نور وظلام.. نور يملأ القلوب.. وظلام يعمي الوجدان. وتتناقض بين حرير وشوك.. حرير كنعومة الزهر المتفتح في حدائقنا أو كوجنات أطفالنا.. وشوك كرؤوس الدبابيس يخدشنا أو يجرحنا.. ونحن نتقلب في فصول الحياة بين صيف وشتاء.. صيف هو المرح والأمان.. وشتاء هو الحزن والخوف على سلامة الإنسان. ونتقلب بين ثلج ونار.. ثلج هو الخصب للأرض.. ونار هي نيران المفاعلات النووية لا اشتعالاً.. ولا احتراقاً.. ولا لهباً أحمر.. بل نار غير منظورة تتسرب مع الأنفاس فتقل الأجساد وتمحو الإحساس.
هل كان كل ذلك أو بعض من ذلك من صنع الطبيعة أم من تجاوز الإنسان؟
 
أعلى