أسطورة أوديب .....

Black Hawk

بيلساني سوبر

إنضم
May 11, 2009
المشاركات
2,057
مستوى التفاعل
35
المطرح
!!.. على شط الفرات ..!!!
هي من الأدب التمثيلي اليوناني القديم للكاتب سوفوكليس.

تدور أحداث المسرحية في مدينة طيبة. كان الملك "لايوس" ملكا لطيبة وقد تزوج ولم ينجب، فذهب لمعبد دلفى (معبد يونانى يستطلعون منه النبوءات)

ليعرف حلا لمشكلته فجاءت إليه العرافة بنبوءة (ونبوءة العرافة مستلقاة من الإله أبوللون)، أنه سينجب ولدا سوف يقتل أباه ويتزوج من أمه،

فانزعج لايوس لهذه النبوءة ورحل لمنزله وهجر امرأته حتى لاينجب ثم مرة بفعل كونه مخمورا حملت زوجته فانزعج لخوفه من النبوءة

وانتظر حتى تمت ولادتها وأعطى الطفل لحارسه لكى يقتله، ثم ذهب به الحارس إلى الجبل وهو مقيد بالأغلال من قدميه
(وهذا يفسر سر تسميته بأوديب التي معناها باليونانية القديمة المصفد بالاغلال أو الأرجل المتورمه)
وبدلا من أن يلقيه في الجبل ليموت تركه لراعى قابله في هذا الجبل.
ولقد أشفق الراعى على الطفل وأخذه لملك وملكة كورنثة فهما لاينجبان وأعطاهم أياه، وأعتقد لايوس بأنه قد تخلص من أبنه ومن النبوءة.

وتربى الطفل مع الملك والملكة وهو معتقد بأنهم أبواه حتى شب وأصبح يافعا، وظل لجرح قدميه علامة من الأصفاد التي سلسل فيها وليدا.

وذات يوم كان مع أصحابه فشككوه أنه ليس ابن ملك كورنتس والملكة فانزعج أوديب ورحل هو الآخر لدلفى لاستطلاع الأمر.

خرج ليستشير الآلهه، فجاءت اليه النبوءة (ستقتل أباك وتتزوج من أمك)،

فبهت أوديب ورحل عن بلده وترك أبواه الملك وأمه الملكة الذين لايعرف غيرهم أبا وأما حتى ينجو من أن يقتل أباه ويتزوج أمه، ورحل إلى طيبة.

وفي الطريق إليها ذى ثلاث شعب نازعته عربة يجرها رجل بداخلها رجل مسن وشبت مشادة بينه وبين رجل وحراسه في الطريق

فما كان إلا أن الرجل في العربة ضربه بالسوط فتعارك معه أوديب وأستطاع أن يقتلهم جميعا، وواصل طريقه إلى طيبة.

وقبل دخوله طيبة كانت تسكن الطريق هولة (أبو الهول أنثى أو سفنكس) متوحشة تسأل سؤال غامضا وتقتل من يعجز عن الجواب وتشيع في الأرض الخراب،

وعندما أتى سألته نفس السؤال من الذي يمشى في الصباح على أربع وفي الظهر على أثنان وفى المساء على ثلاث؟

وكان جواب أوديب الشهير الإنسان في البداية طفلا يحبو ثم شابا يافعا على قدميه ثم يهرم فيمشى على عصا بجانب قدميه وانهارت الهولة لمعرفته حل اللغز الرهيب،

وألقت بنفسها وماتت، وفرح الشعب لرحيلها وتخلصهم منها، وجاء الخبر بموت مليكهم في طريق ذى ثلاث شعب فأخذوا أوديب ونصبوه ملكا عليهم وزوجوه من أرملة الملك السابق.
وبعدما تولى أوديب حكم طيبة أنجب منها 4 أولاد ولدين وبنتين، وبعد مضى سنوات من اعتلائه العرش حدث طاعون أصاب الحرث والنسل

وامتلأت الأرض بالجثث وسادت الفوضى والدمار فبعث أوديب بكريون أخو زوجته لاستطلاع نبوءة دلفى بخصوص هذا الطاعون فأى وباء ينتج من خطأ ما تجاه الآلهة،

وعاد كريون ليبلغ أوديب أن سبب الطاعون وجود قاتل الملك لايوس بالمدينة، فأخذ أوديب يوعد ويتهدد ويصب لعناته على هذا القاتل حتى لو كان يسكن بيته

ووعد أهل المدينة باستقصاء خبر قاتل الملك ليضع حدا لهذا الطاعون القاتل، واقترح عليه علية القوم أن يأتوا بعراف أعمى اسمه ترسياس ليكشف لهم من هو قاتل الملك،

وبالفعل أتى وأخذ يناقشه أوديب (في مقطوعة نادرة بمسرحية أوديب ملكا كل حرف رمز واسقاط ومعنى وهدف)

ويسأله ليعرف ولكن العراف يتهرب بلباقة وذكاء ولكنه نصحه ألا يصب لعناته على القاتل فاتهمه أوديب بالجهل وماكان إلا أن قال له أنه أعمى

فرد العراف أنه أعمى البصر وليس أعمى البصيرة، وتنبأ له أنه عندما يدرك من أباه ومن أمه سيبصر الحقيقة الغائبة وأخبره أنه قاتل الملك

ولأن أوديب دائما يختال بذكائه وثقته بنفسه فما كان عليه إلا أنه تصور أنه يوجد مؤامرة بين العراف وبين كريون أخ زوجته فأمر بحبسهما.

وجاء لأوديب رسول من كورنثة يحمل له خبر مفرحا وآخرا محزنا المحزن موت أبيه والمفرح أنه سيتولى العرش من بعده

وبالطبع أوديب يتذكر الأسطورة فخشى أن ينفذ الجزء الآخر منها بعدما اطمئن واهما أنه لم يقتل أباه الوهمى فطمأنته زوجته أن النبوءات تكذب وتخدع،

فلقد جاءت لها ولزوجها ملك طيبة نفس النبوءة وتركوا ابنهم يموت في الجبال من نبوءة كاذبة فاستفسر الرسول لماذا يخشى أوديب من العودة لكورنثة

فلما أخبره طمأنه بأن الملك والملكة ليسوا أباه وأمه لأنه وبيده أخذه من راعى من مدينة طيبة وأعطاه لهما وليدا لأنهما حرما من الإنجاب،

فاستقصى أوديب خبر الراعى رغم تحذيرات زوجته (أمه) ونصائحها ولكن حبه للمعرفة وللحقيقة جعله يأتى بالرسول،

ولقد حاول الأخير ألا يخبره إلا أنه وبعد ضغط أخبره أنه بالفعل أعطى طفلا وليدا ذى قدم متورمة لرجل من كورنثة ولم ينفذ كلام لايوس بأن يقتله واستفسر عن الطريق الذي مات فيه لايوس

فكان الطريق ذى ثلاث شعب وهنا ظهرت الحقيقة لقد قتل أوديب جاهلا أباه وتزوج من أمه بل وأنجب منها وانهار تماما،

وذهب لاستطلاع أمر زوجته أو أمه فوجدها انتحرت حيث وجد الحبل ما زال يدور بالجثة الهامدة، فذهب مسرعا ليفك الحبل من أعلى لتسقط الجثة،

فأخذ دبوس من فستانها على الأرض، فصار يخلع المشابك الذهبية التي تتخذها الملكه زينه لشعرها ليدفعهم إلى عينه وهو يصيح أنه لن يرى شقاءه وجرائمه

ثم يحدث عينه قائلا: "ستظلان في الظلمة فلا تريان من كان يجب ألا ترياه، ولاتعرفان من لاأريد أن أعرف بعد اليوم، حتى لاترى الشمس المقدسة إنسانا دنسا فعل أكثر الجرائم بشاعة"،
وفي موقف مؤثر سالت الدماء على لحيته البيضاء وبللت وجهه وهو يلعن سوء حظه وجهله القاتل ونفى نفسه من الأرض حتى ينتهى الوباء،


وعاش طريدا من الأرض والسماء.

*******************************************

ملخص الاسطورة من الوكيبيديا

http://ar.wikipedia.org/wiki/أوديب_ملكا

 

Black Hawk

بيلساني سوبر

إنضم
May 11, 2009
المشاركات
2,057
مستوى التفاعل
35
المطرح
!!.. على شط الفرات ..!!!

الأسطورة شكلت مادة ثرية جدا للأدباء عبر التاريخ !

ليس فحسب في خطها الميلو درامي حيث يقتل الابن أباه و يجامع أمه !

لكن كذلك في رغبة ( أوديب ) الجامحة في تقصي الحقيقة على الرغم من بشاعتها اللائحة و تحمله لجميع الخطايا على الرغم من براءة مقاصده دوما !

و انتشرت أسطورة ( أوديب ) في العديد من الأعمال الأدبية باختلاف انماط الأدب و أجناسه ..

تارة كمادة مباشرة للعمل الأدبي و تارة تظهر العقدة النفسية في تضاعيف الروايات و المسرحيات !

كذلك استخدمها عالم النفس الأشهر ( فرويد ) في نظرياته .. حيث أطلق مسمى ( عقدة أوديب ) على أحاسيس الابن الجنسية تجاه أمه ..

فزعم بأن الطفل و هو بين الثالثة و الخامسة من عمره يصل الى ذروة تعلقه الجنسي بأمه و يشعر بشئ من الغيرة و الكراهية لوالده ..

و تساوي تلك العقدة .. عقدة ( اليكترا ) عند الفتيات المأخوذة من أسطورة ( أوريست ) لاسخيلوس !

واذا كان أكثر ما يستقطع الأنتباه في تفاصيل الأسطورة ارتكاب ( أوديب ) لأقسى جريمتين بقتل ابيه و مضاجعة أمه ..

فالأسطورة كذلك تقدم عدة أطروحات اكثر شقاءا ..

الاولى عن مدى براءة الفعل اذا كان العقل بريئا !

ف( أوديب ) حينما قتل أباه كان يدافع عن حياته .. وتزوج أمه عن جهل بحقيقة صلته بها !

هل تسري هنا قاعدة ( لا يوجد ذنب الا بوجود العقل المذنب ! ) ؟

الثانية عن استعداد الانسان لتحمل تبعات أفعاله و مسئولية جرائمه حتى تلك التي لم يقصدها و لم يفعلها بنية مدانة مهما كانت أنماط تلك التبعات سواء مادية أو معنوية !

ف(أوديب ) حينما شعر بفداحة جريمتيه .. فقأ عينيه !!

(( جوكاست كذلك انتحرت في الاسطورة حينما أدركت أنها أنجبت من ابنها !! ))

الثالثة عن جاذبية الحقيقة للانسان .. مهما بدت محاطة بالكثير بمخاطر هدم حياة الانسان و قلبها رأسها على عقب و ازاحة كل المسلمات التي أقام دنياه عليها !

في رأيي .. ( أوديب ) هنا ليس مدانا قطعا ، كما أنه كذلك ليس ضحية الأقدار و رغبة البشر في الهزء بها ..

( أوديب ) ضحية لشغفه بالمعرفة و رغبته في ادراك الحقيقة حتى على الرغم من شعوره بأنه غير قادر على مواجهتها أو احتمالها !!

لكن السؤال هنا ..
أيهما أقسى .. أن يستكشف ( أوديب ) الحقيقة ثم ينهزم أمامها ، أم يغض بصره و ليحتمل عذابات ظنونه و عبث هواجسه !

دفع ( أوديب ) عينيه و مجده الشخصي و احساسه بذاته ثمنا لسعيه وراء الحقيقة ..

فهل كانت ستصفو له كل النعم التي ضحى بها لو قرر مبكرا التخلص من ( ترزياس ) و الحاحه !

أما السؤال المتبقي ..

ماذا فعل ( أوديب ) ليلقى هذا المصير ؟

( أوديب ) منذ بداية الأسطورة لم يفعل شئ أكثر من محاولة الدفاع عن شرفه

أمام الشاب الكورينثي الذي تعدى عليه بالقول و اتهمه في شرفه و اصله .. فرحل الى ( طيبة ) ليعرف الحقيقة !

لم يفعل شئ أكثر من محاولة الدفاع عن حياته حينما هاجمه ( لايوس ) في طريقه ل(طيبة ) !

لم يفعل شئ أكثر من محاولة رفع البلاء عن أهل و مملكة ( طيبة ) حينما حلت اللعنة !

فماهو الخطأ الحقيقي ل(أوديب) ليلقى هذا المصير و تدنس حياته بتلك الطريقة ؟

( أوديب ) دائما كان مجبرا على ارتكاب الأخطاء .. كان دائما ينحدر في الاثم و كأنه ملقى في الهواء من شاهق بلا أدنى قدرة على التوقف أو التمسك بأي شئ !

فلم تتهدم حياته في النهاية و هو لم يسطر فيها سطرا وحيدا عن نية مسيئة ؟

السؤال يبدو هازلا في عالم كان منذ الأزل يفتقر لميزان متساوي الكفتين .. وهزله أقسى ما في الأمر !!


بتصرف

 
أعلى